• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : المكاسب المحرمة (1435-1436هـ) .
              • الموضوع : 287- الدليل الخامس : النجش من المغالبة ، والمغالبة حرام ـ المناقشة في الكبرى وفي ادلة المشهور عليها ـ المناقشة صغروياً .

287- الدليل الخامس : النجش من المغالبة ، والمغالبة حرام ـ المناقشة في الكبرى وفي ادلة المشهور عليها ـ المناقشة صغروياً

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
النَجش
(مدح السلعة أو الزيادة في ثمنها ليزيد غيره)
(11)
الدليل الخامس: المغالبة
وقد استدل على حرمة النجش بانه مغالبة وان المغالبة حرام مطلقاً؛ اما الصغرى فلأن كلاً من الناجش والمنجوش عليه يسعى للغلبة على الآخر هذا بزيادة القيمة وذاك بإنقاصها أو هذا بزيادتها وذاك بزيادتها أكثر كي يشتريها على أية حال، واما الكبرى فهي ما ذهب إليه المشهور بل حكى عليه الإجماع.
قال الشيخ في المكاسب في بحث القمار: (الرابعة- المغالبة بغير عوض في غير ما نصّ على جواز المسابقة فيه.
و الأكثر على ما في الرياض على التحريم، بل حكى فيها عن جماعة([1]) دعوى الإجماع عليه، وهو الظاهر من بعض العبارات المحكية عن التذكرة، فعن موضع منها: أنّه لا تجوز المسابقة على المصارعة بعوض ولا بغير عوض عند علمائنا أجمع؛ لعموم النهي إلّا في الثلاثة: لخفّ، والحافر، والنصل. وظاهر استدلاله أن مستند الإجماع هو النهي، و هو جارٍ في غير المصارعة أيضاً.
وعن موضعٍ آخر: لا تجوز المسابقة على رمي الحجارة باليد و المِقْلاع و المَنْجَنيق، سواء كان بعوض أو بغير عوض عند علمائنا وعنه أيضاً: لا يجوز المسابقة على المَراكِب والسفُنِ و الطيّاراتِ عند علمائنا.
و قال أيضاً: لا يجوز المسابقة على مُناطَحَة الغنم و مُهارَشَة الديك، بعوض و لا بغير عوض.
قال: وكذلك لا يجوز المسابقة على ما لا ينتفع به في الحرب. وعدّ في ما مثّل به اللعب بالخاتم والصولجان ورمي البنادق والجَلَاهِق والوقوف على رجلٍ واحدة ومعرفة ما في اليد من الزوج والفرد وسائر الملاعب، وكذلك اللبث في الماء، قال: وجوّزه بعض الشافعية، وليس بجيّد، انتهى)([2]).
مناقشة الكبرى: عدم تمامية الأدلة على حرمة المغالبة
ولكن يرد على دعوى ان المغالبة مطلقاً حرام:
أولاً ان المغالبة أعم من المسابقة ألا ترى ان النجش يصدق عليه المغالبة – بل سياتي انه ليس على إطلاقه – ولا يصدق عليه المسابقة؟
ثانياً: ان الأدلة التي استدل بها على حرمة المسابقة (أو المغالبة) غير تامة، والأدلة هي:
ليست المغالبة بما هي قماراً
1- ما ادعاه الشيخ من ان القمار هو مطلق المغالبة قال (بل الاظهر أنّه – أي القمار – مطلق المغالبة ويشهد له... فتأمل)([3]).
وفيه: صحة السلب بدون ريب؛ إذ لا شك في صحة سلب القمار والتقامر عن النجش وعن امثال مسابقة حفظ القرآن الكريم أو المسابقة في الجري أو رفع الأثقال أو غيرها بدون رهان.
لا دلالة لرواية (لا سبق) على حرمة المغالبة
2- الرواية المعروفة ((لَا سَبَقَ‏ إِلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ يَعْنِي النِّضَالَ))([4])
وفيه أولاً: ان المشهور – كما عن الشهيد الثاني – قراءتها بالتحريك، أي لا سبَق وليس لا سبْق بالسكون والسبَق بفتح الباء هو المال المبذول للسابق فيدل على حرمة هذا المال([5]) أو حرمة المراهنة على اللعب وإن كان بغير الآلات المعدة للقمار، فهو أجنبي عن حرمة المسابقة بما هي.
