• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1435-1436هـ) .
              • الموضوع : 504- مناقشة الاشكالات ـ الاقربية بنظر الشارع او بنظرنا ، الثبوتية او الاثباتية ـ تحقيق في ضابط كون الاشكال صغروياً او كبروياً .

504- مناقشة الاشكالات ـ الاقربية بنظر الشارع او بنظرنا ، الثبوتية او الاثباتية ـ تحقيق في ضابط كون الاشكال صغروياً او كبروياً

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
تقليد الأعلم
(28)
الردود:
أولاً: الإشكال بنفسه يقع كبرويا وصغرويا
سبق إشكال (بيان الفقه) على (الفقه) بان إشكاله – فنياً – صغروي وليس كبرويا.
ولكن قد يجاب: بان الإشكال الواحد قد يكون كبرويا كما يكون صغروياً في وقت واحد بلحاظين، والمقام من هذا القبيل.
توضيحه: ان الحد الأوسط إذا كان من المشترك اللفظي أو كنت له إطلاقات متعددة أو كان مشتركاً معنوياً أريد به تارة هذا المعنى أو هذا الصنف وأخرى ذاك، كان بحسب كل منهما صحيحاً أو باطلاً صغرى أو كبرى.
فمثلاً قولك (هذا كافر، وكل كافر نجس) قد يكون الإشكال كبرويا وقد يكون يكون صغروياً نظراً لتعدد إطلاقات الكافر فالإشكال مثلاً كبروي إن أريد بالكافر في الصغرى المنكر للإمامة – وهو أحد إطلاقات الكافر – وصغروي إن أريد بالكافر منكر الالوهية أو التوحيد والنبوة أو المعاد على قول، مع عدم كون هذا الشخص منكراً لاحدها.
وبعبارة أخرى: كلما كان الأوسط مشتركاً لفظياً أو ذا إطلاقات أو معنويا أريد به بعض أنواعه، تعدد القياس بعدد المشترَكات والإطلاقات والأنواع.
وفي المقام: حيث قيّد في (الفقه) الاقربية باحد قيدين على سبيل البدل (الاقربية بنظر الشارع) و(الاقربية بنظرنا) فقد انحل القياس الواحد ظاهراً إلى قياسين هما:
أ- هذا([1]) أقرب إلى الواقع بنظر الشارع، وكل أقرب للواقع بنظر الشارع يجب الأخذ به (أو يتعين).
ب- هذا أقرب إلى الواقع بنظرنا، وكل أقرب للواقع بنظرنا يجب الأخذ به (أو يتعين).
والإشكال على القياس الأول صغروي، وهو الذي استظهره (بيان الفقه) من عبارة (الفقه) وهو عليه صحيح.
والإشكال على القياس الثاني كبروي، وهو الذي كان مرمى نظر (الفقه)([2]) فأشكل عليه بما أشكل، فأشكل عليه بيان الفقه بالمرآتية – وهو الإشكال القادم وسيأتي – إلا ان الكلام الآن في الإشكال الفني وهو ان إشكال الفقه صغروي لا كبروي فأجبنا بانه ذو وجهين وبذلك يقع الصلح بين العلمين([3])!
ثانياً: أ- لا أصل لفظي ليرجع له
كما سبق الإشكال الثاني من إشكالات بيان الفقه وهو (وثانياً: أنّ سلب الشارع الاقربية في مورد ـ كتعارض الخبر والقياس في مسألة قطع أصابع المرأة ـ لا يكون دليلاً على عدم لزوم العمل بالاقرب إذا أُحرزت الاقربية في مورد آخر)([4])
والجواب: أولاً: انه لا أصل لفظي له معقد يقضي بكون الأقرب للواقع هو المتعين الأخذ به حتى يكون إطلاقه أو عمومه هو المرجع في صورة الشك ولا يكون خروج موردٍ كالقياس أو موردين أو أكثر مُخلّاً بكونه الاصل والمرجع لدى الشك.
بل لا يوجد إلا بناء العقلاء أو حكم العقل بتعين الأقرب وهو دليل لبي يقتصر فيه على القدر المتيقن ولا يصلح مرجعاً في صورة الشك، إذ مفروض البحث هو صورة الشك في ان هذا الأقرب يتعين الأخذ به نظراً لاحتمال وجود جهات مزاحمة سلوكية أو في المتعلق قد لاحظها الشارع، كما ان المفروض انه لا إطلاق لحكم العقل لما سبق ولبداهة جواز وصحة استثناء الشارع منه أموراً كالقياس إذ لو كان عاماً لما أمكن ان يعارضه الشرع بل لزم تأويل ما ورد من الشرع على خلافه.
ب – كثرة انثلام الأصل اللفظي موجب لإجماله
ثانياً: انه حتى لو فرض وجود أصل لفظي له معقد، إلا انه لكثرة انثلامه في الحجج والامارات فلا يبقى له ظهور في الإطلاق ولا مرجعية أي انه يكون عندئذٍ مجملاً لا يعلم تطابق إرادتي المولى الجدية والاستعمالية عندئذٍ([5])، وقد سبق تفصيلاً برهان ذلك في ضمن الجواب الخامس والاستشهاد بأمثال: عدم قبول الشهادة الثالثة فالرابعة، ولا الشاهدين في الزنا والاقرار، ولا كتابة قاضٍ إلى قاضِ، وانه لا ترجيح للصحيحة على الحسنة والموثقة لدى التعارض بل اما التساقط أو التخيير ولا للاضبط، كالكليني على غيره كالطوسي... الخ. فتأمل
ثالثاً: الاقرب الشارعي كالحقيقة الشرعية، مرجعها ليس إلا الشارع
كما سبق الإشكال الثالث: (والحاصل: أنّه لو سُلّم أنّ الملاك إنّما هو الاقربية إلى الواقع بحيث انصرف الامر والنهي إليه لبّاً وواقعاً، ولم يكن لنا طريق إلى الكشف عن الاقربية عند الشارع إلاّ نظرنا نحن ـ كما هو كذلك ـ كان نظرنا مرآة لنظر الشارع، نظير ما يقال في الظواهر: من أنّ الظهور يكشف ـ بنظرنا ـ أنّ الشارع أراد كذا، فيكون نظرنا مرآة وكاشفاً لنظر الشارع، لانّ طرق الاطاعة والمعصية عقلائية إلاّ ما وسّع الشارع أو ضيّق)([6])
والجواب: ان ههنا أموراً أربعة:
1-2: الاقرب بنظر الشارع والأقرب بنظرنا.
3- 4: الأقرب الشارعي والأقرب الفقهائي.
والأولان من عالم الإثبات والأخيران يراد بهما ما هو في عالم الثبوت.
توضيح ذلك: انه تارة يكون الواقع هو الملاك فيكون نظرنا مرآة له أو مرآة لنظر الشارع إليه، وتارة تكون الحقيقة الشرعية هي الملاك وهي المدار فلا تؤخذ عندئذ إلا من الشارع لأنه المخترع لهذه الحقيقة وذلك كأية جهة اخترعت حقيقة فان المرجع هو تلك الجهة لا غير.
وكما توجد حقيقة شرعية في الأحكام والمتعلقات ولا تؤخذ إلا من الشارع، كذلك توجد حقيقة شرعية في الحجج فلا تؤخذ إلا منه، والمقصود بالحقيقة الشرعية في الحجج ما اعتبرها الشارع حجة([7]) لا لمحض جهة الطريقية بل لأنه لاحظ سائر المزاحمات والمصالح الأخرى – كما سبق بيانه مكرراً – وحينئذٍ فهذا الواقع([8]) ثبوتي أي ان الشارع تصرف في الواقع فجعل المركب من الطريقية والموضوعية هو مدار حكمه بالحجية أي بلزوم الاتباع أو المنجزية والمعذرية، وحينئذٍ فلا يؤخذ إلا منه ولا يكون نظرنا حجة فيه إذ لا نعلم ولا نحيط بمجموع ما لاحظه الشارع في الحجية، وهذا القسم هو مورد نظر الفقه والذي يدل عليه تمثيله بالقياس فانه كذلك. فتأمل([9]) والله العالم
والحاصل: انه في الأولين يصح القول ان الأقرب بنظر الفقيه مرآة للاقرب بنظر الشارع، وهو محط نظر السيد العم. أما في الأخيرين فلا يصح القول بان الأقرب الفقهائي مرآة للأقرب الشارعي، وهو مرمى نظر السيد الوالد u، فكلام كل منهما صحيح في بُعده وحقله، والنقاش على هذا لفظي. وللحديث صلة
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
 
