• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : المكاسب المحرمة (1435-1436هـ) .
              • الموضوع : 259- مناقشة الاحتمال الاول ، وبرهنة الاحتمال الخامس ودفاع عن الاحتمال السادس. مناقشة اطلاق قبح تخصيص الاكثر .

259- مناقشة الاحتمال الاول ، وبرهنة الاحتمال الخامس ودفاع عن الاحتمال السادس. مناقشة اطلاق قبح تخصيص الاكثر

 بسم الله الرحمن الرحيم 

 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
 
حرمة اللهو واللعب واللغو والعبث 
 
(21) 
 
مرجحات وشواهد على بعض محتملات الرواية 
 
قرائن لترجيح الاحتمال الأول 
 
وقد يستشهد لترجيح الاحتمال الأول (وهو ان المراد من ما الموصولة هو خصوص آلات اللهو) بكون فتاوى الفقهاء على ذلك، أي على حرمة آلات اللهو، وبقرينة الروايات الدالة على حرمة المعازف والملاهي وآلات اللهو إذ ضمها إلى هذه تفيد ان المراد منها هو ذاك. 
 
ويرد على الأول: ان فهم الفقهاء للرواية بنحوٍ قد يصلح قرينة على المراد منها – كدليل أو مؤيد – لا مجرد وجود فتوى لهم بالاخص فانه لا يوجب حمل الوارد الأعم عليه. 
 
كما يرد على الثاني: ان المثبَتين لا يقيد احدهما الآخر فورود روايات بتحريم آلات اللهو لا يقتضي تخصيص ما هو أعم بحسب دلالته الاستعمالية التي تعد امارة على الجدية لولا بروز معارض أقوى([1]) والمثبت الأخص ليس معارضاً. 
 
الاستدلال ببرهان السبر والتقسيم على الاحتمال الخامس 
 
وقد يستدل على الاحتمال الخامس (التصرف في "ذكر الله" بتقييده بالواجب) بوجهين: 
 
الأول: الانقسام القهري لـ(ذكر الله) إلى الواجب والمستحب بضميمة برهان السبر والتقسيم؛ إذ لا شك في ان ذكر الله منقسم – بطبعه – إلى ذكر الله الواجب، كالصلوات الواجبة، وإلى ذكر الله المستحب([2]) وهنا نستعين بالسبر والتقسيم فنقول: لا يعقل ان يكون ما ألهى عن ذكر الله المستحب حراماً إذ المانع عن المستحب أو المزاحم له لا يمكن ان يكون بما هو مزاحم للمستحب أو مانع عنه، حراماً إذ كيف يزيد الفرع والظل على الأصل وذي الظل؟ وهل يمكن القول مثلاً بان المانع عن صلاة الليل محرم؟ فلم يبق إلا ما يكون ما ألهى عن ذكر الله الواجب هو المحرم، وهو المطلوب. 
 
الاستدلال بكون حرمة الالهاء مقدمية 
 
الثاني: ظهور ان (ذكر الله) هو الغاية وان المحافظة عليه هي المصب والمحور، وان الردع عن ما يلهي عنه طريقي لا موضوعي فلاحظ الرواية (كل ما ألهى عن ذكر الله فهو من الميسر) تجد ذلك بوضوح. 
 
والحاصل: ان الردع عن (ما ألهى عن ذكر الله) إنما هو لمقدميته لعدم ذكر الله ولا يعقل ان تكون المقدمة محرمة عقلاً أو وشرعاً أيضاً إلا لو كان ذوها محرماً وليس ذوها المحرم إلا ترك ذكر الله الواجب. 
 
ويمكن عدّ هذا الوجه بياناً آخر للوجه الأول فتأمل 
 
الاشكال بقبح تخصيص الأكثر 
 
واما الاحتمال السادس (كون "ما الهى عن ذكر الله عاماً" خرجت من المباحات والمكروهات والمستحبات) فقد يستشكل عليه بانه يستلزم تخصيص الأكثر وانه قبيح. 
 
الجواب: حسن تخصيص الأكثر في الجملة لوجوهٍ 
 
والجواب: بعد وضوح كونه كذلك صغرى، انه لا إطلاق للكبرى إذ ليس تخصيص الأكثر قبيحاً مطلقاً، بيان ذلك: ان قبح تخصيص الأكثر ليس ذاتياً له بل هو بالوجوه والاعتبارات فقد يكون جعل العنوان المستثنى أكثر أفراده، موضوعاً للحكم هو الحسن الراجح بل يكون خلافه خلاف الحكمة وذلك بوجوه: 
 
منها: إثبات الرجحان للعنوان، أو المرجوحية، وكونه ملاك الحكم ومنشأه وعليه مداره لولا المعارض، مما لا يستفاد ذلك لو لم يجعل نفس العنوان وان أُستثني أكثر أفراده من الحكم، موضوع الحكم. 
 
