بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(143)
مرجعية قاعدة (لكل ذي حق...) للإسقاط والنقل معاً
وقد ظهر مما سبق أن ههنا قاعدتين وليست قاعدة واحدة:
الأولى: هي ما أشار إليها الشيخ بقوله: (القاعدة المسلّمة من أن لكل ذي حق إسقاط حقه).
الثانية: ما نضيفه من (القاعدة التي ينبغي أن تكون مسلّمة وهي لكل ذي حق نقل حقه) لجريان دليله الثاني وهو (فحوى النص الدال على سقوط الخيار بالتصرف معللاً بأنه رضاء بالبيع) فإن العِلّة معمِّمة ومخصِّصة على المعروف، والثالث - وهو الذي كان مورد البحث - وهو رواية "إِنَّ النَّاسَ مُسَلَّطُونَ عَلَى أَمْوَالِهِم" ([1]) فانها كما تدل على السلطنة على المال أو الحق بإسقاط ملكيته أو حق اختصاصه به، تدل، بالأولوية ([2])، على السلطنة على المال أو الحق بنقله، بل لا حاجة للاستناد إلى الأولوية لشمول الإطلاق لهما. فتأمل.
وعلى أي فالأدلة المذكورة لنفوذ الإسقاط وصحته دالة على نفوذ النقل وصحته فإما أن تكون دالة عليهما معاً أو لا عليهما معاً.
وكما لا يرد إشكال (يلزم منه جواز التمسك بعمومها عند الشك في الحكم التكليفي من الحِلّية والحرمة) على الاستدلال بها على السقوط بالإسقاط، لا يرد على الاستدلال بها على نفوذ النقل، فتدبر.
4- لازم استدلال الطرف، وقوع التعارض بين أدلة المحرمات وبين (الناس مسلطون)
كما أشكل في العقد النضيد على استدلال الشيخ بـ(الثالث: لازم كلام المستدلّ وقوع التعارض بين هذه العمومات وأدلّة حرمة المحرّمات، ومن المعلوم أنّ النسبة بينهما عموم من وجه، فإنّ مقتضى دليل الحرمة عدم جواز التصرّف، ومقتضى إطلاق دليل السلطنة جواز التصرّف، ويتعارض عنوانا الجواز وعدمه في مال الشخص إذا كان محرّم الأكل، ويقتضي إجراء قواعد التعارض الحكم بالبراءة، وهو خلاف الضرورة والإجماع) ([3]) إذ لازمه حِلّية لحم الأرنب بل والفأر والهرة بل والكلب والخنزير مما يخالف الضرورة والإجماع.
وفرق هذا الإشكال عن سابقه واضح فإن سابقه كان في صورة الشك في الحرمة والحلّية، وهذا في صورة قيام دليل على الحرمة وأنه يعارَض (بناء على استدلال من استدل به على جواز نقل الحق، أي صحة نقله، وبناء على استدلال الشيخ به على جواز، أي صحة، السقوط بالإسقاط)، بأدلة السلطنة.
الأجوبة
ولكن يمكن الجواب عن ذلك بوجوه:
1- كلام المستدل عن صحة النقل لا عن الجواز
الأول: ما سبق من أن الكلام عن الحكم الوضعي لا التكليفي والمدعى للشيخ والطرف الآخر هو جواز الإسقاط وجواز النقل بمعنى الصحة والنفوذ استناداً إلى الرواية، لا الجواز بمعنى الإباحة المقابل للحرمة، ليرد أنه (يلزم منه جواز التمسك بعمومها عند الشك في الحكم التكليفي من الحلّية والحرمة).
وسيأتي الجواب الثاني غداً بإذن الله تعالى، وهو جواب هام يعتمد على تحليل معنى (الناس مسلطون) والأقوال فيه.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=====================
قال الإمام الباقر (عليه السلام): "أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى (عليه السلام): إِنَّ مِنْ عِبَادِي لَمَنْ يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالْحَسَنَةِ، فَأُحَكِّمُهُ فِي الْجَنَّةِ.
قَالَ مُوسَى (عليه السلام): يَا رَبِّ وَمَا تِلْكَ الْحَسَنَةُ؟ قَالَ: يَمْشِي مَعَ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ فِي قَضَاءِ حَاجَتِهِ قُضِيَتْ أَمْ لَمْ تُقْضَ"
الكافي: ج2 ص196.
................................................
|