• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1435-1436هـ) .
              • الموضوع : 553- تفصيل الاستدلال براوية (من امّ قوماً...) واشكالات: 1ـ السند ــ والجواب 2ـ ظاهرة في الامامة العظمى، والقرائن 3ـ (امرهم الى سفال) لايدل على الحرمة التكليفية والوضعية. ومناقشة تفصيلية حول: الطرق العقلائية والحقوق العرفية والمناصب الشرعية .

553- تفصيل الاستدلال براوية (من امّ قوماً...) واشكالات: 1ـ السند ــ والجواب 2ـ ظاهرة في الامامة العظمى، والقرائن 3ـ (امرهم الى سفال) لايدل على الحرمة التكليفية والوضعية. ومناقشة تفصيلية حول: الطرق العقلائية والحقوق العرفية والمناصب الشرعية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
تقليد الأعلم
(77)
تتمة الجواب الثاني: ظاهر ((مَنْ أَمَّ قَوْماً...)) الإرشادية
سبق انه قد يقال ان ظاهر رواية ((مَنْ أَمَّ قَوْماً وَفِيهِمْ أَعْلَمُ مِنْهُ أَوْ أَفْقَهُ مِنْهُ لَمْ يَزَلْ أَمْرُهُمْ فِي سَفَالٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة))([1]) الإرشادية، وقد أشار السيد العم إلى ذلك ببيان آخر فقال: (وثالثاً: فليكن إلى سفال، فهل هذا يدلّ على الحرمة التكليفية والوضعية ؟ ولعلّ لحن الكلام يشبه الاخلاقية لوجود نظائر له)([2]) والمراد من الحرمة التكليفية حول إمامته وحرمة إتباعهم له والمراد من الحرمة الوضعية عدم حجية قوله وعدم نفوذ حكمه، وعدم كونه منصوباً للإمامة شرعاً.
المناقشة
وقد يجاب: بانه حيث دلّ الحديث على ان من أمّ قوماً وفيهم من هو أعلم منه لم يزل أمرهم إلى السفال إلى يوم القيامة، فانه يدل عرفاً على انه ليس بمنصوب من قبل الشارع إذ كيف ينصب الشارع من يذمه بهذا اللحن الشديد؟ إضافة إلى انه خلاف الحكمة وخلاف الرحمة فان أفعال الشارع معللة بالاغراض وهي تابعة لمصالح ومفاسد في المتعلقات فإذا كانت المفسدة هي هذه – وما أعظمها من مفسدة – فكيف ينصبه أو يعينه الشارع للفتيا؟
الذم في الطرق العقلائية والحقوق العرفية والمناصبة الشرعية
والتحقيق: ان الأمور ثلاثة:
1- الطرق العقلائية.
2- الحقوق العرفية والعقلائية والفطرية.
3- المناصب الشرعية.
وفي الأولين لا دلالة لما ذكر([3]) على العدم وفي الثالث تفصيل وكلام.
الذم في الطرق
اما الأوّل: فان الطرق العقلائية بناؤها على السعة والتسامح فانهم يبنون على حجية مثل خبر الثقة والظواهر وغيرها وان استلزمت تفويت مصلحة الواقع في الجملة أو أوجبت الوقوع في مفاسد مخالفته في الجملة كذلك، وذلك لملاحظتهم المصالح المزاحمة كمصلحة التسهيل وعدم الإيقاع في العسر والحرج بل وعدم اختلال النظام اللازم من عدم حجيتها في الجملة.
والحاصل: ان كون حجية الطرق مما يستلزم ان يكون الأمر إلى سفال مناقش فيه صغرى ولو لوجود المزاحم الذي تتدارك به المفسدة فالحديث على فرض عمومه منصرف عن الطرق العقلائية كما انه لو كان كذلك والمقام منه في الجملة لكان مناقشاً فيه كبرى إذ لا دليل على ان كل ما يستلزم السفال (وهو ضد العلو) حرام؛ ألا ترى المكروهات الشرعية؟ وألا ترى التنزيهات الشرعية الإرشادية في الأمور الطبية وغيرها فانها ليست بمحرمة مع ان مرتكبها في سفال. فتأمل([4])
الذم فيما له الحق فيه
اما الثاني: فلأن ((النَّاسُ مُسَلَّطُونَ عَلَى أَمْوَالِهِم))([5])‏ وأنفسهم وحقوقهم([6]) وهي قاعدة شرعية مصطيدة بل وعقلائية بل انها فطرية لفطرية التملك بالحيازة، أو على الأقل فطرية حددت حق الاختصاص بها، فإذا كان الشيء مملوكا له ذاتاً أو تصرفاً([7]) جاز له ان يقدم على الضرر والسفال باختياره كأن يقدم على شرار المعيب وشبهه لقاعدة الإقدام.
