• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 127- معنى جواز التصرف الظاهري، على الكشف ـ استصحاب الخيار .

127- معنى جواز التصرف الظاهري، على الكشف ـ استصحاب الخيار

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(127)
 
هل جواز تصرف المشتري في المبيع زمن الخيار ظاهري أو واقعي؟
 
سبق أن جواز تصرف المشتري في المبيع المستصحب فيما لو شكّ في سقوط الخيار بالإسقاط فأسقطه ثم أخذ به([1])، إما جواز واقعي وإما ظاهري والأول على النقل والثاني على الكشف، والمراد بالجواز الظاهري ليس نفس المراد من الأحكام الظاهرية كما يقال بأن البراءة حكم ظاهري مثلاً، بل المراد به نوع آخر من الحكم الواقعي أي غير المتفرع على الملك والمالكية.
بيانه: أن جواز تصرف المشتري فيما اشتراه لو لم يفسخ حتى انقضى الخيار جواز واقعي متفرع على ملكه له حقيقة، وأما لو فسخ (ولنفرض صحة الفسخ بلا كلام، كما لو فسخ من دون أن يسقطه من قبل ليشك فيه) فانه على النقل كان ملكاً له في الفترة المتخللة فكان جواز تصرفه فيه أيضاً متفرعاً على ملكه له، وأما على الكشف فإن جواز تصرفه فيه في الفترة المتخللة وإن لم يتفرع على ملكه له إلا أنه ليس حكماً ظاهرياً بحيث كان الواقع عدم جواز التصرف لكنه حيث جهله جاز له التصرف، بل هو حكم واقعي لكنه غير متفرع على الملكية.
 
الجواز واقعي ومرجعه إما ترخيص الشارع أو إذن المالك
 
بل مرجعه إلى أحد أمرين: فإما تجويز الشارع له، باعتباره المالك الحقيقي، هذه التصرفات حقيقةً فترة الخيار وإن كان يعلم واقعاً أنه سيفسح فينكشف أنه لم يكن ملكه بالمرة بل كان ملك البائع، ومن الواضح أن جواز التصرف لا يتوقف على الملك كما في العارية وغيرها فهو منوط بإذن من بيده الإذن والمنكشف بالبرهان الإني كما سيأتي.
وإما تجويز المالك له، ولو ارتكازاً، فإن رضاه بتصرف الغير بما يملكه لا ينحصر بصورة تمليكه له بالثمن بل له وجوه عديدة منها الإجارة ومنها العارية ومنها الرهن الذي أجاز تصرفه فيه، ومنها المقام (بناء على الكشف) فانه قد يدعى أنه أجاز المشتري في التصرف في المبيع فترة الخيار اما متفرعاً على الملك لو لم يفسخ أو فسخ وقلنا بالنقل وإما مستقلاً عنه إذا فسخ وقلنا بالكشف. 
وبعبارة أخرى: ليس رضاه بتصرفه متفصلاً بفصل التمليك بل هو سبب على سبيل البدل.
وبعبارة ثالثة: أنه من مصاديق تعدد المطلوب؛ فإن مطلوب البائع كان أن يأخذ الثمن وينتقل المثمن إلى ملك المشتري فيجوز له التصرف فيه تبعاً، لكن هذا هو مطلوبه الأولي الأصلي وله مطلوب ثانوي مستقل عن الأول وهو أنه وإن فسخ فلم ينتقل المبيع واقعاً فترة الخيار إليه لكنه يجيز له التصرف فيه في هذه الفترة المحتمل الفسخ فيها ترغيباً للناس في شراء بضائعه إذ لو منع الناس عن التصرف في المبيع فترة الخيار لقلَّت الرغبة في الشراء.
ومما يشهد لكون بناء العرف على ذلك: ما جرى عليه ديدن غالب الشركات في كثير من الدول الغربية من أن المشتري له أن يرجع البضاعة في فترة معينة وإن تصرف بها واستفاد منها بل وإن أضرّ بها، بل وإن علموا بأنه ليس جاداً في الشراء بل أنه يشتري ظاهرياً لكي ينتفع بالسيارة مثلاً أياماً ثم يعيدها إليهم من غير أن يخسر شيئاً.
وذلك عقلائي إذ انهم بهذه الطريقة يكسبون المزيد من الناس ويروجون لبضائعهم أكثر فيزداد إقبال الناس عليهم بما يكون نفعه من حيث المجموع أكثر من ضرره.
ولكن مع ذلك فان دعوى ارتكاز العرف على إجازة التصرف غير المتفرع على الملك مشكلة، والسبب أن العرف أصلاً يرون النقل لا الكشف فتأمل.
 
من أدلة كون الجواز واقعياً
 
وعلى أي فان آية كون جواز التصرف، بأي وجه وُجّه، واقعياً لا ظاهرياً هو أن المشتري لا يضمن هذه المنافع المستوفاة، ولو كان جوازاً ظاهرياً لضمن لوضوح أن الضمان من الأحكام الواقعية والآثار الوضعية غير المنوطة بالعلم. فتأمل([2]) وأيضاً لو علم بانه سيفسخ فانه لا يضر بجواز تصرفه فيه قبله.
 
استصحاب حق([3]) الخيار نفسه وتقدمه رتبةً
 
السادس: استصحاب الخيار الثابت له من قبل بنفسه، وذلك لوضوح أنه كان له الخيار – خيار المجلس أو الشرط أو الحيوان أو غيرها – قبل الإسقاط فإذا أسقط حقه في الخيار وشككنا أن الإسقاط مسقط له أو لا (للشك في أنه حكم أو حق) ولم يجرِ أصل عدم المسقطية، لوجه من الوجوه، كان المرجع استصحاب ثبوت الخيار له بناء على جريان الاستصحاب في الأحكام الكلية.
ثم أن هذا الاستصحاب مقدم رتبة على أنواع الاستصحاب السابقة (من استصحاب الملكية والجواز بأنواعها) لكونها معلولة له فتدبر.
وسيأتي في البحث القادم بإذن الله تعالى الكلام عن مدى إمكان استصحاب الحكم الجزئي للخيار ووجه تفكيكه عن استصحاب الحكم الكلي من عدمه.
 
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
====================
 
عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: "يُعَيِّرُ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) عَبْداً مِنْ عِبَادِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ: عَبْدِي، مَا مَنَعَكَ إِذْ مَرِضْتُ أَنْ تَعُودَنِي فَيَقُولُ: سُبْحَانَكَ، أَنْتَ رَبُّ الْعِبَادِ لَا تَأْلَمُ وَ لَا تَمْرَضُ! فَيَقُولُ:
مَرِضَ أَخُوكَ الْمُؤْمِنُ فَلَمْ تَعُدْهُ، وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ، ثُمَّ لتكلفت [لَتَكَفَّلْتُ‏] بِحَوَائِجِكَ فَقَضَيْتُهَا لَكَ، وَذَلِكَ مِنْ كَرَامَةِ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنِ، وَأَنَا الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ" الأمالي (للطوسي)، النص، ص: 630.
..............................................
 
 

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2347
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 13 ربيع الاول 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23