• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : المكاسب المحرمة (1433-1434هـ) .
              • الموضوع : 89- تعريف أقسام التواتر الأربعة - إثبات ان روايات الرشوة متواترة (معنوياً بل (مضمونياً)، بل (لفظياً) على احتمالٍ .

89- تعريف أقسام التواتر الأربعة - إثبات ان روايات الرشوة متواترة (معنوياً بل (مضمونياً)، بل (لفظياً) على احتمالٍ

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
 
كان الكلام حول إثبات أن ما أحتمله صاحب الجواهر من كون روايات الرشوة متواترة، وان هذا الاحتمال هو المتعين ، وذلك لان الروايات بحسب التتبع متواترة، فقد ذكرنا إن الروايات التي تتحدث عن تحريم الرشوة موجودة في أمهات كتبنا ومصادرنا ومروية عن أربعة أو خمسة من المعصومين، وقلنا ان هذه الروايات عندنا بلغت – حسب الاستقراء الناقص - عشرة، وأما عند أهل العامة فهي أكثر من عشرة روايات وبنفس اللفظة، وفي كتبهم الشهيرة، هذا ما مضى 
 
تتمتان: 
 
التتمة الأولى: مزيد تأكيد وإثبات للتواتر 
 
التتمة الأولى: ان مما يدل على التواتر المدعى ويؤكده: 
 
ان هناك طائفة أخرى من الروايات تؤكد التواتر المذكور وهي حوالي (14) رواية أخرى موجودة في أمهات مصادر كتبنا أيضا وهي تفيد تحريم الرشوة كذلك، وعليه سيكون مجموع ما وجدناه من الروايات لتحريم الرشوة هي 24 رواية في مصادرنا. 
 
روايات الطائفة الاخرى: 
 
وهذه المجموعة والطائفة الأخرى هي روايات موجودة في كتب الكافي والتهذيب وتفسير القمي والفقيه وعيون أخبار الرضا ومعاني الأخبار والخصال وتفسير العياشي وغيرها[1]، منها : 
 
- " وأما الرشا في الحكم فهو الكفر بالله العظيم"، وهذه الرواية موجودة في الكافي والتهذيب والفقيه[2] 
 
- وكذلك " فأما الرشا يا عمار في الأحكام فان ذلك الكفر بالله العظيم وبرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)"، وهذه الرواية هي صحيحة، وقد رواها في معاني الأخبار، والخصال، وتفسير العياشي. 
 
- وكذلك: "سألته عن السحت – أي في الآية (أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ )- فقال (عليه السلام): الرشا في الحكم"، وهذه موجودة في الكافي والتهذيب وتفسير القمي والفقيه والخصال. 
 
- و كذلك: " السحت ثمن الميتة ....والرشوة في الحكم " كما في تفسير القمي 
 
وهذه مجموعة من الروايات والتي لو لوحظت بمجموعها وما سبقها فالظاهر انه لا يبقى أدنى شك في أنها متواترة يقطع بصدورها عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واله الكرام. 
 
التتمة الثانية: أنواع التواتر 
 
التتمة الثانية: ونذكر فيها ما انتهينا إليه في البحث السابق حول التواتر فنقول: 
 
إن التواتر على أربعة أقسام : 
 
1- التواتر اللفظي: وهو التواتر المعروف وقد بيناه فيما سبق. 
 
2- 3: التواتر المعنوي والمضموني والتفريق بينهما 
 
القسم الثاني والثالث من التواتر هما التواتر المضموني والمعنوي ، ولابد من التفريق بينهما حتى تتجلى الثمرة في بحثنا في روايات الرشوة . 
 
أما التواتر المضموني فهو ما كان المفاد والمعنى متحدا, أي إن الروايات قد اتحدت على نقل معنى واحد وان كان بمرادفات أخرى أو ما يقاربها، ففي هذا النوع من التواتر لا يوجد اتفاق على لفظ بعينه، وإنما الاتحاد في المعنى والمضمون لكن بألفاظ مترادفة أو متقاربة جداً كما في ما لو قالت رواية (مات) وأخرى (قضى نحبه) وثالثة (لقي حتفه) ورابعة (عرجت روحه الى السماء) وهكذا، فان هذا التواتر هو تواتر بالمضمون والمعنى والتعدد بالألفاظ والمرادفات والمتقاربات. 
 