وعلى أي فان من المسلّم ان الشخص له ان يقدم على ما به تسافله – في غير المحرمات – في ما يملكه أو فيما يرتبط به ولذا له ان يفعل المكروهات بل ان يلتزم بها وإن كان أمره بذلك إلى سفال.
والحاصل: ان صِرف تسبيب أمرٍ إلى حصول السفال في أمر الشخص أو القوم لا يصلح وجهاً لحرمته إلا إذا دلّ الدليل الخاص على الحرمة.
وبعبارة أخرى: لا يصلح مجرد (تسبيب أمرٍ إلى السفال) رادعاً عن السيرة العقلائية القطعية في الطرق وفي الحقوق فلو أراد الشارع منعها أو تحريمها للزم ان يقيم على ذلك ما يفي ويكفي عرفاً – من حيث الدلالة والسند – للرادعية، وليس المقام كذلك، واما الحقوق فان الذم عن بعضها ظاهر في التنزيه بعد فرض ثبوت كونها حقاً.
الذم في المنصب
اما الثالث: فقد يقال: نعم، إذ ان استلزام نصب شخصٍ ولياً، للسفال إلى يوم القيامة عندما يذكره الشارع ويبينه فان ملزومه عرفاً عدم جعل الشارع له ولياً، اللهم إلا ان يناقش بان الشارع أيضاً يلاحظ التزاحم والأهم والمهم ومصلحة التسهيل ونظائرها ولذلك فانه قد ينصب بنصب عام ما يستلزم في المجموع التسافل لأن عدمه اسوأ إذ يلزم منه المزيد من التسافل، ومن ذلك نصب الاباء والأجداد أولياء على الصغار فانه من الواضح كثرة إساءة الآباء في إعمالهم لولايتهم – عمداً أو سهواً ملحقاً به – إلا ان مصلحة النصب أكبر فلا يدل كون نصبٍ مستلزماً السفال على عدم نصب الشارع إلا ان يثبت عدم وجود مزاحم أهم([8]).
وفيه: ان ظاهر ((لَمْ يَزَلْ أَمْرُهُمْ فِي سَفَالٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة)) عرفاً كونه كذلك من غير مزاحم وألا لما كان وجه للذم، إضافة إلى ظهور ان ما يستلزم السفال إلى يوم القيامة في الحرمة وان لم يستلزمها مطلق السفال إذ فرق كبير من ما يستلزم السفال لفترة من الزمن وما يستلزمه للأبد.
وعلى أي فالمقام – تقليد غير الأعلم – من قبيل الأول – الطرق العقلائية – فلا يصلح مثل هذا الحديث([9]) رادعاً. فتأمل
الجواب الثالث: الرواية ظاهرة في الإمامة العظمى
والحق: ان الرواية ظاهرة بمعونة سائر الروايات وبمعرفة كون الإمام في مقام الاحتجاج على إمامته وبمعونة ذيلها ((إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة)) في ان الكلام خاص بالإمامة العظمى خاصة مع التعبير بـ((أَمْرُهُمْ)) الظاهر في شؤونهم العامة (أو والخاصة أيضاً) فتدبر جيداً.
ولذلك كله أشكل السيد العم على الاستدلال بالرواية بـ(أوّلاً: أنّه في مقام الامامة والطاعة المطلقة، التي ليست تحق إلاّ للاعلم على الاطلاق في جميع العلوم والفنون، المنحصر في الائمّة الطاهرين الاثني عشر (عليهم السلام)، وهذا الخبر له نظائر كثيرة بمضمونه في باب وجوب كون الامام أعلم أهل زمانه)([10]) وللحديث صلة.
إشارة للبحث السندي
ملحق([11]): مطابقة مضمون الرواية للقواعد، إنما هو لو كان المراد بها الإمامة العظمى، دون غيرها فتدبر.
ملحق: الظاهر ان مضمونها متواتر تواتراً مضمونياً سلمنا لكنه متواتر تواتراً إجمالياً إلا ان التواتر الإجمالي يُقتصر في دلالته على الأقل إذ مفاده ان احدها صادر قطعاً فلا يعلم الأكثر مما أفاد الأقل.
واما المضموني فهو حجة في غير ما توقف على الإطلاق أو العموم إن لم يحرز احدهما([12]). فتنبه
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
======================

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=1717
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 4 شعبان 1436هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23