• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : المكاسب المحرمة (1435-1436هـ) .
              • الموضوع : 303- الاشكال باختصاص الاية بصلة الرحم وصلة الامام ـ الاشكال بوجوه ثلاثة ـ وبحث مبنائي هام عن وجوب صلة المسلمين .

303- الاشكال باختصاص الاية بصلة الرحم وصلة الامام ـ الاشكال بوجوه ثلاثة ـ وبحث مبنائي هام عن وجوب صلة المسلمين

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
النميمة
(6)
 
الاستدلال بـ(وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ)
وقد استدل الشيخ على حرمة النميمة بل وعلى كونها من الكبائر بموضعين من هذه الآية الشريفة قال (وهي من الكبائر، قال الله تعالى: (وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)، والنمام قاطع لما أمر الله بصلته ومفسد)( ).
الرد: الوصل الواجب هو صلة الرحم فقطعها حرام فقط
وقد أشكل عليه المحقق الايرواني بـ(ظاهر مادة الأمر هو الوجوب، وما أوجب عليه صلته هو الرحم( ) فتختص الآية بقطع صلة الرحم)( ).
وأجاب السيد الوالد في إيصال الطالب إلى المكاسب (فان الله أمر بصلة المؤمنين بعضهم مع بعض)( ).
الأجوبة:
أقول: يمكن الإجابة عن إشكال المحقق الايرواني باحد وجوه ثلاثة:
1- الأمر في الآية أعم من الوجوب
الأول: ان (الأمر) – أي مادته – وإن كان ظاهراً في الوجوب (وعليه يخرج – كما قال الايرواني – غير صلة الرحم عن الآية) لكن المراد به في المقام الأعم من الوجوب والاستحباب (فلا يخرج غيرها عنها) وذلك لوضوح انه يرفع اليد على الظاهر بالقرينة، واستعمال الأمر في الجامع أو في المستحب مجازاً( ) أمر حسن وواقع في الجملة كقولك أمر الله بغسل الجمعة وبصلاة الليل والنظافة ونهى عن الكسل والجلوس على عتبة الدار والنوم بين الطلوعين... الخ
والدليل على ذلك – ان الله أمر بصلة المؤمنين – الروايات الشريفة:
فمنها: ما ذكره في مجالس المفيد عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال: قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في خطبة: ((أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ خَلَائِقِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ الْعَفْوُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ وَأَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ وَالْإِحْسَانُ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ وَإِعْطَاءُ مَنْ حَرَمَكَ وَفِي التَّبَاغُضِ الْحَالِقَةُ لَا أَعْنِي حَالِقَةَ الشَّعْرِ وَلَكِنْ حَالِقَةَ الدِّين))‏( ) وهي دليل إستحباب صلة مطلق من قطعك رحماً كان أم لا والإحسان إلى من أساء إليك وإعطاء من حرمك، والنميمة تناقض ذلك. فتأمل( )
ومنها: ما جاء في العدد عن مولانا الإمام الحسن ( عليه السلام ) ((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَدَّبَ نَبِيَّهُ أَحْسَنَ الْأَدَبِ فَقَالَ (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) فَلَمَّا وَعَى الَّذِي أَمَرَهُ قَالَ تَعَالَى- (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) فَقَالَ لِجَبْرَئِيلَ ( عليه السلام ) وَمَا الْعَفْوُ قَالَ أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ وَتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ وَتَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ- (إِنَّكَ لَعَلى‏ خُلُقٍ عَظِيمٍ) ))( ).
ومنها: ما ورد ((فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) يَا جَبْرَئِيلُ مَا هَذَا الْعَفْوُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ وَ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ وَ تُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ))( )
وفي الروايتين اما مادة الأمر أو صيغته.
