• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الفوائد والبحوث .
              • الموضوع : 90- بحث تفسيري: إجابات ستة عن الاشكال: بأن الاعلان عن سرقة اخوة يوسف كان إيذاءاً واتهاماً لهم .

90- بحث تفسيري: إجابات ستة عن الاشكال: بأن الاعلان عن سرقة اخوة يوسف كان إيذاءاً واتهاماً لهم

 بحث تفسيري: إجابات ستة عن الاشكال: بان الاعلان عن سرقة اخوة يوسف كان إيذاءاً واتهاماً لهم*

الاشكال:
ان المنادي عند ما نادى ايتها (العير انكم لسارقون)، فانه قد وجه اتهاماً لإخوة يوسف (على نبينا واله عليه السلام)؛ لعدم كونهم سراقاً بالفعل، كما انه بذلك قد سبب ايذاءاً لهم، مما هما محرمان، نعم قد يستثنى من ذلك بنيامين لوجود اتفاق بينه وبين يوسف (عليه السلام) فإنه قد رضي بذلك , الا ان بقية اخوة يوسف (عليه السلام) لم يكونوا راضين. 
ولو فرض ايضاً ان المقام مقام تورية، وبني على جواز التورية، الا انه من جهة أخرى: يبقى كون هذا الإعلان والنداء اتهاماً بالسرقة وايذاءً للغير فكيف المخرج؟ 
الأجوبة على الاشكال: هناك عدة اجوبة لدفع شبهة التهمة والايذاء[1]، نذكرها بإيجاز: 
 
الجواب الأول: إن إخوة يوسف (عليه السلام) كانوا سارقين بالفعل فلم يكن اتهاماً
اما الجواب الأول فهو: إن إخوة يوسف (عليه السلام) كانوا سارقين بالفعل؛ اذ سرقوا يوسف (عليه السلام) من قبل، فلا يكون (إنكم لسارقون) تهمةً؛ لأن الوصف صادق عليهم، وإطلاقه عليهم صحيح، إنما كان خطؤهم في التمصدق، فلو إن شخصاً قتل رجلاً اسمه زيد، فانه يصح أن يطلق عليه بأنه قاتل أو ان يخاطب بـ: يا قاتل)، وان تصور السامع أو المتهم بان المراد بأنه قاتل بكر، فان من الصحيح اتصافه بالصفة حقيقة، وان كان هناك توهم فهو في الانطباق.
لكن هذا الجواب لا يدفع الإشكال بكونه إيذاءً، وإن دفع الإشكال بكونه تهمة باطلة.
 
الجواب الثاني: انه من باب القصاص
الجواب الثاني: انه كان من المقابلة بالمثل والقصاص؛ فإن إخوة يوسف (عليه السلام) كانوا قد اتهموه قديماً بالسرقة في إحدى ثلاث قضايا[2]:
أولا: انه جاء سائل فأعطاه يوسف (عليه السلام) عناقاً او دجاجة فاتهمه إخوته بعد ذلك بسرقة الدجاجة.
ثانيا: إن جدة يوسف (عليه السلام) من طرف الأم كان لها صنم فأخذه يوسف (عليه السلام) فكسره وألقاه بين الجيف في الطريق، فاتهمه إخوته بسرقة الصنم.
ثالثا: إن يوسف (عليه السلام) ذهب إلى معبد (كنيسة) فاخذ صنماً من ذهب كانوا يعبدونه فدسه في التراب، فاتهم من قبل إخوته بسرقته، وإتلاف الأصنام واجب كما صنعه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مع أصنام الكعبة.
ولو ثبت ذلك فان ما ذكره المؤذن يكون قصاصاً من باب المقابلة بالمثل، فكما اتهموه بالسرقة كان له اتهامهم بذلك.
ولكن ذلك مبني على شمول حق القصاص لمثل ذلك في شريعتهم، والبحث جارٍ في شموله لمثل ذلك في شريعتنا أيضاً، فهل يجوز القصاص برد التهمة؟ فقد يقال: بالانصراف، وقد يلتزم بالإطلاق، وبحثه موكول إلى الفقه.
 
الجواب الثالث: انه كان من باب التعزير
الجواب الثالث: ان المقام كان من باب التعزير، وللحاكم الشرعي أن يعزر على الجريمة بما يراه مناسباً؛ وذلك ان إخوة يوسف (عليه السلام) لم يجر تأديبهم على سرقته من أبيه وإلقائه في الجب، وعليه: فتكون عقوبة التهمة بالسرقة تعزيراً وتأديباً لهم، وهذه عقوبة مخففة وبسيطة بالنظر إلى ما فعلوه، نعم يبقى ان التعزير في شريعتنا هل هو خاص بالجلد وشبهه ام هو منوط بنظر الحاكم الشرعي مطلقاً؟ لم يستبعد السيد الوالد (رحمه الله) في بعض كتبه المنوطية بنظر الحاكم الشرعي.
 
الجواب الرابع: إن ما جرى هو امتحان إلهي مقرر
الجواب الرابع: وهذا وجه كلامي وهو: إن كل ما جرى على يوسف وإخوته من أحداث، مندرج في دائرة الامتحان الإلهي والأحكام الخاصة، فان قضية يوسف (عليه السلام) من أولها إلى آخرها؛ بدءً من إلقائه في الجب ثم العبودية ثم السجن... الخ شاهدة على ذلك، ومما يؤكد ذلك: ان يوسف (عليه السلام) كان بإمكانه أن يعرِّف نفسه لأخوته من بداية الأمر ويبعث لأبيه الخبر، وينتهي الأمر كله، بل كان من الممكن ان يرسل الخبر لأبيه قبل مجيء إخوته، ولكن جرى قلم الامتحان والبلاء الإلهي على ما شاء من بلوغ الأمور الى غاياتها المقررة من قبله تعالى.
 
الجواب الخامس: انه من باب الأهم والمهم بغرض التربية
الجواب الخامس: انه قد يكون ذلك هو من باب دائرة الأهم والمهم، والغرض هو تربية إخوة يوسف (عليه السلام) لكي يدركوا فداحة ما جنوا، ويذوقوا طعم ما اجترحوا في حق يوسف وأبيهم يعقوب عليهما السلام، وذلك عبر توجيه صدمة قوية من هذا القبيل لهم.
 
الجواب السادس: انّ المورد من باب الإذن الإلهي الخاص
الجواب السادس: إن المقام هو من باب الإذن الإلهي الخاص، فيخرج عن دائرة القضايا الحقيقية المطروحة في البحوث الفقهية، ويدخل في إطار القضية الخارجية بالإذن الإلهي الخاص، ويدل على ذلك قوله تعالى: (كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ[3])، فكل ما جرى إنما هو كيد من الله تعالى وهو مالك الملك والمتصرف في خلقه، فلا مجال للاعتراض عليه كما لا مجال لتقليده في ذلك وأشباهه، وذلك نظير إيجاده الزلازل وقبض الأرواح وغيرها من الأمور والمعادلات المختصة به تعالى فإنه لا يصح القول انه تعالى حيث فعل ذلك جاز لنا نظيره لو قدرنا عليه. ومرجع هذا الجواب للرابع.
 -------------------------------------------------
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2236
  • تاريخ إضافة الموضوع : 22 ذي الحجة 1437هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29