• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : المكاسب المحرمة (1435-1436هـ) .
              • الموضوع : 286- الوجه الخامس لإتصاف الانشاء بالصدق والكذب ـ دعوى ان مناط حرمة الكذب الاغراء وانه موجود في النجش ، واجوبة ثلاثة . .

286- الوجه الخامس لإتصاف الانشاء بالصدق والكذب ـ دعوى ان مناط حرمة الكذب الاغراء وانه موجود في النجش ، واجوبة ثلاثة .

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
النَجش
(مدح السلعة أو الزيادة في ثمنها ليزيد غيره)
(10)
5- هما أعم من الظهور الأولي والثانوي
الوجه الخامس: ان يقال: ان اتصاف الإنشاء بالصدق والكذب قد يكون بلحاظ ظهوره الثانوي وإن لم يتصف به (ولم يصح) بظهوره الأولي.
توضيحه: ان كل جملة خبرية أو إنشائية قد ينعقد لها ظهور ثانوي مغاير للظهور الأولي، وحينئذ: قد يجتمعان فيكون لها ظهوران وقد يتطاردان وتكون الغلبة للظهور الثانوي، وحينئذٍ قد ينقلب الاخبار إنشاءاً أو العكس أو تكون الحقيقة كذباً والمجاز صدقا وبالعكس.
فقولك مثلاً (بعت) اخبار بحسب ظهوره الأولي فانه فعل ماضٍ، لكنه يكون إنشاءاً بحسب ظهوره الثانوي المنعقد ببركة القرينة الحالية وهي كونه مثلاً في مقام بيع البضاعة للمشتري، فإذا قال له بِعتُ مًنشِأً فانه لا يصح وصفه بالصدق والكذب.
وكذلك قولك رأيت أسداً يكتب أو يكذب، فانه بحسب ظهوره الثانوي – المنعقد بالقرينة المقالية المتصلة – يفيد الرجل الشجاع فلو قصد منه الحيوان المفترس صح وصفه بالكاذب وكلامه بالكذب مع ان الأسد حقيقة في المفترس إلا انه حيث انعقد ظهوره الثانوي في الرجل الشجاع – للقرينة المتصلة – كان إطلاقه على المفترس كذباً.
مصحِّح اجتماع الإنشاء والاخبار، أحد وجوه:
واما اجتماعهما من غير تطارد، فكقول المستعطي اعطني فان ظهوره الأولي في إنشاء الطلب ولا يتصف بالصدق والكذب من هذه الجهة وظهوره الثانوي في الاخبار عن انه فقير ويتصف بهما من هذه الجهة.
وقد يستدل على إمكان ذلك بالوقوع وان أدل دليل على امكان الشيء وقوعه وان الوجدان والعرف بذلك – اجتماع الجهتين في قول المستعطي اعطني – شاهدان .
وعلى أيّ فان مصحح اجتماع الجهتين هو أحد أمور:
1- فاما ان يقال بصحة الانشاء والاخبار بلفظ واحد، إذ اي محذور عقلي يلزم من ان يوجد شيئاً بلفظٍ يكون به مخبراً عن شيء آخر؟([1])
وفناء اللفظ في المعنى أو المعنى في اللفظ([2]) دعوى بلا دليل بل الدليل على خلافها إذ لا يعقل فناء شيء في شيء، نعم الممكن الاستحالة أو الانقلاب([3]) واللفظ لم يستحل إلى المعنى ولم ينقلب إليه، إضافة إلى وضوح ان اللفظ من عالَم والمعنى من عالم آخر فكيف يفنى فيه؟ والوجدان شاهد ببقائهما بحالهما، والظاهر ان اللفظ مشير للمعنى الخبري وموجد للمعنى الانشائي في عالمه.
2- أو يقال بان حاملي الانشاء والاخبار أمران وليسا أمراً واحدا فحامل الانشاء – في الانشائيات – هو اللفظ وحامل الاخبار هو القرائن الحالية الحافّة به، أو حامل الانشاء اللفظ لا بشرط وحامل الاخبار اللفظ بشرط شيء. فتأمل.
