• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : المكاسب المحرمة (1433-1434هـ) .
              • الموضوع : 117- اقوال صاحب الشرائع والجواهر والمستند والفقه ـ ادلة صاحب الجواهر على تحريم اخذ الاجرة على القضاء 1ـ (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا) بضميمة ادلة التأسي الجواب: أ ـ المراد الاجرة على النبوة، لا مطلقاً، بدليل الروايات ب ـ (الاجر) غير (الاجرة) ولو كان اعم لما امكن ارادته في المقام .

117- اقوال صاحب الشرائع والجواهر والمستند والفقه ـ ادلة صاحب الجواهر على تحريم اخذ الاجرة على القضاء 1ـ (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا) بضميمة ادلة التأسي الجواب: أ ـ المراد الاجرة على النبوة، لا مطلقاً، بدليل الروايات ب ـ (الاجر) غير (الاجرة) ولو كان اعم لما امكن ارادته في المقام

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
الأقوال الخمسة في الرشوة 
كان البحث حول الفروع المختلفة في مبحث الرشوة[1], وقد ذكرنا أن هناك اقوالا متعددة في الأجرة في باب القضاء وأخذها بالنسبة للقاضي: 
فمنهم من يقول بحرمة اخذ الأجرة مطلقا، وهو رأي صاحب الجواهر. 
ومنهم من يرى الجواز مطلقا وهو رأي السيد الوالد. 
ومنهم من فصل القول وذلك فيما نسبه صاحب الجواهر إلى صاحب الشرائع، إلا انه ومن خلال التأمل في كلام الشرائع فان الظاهر ان صاحب الشرائع قد نقل التفصيل ولم يتبنَه والتفصيل هو: الجواز مع عدم تعين القضاء عليه وحصول الضرورة والاحتياج، وإلا فلا. 
وأما الرأي الرابع فقد ذهب إليه صاحب المستند فرأى انه يجوز الأخذ في صورة الضرورة والحاجة فقط, وإلا فلا. 
وأما الرأي الخامس فقد نقله وذهب إليه شارح المفاتيح فقد ادعى الشهرة على جواز اخذ الجعل على تفصيل المنازعة أي التصدي للقضاوة, هذه أقوال خمسة في المقام. 
عبارات الأعلام في ذلك: 
وننقل بعض العبارات للأعلام في ذلك : 
حيث يقول صاحب الجواهر[2]: "والتحقيق عدم جواز اخذ العوض عنه[3] مطلقاً، عينياً كان أو كفائياً، أو مستحباً، مع الحاجة وعدمها، من المتحاكمين أو أحدهما أو أجنبي أو أهل البلد أو بيت المال أو غير ذلك..." 
وأما السيد الوالد فيقول[4]: " الظاهر ان القاضي إذا كان جامعا لشرائط القضاء يجوز له اخذ الأجرة من بيت المال أو من المتخاصمين او ثالث، اذا لم يكن له اجر منه[5] ولا ارتزاق ", 
وأما صاحب المستنند فيقول : " ولو لم يكن بيت المال فهل يجوز له الارتزاق من سائر الوجوه التي مصرفها الخير او في سبيل الله؟ الظاهر الجواز مع الضرورة والحاجة لتوقف التوصل الى ذلك الخير العام – أي القضاء – بالارتزاق وأما بدونها فيشكل سيما مع التعيين بل لا يجوز حينئذٍ البتة"، 
وأما صاحب الشرائع فيقول: " فمع عدم التعيين وحصول الضرورة قيل يجوز والأولى المنع". 
واما شارح المفاتيح فقال (المشهور ان القاضي لو شرط على المتخاصمين أو أحدهما بذله جعلاً له، لتفصيل المنازعة من غير اعتبار ان يحكم للباذل بخصوصه، جاز له أخذ ذلك). 
أدلة المانعين من الأخذ: 
والعمدة في ذلك الأدلة التي ذكرها صاحبا المسالك والجواهر: 
دليل صاحب المسالك: تنقيح المناط قياسا على الرشوة 
أما صاحب المسالك فيستدل بدليلين، احدهما واضح الضعف حيث يقول: " انه[6] بمنزلة الرشوة المنهي عنها " 
وهذا الوجه لا يمكن الاستناد إليه بالمرة؛ لأنه تنقيح لمناط غير قطعي و ملاكات الأحكام غير معلومة لدينا بنحو العلة التامة[7]. 
