• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1432-1435هـ) .
              • الموضوع : 7- تتمة " المائر بين الوجوب العقلي والفطري في عالم الاثبات " .

7- تتمة " المائر بين الوجوب العقلي والفطري في عالم الاثبات "

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين ,ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم 
كان الكلام في الوجوبات الاربعة وملاكاتها وكان الكلام في ملاك الوجوب الفطري و بقيت تتمة: 
وهي برهان عيني على ما ادعيناه من ان الملاك الرابع وهو الاستحقاق وهو اننا نرى الكثير من الحيوانات تدافع عن ابنائها حتى الموت وما ذلك الا للامر الرابع وهو الاستحقاق والا فما هو الضرر الذي تحتمله وتبذل في قباله النفس؟ مع ان ضرر فقد الابن لا يساوي ضررهلاك النفس هذا اولا (اي ان ملاك الوجوب الفطري ليس ههنا هو دفع الضرر المحتمل) وثانيا: ليس شكرا للنعمة اذ اية نعمة للولد على ابويه حتى تقابل ببذل النفس؟ , ولا لاجل جلب المنفعة ثالثا: اذ اية منفعة ينتظرها الاب او الام من ابنهما الصغير لتبذل النفس قبالها؟اذ لا شيء يوازي قيمة النفس! 
فيبقى الامر الرابع وهو الاستحقاق فالام تدافع عن وليدها حتى الموت لامر غرسه الله في ذاتها وهو ما تقدم توضيحه وان الذاتي لا يعلل هذه تتمة لما تقدم 
وذكرنا ان السيد القمي اشكل في:( المباني )على كلام السيد الحكيم وقال:لم افهم وجه كلامه من ان: (الوجوب العقلي ملاكه شكر النعمة والفطري ملاكه دفع الضرر )واوضح اشكاله بانه: لو لم يشكر الأنسان النعمة فهل هو مستحق للعقاب أم لا؟ان قلت انه مستحق للعقاب فيكون ملاك الوجوب هو دفع الضرر المحتمل وليس شكر النعمة فيجب اذن دفع الضرر ـ في المقام ـ بالاجتهاد وغيره، وان قلت ان تارك شكر النعمة غير مستحق للعقاب فلا وجوب اذ حيث لا عقاب لا وجوب )والحاصل ان القمي ارتأى تلازم بين الامرين فكلما كان استحقاق للعقاب كان وجوب وكلما لم يكن فلا وجوب، فالامر بحسب كلام القمي دائر بين ان لا يكون وجوب اصلا لشكر النعمة وبين ان يكون وجوب لكن لا لشكر النعمة بل لدفع الضرر المحتمل . 
والحاصل ان الوجوب العقلي بالقياس لشكر النعمة كالحجر بجنب الانسان فان الوجوب العقلي يرتبط بدفع الضرر المحتمل ولا ربط له بشكر النعمة بالمرة. 
 
