• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : المكاسب المحرمة (1433-1434هـ) .
              • الموضوع : 99- 3ـ (انما الاعمال) في صحتها (بالنيات) 4ـ (انما الاعمال) في أـ قبولها ب ـ اوثوابها ج ـ او كمالها، (بالنيات) ـ الفرق في الاستدلال بين الروايتين ـ عشرة تطبيقات ومسائل فقهية تمرينية .

99- 3ـ (انما الاعمال) في صحتها (بالنيات) 4ـ (انما الاعمال) في أـ قبولها ب ـ اوثوابها ج ـ او كمالها، (بالنيات) ـ الفرق في الاستدلال بين الروايتين ـ عشرة تطبيقات ومسائل فقهية تمرينية

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
 
كان البحث حول الاستدلال بقوله تعالى: (...وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) على حرمة الرشوة بقول مطلق، وذكرنا عدة مناقشات لذلك، ووصلنا الى المناقشة الخامسة وهي ان أدلة (لا عمل إلا بنية) وما شابهها إما حاكمة أو واردة على دليل (وَلا تَعَاوَنُوا)، وأوضحنا كذلك إن المرادات المحتملة من دليل (إنما الأعمال بالنيات) هي أربعة – ولها خامس –، وكان الاحتمال الأول هو ان (إنما الأعمال بالنيات) أي: ان الأعمال قد تتوقف في وجودها وكذا عدمها على النية أي إنما الأعمال في وجودها بالنيات كما هو الحال في الإنشاء والانشائيات من عقود وإيقاعات وغيرها، وأما المعنى الثاني المحتمل فهو إن الأعمال في تَعَنوُنِها وتفصّلها وتنوعها بالنية وقد سبق ذلك.. هذا ما مضى. 
 
المعنى الثالث: صحة العمل تتوقف على النية 
 
وأما المعنى الثالث المحتمل في رواية (إنما الأعمال بالنيات) فهو: إن صحة الأعمال تتوقف على وجود النية، فان براءة ذمة المكلف وسقوط التكليف عن المكلف، قد تكون بوجود النية, من دون أن يكون أصل وجود العمل او تعنونه موقوفاً عليها، وذلك كما في الزكاة فان المكلف لو دفعها بدون قصد القربة فإنها متحققة لكنها ليست بصحيحة على مبنيين دون ثالث. 
 
ثلاثة مبان في المقام: 
 
وتوضيح ذلك: إن عدم صحة الزكاة المدفوعة من دون قصد القربة إنما هو على مبنيين دون ثالث: 
 
1- فانه بناءا على مسلك الأعمي فليست بصحيحة وليست مبرئة للذمة رغم وجودها وصدق الاسم عليها، فان مسلك الاعمي يقول: إن الأسماء والألفاظ موضوعة للأعم من الصحيح والفاسد، وعليه: فان الزكاة بدون نية هي زكاة لكنها ليست بصحيحة، هذا على المبنى الأول، 
 
2- وأما على المبنى الثاني وهو مبنى الصحيح فانه ينشعب إلى صورتين ومبنيين وهي – الزكاة - ليست بصحيحة على احدهما، أ - فلو قلنا إن الأسماء موضوعة للصحيح فقط في المخترعات الشرعية وغيرها، وليس للأعم ولكن مع ذلك لم نقل بالحقيقة الشرعية، فبناءا على هذا المبنى سيكون مثالنا من أمثلة القسم الثالث فان الزكاة مادامت ليست بحقيقة شرعية فهي باقية على معناها اللغوي والعرفي وحيث ان اللغة والعرف لا يرى النية مقومة للزكاة فهي لغة وعرفا زكاة, للصدق الحقيقي ولكنها ليست مبرئة للذمة شرعا لعدم النية والقصد, 
 
إذن: لو لم نقل في الزكاة بالحقيقة الشرعية – كما لا يبعد – فان مثالنا يكون من قبيل المعنى الثالث، وأما لو قلنا بمسلك الصحيحي مع القول بثبوت الحقيقة الشرعية للزكاة، فان الزكاة الفاقدة لقصد القربة ليست بزكاة ولا تندرج في المعنى المحتمل الثالث، وإنما ستكون مندرجة في القسم والمعنى الأول, وعليه فلابد من التفريق بدقة بين هذه المباني الثلاثة المذكورة. 
 
المعنى الرابع: المراد هو إما الثواب او الكمال او القبول 
 
وأما المعنى الرابع للرواية، فهو إن الأعمال أ- تكون في ثوابها متقومة بالنية ب - او انها تكون في قبولها متقومة بها، فهي صحيحة ولكن لا ثواب عليها أو ليست بمقبولة، ج- أو إن المراد من (إنما الأعمال بالنيات) أن كمال العمل متوقف على وجود النية, وهذا معنى آخر محتمل، وهنا يوجد ثواب ولكن لا كمال للعمل لعدم القصد والنية. 
 
وهذه معاني ثلاث قد ادرجناها كلها في المعنى الرابع لتسهيل الامر , 
 
ولنضرب أمثلة على ذلك: 
 
أما كون (القبول) متوقفاً على القصد فكما سبق ذكر ذلك في بحث التفسير في المتهاون بصلاته، فانه وبحسب رواية الصديقة الزهراء عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) فان صلاته لا تقبل وان كانت صحيحة. 
 