وثانيها (ولأنه واجب في نفسه وإن لم يكن متعينا والواجب لا يجوز أخذ الأجرة عليه مطلقا) وقد سبق الجواب عنه. 
دليل صاحب الجواهر : آية (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) 
وأما دليل صاحب الجواهر فيقول : " لأنه[8] من مناصب السلطان الذي أمر الله تعالى بان يقول " قل لا أسألكم عليه أجرا، وأوجب التأسي به"، وعليه فكيف يأخذ الداعي والخطيب والقاضي أجرا على فعله؟! 
الجوب عن كلام صاحب الجواهر : 
ونجيب بعدة أجوبة ووجوه على كلام صاحب الجواهر بعضها تام في المقام وان كان البعض الآخر مناقشاً فيه : 
الجواب الأول: موطن الكلام في الآية هو خصوص اجر النبوة 
أما الجواب الأول على استدلال صاحب الجواهر فهو: 
عندما نرجع إلى الروايات المفسرة للآية المذكورة يتضح منها ان موطن الكلام هو اجر النبوة وليس الكلام عن القاضي او الإفتاء – ولعله ليس الكلام حتى عن التبليغ –, والروايات متعددة في المقام نذكر بعضها, فان فيها إن النبي لا يطلب على النبوة أجراً، وأين هذا من القضاء والإفتاء؟ 
روايات تدل على التخصيص بالنبي صلى الله عليه وآله: 
ومن هذه الراويات ما ذكره الشيح الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه سلام الله عن الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام حيث قال "... والسادس قوله عز وجل (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى )وهذه خصوصية للنبي إلى يوم القيامة وخصوصية للآل دون غيرهم". 
احتمالان في الخصوصية: 
ويحتمل في كلمة (خصوصية للنبي صلى الله عليه وآله) في الرواية أمران: 
أولا: 
أن يكون مجموع المستثنى والمستثنى منه هو خصوصية للنبي صلى الله عليه وآله, أي إن الله أمره بان يعلمهم بانه لا يأخذ ولا يسأل أجرا، وان يطلب المودة للآل، ولو كان ها الاحتمال مرادا فان الرواية أجنبية عن الاستدلال على منع الأجرة وأخذها بالنسبة للقاضي وغيره ولا مجال للاستناد إلى دليل التأسي، وذلك لتخصيص الرواية هذا الحكم به صلى الله عليه وآله، وقد يؤيد هذا الاحتمال او يستظهر بقرينة وهي قوله عليه الصلاة والسلام (وخصوصية للآل دون غيرهم) فانه قد يقال الظاهر إن خصوصية الآل متعلقة بما بعد (إلا) وخصوصية النبي متعلقة بالمجموع وهي انه لا يطلب الآجر على رسالته ويطلب مودة الآل من الأمة والله أعلم. 
ثانيا: 
وأما الاحتمال الآخر فهو ان يكون المقصود من (خصوصية للنبي) هو المستثنى فقط وهو المطالبة بمودة الآل وعليه يكون (قل لا أسألكم) حكماً عاماً للجميع ببركة دليل التأسي. 
ثم ان الاحتمال الأول بوجوده – حتى لو لم يكن راجحا فانه لا يمكن معه الاستدلال بالآية على ما ذهب إليه صاحب الجواهر. 
وهذه الرواية لو شك فيها او تأمل فان هناك روايات أخرى هي أوضح في الدلالة على المقصود بل لعلها نص في المراد، 
فقد جاء في كتاب تفسير القمي علي بن إبراهيم: "... فانزل الله تعالى (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) يعني على النبوة ... إلى ان يقول (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) أجر النبوة أن لا تؤذوهم ولا تقطعوهم ولا تبغضوهم، وتصلوهم ولا تنقضوا العهد فيهم، لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) ولعل هناك روايات أخرى بهذا المضمون فلاحظ. 
اذن: الظاهر بلحاظ هذه الروايات إن الآية مختصة بالنبي صلى الله عليه وآله، بعدم طلب الأجر على النبوة، هذا أولا[9]. 