القسم الثالث فهو التواتر المعنوي : وقد صرح به القوم، والمراد به هو ان يكون الجامع متواترا، او أن يكون القدر المتيقن كذلك، وان كانت الألفاظ والمعاني متباينة ومتخالفة، كما لو قال احدهم (قتل فلان) وقال الآخر (انتحر فلان), وقال ثالث (مات فلان حتف انفه), فانه لا يوجد لدينا ترادف في المقام ولا تقارب، بل الألفاظ ذات معان متباينة ومتعارضة، ولكن قد يُقطع من تعدد هذه الأخبار، بالجامع، وهو خروج الروح من البدن والانتقال من الدنيا الى الآخرة بأي سبب كان. 
 
إذن: التواتر المعنوي هو ما اتفق فيه على الجامع، ومثاله المعروف هو شجاعة أمير المؤمنين وليث الموحدين علي بن أبي طالب (عليه السلام)[3]. 
 
4- التواتر الاجمالي: 
 
النوع الرابع: التواتر الإجمالي وهو غير الثلاثة الأولى، وهو عبارة عن أخبار جماعة بخبر بحيث يُقطع بصدور احد تلك الأخبار على سبيل البدل 
 
والفرق بين هذا النوع والأنواع الأخرى من التواتر كبير جدا، ففي تلك لم يقطع فيها بصدور احدها بل كان انضمام بعضها إلى البعض مولداً للعلم بالجامع، وأما هنا - في التواتر الإجمالي - فلا علم بالجامع، بل يوجد علم ببعض الأفراد – وبخصوصياته – لكن على سبيل البدل، وعليه فان القدر المتيقن لأضيقها سيثبت عندئذ[4]. 
 
الثمرة بين الأنواع الأربعة من التواتر: 
 
واما ثمرة هذا التقسيم فهي: انه في التواتر اللفظي لا شك في صحة التمسك بالإطلاق، وكذلك الحال في التواتر المضموني، كما في (لعن) و( ملعونون) فانه يمكن التمسك بالإطلاق فيما يعود للمادة، وأما ما عاد للهيئة فان كانت للهيئة خصوصية معينة عن هيئة أخرى فلا يمكن التمسك بالإطلاق وإلا أمكن 
 
وأما في التواتر المعنوي فلا يمكن التمسك بالإطلاق؛ إذ لا لفظ مطلق نرجع إليه لتحصيل العموم والشمول، وإنما الجامع والقدر المتيقن هو الثابت لا غير , 
 
وعليه : فالتواتر المعنوي إن كان فانه لا يجدينا في تنقيح العشرات من المسائل الخلافية السابقة في توسعة وضيق دائرة الرشوة 
 
وأما التواتر الإجمالي فأمره قد أصبح واضحا، وهو لا ينفعنا كذلك، إذ عليه يجب ان نلاحظ أضيقها دائرة فيكون ذلك القدر هو المسلم لا غير، فيمكن أن نتمسك بالإطلاق بهذا المقدار لا أكثر. 
 
نوع التواتر في روايات الرشوة : 
 
بعد ان بينا أقسام التواتر نتساءل عن نوع التواتر المتحصل في روايات الرشوة ما هو؟ فهل التواتر لفظي أو مضموني أو معنوي أو إجمالي؟[5] 
 
و جوابه : 
 
1- انه عند ملاحظة الروايات فان بعض الألفاظ فيها لا شك في تواترها مضمونا -وهي الدرجة الثانية من التواتر – فان كلمة (الراشي) و( المرتشي) و (الرشوة) هذه متواترة مضمونا[6] في حوالي عشرين رواية عندنا، ومع ضمها الى الروايات الموجودة في كتب العامة تصل الى أكثر من ثلاثين رواية. بل الظاهر ان (الراشي) و(المرتشي) متواترة لفظاً. 
 