وأما الثواب المتوقف على النية فكما في من انفق مالا ولم يقصد القربة فانه لا ثواب له، وكذا لو كان بدن الإنسان متنجسا – والأمر في مطلق التوصليات كذلك وكذلك في الأحكام الوضعية – فغسله استعدادا للصلاة، ولكنه بإزالة النجاسة والتطهير لم يقصد القربة فانه لا يثاب على عمله هذا, 
 
وأما كون الكمال متوقفاً على النية فكما في صلاة جار المسجد في غيره، حيث ورد (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد)، فانه لا يراد نفي صحة الصلاة بل نفي كمال الصلاة خارج المسجد لمن كان جارا له. 
 
الاحتمال الخامس: الإجمال 
 
واما المحتمل الخامس في الرواية فهو الإجمال؛ فان بعض الأعلام حيث تحير في المراد من الرواية، ذهب الى إجمالها.[1] 
 
بحث تطبيقي: أمثلة فقهية عشرة 
 
وسنعرض الآن بعض الأمثلة التطبيقية على الطلاب الكرام، بغية أن تكون تمريناً لملاحظة مدى انطباق قاعدة (لا عمل إلا بنية) بتفسيراتها المتعددة، عليها: 
 
المثال الاول: ان الشخص لو ضم نية التبرّد الى الوضوء فهل وضوءه باطل او صحيح؟ وكذا لو ضم نية التنظيف له؟ وهنا توجد خمس صور[2]. 
 
المثال الثاني: الشخص الذي لازم غريمه في الطواف فما حكم طوافه؟ وهنا صور: منها الإنسان الذي كان يريد الطواف فرأى غريمه فضم الى طوافه نية ملازمة ذلك الغريم كي لا يهرب فهل طوافه صحيح، ومنها: ما لو عكسنا هذه الصورة بان رأى غريمه يريد ان يطوف فلازمه ونوى الطواف فهل طوافه صحيح؟ 
 
المثال الثالث: لو قصد المكلف الكون في الدار في الصلاة فهل صلاته صحيحة أم باطلة؟ كما لو كان يعلم انه لو لم ينشغل بالصلاة لخرج من الدار فيريد ان يوفر لنفسه سبب المكوث فيصلي هكذا. 
 
المثال الرابع: لو ان شخصا قصد الجواز في العقد والتزلزل ولكنه اتى بلفظ دال على اللزوم، او عكس ذلك بان جعل لنفسه خيار الشرط لكنه لم يقصده حقيقة او انه بنى على الخيار ولم يذكره؟. 
 
المثال الخامس: لو نوى في بداية صومه او صلاته القطع أو القاطع في الأثناء فهل صومه او صلاته صحيحة؟ كأن نوى الصيام قبيل الفجر ونوى حينها انه قبيل الظهر سيأكل ثم لم يفعل، وعدل في نيته فهل صيامه صحيح؟[3] 
 
المثال السادس: ما لو قصد المكلف بجزء من عمله الرياء، كما لو قصد بالبسملة الرياء فهل تبطل صلاته، أو يبطل خصوص ذلك الجزء؟ وماذا لو قصد الرياء في مثل القنوت من المستحبات؟ 
 
المثال السابع: لو نوى المكلف الظهر عصرا جهلا او عمدا فهل صلاته صحيحة؟ وكذا لو نوى مجرد الصلاة أربعة ركعات في الوقت المختص او في الوقت المشترك فما هو حكمها؟ 
 
المثال الثامن: لو نوى القصر في موضع التمام عامدا عالما، او التمام في موضع القصر ودخل في الصلاة بهذه النية، ولكنه في الصلاة سار على طبق الوظيفة الشرعية؟[4]. 
 
المثال التاسع: لو قصد الصبي المميز الندب في صلاته فبلغ في أثناء الصلاة – بان أكمل الخامسة عشرة - فلم يقصد الوجوب فما هو حكم صلاته؟ وكذلك لو قصد الوجوب فما هو حكمه باعتبار ان بعض الصلاة قد وقع ندبا؟، 
 
المثال العاشر: لو قصد الخطيب، من من منبره الأجرة، فهل له الأجر؟ وكذا قارئ القرآن؟ وللكلام تتمة. 
 
وصلى الله على محمد واله الطاهرين 
 
 
[1] - ولكن هناك فرق بين رواية إنما الأعمال بالنيات ولا عمل إلا بنية فانه لا ينبغي أن نسوق كلتا الروايتين بعصا واحدة فان الذي نستظهره إن رواية (إنما الأعمال بالنيات) هي شاملة لكل المعاني المذكورة ولا إشكال في الشمول، وإما رواية لا عمل إلا بنية فانه لدينا هنا نكرة في سياق النفي وهذا يفيد العموم كالنكرة في سياق النهي لكن (لا) عندما تدخل على الجنس فان الأصل فيها ان تنفي الماهية، على ما ذهب اليه صاحب (العناوين) وتوضيحا منا لكلامه: فانه عندما نقول لا رجل في الدار فانه يفيد نفي وجود أي فرد من جنس الرجال في الدار وهو الأصل لا الاحتمال الثاني هو نفي الكمال أي لا رجل كامل في الدار، وفي (لا عمل إلا بنية) وان قلنا الأصل ذلك على نقاش فيه لكن في الرواية الأخرى وهي (إنما الأعمال بالنيات) فالأمر ليس كذلك 
 
[2] - أيهما المصبّ، أو الداعي، أو التشريك. 
 
[3] - والمسألة المطروحة عادة هي ما لو نوى القطع او القاطع في أثناء العمل ,ولكن كلامنا ومثالنا فيما لو كان ذلك قبل البدء بالعمل 
 
[4] - راجع العروة/ فصل 21 في النية/ م 2.

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=121
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 16 جمادى الثانية 1434هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23