• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : المكاسب المحرمة (1435-1436هـ) .
              • الموضوع : 269- توضيح لعدم تكرر الحد الاوسط في قياس الشيخ ( كل لهو باطل وكل باطل حرام ) ـ الطائفة الثامنة من الرويات : ( ما دل على حرمة المسابقة وان كانت بدون الآت القمار وبلا رهن ) .

269- توضيح لعدم تكرر الحد الاوسط في قياس الشيخ ( كل لهو باطل وكل باطل حرام ) ـ الطائفة الثامنة من الرويات : ( ما دل على حرمة المسابقة وان كانت بدون الآت القمار وبلا رهن )

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
حرمة اللهو واللعب واللغو والعبث 
(31) 
تأكيد وتوضيح للمناقشة مع الشيخ 
والجامع: ان العنوان سواء أخذ موضوعاً لحكمٍ أو أثرٍ أو شرطاً أو شطراً أو مانعاً أو قاطعاً أو محمولاً، فان القياس المتكرر فيه هذا العنوان لا ينتج وإن جمع سائر شروط الإنتاج إلا لو أحرز انه كُرِّر كحدّ أوسط بنفس ما له من المعنى، وعليه فان من المغالطة استخدام المشترك اللفظي بل والمشترك المعنوي ان أريد به في الصغرى صنف وفي الكبرى صنف آخر فكيف بما لو كان المراد به في الصغرى المعنى الحقيقي وفي الكبرى المجازي أو العكس، وكذا لو لم يحرز المراد به. 
ومن الأمثلة الفقهية على ذلك ما سبق من عنوان (العدالة) وانها تطلق على أكثر من معنى في إمام الجماعة والمرجع والقاضي والشاهدين فراجع 
معاني الكفر الخمسة 
ومن الأمثلة الكلامية والفقهية عنوان (الكفر) فان له، كما في عدد من الروايات، إطلاقات خمسة وكل منها معنى يختص بآثار وأحكام فلا يصح القياس إلا بعد تحديد المعنى المراد به لو اخذ كأوسط في كل من الصغرى والكبرى، فقد ورد عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ان الكفر على خمسة أوجه: - نذكرها بتوضيح أو تصرف وإضافات([1])-: 
1- كفر الجحود بالربوبية وانه لا جنة ولا نار، كما فيمن قالوا (وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ)([2]) 
2- كفر الجحود بما هو الحق الثابت عنده، كما فيما جاء في قوله تعالى (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ * وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً)([3]) إذ المراد جحدوا بالآيات التي جاء بها موسى كالطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم واليد البيضاء، وعلى أي فمطلق جحود ما ثبت انه حق لديك هو كفر([4]). 
3- كفر النعمة، كما في قوله تعالى: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)([5]) وقوله (هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ)([6]) و(فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ)([7]) 
4- الكفر بمعنى الترك فالتارك شيئاً هو كافر به كقوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ)([8]) والمراد بالكفر حسب نص الإمام الصادق ( عليه السلام ) ههنا هو: وتتركون العمل ببعض الكتاب، وكلام الإمام في حد ذاته حجة في التفسير فلا يرد انه لعل لمراد الكفر النظري أو العقدي لا العملي إضافة إلى ان الظاهر انهم كانوا يؤمنون بحرمة سفك الدماء والاخراج لكنهم عملاً كانوا يخالفون، بل ان ظاهر الآيتين بتمامها هو الكفر العملي فلاحظ بل صريحها هو ذلك([9]). 
وعليه: فان كل من لا يعمل بقوانين الإسلام السياسية والاقتصادية والحقوقية وغيرها فهو كافر بهذا المعنى. 
5- الكفر بمعنى البراءة كما في قوله تعالى: (كَفَرْنَا بِكُمْ)([10]) أي تبرأنا منكم وكذلك الأمر في (يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ)([11]) 
ومن ذلك يتضح معنى ما ورد في الروايات الكثيرة من كفر المخالف فانه لا يراد به الإطلاق الأول بل الثاني في بعضهم والثالث أو الرابع فيهم جميعاً، كقول الإمام الصادق ( عليه السلام ) ((عندما سَأَلْ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَ‏ (فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ)‏ فَقَالَ: عَرَفَ‏ اللَّهُ‏ إِيمَانَهُمْ‏ بِوَلَايَتِنَا وَكُفْرَهُمْ بِهَا يَوْمَ أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ فِي صُلْبِ آدَمَ ( عليه السلام ) وَ هُمْ ذَرٌّ))([12]). 
وجامع المعاني الخمسة هو الستر فان المستظهر انه الموضوع له ولذا يقال للزارع انه كافر لأنه يستر البذرة في الأرض قال تعالى: (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ)([13]) 
الثمرة: 
ان الأوسط في (كل لهو باطل) يراد به الباطل بالمعنى الأعم أي انه لا ثمرة له ولا نتيجة، أو الزائل، أو على الأقل لا دليل على إرادة المعنى الأخص منه وهو الحرام. 
والأوسط في (وكل باطل حرام) يراد به المعنى الأخص للباطل فلا ينتج: كل لهو حرام، نعم لو قيل كل لهو باطل وكل باطل مرجوح أو مكروه لأنتج لكنه غير نافع للمقام فتدبر. 
الطائفة الثامنة: ما يستفاد منها حرمة المسابقة، والوجه كونها لهوا 
قال الشيخ في المكاسب (ويؤيده ما تقدم من ان المشهور حرمة المسابقة على ما عدا المنصوص بغير عوض، فإن الظاهر أنه لا وجه له عدا كونه لهوا وإن لم يصرحوا بذلك عدا القليل منهم، كما تقدم. نعم صرح العلامة في التذكرة بحرمة المسابقة على جميع الملاعب كما تقدم نقل كلامه في مسألة القمار)([14]) 
أقول: العناوين العامة([15]) الواردة في الآيات أو الروايات أربعة هي: القمار والرهان والسبق والميسر، والصور أربعة: 
أ- اللعب بآلات القمار مع الرهن، ولا شك في حرمته إجماعاً ولمتواتر الأخبار. 
ب- اللعب بآلات القمار (كالشطرنج والنرد) بدون رهن، والمشهور حرمته بل هو مجمع عليه قال السيد الوالد في فقه المكاسب (ولا إشكال ولا خلاف في الحرمة وضعاً وتكليفاً لما تقدم من الأدلة الأربعة)([16]). 
ج- اللعب بغير آلات القمار مع الرهن إلا في الخف والنصل والحافر قال الوالد (ولا ينبغي الإشكال في الحرمة وعليه الإجماع المقطوع وان كان محتمل الاستناد، وتدل عليه الروايات المتواترة بالإضافة إلى السيرة القطعية والارتكاز)([17]) 
د- اللعب بغير آلات القمار بدون الرهن، أي المغالبة بغير عوض في غير ما نص على الجواز فيه وذلك كالمصارعة ومسابقة السيارات أو السفن أو الطائرات أو السباحة أو العَدْو ورفع الأثقال وغير ذلك، وهذه الصورة هي التي استشهد بها الشيخ في كلامه إذ صرح هنا انه المشهور، وقال في مسألة القمار (والأكثر على ما في الرياض على التحريم بل حكى فيها عن جماعة دعوى الإجماع عليه...) واستظهر الشيخ ان التحريم لا وجه له إلا كونه لهواً ثم ذهب في آخر كلامه في مسألة القمار إلى التفصيل فقال (لكن قد يشكل الاستدلال فيما إذا تعلق بهذه الأفعال غرض صحيح([18]) يخرجه عن صدق اللهو عرفاً، فيمكن إناطة الحكم باللهو ويحكم في غير مصاديقه بالإباحة، إلا أن يكون قولا بالفصل وهو غير معلوم، وسيجيء بعض الكلام في ذلك عند التعرض لحكم اللهو وموضوعه إن شاء الله)([19]) وستأتي مناقشة كلام الشيخ بإذن الله تعالى 
وصلى الله على محمد واله الطاهرين 
 
