• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الفوائد والبحوث .
              • الموضوع : 69- التعارض لغةً .

69- التعارض لغةً

 في اشتقاق التعارض و جذره يوجد رايان:

1: انه مشتق من العرض المقابل للطول فهو معنى اسمي، ذهب اليه السيد اليزدي قدس سره[1]
2: انه مشتق من العرض بمعنى الاظهار او الظهور[2]، فهو مشتق من المعنى الوصفي – الظهور – او الفعلي – الاظهار.
ادلة عديدة على إشتقاق التعارض من المعنى الاسمي
والمستظهر هو ماذهب اليه المحقق اليزدي، وذلك للوجوه التالية – وهي بين دليل ومؤيد فتدبر جيداً -:
اولاً: ان المرتكز في الاذهان من معنى التعارض هو ماذكره الفقيه اليزدي ، فان ما ذكره الشيخ قدس سره من ان مفهوم التعارض هو ان احدهما يَظهر للآخر او يُظهر نفسه للآخر، بعيد من الافهام العرفية.
بل المتبادر للاذهان من المتعارضين هو المتصادمان او المختلفان او المتقابلان وهو المناسب لكون احدهما في عرض الاخر[3] بل هو المتبادر غاية الامر انه يتفرع عليه المعنى الذي ذكره الشيخ أي حيث كان احدهما في عرض الآخر فانه يُظهِر نفسه له
ثانياً: ان الظاهر عند ملاحظة مجمل المعاني والدوالّ عليها والنسب بينها ان الحكيم او مجموعة من الحكماء الذين وضعوا اللغة ، قد لاحظوا الابعاد الثلاثة (الطول والعرض والعمق) في النسب بين الادلة فـ :
أ- (العمق) كما في البطون فانها عمق اللفظ و الدليل، وليست في عرضه او في طوله بل هي مختزنة بداخله فهي في العمق، والتأويل هو الذي ينتقل به الى البطن فالبطن ثبوتي والتأويل اثباتي .
ب-  (الطول) كما في المحكوم والمورود عليه؛ فان المحكوم في طول الحاكم  وليس عمقاً له كالبطن، ولافي عرضه كالمناقض والمضاد، وكذا المورود عليه؛ الا ترى ان (لاشك لكثير الشك) ناظر لـ(حكم الشك بين الثلاث والاربع وسائر الصور التسعة وهو البناء على الاكثر والاحتياط بركعة او ركعتين احتياطاً... الخ ، وحكم الشك في الثنائية والثلاثية وشبههما الذي هو البطلان) فهو في طوله وهو سابق عليه رتبةً مقدَّم عليه دلالةً، وليس بطناً له ولا في عرضه ، وكذلك حكومة الامارات على الاصول النقلية و ورودها على الاصول العقلية.
ج- فمقتضى القاعدة والتسلسل الطبيعي ان يكون غير القسمين السابقين، اما متماثلين – وهو خارج محل الكلام – او مختلفين يقع احدهما في عرض الاخر، وهو العرض المقابل للطول والعمق، وهذا هو الذي نجده في ارتكازنا لدى تحليل معنى المتعارضين، وهو العمدة وما ذكرناه من التحليل مقرّب له ايضاً.
ثالثاً: ان اخذ التعارض من العرض المقابل للطول اقرب الى مصطلح (الحديثين المختلفين) الذي ورد في احاديث اخرى عديدة سبق نقل بعضها، بل هو القريب له دون المعنى الذي ذكره الشيخ، فان المختلفين سمِّيا بذلك بلحاظ ان احدهما يدير ظهره وخلفه للآخر، لا بلحاظ انه يظهر نفسه للآخر ، ويقال اختلف زيد مع عمرو ، بمعنى اعطى كل منهما خلفه – بلحاظ موقفه او رأيه -  للآخر.
وبعبارة اخرى يفهم العرف من المتعارضين ما يفهم من المختلفين والمتخالفين ، لا ما يفهم من (متظاهرين) يظهران انفسهما للاخر.
رابعاً: ان اشتقاق التعارض من العرْض الفعلي – الاظهار – يستلزم شمول التعارض حتى للعام والخاص والحاكم والمحكوم؛ اذ كل منها يظهر نفسه للآخر وان كان مغلوباً ومحكوماً بالمآل . فتأمل.
