بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين ,ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
كان الكلام في ملاك الوجوب الشرعي وتقدم ان ملاك الوجوب الشرعي على المختار هو ما صدر من المولى بما هو مولى معملا مقام مولويته اذا كان في مقام التشريع لا النصح، وفي قبال هذا المبنى والضابط هناك مباني عديدة ذكرت ضوابط اخرى منها:
الضابط الثاني والثالث: ما كان في غير مورد المستقلات العقلية او ان الامر المولوي هو ما لم يلزم منه دور اوتسلسل، وقد تقدم بيانهما، ومثلوا لذلك بأمر الاطاعة والتوبة وانه لو كان مولوياً للزم التسلسل,توضيحه:
لو كان امر (اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم) مولويا للزم التسلسل والتالي باطل فالمقدم مثله ,بيان الملازمة:
ان امر الا طاعة لو كان مولويا لكان وجوب اطاعة مثل(اقم الصلاة)انما هو لتعلق امر الاطاعة به، أي يجب علينا اطاعة اقم الصلاة لأن الله قال (اطيعوا الله)وحينئذ ننقل الكلام الى امر الاطاعة نفسه فلماذا يجب ان نطيع امر الاطاعة؟ فعلى هذا الكلام لابد من وجود امر اطاعة اخرمتعلقا بـ (اطيعوالله)أي اننا نطيع امر الصلاة لأن الله قال اطيعوا الله، ولكن لماذا يجب ان نطيع (اطع الله)؟ لولا تعلق امرآخرالزامي به ،والحاصل اننا لو فرضنا ان امر الاطاعة مولوي فكل امرمولوي يحتاج الى امرآخر فيتسلسل، ونظير هذا الكلام يقال في الاجتهاد والتقليد وسيأتي الكلام فيه
هذه هي الشبهة المقررة في المقام
والجواب عنها يتضح بملاحظة الضابط للأمر المولوي فعلى الضابط المختارلا يجري الاشكال لاننا نقول لماذا نطيع امر (اقيموا الصلاة)؟ والجواب لانه امر الله معملا مقام مولويته في مقام التشريع، ولايحتاج وجوب الأئتمار به لأمر الاطاعة ابدا
ومنشأ التوهم في الملازمة اننا لو قلنا ان امر الاطاعة مولوي فأمر الصلاة يكون مولويا لاستناده لهذا الامرفلوكان امرالاطاعة مولوياً لزم استناده الى امر آخر
و الجواب: ان مولوية اقم الصلاة ناشئة من استناده للمولى بما هو مولى في مقام التشريع، وذلك نظير : النظري فانه منكشف بالضروري والضروري منكشف بالذات والا ما كان لنا معلوم مثلا كل شيء منكشف بالنور والنور نورانيته ذاتيه والا لزم التسلسل، ونقول:امرالاطاعة مولوي ، لصدوره من المولى بما هو مولى ، و قد فصلنا الحديث عن ذلك ومايمكن ان يورد عليه والاجوبه في (الاوامرالمولوية والارشادية)
الضابط الرابع(1):ان ضابط المولوي كل ما أنشأ لاجل مصلحة اخروية واما الارشادي فهوما كان لاجل مصلحة دنيوية كلا تأكل الجبن صباحا وحده .
وهذا الكلام محل تأمل نظر لان المصلحة سواًء أكانت اخروية ام دنيوية اذا صدرالامربحاملها اومحققها من المولى معملا مقام مولويته قاصدا التشريع فهو مولوي والا فأرشادي، فتحريم الخمرولو لمفسدته الدنيوية تحريم مولوي، وموعظة الواعظ ارشادية وان كانت في امر اخروي .
الضابط الخامس: كلما علم المأمور بالمصلحة والمفسدة في المأمور به فهو ارشادي والا فمولوي .
وفيه: سواء علم العبد بالمصلحة والمفسدة ام لم يعلم فانه اذا صدر من المولى بما هو مولى بقصد التشريع فهو مولوي والا فأرشادي.اضافة الى لازم ان تكون الاوامروالنواهي كلها ارشادية في حق المعصومين،بل في حق الكثير من العلمأءكلها اواكثرها - لايخفى انه جري بسط اكثر للجرح والتعديل والاجوبة والردود على الضوابط هذه وغيرها في كتاب (الاوامرالمولوية والارشادية) وقد اكتفينا ههنا بالاشارة فقط لبعض وجوه المناقشه -
الضابط السادس(2): ما كان محبوبا للمولى وصدر لجهة محبوبيته فهو مولوي والا فارشادي ، وهذا اقرب الاقوال للمختار ومع ذلك نقول انه ليس هو الملاك فالاب ـ على فرض كونه المولى ـ اذا طلب من ابنه الذهاب الى المدرسة فقد يكون ناصحاً له فارشادي مع ان ذهابه محبوب للاب وقد صدر لمحبوبيته ، والحاصل : ان المولى تارة يعمل مقام مولويته وتارة لا يعمله بل يطلب ذلك منه في مقام النصح مع وجود المحبوبية في الصورتين.
والناتج من ذلك كله ان الوجوب التخييري للاجتهاد والتقليد والاحتياط يمكن ثبوتا ان يكون شرعيا والمستظهر ان (ليتفقهوا في الدين) صادر من المولى بما هو مولى قاصدا التشريع ولا يلزم أي محذور مما ذكر
بعد اتضاح المسلك المختار في ملاك الوجوب الشرعي يتضح لنا بعض النقاش في ما ذكره (بيان الفقه )في كتاب الاجتهاد والتقليد حيث يقول(مناط الوجوب المولوي ثبوتا هو المصالح البالغة المؤكدة والمفاسد البالغة المؤكدة ) فنقول ما هو المراد من (مناط الوجوب الشرعي....)؟
فان كان المراد منه (المقتضي )لا العلة التامة أي ان المصالح البالغة المؤكدة مقتضية لايجاب الشارع للصلاة ففيه:انه اعم من الامرالارشادي فان بعضه كذلك والحاصل ان هذا المائزغير مائز ، هذا اضافة الى ضرورة اضافة قيد وهو(من غير وجود مزاحم اقوى ) لأن وجود المزاحم الاهم يمنع من تحقق الوجوب لأن المقتضي مع وجود المانع لا ينتج المعلول (3)اللهم الا على القول بالترتب فانه عليه لا حاجة للهذا القيد فان المهم واجب ايضا على فرض ترك الاهم
اماعلى ما هو المشهور من امتناع الترتب فهذا القيد ضروري0فتأمل
وان كان المراد منه( العلة التامة) أي ان المصالح البالغة المؤكدة هي علة تامة للوجوب الشرعي فهوغير تام لأن المصالح البالغة المؤكدة ليست علة تامة والا لكان الله سبحانه وتعالى مجبورا تعالى عن ذلك،بل للزم جبر كل مولى حقيقي اومجازي، واما اللجوء ل(الحكمة) فانه يؤكد (المقتضي) لا (العلة التامة)
وممايوضح ذلك ملاحظة ملاكات الوجوب العقلي والفطري فملاكاتها كانت مقتضيات0
الهوامش-----------------------------------
(1)وقداشار اليه في جواهر الكلام ,جزء29ص396
(2)بدائع الافكار,الرشتي
(3)فان تحقق المعلول فرع وجود المقتضي وانتفاء المانع،ومع انتفاءالمانع فان ذلك كله مقتضٍ لانشاء الشارع وليس علة تام |