ويؤيده ما قاله الطبرسي في مجمع البيان (معناه: أمروا بصلة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين، فقطعوهم، عن الحسن. وقيل: أمروا بصلة الرحم والقرابة فقطعوها، عن قتادة. وقيل: أمروا بالإيمان بجميع الأنبياء والكتب، ففرقوا وقطعوا ذلك. وقيل: أمروا بأن يصلوا القول بالعمل، ففرقوا بينهما، بأن قالوا ولم يعملوا. وقيل: معناه الأمر بوصل كل من أمر الله بصلته من أوليائه، والقطع والبراءة من أعدائه. وهذا أقوى لأنه أعم، ويدخل فيه الجميع)( ) 
والروايتان ظاهرتان في الوجوب، لكن الظاهر اختصاص ذلك بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) إلا ان يستند إلى ما تضمنته الرواية الأولى من التكملة بقوله تعالى: (ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) وفيه تأمل لا يخفى على المتدبر.
كما يؤكد ذلك ما ورد في قوله تعالى: (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل).
قال الطبرسي (قيل: المراد به الإيمان بجميع الرسل والكتب كما في قوله (لا نفرق بين أحد من رسله) وقيل: هو صلة محمد، وموازرته، ومعاونته، والجهاد معه، عن الحسن. وقيل: هو صلة الرحم، عن ابن عباس...
وقيل: هو ما يلزم من صلة المؤمنين بأن يتولوهم وينصروهم ويذبوا عنهم ويدخل فيه صلة الرحم وغير ذلك...)( )
لكن يرد على هذا الوجه: ان غاية ما يثبت به أن الأمر – بمادته - قد يتعلق بالمستحب وإن صلة عامة المؤمنين مستحبة( )، لكن الأمر في الآية للوجوب حتما إذ يوجد دليل آخر - إضافة إلى دلالة مادة الأمر – على أن الأمر هنا أمر إلزامي إيجابي وهو ان الله تعالى رتّب اللعنة وعقوبة النار على (القطع) وكيف يعقل ان تكون الصلة مستحبة ويكون قطعها حراماً؟ فان ترك المستحب ليس بحرام قطعاً بل غاية الأمر انه مكروه( ).
2- صلة المؤمنين واجبة مرتبةً ونوعاً فقطعها حرام
الثاني: ان يقال: بان صلة المؤمنين لها درجات وأدنى درجاتها واجبة، ولها أنواع وبعض أنواعها واجب.
توضيحه:
أ- أنواع الصلة
أما أنواع الصلة: فمنها ما صرحت به الآية الكريمة ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) والإصلاح بين المؤمنين واجب – كفايةً – والنمام مفسد بين المؤمنين وليس غير مصلح فحسب.
وفيه: انه اخص من المدعى. فتأمل( )
ب – مراتب الصلة (الولاية)
واما مراتبها: فمنها مرتبة الولاية، قال تعالى: ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)( )
والمحتملات في الآية( ) ثلاثة:
أ- انها إنشاء لحكم وضعي.
ب- إنها إنشاء لحكم تكليفي.
ج- إنها إخبار.
والمراد على الأول: جعل الولاية كحكم وضعي لبعضهم على بعض فيكون كقوله (جعلت هذا قاضياً) أو (جعلت هذه زوجة هذا)( ) أي: والمؤمنون والمؤمنات جعلنا – بإنشاء فعلي – بعضهم ولياً لبعض .
والمراد على الثاني: إنشاء وجوب أن يتولى بعضهم بعضاً أي والمؤمنون والمؤمنات يجب أن يتولى بعضهم بعضها.
والآية على هذين الاحتمالين إخبار أريد به الإنشاء.
وعلى الثالث: الآية مخبرة عن جعل أحدهما، ومآل الكل واحد.
وعلى كل الاحتمالات فان النميمة مخالفة لمقتضى الولاية الطرفينية وهي قطع لحبل هذه الولاية. فتأمل( )
3- استحباب الوصل وكراهة الترك وحرمة القطع 
الثالث: ان القطع والوصل ليسا من الضدين اللذين لا ثالث لهما، بل هما ضدان لهما ثالث وهو عدم الوصل – كما سيأتي بيانه -.