فمثلاً لو كان ملاك حُكمه بإكرام الأطباء أو الفقهاء هو كونهم فقهاء أو أطباء، فانه يرجح ان يقول أكرم الأطباء أو الفقهاء وان كان قد استثنى بمتصل أو سيستثني بمنفصل الفساق منهم وان كانوا هم الأكثر فيقول (أكرم الأطباء إلا الفساق منهم) مع علمه بان أكثر الأطباء فرضاً فساق؛ فان هذا هو الأرجح ما دام وجه حسن إكرامهم كونهم أطباء وما دام وجه قبح اكرام الفساق منهم غلبه مفسدة اكرام الفاسق على مصلحة إكرام الطبيب. 
 
ومنها: الجزالة والسهولة في التعبير بالجامع وجعله الموضوع للحكم وان خرج منه الأكثر حكماً، بل وكونه هو فصل الخطاب، ففي المثال السابق لو لم يرد ان يقول أكرم الأطباء لـمّا لاحظ انه سيستثني الأكثر الافرادي وهم الفساق، فانه سيضطرّ إلى التطويل في الكلام بلا طائل بان يقول (بعد ان لم يصح حسب المدعى ان يعبر بالجامع وهو كونهم أطباء) أكرم زيداً وعمراً وبكراً وهكذا يعددهم إلى المائة مثلاً وهم الأشخاص العدول من الأطباء في ذلك البلد فرضاً مع كون الفساق منهم خمسمائة فرضاً، أو يضطر إلى اختيار عناوين متعددة أخرى تنطبق على الأطباء العدول فقط([3]) وهو متعسر عادة ان لم يكن متعذراً. 
 
ومنها: إقرار المرجعية لدى الشك في الشبهة المصداقية للمخصص، فانه لو جعل محور حكمه وموضوعه (الأطباء) واستثنى الفساق ثم شك في طبيب انه فاسق أم لا صح التمسك بالعام وهذا إنما يتم لو جعل الموضوع هو العنوان المستثنى أكثرُ أفراده، لا غير ذلك. 
 
وقد يقال: بان قبح استثناء الأكثر إنما هو في القضية الخارجية لا الحقيقية، إذ في القضية الحقيقية يصب الحكم على العنوان لا الأفراد فلا مدخلية لكثرة أفراد المستثنى أو قلتهم بعد ان لم يكن الحكم منصباً عليهم، والأحكام الشرعية قد صبت على العناوين وأخذت بنحو القضية الحقيقية ومنها المقام وهو (كل ما ألهى عن ذكر الله...) وخرجت منه عناوين المستحبات والمكروهات والمباحات. وفيه تأمل من وجوه([4]) 
 
وصلى الله على محمد واله الطاهرين 
 
 
([1]) أو حاكم أو وارد. 
 
([2]) وهناك ذكر محرم أيضاً كقرائة الحائض آيات السجدة أو كل سور السجدة على الرأيين وكالقَسَم بالله كاذباً إن عُدّ ذكراً. 
 
([3]) كأن يستقرأ آحاد الأطباء فيجد ان الأطباء العدول هم من يسكن المحلة الفلانية وهم الطوال منهم وهم المتخصصون في العيون منهم مثلاً وهكذا فيجعل موضوع حكمه مجموع هذه العناوين، وهذا مجرد فرض غير واقع عادة، على انه لو وقع فانه قبيح وإطالة من غير طائل. 
 
([4]) منها: ان القضية الحقيقية وإن صب الحكم فيها على العناوين إلا انها آليةٌ بلحاظ الأفراد فيقبح مع الالتفات الى استثناء أكثرها، لولا الوجوه الثلاثة الآنفة. 
 
ومنها: ان المقام من قبيل استثناء أكثر العناوين (وهي المستحبات والمكروهات والمباحات بل وأنواعها وهي كثيرة جداً) وليس من استثناء أكثر الأفراد (وان كان مجمعاً لهما لدى الدقة) فلا يرد هذا الوجه (الرابع) وان قلنا ان المصب العناوين حتى وان رفضنا المرآتية. فتأمل

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=1391
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأحد 22 محرم الحرام 1436هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23