• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1435-1436هـ) .
              • الموضوع : 557- الاجوبة عن اختلاف معنى الاعلم في زمن النص عن زمننا 1ـ الاعلمية بالكيفية لا بالكمية (والظابط الملكة) 2ـ المقبولة ظاهرة في ملاكية الفهم لا اكثرية الحفظ للروايات 3ـ بناء الرويات على التفكيك بين الارادتين: الجدية والاستعملاية ،ومقام التعليم، والقضايا الحقيقية والخارجية والمعاريض و(عليكم التفريع) كلها تدل على ملاكية الكيف والفهم دون الكم المحض 4ـ روايات الترجيح بين الحجتين والتمييز بين الحجة واللاحجة هي دليل آخر .

557- الاجوبة عن اختلاف معنى الاعلم في زمن النص عن زمننا 1ـ الاعلمية بالكيفية لا بالكمية (والظابط الملكة) 2ـ المقبولة ظاهرة في ملاكية الفهم لا اكثرية الحفظ للروايات 3ـ بناء الرويات على التفكيك بين الارادتين: الجدية والاستعملاية ،ومقام التعليم، والقضايا الحقيقية والخارجية والمعاريض و(عليكم التفريع) كلها تدل على ملاكية الكيف والفهم دون الكم المحض 4ـ روايات الترجيح بين الحجتين والتمييز بين الحجة واللاحجة هي دليل آخر

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
تقليد الأعلم
(81)
المراد بالأعلم في زمن النص، الحافظ أكثر للروايات
وقد أشكل على تقليد الأعلم بإشكال عام نقله السيد العم في بيان الفقه وهو:
(فإنّ الاعلم والافقه في عصر الائمّة (عليهم السلام) كان يطلق على من روى وحفظ أحاديث أكثر من غيره ـ كما ربما يظهر أيضاً من إضافة الاعلم والافقه إلى دين الله، وأمر الله، وأحاديثنا ـ أمّا اليوم فليس بين الفقهاء المراجع أعلم من هذه الجهة وكلّهم متساوون في مقدار الاحاطة بالاخبار والاثار، لانّ الروايات مدوّنة في كتب مطبوعة هي في متناول الجميع، ومبوّبة حسب المسائل والاحكام، وكلّ ما يراه فقيه يراه غيره، وإنّما الافقه والاعلم في هذا العصر يقال للذي تمرّن في ردّ الفروع إلى الاُصول أكثر، أو كان أكثر ذكاءً وفهماً ـ على ما يأتي من الخلاف والكلام فيه إن شاء الله تعالى ـ وبين المفهومين عموم من وجه، ولا أقل من الاجمال)([1]).
ويمكن الجواب عن ذلك بوجوه عديدة:
الأجوبة:
1- (الأعلم) يستبطن الكيفية والملكة
الأول: ان المستظهر هو ان الأعلم والأفقه في دين الله وأمر الله وأحاديثنا يراد به ما تضمن الجانب الكيفي دون المقتصر على الجانب الكمي وذلك لتقوّم الاجتهاد بالملكة وتقوّم الأعلمية بوجدان الدرجة الأعلى منها مطلقاً أو مع بلوغها مرتبة الفعلية بالاستنباط المتوقف إضافة للكيفية على الكمية أو مطلقاً.
توضيحه: إن افعل التفضيل يراد به تارة الزيادة الكمية للموصوف به وأخرى الشدة الكيفية، فمن الأول قولك زيد أطول من عمروٍ أو أكبر منه وقد يعدّ منه زيد أسرع من عمروٍ، ومن الثاني قولك زيد أورع من عمرو أو أشجع أو أتقى أو أكرم ما أشبه فان التقوى حيث كانت ملكة - وكذا الشجاعة والجبن والبخل والكرم - وحيث كانت الملكة على درجات كان الأتقى والاشجع هو ذو الملكة الأقوى وليست منوطة بالكمية فان الأشجع هو أشجع والأتقى أتقى وإن تعرض لمواقف بطولية وامتحان أقل([2]).
وهناك ما يراه العرف والعقل مرتهنا بالأمرين معاً، والظاهر ان منه (الأخبر) و(الأفقه) فان الأخبر هو الأكثر ممارسة والأقوى ملكة، فهو من مارس أكثر وهو من يفهم أكثر. فتأمل
والظاهر: ان (الأعلم) في غير ما تقوّم بالملكة يراد به الأعلم الكمي أي الأكثر علماً من حيث كمية المعلومات التي علم بها فالأعلم من المقلِّدين هو الأكثر حفظاً للمسائل ولفتاوى مرجع تقليده مثلاً.
