• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 98- القسم الخامس: ما يصح الاخذ به او تركه وما لا يصح تركه ـ امثلة معاصرة اخرى. .

98- القسم الخامس: ما يصح الاخذ به او تركه وما لا يصح تركه ـ امثلة معاصرة اخرى.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(98)
الحكم الخامس للحقوق: حق الأخذ بها أو تركها وإهمالها
 
الحكم الخامس من أحكام الحقوق: حق الأخذ بها وإعمالها أو تركها وإهمالها، ومن البين تغايره عن حق الإسقاط فانه قد لا يُسقطه من رأس بل مجرد ان لا يأخذ به ولا يُعمله رغم ثبوته له وعدم إسقاطه إياه.
 
نماذج مما يحق تركه:
 
فمما يحق الأخذ به كما يحق تركه: حق القصاص، فله أن لا يقتص من غير ان يسقطه، نعم يجري البحث في انه لو تركه من غير إسقاط فهل يسقط قهراً بالتأخير أم لا؟ أي هل هو حق فوري – بالفور العرفي – أو لا؟.
وحق الولاية للحاكم؛ فانه، على القول بكونه منصوباً بنصب عام من قبل الإمام عليه من الله تعالى التحية والسلام، ليس له أن يسقط هذا الحق وأن يعزل نفسه لكن له أن لا يُعمله أي لا يعمل ولايته مادام يقوم فيها من فيه الكفاية.
وكذا حق الشفعة، والخيار، فانه له أن يسقطهما ثم أنه إذا لم يسقطه – أي الحق - له أن لا يأخذ به ويهمله، ويجري الكلام السابق في سقوطه بالتأخير وعدمه.
 
التفصيل في حق الخيار بين أنواعه
 
والظاهر التفصيل حسب نوع الخيارات كما ذكروه في الفقه: فخيار المجلس ممتد بامتداد المجلس([1]) وخيار الحيوان ثلاثة أيام، وخيار الشرط بحسب ما اشترطاه من المدة، وخيار الغبن قال البعض بانه ليس فورياً بمعنى أن له أن يؤخر الأخذ به ريثما يستخبر الحال باستشارة أو استخارة أو غيرها وقيل بالفورية مع العلم بالغبن والحكم، كما ارتأى عدد من الفقهاء أن خيار العيب ليس فورياً أيضاً فلو لم يبادر المشتري بعد إطلاعه على العيب إلى الفسخ أو إلى طلب الأرش بعد امتناع الرد لم يسقط حقه فيهما.
وكذا الحال في حق الرجوع في العدة.
وهذا كله بناءً على ما جرى عليه المحقق اليزدي من إطلاق الحقوق عليها؛ إذ بعضها أحكام وسيأتي.
 
نماذج مما لا يحق تركه وإهماله:
 
ومما لا يحق له تركه وإهماله: حق الرهانة للمولى عليهم إذا كان في إهماله وتركه المفسدة كما لو رأى الجد أو الأب المصلحة أو مجرد عدم المفسدة على الرأيين، في إقراض مبلغ يملكه الصغير للغير مع أخذ رهن منه عليه، فانه لا يصح له إهماله بان يرجعه له، مع عدم الفسح، ليتصرف فيه الراهن كما يشاء مع عدم كون المصلحة (أو كون المفسدة) للصغير في ذلك، والأدق التمثيل بعدم إعماله حقه من بيع العين المرتهنة إذا لم يرجع الراهن ما اقترضه منه إليه عند حلول أجله، وذلك عكس ما لو كان الرهن وثيقة لدينه هو فان له أن يتركه عنده – أي عند الراهن وهو المديون – بعد قبضه منه([2]) أي يدعه عنده لينتفع به بل له أن لا يقبضه رأساً على رأي بعض الفقهاء من أنه لا يتوقف صحة الرهن ولا لزومه على قبض المرتهن للمال المرهون وقال جمع بأن القبض شرط في صحة الرهن بإقباض من الراهن أو إذن منه.
كما ان للمرتهن أن يأذن للراهن بان يرهن نفس العين المرهونة لشخص آخر على دين آخر وإن كان يزاحم حقه فيه بأن كانت العين المرهونة لا تفي بقيمتهما.
وكذا حق فسخ الوكالة، فيما لو وكّل شخصاً عن المولى عليهم ليبيع لهم داراً أو غيرها، فإنه ليس له أي للولي عزل الوكيل مع كون المفسدة للمولى عليهم في عزله كما ليس له أن لا يمكِّنه من العمل بمقتضاها مع عدم عزله كأن لا يعلمه بخصوصيات العين التي أوكله إجمالاً في بيعها مع المفسدة([3])، واما إذا كان التوكيل عن نفسه فله ذلك: العزل، وترك الأخذ.
وكذا حق الأبوين على الولد في النفقة إذا كان تركها مضراً بهما فانه لا يحق لهما ترك الأخذ كما لا يحق لهما إسقاطه – فتأمل.
 
نماذج أخرى من الحقوق المعاصرة:
 
ومن نماذج الحقوق المعاصرة المستحدثة التي لم يكن لها سابقاً وجود أبداً:
 
حق التأمين
 
حق التأمين على الحياة أو على الأعضاء أو القوى([4]) أو على الأشياء كالتأمين على سيارته وداره ومؤسسته وغيرها، من الحريق أو السرقة أو العطب أو شبهها، فان البحث، من حيث الأحكام الخمسة، جارٍ فيه: فهل له بيع حقه في التأمين؟([5]) وهل له نقله بغير البيع كالمصالحة؟ وهل له إسقاطه؟ وهل ينتقل قهراً بالموت مثلاً؟ وهل يحق للغير، كحاكم الشرع أو الدولة إسقاطه؟ وهل له إهماله وتركه أو عليه الأخذ به؟
 
حق المظاهرات والإضرابات
 
ومن النماذج المعاصرة: حق المظاهرات والإضرابات لأمرٍ مشروع([6])، فهل له، أي لآحاد الرعية، نقل هذا الحق ببيع أو غيره؟ أو إسقاطه؟ وهل ينتقل قهراً؟ وهل لحاكم الشرع أو غيره إلغاؤه وإسقاطه؟ فهل يصح مثلاً إسقاطه بالشرط كأن تشترط الشركة عليه في ضمن تعاقده معها للعمل أن لا يتظاهر ضد قراراتها أو ضد الدولة وإن كانت قرارات ظالمة؟ هذا تركاً، وهل لها ان تشترط إسقاطه حقه في التظاهر والإضراب رأساً، في ضمن عقد استخدامه في الشركة؟ وهل له تركه، وإن لم يسقطه، رغم تحقق أمر محرم يمكن الردع عنه بالتظاهر أو الإضراب؟
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
 
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَطْلُبُ فِيهِ عِلْماً سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقاً إِلَى الْجَنَّةِ وَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِهِ وَإِنَّهُ يَسْتَغْفِرُ لِطَالِبِ الْعِلْمِ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ حَتَّى الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ النُّجُومِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَاراً وَلَا دِرْهَماً وَلَكِنْ وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ)) الكافي: ج1 ص34.
=======================
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2189
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 18 ذو القعدة 1437هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23