(الحكمة):
عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَعْيَنَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) ((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله )‏ إِنَّ أَعْظَمَ‏ الْكِبْرِ غَمْصُ الْخَلْقِ وَسَفَهُ الْحَقِّ قَالَ قُلْتُ وَمَا غَمْصُ الْخَلْقِ وَسَفَهُ الْحَقِّ قَالَ يَجْهَلُ الْحَقَّ وَيَطْعُنُ عَلَى أَهْلِهِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ نَازَعَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ رِدَاءَهُ)) (الكافي ج2 ص310).
 
([1]) أي نظر الأعلم مثلاً.
([2]) ولذا قال (لا نسلم ان المعيار في تعيين الاقربية هو نظرنا).
([3]) إذ يعود النقاش لفظياً إذ احدهما ناظر للصغرى والآخر للكبرى في القياسين.
([4]) بيان الفقه ج2 ص26-27.
([5]) أو لا أقل من لزوم الفحص كما سيأتي.
([6]) بيان الفقه ج2 ص27.
([7]) أي لازمة الاتباع، أو منجزّة معذرة.
([8]) أي ما هو حجة واقعاً.
([9]) إذ قد يقال: ومع ذلك فان نظرنا مرآة لنظر الشارع، وفيه: انه لا يصح ذلك إلا بعد الفحص في الأدلة – أدلة الشارع – فإذا وجدناه لم يذكر جهة موضوعية عرفنا انه لم يعتبرها فيكون نظرنا عندئذ مرآة. وهذا (أي لزوم الفحص أولاً في كل دليل دليل على حجية كل امارة أو طريقة) هو المطلوب بنفسه فتدبر.

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=1499
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 1 جمادي الاول 1436 هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23