ويتفرع عليه: دفع الإشكال (بان الوصل إذا كان مستحباً فلا يعقل ان يكون القطع حراماً إذ ترك المستحب ليس بحرام قطعاً)، إذ هنا أمور ثلاثة: 1- الوصل وهو مستحب، 2- وتركه وهو مكروه أو لا حكم له وهو النقيض للوصل، 3- والقطع وهو ضد وجودي ثالث فيمكن ان يكون حراماً فلا إشكال إذا في عالم الثبوت، إنما الأمر متوقف على البرهان في عالم الإثبات، وهو ما تتكفل به الآية الشريفة. فتأمل وسيأتي توضيحه والنقاش فيه.
وصلى الله على محمد واله الطاهرين
 
(الحكمة):
عَنْ عَلِيٍّ ( عليه السلام ) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) ((أَرْبَعَةٌ يُؤْذُونَ أَهْلَ النَّارِ عَلَى مَا بِهِمْ مِنَ الْأَذَى يُسْقَوْنَ مِنَ الْحَمِيمِ وَ الْجَحِيمِ يُنَادُونَ بِالْوَيْلِ وَ الثُّبُورِ يَقُولُ أَهْلُ النَّارِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مَا بَالُ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ قَدْ آذَوْنَا عَلَى مَا بِنَا مِنَ الْأَذَى فَرَجُلٌ مُعَلَّقٌ فِي تَابُوتٍ مِنْ جَمْرٍ وَ رَجُلٌ يَجُرُّ أَمْعَاءَهُ وَ رَجُلٌ يَسِيلُ فُوهُ قَيْحاً وَ دَماً وَ رَجُلٌ يَأْكُلُ لَحْمَهُ 
1- فَقِيلَ لِصَاحِبِ التَّابُوتِ مَا بَالُ الْأَبْعَدِ( ) قَدْ آذَانَا عَلَى مَا بِنَا مِنَ الْأَذَى فَيَقُولُ إِنَّ الْأَبْعَدَ قَدْ مَاتَ وَفِي عُنُقِهِ أَمْوَالُ النَّاسِ لَمْ يَجِدْ لَهَا فِي نَفْسِهِ أَدَاءً وَ لَا وَفَاءً
 2- ثُمَّ يُقَالُ لِلَّذِي يَجُرُّ أَمْعَاءَهُ مَا بَالُ الْأَبْعَدِ قَدْ آذَانَا عَلَى مَا بِنَا مِنَ الْأَذَى فَيَقُولُ إِنَّ الْأَبْعَدَ كَانَ لَا يُبَالِي أَيْنَ أَصَابَ الْبَوْلُ مِنْ جَسَدِهِ 
3- ثُمَّ يُقَالُ لِلَّذِي يَسِيلُ فُوهُ قَيْحاً وَ دَماً مَا بَالُ الْأَبْعَدِ قَدْ آذَانَا عَلَى مَا بِنَا مِنَ الْأَذَى فَيَقُولُ إِنَّ الْأَبْعَدَ كَانَ يُحَاكِي فَيَنْظُرُ إِلَى كُلِّ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ فَيُسْنِدُهَا وَ يُحَاكِي بِهَا 
4-( ) ثُمَّ يُقَالُ لِلَّذِي يَأْكُلُ لَحْمَهُ مَا بَالُ الْأَبْعَدِ قَدْ آذَانَا عَلَى مَا بِنَا مِنَ الْأَذَى فَيَقُولُ إِنَّ الْأَبْعَدَ كَانَ يَأْكُلُ لُحُومَ النَّاسِ بِالْغِيبَةِ وَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ) (الأمالي للصدوق: ص581).
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=1522
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاحد 9 جمادي الاولى 1436 هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23