• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 126- انواع الاستصحاب الحكمي الجارية في ما لو باع فاسقط حقه في الخيار ففسخ .

126- انواع الاستصحاب الحكمي الجارية في ما لو باع فاسقط حقه في الخيار ففسخ

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(126)
 
إشكال: المال بعد البيع ملك للمشتري عرفاً، فلا مجال للاستصحاب
 
لا يقال: لا مجال للاستصحاب الموضوعي (أي استصحاب كون هذا مالاً للبائع أو للمشتري، على الوجوه السابقة) وذلك لأنه لا شك في كون المبيع ملكاً للمشتري ومالاً له، زمن الخيار، عرفاً؛ فإن العرف لا يشكون في أنه بالبيع ينتقل المبيع للمشتري ويكون ملكاً له من غير أن يخلّ الخيار بنظرهم بذلك، والموضوعات بأسبابها تؤخذ من العرف فلا مجال لتوهم جريان أي من الاستصحابات الثلاث الماضية.
 
الجواب: على الكشف فإن الشارع ألغى نظر العرف
 
إذ يقال: ذلك صحيح في الجملة لا بالجملة، إذ الموضوعات وأسبابها تؤخذ من العرف إذا لم يتصرف الشارع فيها أو في أسبابها أو في تسبيب بعض الأسباب إلى بعض المسببات، أما إذا تصرف وأنكر على العرف اعتباره كذا موضوعاً أو سبباً له أو عدم اعتباره موضوعاً أو سبباً له كان المرجع الشرع دون كلام.
والمقام من هذا القبيل فانه على القول بالكشف، حسب بعض الروايات التي نقلنا بعضها سابقاً([1]) فان الشارع اعتبر - حسب الرواية - كون المبيع ملكاً للبائع زمن الخيار وانه ينتقل للمشتري بعد إنقضاء الخيار وعدم الفسخ. 
وعليه فحيث شككنا في النقل أو الكشف فسح المجال للاستصحاب الموضوعي للبائع أو للمشتري وكذا لو علمنا بالنقل على حسب تفصيل الصور المذكورة سابقاً([2]) فراجع وتدبر.
 
استصحاب جواز تصرف البائع أو استصحاب عدمه
 
الرابع: استصحاب الحكم التكليفي وهو الجواز وله وجهان:
أ- استصحاب جواز تصرف البائع فيما باعه.
وفيه: أنه لا يصح لضرورة عدم جواز تصرفه فيما باعه بعد البيع وانقطاع الجواز السابق على البيع فانه بعد البيع وقبل الفسخ لا يجوز له التصرف فيما باعه أبداً.
ب- عكسه، وهو استصحاب عدم جواز تصرف البائع فيما باعه.
ولكن عدم الجواز ههنا على وجهين: فهو واقعي على النقل وظاهري على الكشف، فتدبر.
 
استصحاب جواز تصرف المشتري فيما اشتراه
 
الخامس: استصحاب جواز تصرف المشتري فيما اشتراه، بعد الفسخ الذي تعقب إسقاطه حقه (أي بعد الفسخ بعد الإسقاط).
وكون هذا الجواز على وجهين فانه على النقل جواز واقعي له وعلى الكشف جواز ظاهري له، غير مُخلّ بجريان الاستصحاب لأنه من استصحاب الكلي القسم الأول لتحققه في ضمن أحد الفردين قطعاً نعم لا يصح استصحاب خصوص هذا الجواز أو ذاك، وذلك واضح في صورة التردد بين الكشف والنقل.
أما على مبنى النقل فيستصحب الجواز الواقعي وعلى مبنى الكشف يستصحب الجواز الظاهري أو الكلي المقسم وهو الأصح([3])، فتدبر.
وسيأتي غداً بيان معنى الجواز الظاهري ومحتملاته.
 
