بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(182)
المباني الثلاث في الملك: اعتبارٌ، أو إضافةٌ، أو جِدةٌ
ثم ان المبنى الجديد في (الملكية) من انها حقائق متباينة بالنوع أو السنخ، بناءً على القول به، يمكن ان يلتزم به على مختلف المباني في حقيقة الملك وانه من مقولة الإضافة أو من مقولة الجِدة أو انه مجرد اعتبار غير داخل في احدى المقولات العشر:
أما على انه اعتبار وانه أمر لا واقعية خارجية له بل هو أمر ذهني قائم بأذهان وأنفس العقلاء وانه لا فرق بينه وبين الوهم إلا انه عقلائي والوهم غير عقلائي وان العقلاء رتبوا عليه الأثر ولم يرتبوه على الوهم، فلما سبق من انها انحاء مختلفة من الاعتبار؛ ألا ترى ان اعتبار ملكية الناس للمسجد الموقوف، بناء على انه ملك لهم كما عليه المشهور حسبما نقله الجواهر، يختلف عن اعتبار ملكية زيد لداره الشخصية؟ وألا ترى اختلاف اعتبار ملكية الكلي في الذمة عن اعتبار ملكية العين الشخصية الخارجية؟
وأما على انه إضافة، فلأن الإضافة من الأجناس العالية وهي
إن المضاف نسبة تكرّرُ منه الحقيقي وما يشتهرُ
وهي قد تكون متفقة الأطراف كالاخوة أو مختلفة الأطراف كالفوقية، ويمكن أن تقع تحتها أنواع؛ ألا ترى ان إضافة الابوة والاخوة مغايرة بالنوع لإضافة الفوقية والتحتية وكلها مغايرة لإضافة الموازاة والمساواة؟ بل إضافة الاخوة النسَبِيّة تختلف عن إضافة الاخوة الإيمانية فان النسبية قائمة بالنطفة وبأمر مادي ([1]) فهي قائمة بأمر جسمي ([2]) أما الإيمانية فقائمة بالعقيدة وبأمر معنوي قائم بالنفس أو العقل.
وواضح ان إضافة المالك للعين الشخصية المملوكة له تختلف بالنوع عن إضافته للكلي في الذمة الذي لا وجود له في الخارج بل الذي يستحيل وجوده فيه بما هو كلي، وليس وجوده إلا أمراً متوهماً.
وأما على انه جِده، كالتعمّم والتقمّص بزعم ان المالك مشتمل حقيقة على مملوكاته، فكذلك؛ فان الجِدة هي:
هيئة ما يحيط بالشيء جِده بنقله لنقله مقيدة
ومن الواضح اختلاف هيئتي ملك العين الشخصية الخارجية عن الذمية الذهنية.
وغير خفي ان كلا المبنيين الأخيرين باطل.
مدّرج أنواع الملكية
ثم ان أنواع الملكية، على ما سبق، يمكن ان تجعل في سُلّم متدرج من حيث الاقوائية والاضعفية وأكثرية الآثار وتنوعها أو قلتها ومحدوديتها، وقد اشتهر عن الأعلام إلتزامهم بأربع أنواع من الملكية وسنضيف لها أنواعاً أربعة أخرى ثم نحقق حال السرقفلية وانها في أية خانة منها، والأنواع الأربعة هي:
الملك الشخصي
1- الملك الشخصي أي ملك العين الشخصية وهي أقوى أنواع الملكية، في حد ذاتها لولا المانع كالحجر ونحوه.
الكلي في الذمة
2- ملك الكلي في الذمة وهو رابع الأنواع لديهم وأقلها شأناً من وجه إذ لا يرتبط بالعين الخارجية بوجهٍ، نعم له ثمرات يتميز بها على المملوك الشخصي.
وبين هاتين الملكيتين أنواع كثيرة ذكر المشهور منها ملكيتين:
المشاع
3- المشاع، كما لو ورثا دار أبيهما، قبل الفرز أو اشتريا بمجموع مالهما أرضاً قبل الفرز، وكما لو حدثت الشركة القهرية فيما لا تتميز أجزاءه بل فيما تعد بعد المزج أمراً واحداً كما لو اختلط زيتهما أو مياههما، فانهم شريكان في كل جزء جزء منها.
والمشاع أدون من المملوك الشخصي إذ لا يصح لأي منهما التصرف فيه إلا بإذن صاحبه، لكنه – من جهة أخرى – فان تلفه عليهما عكس الشخصي.
الكلي في المعين
4- الكلي في المعين، كما لو اشترى صاعاً من صبرة، وهو أدون من المشاع من جهة إذ المالك للمشاع مالك لكل جزء جزء مشاعاً أما مالك الصاع فهو مالك لأحد الأصوع على سبيل البدل وليس شريكاً في كل الاصوع وأجزائها بالفعل.
ومن جهة أخرى فان مالك الصاع يتميز على مالك المشاع بان التلف من المشاع متوزع عليهما اما التلف من الصبرة فانه على البائع حتى يبلغ الصاع الأخير فان تلف كان من المشتري، فلو كان له مائة كيلو فباع كيلواً منها فإن تلف كيلو فكيلوان فـ99 كيلواً فكلها على البائع لأن المشتري يستحق عليه كيلواً على سبيل البدل من هذا المجموع فكلما تلف كيلو انحسر حقه وتحدد في بقية الكيلوات حتى تنتهي الـ99 فيتعين قهراً في الأخير فإذا تلف تلف منه.
ومن جهة أخرى فان المالك حرّ في التصرف باصوُعِه إلا الأخير، فهذا أحسن حالاً من مالك المشاع من هذه الجهة ولكنه اسوأ منه من جهة ان التلف عليه في الـ99 خاصة أما في المشاع فعليهما معاً.
أما الكلي في الذمة، فانه مهما تلفت الأعيان الخارجية فانه لا يخل ذلك بحق المشتري، وللبحث صلة بإذن الله تعالى.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=====================
عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: "إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى طَهَّرَنَا وَعَصَمَنَا وَجَعَلَنَا شُهَدَاءَ عَلَى خَلْقِهِ وَحُجَّتَهُ فِي أَرْضِهِ وَجَعَلَنَا مَعَ الْقُرْآنِ وَجَعَلَ الْقُرْآنَ مَعَنَا لَا نُفَارِقُهُ وَلَا يُفَارِقُنَا" الكافي: ج1 ص191.
...................................................
|