الجواب الثاني : معنى كلمة (اجرا) وانه غير الأجرة 
انه لا يخلو الأمر إما أن يكون الأجر مبايناً للأجرة – كما لعله الظاهر –, او اعم وعلى كلا التقديرين نقول: 
أولا :أما على تقدير المباينة فواضح، فان الآية ستكون أجنبية عن البحث فإنها لم تقل (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً...)، بل قالت (أجرا) والأجر هو الثواب، حيث نقل ذلك مجموعة من علماء اللغة منهم صاحب مجمع البحرين حيث يقول : الأجر هو جزاء العمل "وفي لسان العرب: والأجر الثواب"، وأيضا في العرف فان الأجر هو الثواب ولا يطلق على الأجرة, فان احدهم لو استأجر منزلا ودفع المال للمالك فلا يقال انه دفع ثوابا له أو إعطاء أجراً (بمعنى الثواب، لا الأجرة). 
وعليه: فالأجر مباين للأجرة، وهذا ما يمكن ان يستظهر مبدئيا. 
تأكيد للاستدلال: شان نزول الآية وكلام المهاجرين والأنصار 
ويؤكد ذلك ملاحظة شأن نزول الآية فان القوم الذين جاؤوا إلى النبي لم يعرضوا عليه أجرة لعمله، وإنما عرضوا عليه اجر عمله، والروايات تؤكد ذلك، 
منها ما رواه الطبرسي عن تفسير أبي حمزة الثمالي : "قالت الأنصار فيما بينها نأتي رسول الله صلى الله عليه وآله فنقول له: ان تعُرك أمور فهذه أموالنا تحكم فيها من غير حرج ولا محظور عليك فأتوه في ذلك فنزلت (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) " وكما هو واضح فان ما عرضوه لم يكن باجرة ولا عقد إجارة، بل كان نوع جزاء منهم – بتصورهم على هدايته لهم، كما ان النبي صلى الله عليه وآله كان في موقع قيادة الأمة ويحتاج في ذلك الى الأموال فقدموها إذ قالوا (ان تعرك أمور...). 
رواية أخرى: 
كما روى الصدوق في عيونه : "اجتمع المهاجرون والأنصار إلى رسول الله فقالوا : يا رسول الله إن لك مؤونة في نفقتك ومن يأتيك من الوفود وهذه أموالنا مع دمائنا فاحكم فيها مأجوراً، اعط منها ما شئت وأمسك ما شئت من غير حرج فأنزل الله عز وجل عليه الروح الأمين فقال يا محمد (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)، وظاهر (احكم) هو غير الإجارة، كما هو واضح. 
ثانيا : انه على تقدير إن الأجر اعم من الأجرة فان ذلك ما لا يمكن ان يلتزم به فقيه بمن فيهم صاحب الجواهر، وللكلام تتمة 
وصلى الله على محمد واله الطاهرين 
 
[1] - وسيظهر لاحقا إن رؤوس المسائل لو ضربنا بعضها ببعض ستبلغ 5040 مسألة وفرعا 
[2] - الجواهر / المكاسب /مجلد22/صفحة 122. 
[3] - أي عن القضاء. 
[4] - فقه/ القضاء/مجلد84/صفحة 192 
[5] - أي من بيت المال. 
[6] - أي أخذ الجعل من المتحاكمين. 
[7] - وقد سبق البحث عن ذلك فيما مضى فلا نعيد 
[8] - اي القضاء، وقال صاحب الجواهر بعد ذلك (ج23 ص206 ط مؤسسة النشر الإسلامية) (ويلحق بالقضاء الإفتاء في مسائل الحلال والحرام والموضوعات الشرعية من غير فرق بين الواجبة والمندوبة والمكروهة والمباحة) كما قال السيد الخوئي في مصباح الفقاهة ج35 ص415 (فقد عرفت فيما تقدم ان منصب القضاوة والإفتاء والتبليغ يقتضي المجانية). 
[9] - والكلام كان في مرجع الضمير في الآية وانه على النبوة أي الإنباء الغيبي، فالمرجع ذُكِّر بلحاظ المعنى.

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=139
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاحد 29 رجب 1434هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23