ثانياً: انه حتى ان سلمنا انه بالسكون فقد يقال بان ظاهر (لا) عند التعلق بالمعاملات إرادة نفي الصحة لا النهي عن الفعل أي انها نافية وليست ناهية كقوله (لا بيع إلا في ملك) فان ظاهره نفي صحة البيع في غير الملك (فهو فضولي وللمالك الإجازة وعدمها) لا النهي عن بيع ملك الغير بما هو هو بحيث يكون نفس هذا البيع (وإن لم يستتبعه التصرف) محرماً معاقبا عليه. قال الشيخ (وعلى تقدير السكون، فكما يحتمل نفي الجواز التكليفي يحتمل نفي الصحة؛ لوروده مورد الغالب من اشتمال المسابقة على العوض)([6]).
والمبنى محل إشكال، كما فصلناه في محله فان الظاهر التكليف إلا فيما دلت قرينة عامة([7]) أو خاصة على الخلاف([8]).
وعلى أي فانه لو شك في انه بالفتح أو السكون، فيكون مجملاً ويكون القدر المتيقن حرمة السبَق بالفتح لكونهما من الأقل والأكثر لا المتباينين إذ كل سبَق ففي السبْق ولا عكس.
ليس مطلق المغالبة والمسابقة لهوا
3- ان المغالبة والمسابقة مندرجة في اللهو واللعب.
لكن سبقت مناقشة الكلي وانه لا دليل على حرمة مطلق اللهو واللعب، إضافة إلى ان النجش لا يعد عرفاً ولا لدى الدقة العقلية من اللهو أو اللعب ولا كل مغالبة أو مسابقة هي لهو ولعب؛ أفترى المسابقة على حفظ القرآن الكريم أو بناء المساجد مثلاً من اللهو واللعب؟
ليس مطلقها من الباطل
4- ان المغالبة والمسابقة من الباطل، وكل باطل حرام
وفيه الإشكال كبرى وقد سبق في بحث اللهو تفصيله، وصغرى كما هو واضح.
وقد يقال: ان أكل المال الناشئ من النجش أكل مال بالباطل؟
وفيه: انه على فرضه فالآكل هو البائع فقد فعل هو محرماً – على تقدير قبول الصغرى والكبرى – لا الناجش فانه ليس الآكل بل غاية الأمر كون فعله مقدمة فتندرج في مبحث مقدمة الحرام بشروطها كأن تكون مقدمة موصلة وان لا تتوسطها إرادة فاعل مختار أقوى من السبب فتأمل، وذلك كله على القول بانها حرام شرعاً.
ولا إجماع على الحرمة
5- الإجماع على حرمة المغالبة
وفيه انه لا إجماع، كما سبق بل غاية الأمر الشهرة، على انها في المتأخرين بحاجة إلى تثبّت.
ولعل لذلك كله فصّل الشيخ في آخر كلامه فقال: (لكن قد يشكل الاستدلال في ما إذا تعلّق بهذه الأفعال غرض صحيح يخرجه عن صدق اللهو عرفاً، فيمكن إناطة الحكم باللهو ويحكم في غير مصاديقه بالإباحة، إلّا أن يكون قولًا بالفصل، وهو غير معلوم) ونظيره جارٍ في المغالبة والمسابقة. 
المناقشة صغرى
ثالثاً: ما ذكره في فقه الصادق من (مع انها – أي المغالبة – لا تصدق على مدح السلعة)([9]) وقد سبق انها لا تصدق حتى على ان يزيد في الثمن ليزيد غيره إلا لو ترامى الأمر مع ان النجش لغة وعرفاً أعم فالدليل على فرضه أخص من المدعى. فتدبر
وصلى الله على محمد واله الطاهرين
 
([1])  منهم القاضي في المهذّب 1: 331، و المحقّق الثاني في جامع المقاصد 8: 326، و العلّامة في التذكرة.
([2]) المكاسب ج1 ص380-381.
([3]) المكاسب ج1 ص282
([4]) الكافي (ط – الإسلامية) ج5 ص49.
([5]) أو عدم دخوله في الملك بالمسابقة
([6]) نفس المصدر.
([7]) من مناسبات الحكم والموضوع، أو الإجماع أو شبه ذلك.
([8]) وليست القرينة العامة المدّعاة في كافة المعاملات، تامةً.
([9]) فقه الصادق ج14 ص464.

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=1453
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 10 ربيع الثاني 1436هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23