3- أو يقال: - وذلك في بعض الصور وتكفي الموجبة الجزئية نقضاً للسالبة الكلية([4]) - بقاهرية الظهور الثانوي وغلبته على الظهور الأولي فيكون منسلخاً عن انشائيته ممحضاً في الخبرية فصح وصف الانشاء – بوضعه لا بعلته المحدثة([5]) - بالصدق والكذب، وذلك كعكسه في بِعتُ الانشائية. لكن هذا خروج عن الفرض.
وعلى أي فان الناجش بقوله بعني بكذا مخبر عن كون قيمته هي كذا ولا مانعة جمع بين كونه انشاء وكونه اخباراً على الوجهين الأوّلين وإلا فالثالث.
دعوى وجود ملاك الكذب في النجش
واما الاستدلال بوجود مناط الكذب وهو الاغراء في النجش ففيه:
الجواب: 1- لا سبيل لنا إلى ملاكات الاحكام
أولاً: ان ملاكات الأحكام مجهولة لنا غاية الأمر كون المعلوم منها جزء العلة أو هو المقتضي أما شرائطه وانتفاء موانعه فلا طريق لنا إليها إلا الشارع فلا بد من الاقتصار على العناوين المأخوذة في لسان الشارع والتقيد بها.
2- النقض بوجوه ثلاثة
ثانياً: ما ذكره في فقه الصادق من (بل "المناط" معلوم العدم لحرمة الكذب وان كان المخاطب مثلا عالما بعلم المتكلم عدم مطابقة المخبر عنه للواقع)([6])
أقول وينقض أيضاً بأمرين آخرين:
الأول: ما لو لم يكن المخاطب عالماً بعلم المتكلم بعدم المطابقة بل كان متصوراً انه جاهل مركب أو بسيط – مع كون الكاذب عالماً بعدم المطابقة أي كان كاذباً وليس مخطئاً -  فانه في هذه الصورة أيضاً لا يلزم الإغراء بالجهل أو الخداع لفرض إذعان السامع بخطأه وكونه جاهلاً مركب.
الثاني: ما لو كان صادقاً لكنه استلزم إغراء بالجهل فانه لا دليل على حرمته على إطلاقه إلا لو كان المؤدّى حراماً وكان هذا مقدمةً موصلة وقلنا بحرمة مقدمة الحرام شرعاً.
وذلك كما لو أخبره بانه سيسجل في كلية الطب مثلاً وكان صادقاً إلا انه كان عالماً ان قوله هذا يسبب إقبال صاحبه على التسجيل في نفس الكلية مع انه ليس لها بأهل بل أهليته هي للهندسة مثلاً وان دراسته الطب لا نتيجة لها إلا الفشل، فانه لا يحرم عليه اخباره بما عزم عليه وان استلزم هذا الاغراء إلا فيما مضى من الاستثناء.
وصلى الله على محمد واله الطاهرين
 
([1]) إنما المحال ان يكون ذلك من جهة واحدة على انه تمام المراد.
([2]) وهو ما ذهب إليه الآخوند قال (حيث ان لحاظه – أي اللفظ – كذلك لا يكاد يكون إلا بتبع لحاظ المعنى فانيا فيه فناء الوجه في ذي الوجه والعنوان في المعنون).
([3]) بتغير العلة الصورية أو بتغير بعض الخواص، على ان الانقلاب الحقيقي الدقي بالمعنى الفلسفي غير ممكن. فتأمل.
([4]) وهي عدم امكان كون الانشاء اخباراً.
([5]) أي الذي كان انشاءاً حسب وضعه وعلته المحدثة دون علته المبقية.
([6]) فقه الصادق ج14 ص465.

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=1452
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 6 ربيع الثاني 1436هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23