إشكال العقد النضيد على التنقيح والجواب عنه
 
ولكن أشكل في العقد النضيد على السيد الخوئي بقوله: (وإن كان يقصد (رحمه الله) أنّه بعد إسقاط الخيار لو شكّ في حلّية تصرّفاته اللاحقة بناءً على حقّه السابق، فإن عموم قوله: "لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسِه‏"([4]) يدلّ على عدم جوازه وممنوعيّة تصرفاته.
فإنه – فضلاً عن أنه بعيدٌ عن شأنه – يعدّ تمسكاً بالدليل في الشبهة الموضوعية، لأنه بعد الفسخ نشكّ في المالية وعدمها، فإن كان الفسخ بحقٍّ لا يكون المال لغيره، وإثبات عدم المالية اعتماداً على عموم هذا القول غير مجدٍ في المقام.
إلا أن نستصحب بقاء المال ليتمّ الموضوع حينئذٍ، لكن المفروض أنه (رحمه الله) لا يلتزم بجريان الاستصحاب في الشبهة الحكمية)([5]).
أقول: لم يتمسك السيد الخوئي (رحمه الله) ههنا بالاستصحاب الحكمي ولا الموضوعي بل إن كلامه بعد الفراغ عن عدم الإطلاقات وعدم جريان استصحاب الخيار كحكم كلي، ولم يتطرق لاستصحاب آخر وهو استصحاب الجواز بل أغفله كما سبق وجعل صورة الشك في جواز التصرف وحليته مشمولاً لـ(لا يحل مال امرئ) مباشرة من دون أن يشير إلى استصحاب الجواز أو الملكية أو غيرهما([6])، وهو ما أشكلنا به عليه سابقاً، فتأمل إلا أنه مع قطع النظر عن إشكالنا السابق فانه لو فرض أن السيد الخوئي تمسك هنا باستصحاب حلية تصرفاته السابقة لما صح له التمسك بعموم (لا يحل...) على مبنى ولصح له التمسك على مبنى آخر([7]) كما سبق بيانه.
 
متى يصح التمسك بعموم (لا يحل مال...) ومتى لا يصح؟
 
ومع قطع النظر عن كلام السيد الخوئي ومراده نقول: أنه مع وجود الاستصحاب الموضوعي لا مجال للاستصحاب الحكمي ولا للتمسك بعموم مثل (لا يحل...) لتحريم التصرفات على المشتري لأن الاستصحاب الموضوعي المثبت لأن هذا مال للمشتري فرضاً حاكم على هذا العموم لأنه منقح لموضوعه كما سبق، نعم يصح حينئذٍ التمسك بعموم (لا يحل...) لتحريم التصرفات على البائع إذ حين استصحبنا ملكية المشتري له كان ماله فحرم على البائع التصرف في مال الغير إلا بطيبة نفسه.
ولكن لو لم يجر الاستصحاب الموضوعي لجهة من الجهات (كالتعارض أو غيره) تصل النوبة للاستصحاب الحكمي ويجري ههنا الخلاف المبنوي السابق فتدبر تعرف.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
====================
 
قال الإمام موسى الكاظم (عليه السلام): "اجْتَهِدُوا فِي أَنْ يَكُونَ زَمَانُكُمْ أَرْبَعَ سَاعَاتٍ: سَاعَةً لِمُنَاجَاةِ اللَّهِ، وَسَاعَةً لِأَمْرِ الْمَعَاشِ، وَسَاعَةً لِمُعَاشَرَةِ الْإِخْوَانِ وَالثِّقَاتِ الَّذِينَ يُعَرِّفُونَكُمْ عُيُوبَكُمْ وَيُخْلِصُونَ لَكُمْ فِي الْبَاطِنِ، وَسَاعَةً تَخْلُونَ فِيهَا لِلَذَّاتِكُمْ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ وَبِهَذِهِ السَّاعَةِ تَقْدِرُونَ عَلَى الثَّلَاثِ سَاعَاتٍ.
لَا تُحَدِّثُوا أَنْفُسَكُمْ بِفَقْرٍ وَلَا بِطُولِ عُمُرٍ فَإِنَّهُ مَنْ حَدَّثَ نَفْسَهُ بِالْفَقْرِ بَخِلَ وَمَنْ حَدَّثَهَا بِطُولِ الْعُمُرِ يَحْرِصُ.
اجْعَلُوا لِأَنْفُسِكُمْ حَظّاً مِنَ الدُّنْيَا بِإِعْطَائِهَا مَا تَشْتَهِي مِنَ الْحَلَالِ وَمَا لَا يَثْلِمُ الْمُرُوَّةَ وَمَا لَا سَرَفَ فِيهِ وَاسْتَعِينُوا بِذَلِكَ عَلَى أُمُورِ الدِّينِ فَإِنَّهُ رُوِيَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَرَكَ دُنْيَاهُ لِدِينِهِ أَوْ تَرَكَ دِينَهُ لِدُنْيَاهُ".
تحف العقول عن آل الرسول (صلى الله عليه وآله): ص410.
..........................................
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2345
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 12 ربيع الاول 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23