اما الأعلم من المجتهدين فهو الأجود استنباطاً المتوقف على اقوائية الملكة وأفضلية الفهم أو المتوقف على قوة الملكة بإضافة أكثرية الإحاطة بالمدارك والقواعد والنظائر والاقدرية على رد الفروع إلى الأصول وتطبيق القواعد الكلية على صغرياتها الجزئية) ولذا قال في العروة (المراد من الأعلم من يكون أعرف بالقواعد والمدارك للمسألة وأكثر اطلاعاً لنظائرها وللأخبار وأجود فهماً للأخبار ، والحاصل أن يكون أجود استنباطاً والمرجع في تعيينه أهل الخبرة والاستنباط)([3])([4])
والسر في ذلك ان قوام التقليد بالاجتهاد - أي اجتهاد المقلَّد - والاجتهاد مقوّم للاعلمية، فالأعلم هو المجتهد الذي فاق غيره في أجودية الفهم لا في كثرة الإحاطة([5]) أو في كليهما معاً.
وعلى اي فان (الأعلم) يستبطن الكيف واقوائية الملكة من قسيمه.
والسر في ذلك ابتناء الروايات على ((عَلَيْنَا إِلْقَاءُ الْأُصُولِ وَعَلَيْكُمُ التَّفْرِيعُ))([6]) وابتناء الاجتهاد على القدرة على التفريع وهي كيفية وليست كمية أي ليس من فرّع أكثر فهو أعلم وإن كان تفريعه ناتجاً من أدنى درجات الاجتهاد بل من كان أقدر على التفريع وأفهم وأجود إدراكاً لكيفيته كان هو الأعلم. وتحقيق هذا يظهر من الوجه الآتي.
ويشهد له ان المقلد إذا حفظ روايات أكثر وحفظ فتاوى مرجع تقليده وفتاوى غيره لم يكن قطعاً أعلم من مرجع تقليده لمجرد انه حفظ وعلم كمّاً أكبر من المسائل.
توقف الاعلمية على اقوائية الملكة لوجود المعاريض ومقام التعليم و...
الثاني: انه حيث كان بناء الآيات والروايات على: تفكيك الإرادة الجدية عن الإرادة الاستعمالية، وعلى التدرجية في التعليم المتوقف على التفكيك الآنف، وعلى المعاريض التي فسّرت – فيما فُسرت - بالإشارات أو الحجج الخفية([7])، وعلى وجود نوعين من الأحكام: القضايا الحقيقية والقضايا الخارجية([8]) لم يعقل ان يكون الأعلم في زمن صدور الروايات ما ذكره المستشكل من (فإنّ الاعلم والافقه في عصر الائمّة (عليهم السلام) كان يطلق على من روى وحفظ أحاديث أكثر من غيره ـ كما ربما يظهر أيضاً من إضافة الاعلم والافقه إلى دين الله، وأمر الله، وأحاديثنا)([9]) بل الأمر بالعكس تماماً إذ من حفظ روايات أكثر ولم يعرف المعاريض ولا كيفية تمييز القضية الخارجية من الحقيقية ولا التفريق بين مقام التعليم ومقام الفتوى، كيف يعقل ان يطلق عليه الأعلم بأحاديثنا أو الأفقه في دين الله؟
والحاصل: ان طريق التعرف على الأحكام الشرعية بشكل مباشر([10]) كان على الاجتهاد لقوله (عليه السلام) ((عَلَيْنَا إِلْقَاءُ الْأُصُولِ وَعَلَيْكُمُ التَّفْرِيعُ)) وليس الأحفظ للروايات من غير امتلاكه ملكة الاجتهاد قادراً على التفريع فليس بأعلم.
التعارض وضوابط التمييز والترجيح دليل آخر
الثالث: ان وجود التعارض بين الروايات بكلا قسميه البدوي والمستقر ووضع الأئمة (عليهم السلام) ضوابط لتمييز الحجة عن اللاحجة وضوابط لترجيح إحدى الحجتين على الأخرى، دليل على ان الأعلم والأفقه ليس الأكثر حفظاً للأخبار فان حفظ الأخبار دون القدرة على التمييز بين الحجة واللاحجة منها ودون القدرة على الترجيح بين الحجتين منها لا يعدّ طريقاً للوصول إلى الحكم الشرعي عقلائياً ولا عند العرف ولا بحسب الروايات، فكيف يعقل ان يكون الأعلم هو (من روى وحفظ أحاديث أكثر من غيره)؟.
