• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 131- مقتضى العام الفوقاني والتحتاني في صحة نقل الحقوق وعدمها .

131- مقتضى العام الفوقاني والتحتاني في صحة نقل الحقوق وعدمها

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(131)
 
مناقشات في دعوى أن الأحكام المجعولة هي خلاف الأصل
 
سبق: قال في التنقيح: (وذلك لما عرفت من أنّ تلك الأحكام المجعولة إنّما هي على خلاف القاعدة ولابدّ من الاقتصار فيها على مواردها المتيقّنة وهي ثبوتها لنفس الشخص الذي يريد نقلها إلى الغير، وأمّا ثبوتها في حقّ ذلك الغير بنقلها إليه فهو غير معلوم)([1]).
كما  سبق (وحينئذٍ لو شككنا في أنه إذ جعل لنا حق التحجير جعل لنا حق نقله للغير أيضاً أم لا، فإن العام الفوقاني (وهو عدم كون شيء ملكاً لنا ولا كوننا ذوي حق فيه أبداً) يقتضي العدم. وستأتي مناقشةٌ في إطلاق ذلك، بإذن الله تعالى)([2]).
 
أولاً: لا يصح ذلك لو وجد عام تحتاني يوافقه حق النقل
 
ووجه المناقشة: أولاً: أنه تارة لا يكون إلا عام فوقاني واحد وأخرى يوجد عام فوقاني وآخر تحتاني، وما ذُكر إنما يصح في الصورة الأولى دون كثير من صور الثانية التي تندرج تحتها حقوق كثيرة.
أما صحته في الصورة الأولى في مثل حق القصاص وحق التحجير، فلما ذكر إذ لم يكن ذا حق بالمرة في الأرض أو في القتل ثم جعل له حق التحجير أو القصاص فيشك في سعته وشموله للحق في نقلهما والأصل العدم.
وأما عدم صحته في الصورة الثانية ولأن العام التحتاني لو وجد، فانه يكون هو المرجع دون العام الفوقاني، وفي العديد من الحقوق يوجد العام التحتاني المخالف للعام الفوقاني فيكون هو المرجع وهو يقتضي شمول الحق للنقل أيضاً.
 
أمثلة فقهية عديدة
 
ولذلك أمثلة وصور كثيرة مما هي محط الخلاف ومصبه:
فمنها: حق المطالبة في الوديعة والعارية، فان العام التحتاني يقتضي حقه في النقل على خلاف العام الفوقاني المقتضي للعدم وذلك لأن الأصل – كما سبق – عدم الملك لكن الشارع إذ جعل المالكية بالإحياء أو الحيازة أو الشراء أو نظائرها جعلها مطلقة لقوله مثلاً (فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ)([3]) أو "مَنْ سَبَقَ إِلَى مَا لَا يَسْبِقُهُ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ أَحَقُّ بِه"([4]) أو "النَّاسَ مُسَلَّطُونَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ"([5]) فقد جعل له الملكية والسلطنة المطلقة ومقتضاها حق الإيداع والاعارة، إضافة إلى دلالة دليلهما عليهما أيضاً، ومقتضى جعل السلطنة المطلقة له وجعل حقل الاعارة والإيداع له بقول مطلق هي حقه في نقل حق المطالبة إلى الغير فان إطلاق جعل المال له أو جعل الحق له فيه يقتضي صحة مختلف التقلبات فيه ومنها صحة الإعارة والوديعة وإعطاء حق الإعارة والوديعة للغير.
والحاصل: أن الفرق مسلّمية إطلاق العام التحتاني في الملك والحق في مثل الوديعة والعارية وعدم معلومية إطلاق مثل دليل حق القصاص ولو للانصراف، ولو عُلِم الإطلاق فيها لألحق بالمقام.
وأما حق الخيار بناءً على النقل، كما هو العرفي وهو المشهور، فان الأمر فيه بالعكس فإن عدم صحة النقل هو الموافق للعام التحتاني باعتباره صار بالبيع – أو يصير – ملك الغير.
ومنه ظهر: الإشكال على القول بأن دليل الخيار ملحق بما يوجد فيه عام تحتاني إذ نقل الخيار الثابت إلى الغير مشمول لإطلاقات سلطنتي على الخيار لولا دعوى الانصراف أو إشكال أن العمومات لا تثبت القابليات الوارد، لو تمَّ، على كل ما سبق، وسيأتي بحثه والجواب عنه؛ إذ ظهر أن الخيار استثناء من العام الذي يفيد عدم النقل. فتأمل
ومنها: حق العزل في الوكالة فانها من فروع السلطنة.
ومنها: حق الفسخ في الشركة والمضاربة، فانها أمواله، وإطلاق دليل السلطنة يفيد الشمول لنقل حق الفسخ.
ومنها: حق التصويت بناء على ثبوته فانه من صغريات سلطنة المرء على نفسه، إلا أن يقال بانه دليل لّبي لا إطلاق له ليشمل مثل النقل، أما في القوانين الوضعية فالظاهر أن له معقداً لفظياً.
 