والنتيجة : ان التواتر المضموني حاصل في رواياتنا ولا شك فيه هذا أولا 
 
2- إن كلمة (اللعن )الظاهر أنها متواترة أيضا تواترا مضمونيا، فانه في خمس عشرة رواية تقريبا توجد كلمة (اللعن )، وفي مجموعة أخرى (ملعون) او (ملعونون) وهذا القدر كذلك هو مما لا شك فيه[7]. 
 
3- اما التواتر المعنوي (والاتفاق على الجامع) فان هذا النوع من التواتر لا شك فيه أبداً؛ لأننا نضم إلى تلك الروايات المتقدمة والتي صرحت باللعن، الراويات الأخرى التي تصرح ان الرشوة هي كفر بالله العظيم وهي 6-7 روايات, وتلك الأخرى التي تصرح بأنها سحت وهذه أيضاً مجموعة من الروايات. 
 
إذن: هنا لدينا تواتر معنوي محصل والجامع بينها هو الردع والنهي عن الرشوة إذ بعضها عبرت بالسحت، وأخرى بالكفر، وأخرى بالشرك، وأخرى أفادت النهي (إياكم والرشوة)، وأخرى عبرت باللعن، وهي متخالفة جداً وليست مترادفة ولا متقاربة كما هو واضح[8]. 
 
هل توجد في هذه الروايات، قرينة داخلية على الأعم؟ 
 
وهنا نذكر تتمة مهمة في الاستدلال في التنقيح الموضوعي وهي ان هذه المجموعة من الروايات والطائفة الجديدة والتي تبلغ أربع عشرة رواية، قد يُدَّعى إلحاقها بالطائفة السابقة من الروايتين اللتين نقلناهما عن ثواب الأعمال وعن الإمامة و التبصرة، حيث ذكرنا في تينك الروايتين انه قد يستند إلى قرينة داخلية فيهما على إثبات ان المراد بالرشوة هو الأعم، فهل لدينا قرينة داخلية في هذه الطائفة الجديدة لإثبات الأعمية؟ وللكلام تتمة 
 
وصلى الله على محمد واله الطاهرين 
 
 
 
 
[1] - والبعض منها صحيحة حتى على مسلك بعض أعلام الرجاليين المتشددين رجالياً كما سيأتي. 
 
[2] - ووجه فرز هذه الروايات لهذه الطائفة عن الأخرى هي وجود قيد وهو (الرشا في الحكم) وسنتكلم عن ذلك، واما الطوائف الأخرى فكانت مطلقة. 
 
[3] - وان كانت الكثير من آحاد الروايات لاثبات شجاعة أمير المؤمنين (عليه السلام) صحيحة وبلا شك فلا يتوهم من استنادهم للتواتر المعنوي، نفيهم لصحة آحاد من الروايات. فتدبر 
 
[4] - وقد ذكرنا إن البعض – كعناية الأصول – أشكل على الاخوند بانه قد اضطرب في بيان معنى التواتر الإجمالي فمرة عرفه بما بيناه ومرة أرجعه الى التواتر المعنوي. فتأمل 
 
[5] - وهذه التواترات الأربعة متسلسلة في القوة من حيث درجة إفادة اليقين وان كانت كلها تجتمع في جامع إفادة العلم ولكن العلم حقيقة تشكيكية لها مراتب وسعة وضيق. 
 
[6] - أي التواتر في المادة الواحدة ولكن في ضمن هيئتين. 
 
[7] - ولكن هل هي متواترة تواترا لفظيا؟ وذلك ما يحتاج إلى تأمل أكثر لان كلمة اللعن وردت في خمس من رواياتنا وعشرة من رواياتهم 
 
[8] - وهذا البحث ستظهر أهميته فيما بعد وهو إمكانية التمسك بإطلاق هذه الروايات في الموارد المشكوكة فان التواتر المضموني لو لم يثبت فلا إمكانية لذلك

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=111
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 20 جمادى الاولى 1434هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23