• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 133- بحث عن صحة التمسك بالعام في الشبهة المصداقية اذا كان العنوان انتزاعياً لا يصح اشكال المتكلم عليه، والمقام منه .

133- بحث عن صحة التمسك بالعام في الشبهة المصداقية اذا كان العنوان انتزاعياً لا يصح اشكال المتكلم عليه، والمقام منه

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(133)

تفصيل وجه صحة التمسك بالعام في بعض صور الشبهة المصداقية
 
سبق أن العناوين إما مأخوذة في لسان الدليل أو هي عناوين انتزاعية، فإن كان العنوان من الأول لم يصح التمسك بالعام في الشبهة المصداقية وإن كان من الثاني صح.
 
الخاص المجمل إما متصل أو منفصل والمنفصل إما لفظي أو لبّي
 
ويمكن توضيحه وبرهنته بالاستناد إلى ما ذكره الآخوند بإيجاز وتصرف وحذف وإضافة([1]) فيما لو كان الخاص مجملاً من حيث المصداق، وهو: أن المخصص إن إتصل فانه لا ينعقد للعام عموم إلا ضيقاً أي أنه لا ينعقد له ظهور إلا في الباقي (وقد فصلناه سابقاً) وإن انفصل فإما لفظي أو لُبّي واللفظي مُوجِد لعنوان آخر أي أنه يُوجَد بعد مجيئه عنوان آخر إضافة إلى عنوان العام فتوجد حجتان فإذا شك في مصداق أنه من أفراد العام أو الخاص (كما لو شك أنه عالم فاسق أم لا) لا يمكن التمسك بالعام ولا بالخاص لإثبات حكمه له.
 
المخصص اللبّي بقسميه إما أن يصح اتكال الشارع عليه أو لا
 
وأما إذا كان المخصص لُبِّياً منفصلاً (كالمقام فإن العنوان الانتزاعي للحق غيرِ القابل للنقل أُنتُزِع من تتبُّعِ حقوقٍ شرعيةٍ عديدةٍ مذكورة في أبواب متفرقة وواردة في أزمنة متعاقبة) بل حتى إن كان لبياً متصلاً فإنه إن صح أن يَتّكِل عليه المشرّع في فهم المكلف له كعنوان مخرج لبعض الحصص عن حكم العام، كان كالمخصص اللفظي إذ يتكون بذلك عنوانان وحجتان، وذلك فيما إذا كان المولى في مقام التخاطب بصدد البيان بل انه يكون – حسب الآخوند – كالمخصص المتصل.
وأما إن لم يمكن أن يعتمد عليه المولى أو المشرّع ويتكل بحيث يحيله إليه فانه لا يتولد حينئذٍ عنوان جديد ولا حجة جديدة فيبقى العام على عمومه للموارد المشكوكة.
 