([1]) والروايات وردت بوجوه مختلفة فراجع تفسير النعماني والبحار ومجمع البحرين. 
 
([2]) الجاثية: 24. 
 
([3]) النمل: 13-14. 
 
([4]) كانكار استحالة الدور والتسلسل أو انكار الجاذبية أو انكار مختلف البديهيات ومطلق ما ثبت لديه بالحس أو غيره. 
 
([5]) إبراهيم: 7. 
 
([6]) النمل: 40. 
 
([7]) البقرة: 152. 
 
([8]) البقرة: 84 – 85. 
 
([9]) لقوله تعالى: (ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ) 
 
([10]) الممتحنة: 5. 
 
([11]) العنكبوت: 25. 
 
([12]) الكافي: (ط – الإسلامية) ج1 ص413. 
 
([13]) الحديد: 20. 
 
([14]) المكاسب ج2 ص46. 
 
([15]) قبال الخاصة كعنوان الشطرنج والنرد. 
 
([16]) الفقه المكاسب المحرمة ج2 ص13. 
 
([17]) الفقه المكاسب المحرمة ج2 ص10. 
 
([18]) كتقوية الأعصاب وصحة البدن. 
 
([19]) المكاسب ج1 ص383.

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=1401
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 6 ربيع الأول 1436هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23