ثانياً: السلطنة على النقل من شؤون السلطنة على الأصل عرفاً
 
ثانياً: انه قد يدعى أن السلطنة على النقل بصلح وغيره، حتى في مثل حق القصاص والتحجير، هي من شؤون إثبات الحق للمكلف، عرفاً، وهذا غير دعوى الإطلاق فتدبر، فانه لو جعل الشارع أو المولى العرفي حق الخيار أو القصاص لشخص فان العرف يرى أن حقه في نقله ليس أمراً غيره بل هو هو سلمنا لكنه يراه لازمه عرفاً بحيث قد يستغرب من التفكيك، والتفكيك وإن كان ممكنا في المتلازمات لكنه خلاف الظاهر فلو ثبت أنه من شؤونه كان الدليل عليه دليلاً عليه([6]).
 
ثالثاً: اختصاص صحة المدعى بالأحكام المجعولة شرعاً دون الممضاة
 
ثالثاً: قد يقال أنه وإن سلمنا ما ذكر (من كون تلك الأحكام المجعولة إنما هي على خلاف القاعدة) إلا أن ذلك يصح في الأحكام الشرعية دون العرفية التي أمضاها الشرع أو لم يردع عنها مع أن أغلب الحقوق إلا ما تصرف فيه الشارع، حقوق عرفية كحق الحيازة فانه فطري يجري عليه كل البشر من كل الأقوام حسب فطرتهم، وكحق القصاص من القاتل عمداً وبعض أنواع الخيار.
وعلى أي فكل حق عرفي وكل ما أمضاه الشارع بما هو حق عرفي فان الظاهر أن العرف يرون أن جعل السلطنة عليه هي جعل للسلطنة على نقله أيضاً بل ذلك العقلائي على القاعدة لديهم وغيره غريب عليهم إذ مع جعلهم الخيار لي أو حق القصاص فانهم يرون أن من الطبيعي أن أفوض هذا الحق، لكي يأخذ به أو يتركه، إلى من أرى أنه أكثر خبرة مني بتشخيص الأصلح مثلاً أو إلى مطلق من أرغب لوجهٍ ما، في النقل إليه، فتأمل.
تنبيه: غير خفي أن ما ذكر إثبات لوجود المرجع اللفظي أو العقلائي لإثبات حق النقل، دون صورة فقده والشك فمقتضى الأصل العملي.
 
والأجوبة جارية في (جواز المزاحمة)
 
ومن ذلك كله يعلم الجواب عما نقل إليه التنقيح الكلام من (جواز المزاحمة) وعدمها فانه مع قطع النظر عن الإشكال السابق، فان الأجوبة الثلاثة ههنا جارية: من وجود العام التحتاني في بعض الحقوق، ومن كون حق النقل من شؤون إثبات أصل الحق، في كل الحقوق، فلا تصح المزاحمة ومن أنه لو سلم ففي الشرعي خاصة لا العرفي فتحرم المزاحمة. فتدبر جيداً
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
====================
 
قال الإمام الصادق (عليه السلام): "الشِّتَاءُ رَبِيعُ الْمُؤْمِنِ يَطُولُ فِيهِ لَيْلُهُ فَيَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى قِيَامِهِ، وَيَقْصُرُ فِيهِ نَهَارُهُ فَيَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى صِيَامِهِ"
وسائل الشيعة: ج10 ص414.
........................................
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2376
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 24 ربيع الاول 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23