التمثيل بـ(الصحة في العقود) وهل يصح التقييد بالصحة استناداً إلى الارتكاز؟
 
وقد يمثل له بـ(الصحة في العقود) كما سبق مع إضافة: أن الصحة وإن كانت شرطاً ارتكازياً لدى العرف فيكون المراد من (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) حسب الارتكاز (أوفوا بالعقود الصحيحة) لكن هذا القيد اللُّبّي هل بلغ من الوضوح لدى العرف درجةً يمكن للشارع أن يتكل عليه في تقييد عنوان موضوعه المطلق، بقيد الصحة وعنونة العقود إلى عنوانين (العقود الصحيحة والعقود الفاسدة) وأن أوفوا بالعقود تشير إلى عنوان العقود الصحيحة وتطرد العقود الفاسدة؟
قد يقال بالعدم؛ لوجهين: أولهما: أن العرف قد يرى لزوم الوفاء بالعقد وإن كان فاسداً إذا كان عن قصور الطرف في العلم بفساده أو مطلقاً، لكنه بعيد.
ثانيهما: أن العرف وإن رأى ارتكازاً تقيُّدَ العقود اللازمة الوفاء بالصحيح منها لكنهم يحتملون احتمالاً عقلائياً أن الشارع لم يمضِ ارتكازهم وأنه يرى لزوم الوفاء بالعقود حتى الفاسدة (ما لم تكن عن علم وعمد وإغراء بالجهل) نظراً لوجود مصالح أخرى مزاحمة كمصلحة حفظ نظام النوع واحتمال كثرة دعاوى فساد العقد حينئذٍ كذريعة للتملص من الوفاء به أو غير ذلك، بل ولأن العرف يرى الشارع قد ألغى كثيراً من مسلماته وأقّر كثيراً من مضاداتها (كإلغائه التبّني في قضية زيد مع أنه كان مسلماً لديهم وإلغائه القياس وغير ذلك) فيحتمل العرف احتمالاً عقلائياً أن قيد الصحة ليس شرطاً في لزوم الوفاء بالعقد لدى الشارع فيشمل الفاسدَ إطلاقُ (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) فلا يصح حينئذٍ اعتماد الشارع على ارتكاز قيد الصحة في نظرهم مع توقفهم في اعتباره وعدمه لدى الشارع فليس إذن مما يصح أن يتكل عليه الشارع في تقييد عنوان موضوعه العام بعنوانٍ آخر لا يعلم اعتباره له وإن كان مرتكزاً لدى العرف.
نعم المستقلات العقلية مما لا شك في صحة إتكال الشارع عليها في تقييد موضوع حكمه إذ لا يحتمل إلغاؤه لها.
ولكن ذلك كله على الأعمِّي، أما على الصحيحيّ ودعوى أن اللفظ موضوع للعقد الصحيح فلا يمكن التمسك بإطلاق (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) للزوم الوفاء بالعقود المشكوك كونها صحيحة أو فاسدة لأنه من التمسك بالعام في الشبهة الموضوعية، اللهم إلا بالتمسك بالإطلاق المقامي لا اللفظي، فتأمل وتدبر.
 
تقييد الحق بغير القابل للنقل لبّي لا يمكن الاتكال عليه
 
وأما في المقام: فان عنوان (الحق غير القابل للنقل أو الإسقاط) مما لم يرد في الروايات ولا هو من المستقلات العقلية ولا هو مما يمكن أن يتكل الشارع على وضوح ارتكازه لدى العرف وعدم شكهم في حكم الشارع فيه بحيث أصبح ارتكازهم لديه – الشارع – قيداً أو كالقيد في مقام التخاطب وكالعنوان الثاني والحجة الثانية فانه إذا كان كذلك([2])، لم يمكن التمسك بـ(أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) لتصحيح نقل حق شُكَّ في قابليته للنقل إذ يكون من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، عكس ما إذا لم يبلغ هذه المرتبة فانه يصح حينئذٍ التمسك بعموم ما لو ورد مثل (أوفوا بالحقوق) فرضاً وقد ورد "وَلَا تَبْطُلُ حُقُوقُ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَهُمْ"([3]) أو بعموم "مَنْ سَبَقَ إِلَى مَا لَا يَسْبِقُهُ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ أَحَقُّ بِه"([4]) على كل ما شك في قابليته للنقل شرعاً مع إحراز قابليته له عرفاً، لأن الفرض وجود الحجة وإطلاقها وعدم وجود عنوان وحجة أخرى حتى يكون قد تردد هذا الحق المشكوك صلاحيته للنقل شرعاً، بينهما، بل الموجود عنوان واحد هو (فهو أحق به) الشامل للاحقية في نقله أو أوفوا بالحقوق مثلاً فيخرج منه ما علم أنه ليس قابلاً للنقل شرعاً ويبقى الباقي([5]). فهذا غاية ما يمكننا الدفاع عن المشهور به.
وللبحث صلة بإذن الله تعالى.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
====================
 
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "مَنْ عَرَضَتْ لَهُ فَاحِشَةٌ أَوْ شَهْوَةٌ فَاجْتَنَبَهَا مِنْ مَخَافَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ وَآمَنَهُ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ وَأَنْجَزَ لَهُ مَا وَعَدَهُ فِي كِتَابِهِ فِي قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتان)([6])‏"
من ‏لا يحضره ‏الفقيه: ج4 ص13.
...........................................
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2382
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 26 ربيع الاول 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23