نعم لو كانت الروايات كلها نصوصاً ولم يكن بينها تعارض وكانت جهتها محرزة بأجمعها وكانت أسانيدها قطعية، كان الأعلم هو الأحفظ للأحاديث شرط فهمه لمضمونها.
ظهور المقبولة في ملاكية الافهمية
الرابع: ان المقبولة – وغيرها – ظاهرة في ان الملاك ليس معرفة الروايتين بل الافهمية فلاحظ سؤال بن حنظلة (فَإِنْ كَانَ كُلُّ رَجُلٍ اخْتَارَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِنَا فَرَضِيَا أَنْ يَكُونَا النَّاظِرَيْنِ فِي حَقِّهِمَا وَاخْتَلَفَا فِيمَا حَكَمَا وَكِلَاهُمَا اخْتَلَفَا فِي حَدِيثِكُمْ قَالَ الْحُكْمُ مَا حَكَمَ بِهِ أَعْدَلُهُمَا وَأَفْقَهُهُمَا وَأَصْدَقُهُمَا فِي الْحَدِيثِ وَأَوْرَعُهُمَا وَلَا يَلْتَفِتْ إِلَى مَا يَحْكُمُ بِهِ الْآخَر))([11]) لوضوح ان الطرفين (الحاكمين) كان يعلمان الحديثين وانما اختلفا في الحجة منهما اما (سنداً) أو (جهة) أو (دلالةً) فارجع الإمام (عليه السلام) إلى (افقههما) ومن البيّن ان الأفقه لو فسر بالكيفية وانه الأجود استنباطاً والأفهم وشبه ذلك لتمّ الإرجاع إليه أما لو فسر بالأكثر إحاطة بسائر الروايات فانه لا يكون له وجه عندئذٍ إن تجرد عن الافهمية بضوابط الترجيح أو التمييز بين الحجتين كما أوضحناه من قبل. فتأمل([12])
لا يقال: الأكثر إحاطة بالروايات هو الأعرف بوجود حاكم أو وارد أو مخصص أو ناسخ أو شبه ذلك عكس الأقل إحاطة بها؟
إذ يقال: ذلك وإن صح إلا انه يؤكد ملاكية الافهمية والاعرفية بضوابط التمييز والترجيح([13]) نعم يضاف إليه ان الأعلم هو الأكثر إحاطة بالروايات والقواعد والمدارك وهو ما لا نأباه بل نستظهره كما سيأتي.
توفر المصادر وتبويب الروايات لا يستلزم تساوي الفقهاء
واما: (لانّ الروايات مدوّنة في كتب مطبوعة هي متناول الجميع، ومبوّبة حسب المسائل والاحكام، وكلّ ما يراه فقيه يراه غيره)([14])
فيرد عليه: ان الأعلم أفعل تفضيل وكل وصف يوصف به شيء – ومنه أفعل التفضيل – فانه ظاهر في الفعلية لا في الامكان ولا في القوة القريبة من الفعل. وعليه فان مجرد كون الكتب مطبوعةً وفي متناول الجميع ومبوبة لا يقتضي تساوي الطرفين في العلمية أو الأعلمية؛ ألا ترى ان توفر المصادر في الطب أو الفلسفة أو الكلام أو غيرها (كالفقه والأصول) بحيث يمكن لكل عامي أن يرجع إليها لا يستلزم صدق ان العامي عالم بالمسائل؟ ولا يستلزم مساواة ذي الملكة لفاقدها بالنسبة إلى تلك المسائل وإن كانا متساويين من حيث الجهل ببعضها بالفعل.
وبعبارة أخرى: ظاهر (الأعلم) انه بالفعل كذلك، لا انه بالقوة قادر على الوصول للمسائل أو المدارك ليكون متساويا القدرة في الوصول متساويين في العلمية والأعلمية وان كان احدهما ذا ملكة أو أقوى ملكةً واعرف بألوف المسائل غير هذه المسألة، والآخر فاقداً للملكة وللمعرفة بسائر المسائل أيضاً. فتأمل
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
============================
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=1729
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاربعاء 8 شعبان 1436هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23