مدخلية الزمان في تحقق التعارض في بعض من الصور الستة
ثم انه حيث ذكرنا الابعاد الثلاثة فلابد ان نشير الى البعد الرابع وهو الزمان (والذي هو لدى التحقيق ليس ظرفاً صِرفا كالمكان الذي لامدخلية له في حقيقة الشيء المادي بل هو وعاء له فقط، بل الزمان كالأبعاد الثلاثة الاخرى يُكوّن مجموعُها حقيقةَ الشيء المادي، وهذا هو الذي يستظهر من عدد من الروايات، وذهبت اليه النظرية النسبية، مما فصلناه في محل آخر، فنقول:
ان (الزمان) بالنسبة للمتعارضين لا بشرط غير مرتهن بالزمان الا في صورتين من ستة صور:
فان الزمان ان لوحظ بالنسبة للصادر – أي الروايتين – أي زمن الصدور، فانه لا مدخلية له في تعارضهما فسواءاً صدرا في وقتين ام متزامنين فانه لا تعارض بينهما؛ من حيث ان التعارض ينشأ من حيث المؤدى ، فان لم يكن المؤديان متعارضين فلا تخالف سواءً أ إتحد زمن صدورهما ام تقدم على ذاك ام العكس.
واما اذا لوحظ الزمان بالنسبة للمؤدى – أي مؤدى الصادرين – فانه ان كان ظرفاً لهما كانا متعارضين ان كانا متخالفين[4] وان كان قيداً لهما بالاختلاف أي قُيِّد كلٌ منهما بزمن معين مغاير لزمن الآخر فلاتعارض، وان كان الزمن قيداً لاحدهما دون الاخر وقع التعارض اذ المقيّد وان لم ينازع المطلق في دوائره الاخرى[5] الا ان المطلق ينازع المقيد الزمني و يعارضه في دائرته لشموله له، وذلك نظير ما قاله الاخوند في بحث الترتب من ان المهم وان لم يزاحم الاهم في مرتبتة أي حين امتثاله او العزم عليه الا ان الاهم يزاحم المهم حين امتثاله – أي المهم – او حين العزم عليه، على الخلاف، لشمول خطاب الاهم صورة امتثال المهم او العزم عليه.
صحة اشتقاق المعنى الفعلي من الاسمي
ان قيل: لا يصح اشتقاق المعنى الفعلي من الاسمي، بل الفعلي مشتق من الفعلي كـ(استنصر زيد عمراً وتناصرا او تقاتلا المشتق من النصر والقتل) ولايصح اشتقاق الفعلي من الاسمي الاترى عدم صحة اشتقاق تجدّر (أي صار جداراً) من الجدار؟ او (تجادرا) أي وضعا جداريهما متجاورين، أو تسهّم أي صار كالسهم او تأرض من الارض الى غير ذلك؟
قلنا: ان اشتقاق الافعال من الاسماء غير عزيز بل هو كثير وهو على اقسام كثيرة: وذلك كاشتقاق الفعل من اسماء الاعيان ومن اسماء الزمان والمكان ومن اسماء الاعلام ومن الاعداد ومن والاصوات:
أ- فقد اشتقوا من البحر والذهب والنمر والخشب والحجر: أبحر وذهب وتنمَّر وتخشب واستحجر، والحق به اخيراً مثل كَهْرب وبَلور من المحدثات أي من (الاسم الجامد المعرَّب)
ب- كما اشتقوا من اسماء الزمان : اصاف واخرف واربع واصبح أي دخل في الصبح او الصيف الخ.
ج- ومن اسماء المكان كـ: انجد وأتهم وأشأم اذا اتاها وسافر اليها.
د- ومن اسماء الاعلام: تنّزر وتقيس أي انتسب الى تلك القبائل، ومن الامثلة المعاصرة: تدعش أو تأمرك أو تعلمن أي صار علمانياً او داعشياً او امريكياً.
هـ - ومن اسماء الاصوات: (فأفأ) أي كرر الفاء وجأجأ بأبله أي قال لها جئ جئ.
و- ومن اسماء الاعداد : (ثلّث القوم) اذا صار لهم ثالثاً (ومنه التثليث)
===================================
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=1894
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2 صفر 1437هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18