والمستظهر ان كلام السيد القمي في:( المباني) بكلا شقيه غير تام 
اما الشق الأول :(لوترك شكر النعمة واستحق العقاب فانه يتفرع على ذلك ان الوجوب العقلي هنا انما لدفع الضرر المحتمل.) 
فيرد عليه : ان الوجود غير الملاك أي وجود شيء في محل اوموضوعٍ لا يستلزم بالضرورة كونه ملاكا للأحكام التي تترتب على ذلك المحل أو الموضوع. 
وتطبيق القاعدة في المقام (وهي قاعدة عقلية واضحة)ان الموضوع قد يتصف بصفات كثيرة لكنها لا تكون ملاك الحكم فلو قال المولى: (اكرم زيد)وكان زيد متصفاً بالشجاعة والعلم والكرم فانه لا يعني ذلك ان وجوب الأكرام ملاكه هو الكرم أو الشجاعة بل لعله أمر اخرنعلمه فيه كالعلم في المثال او لا نعلمه كالتقوى مثلا فوجود صفة في موضوع لا يعني ذلك بالضرورة انها مدار الحكم 
وعلى هذا فان صحة الشق الاول من كلامه: لو ترك العبد شكر النعمة استحق العقاب، لا تعني ولاتستلزم دوران الوجوب العقلي مدارالعقاب لأن الوجود أعم من السببية وأعم من كونه ملاكا لأنا نجد بالضرورة إن العقل ملزمٌ بشكر النعمة الجسيمةحتى مع قطع النظر عن وجود عقاب وعدمه. 
والحاصل:انه حتى مع فرض وجود تلازم بين امرين، لايصح القول ان الحكم للازم بل قد يكون للملزوم او لاحد المتلازمين ، وبعبارت اخرى : ان الدليل اعم من المدعى حيث قال:حيث كان استحقاق العقاب لازما لترك الشكر فالوجوب هو للازم، فنقول: الوجوب قد يكون للملزوم بل اثبتنا ان الوجوب هو للملزوم لأن العقل يستقل بان شكر النعمة الجسيمة هو واجب بقطع النظر عن أي امر اخر . 
اما الشق الثاني من كلام المباني(اما لو قلنا انه لا استحقاق للعقاب على ترك شكر النعمة اذن فلاوجوب) 
فنقول:اولا:هذه مصادرة وبعبارة اخرى ذلك اول الكلام، فان المدعى في كلامه هو عين الدليل فان قوله ان الوجود دائر مدار استحقاق العقاب، نفس هذا المدعى جعله دليلا . 
وثانيا :ان الوجوب سنخان(وهو بحث مبنائي ) : سنخ منه يقتضي استحقاق العقاب والثاني لايقتضى ، وبذلك ننفي كبرى (المباني) وهي الملازمة (كلما كان استحقاق للعقاب كان وجوب والا فلا) وذلك لان الوجوب المولوي يقتضي استحقاق العقاب اما الوجوب الارشادي فلا يقتضي العقاب, توضيح ذلك: 
هذه كبرى كليه اشار اليها بعض متقدمي الاصوليين اما المتأخرون فلم يشيروا اليها، فان الشيخ الانصاري كما ينقل عنه تلميذه المحقق الرشتي في بدائع الافكار يقول: (الاوامر الالزامية وغير الالزامية بكلا قسميها تنقسم الى مولوية وارشادية) لكن المعروف الآن عادة هو ان الاوامر الارشادية ليست وجوبية وذلك مثل اوامر الطبيب، لكن التحقيق عدم صحة ذلك ، فان الاوامر الارشادية منها ملزم ومنها غير ملزم وان النصح على قسمين: فتارة ينصح بما لايرضى بتركه فهو وجوبي وتارة ينصح بما يرضى يرضى بتركه فإرشادي، رغم ان كلا الموردين لاعقاب فيهما و ذلك كالطبيب فتارة يقول اشرب هذا الدواء و تارة يقول يلزم عليك شربه حتماً و ذلك اذا كان اذا كان المرض خطيراً والمحقق الرشتي مثل لذلك بامر الاطاعة (اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم)(1) و راي المشهور هو انه ارشادي لكنه ارشادي الزامي(2) . 
وبعبارة اخرى المحقق الرشتي يقول تبعا للشيخ الانصاري ان النصح (وهوملاك الارشادي) على قسمين : 
الاول: ما لا يرضى الناصح بتركه فهو الزامي لكن لا عقاب على تركه 
الثاني:ما يرضى الناصح بتركه فهو غير الزامي 
وكذلك المولوي قسمان: لازم وغير لازم فالمولى قد يأمر معملاً مقام مولويته بنحو الايجاب فيكون الامر لازما وقد لا يعمل مقام مولويته الا بقدرافادة الندب فيكون غير لازم0 
والحاصل ان المولى ـ الحقيقي اوالمجازي كالاب على فرضه ـ تارة يامر بما هو مولى فيستحق الابن العقاب على المخالفة ان امر امراً الزاميا وتارة يامر بما هو ناصح ولكنه كان ملزماً في نصحه فان الابن لا يستحق العقاب على المخالفة 
وبعبارت اخرى : الطبيب (وهو مرشد) تارة يقول يجب عليك شرب هذا الدواء اذا كان الامر خطيرا وتارة يقول اطلب منك ان تشرب هذا الدواء اذا كان المرض خفيفا،فانه في كلا الفرضين لا يستحق المريض العقاب على لمخالفة 
اذن الوجوب سنخان سنخ يلزمه العقاب وسنخ لايلزمه 
مثال اخر: مقدمة الواجب بناءا على وجوبها الشرعي ( ونحن نرى ذلك لما عليه ظاهر الايات والروايات مما حاول الاخوند التفصي عنها بما لا ينفع ) فانه لا استحقاق للعقاب بترك المقدمة وانما العقاب على ترك ذي المقدمة لكن ذلك لا ينفي وجوب المقدمة وللحديث صلة تأتي ان شاء الله تعالى وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين 
الهوامش---------------------------- 
(1)سورة النساء الاية59 
(2)العبد الفقيرفصل الحديث عن ذلك و ما يورد عليها واجوبتها في كتاب الاوامر المولوية والارشادية ص509 وما بعدها 
(3)الذي يقول انه مولوي لا مشكلة لديه لكن الذي يقول انه ارشادي يحتاج الى التوجيه 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=267
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاحد 26 شوال 1432هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23