• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1432-1435هـ) .
              • الموضوع : 14- سائر ثمرات الوجوب الشرعي المولوي 5-اتمام الحجة، بل البعث 6-دفع إحتمال وجود المزاحم أو المانع أو الترخيص 7-التمسك بالإطلاق .

14- سائر ثمرات الوجوب الشرعي المولوي 5-اتمام الحجة، بل البعث 6-دفع إحتمال وجود المزاحم أو المانع أو الترخيص 7-التمسك بالإطلاق

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 
كان الكلام في الثمرات المترتبة على تشريع الوجوب الشرعي رغم وجود الوجوب العقلي والفطري وتقدمت ثمرات أربعة. 
الثمرة الخامسة للوجوب الشرعي بعد الوجوب العقلي والفطري: 
إتمام الحجة على الغير، توضيحه: 
إن الكثير من العقلاء لا يسلّم بوجود حكم عقلي في المقام كوجوب الاجتهاد والتقليد، إما لأنه ينكر القبح والحسن العقليين ويرى أن الحَسَنَ ما حسنه الشرع والقبح ما قبحه الشرع، كالأشعري، فلو لم يَرِد من الشارع أمر أو نهي لما تمت عليه الحجة لأنه جاهل جهلاً مركباً لأنه قاطع بأن الحَسَن ما حسنه الشارع والقبح ما قبحه الشارع، أو لأنه يرى الاجتهاد بدعة كالأخباري، فهولاء لا تتم عليهم الحجة بحكم العقل ولا الفطرة لقطعهم بالخلاف، لكن إذا جاء حكم الشارع وقال (ليتفقهوا) أو (العمري ثقتي) تمت عليهم الحجة، فإن الاجتهاد والتقليد عندهم لا إلزام بأي منهما لو لم يرد فيهما شيء من الشارع، والحاصل أن الأخباري ينكر جواز الاجتهاد ويراه بدعة كما ينكر جواز التقليد أيضاً وأقام بعضهم عشر أدلة عقلية ونقلية على ذلك فهو قاطع بأن الاجتهاد والتقليد بدعة، وإن التقليد رجوع لغير الإمام عليه السلام لوجود روايات كثيرة تأمر بالرجوع إلى الأئمة عليهم السلام وعدم الرجوع لغيرهم والرجوع للمجتهد رجوع لغيرهم، وهذا هو أحد، أدلتهم، والجواب عنه أن ذلك كان في قبال العامة الذين كانوا يرجعون إلى فقهاء السلاطين أو إلى فقهائهم مطلقاً لا في قبال الخاصة الذين يرجعون لفقهاء أهل البيت عليهم السلام وفقهاء الخاصة هذا أولاً وثانياً إن الرجوع إلى فقهاء الخاصة هو رجوع للأئمة عليهم السلام لأنهم صلوات الله عليهم امروا بذلك (أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا...). 
إذن رغم وجود حكم عقلي واضح بوجوب الاجتهاد أو التقليد أو الاحتياط للوصول إلى أوامر المولى إلا أن الإخباري ينكر ذلك وهو قاطع بذلك فأمر الشارع هنا - لو ثبت لديه - ينفع في إتمام الحجة عليه، 
الثمرة السادسة: محركية الغير نحو العمل، وهذه تختلف عن الثمرة الرابعة، بأن الرابعة افترضت باعثية ضعيفة لحكم العقل، فيكون أمر الشرع منتجاً لشدة المحركية، أما هنا فالمفترض عدم محركية حكم العقل له أبداً، إما لعدم إذعانه به أو لغير ذلك، فتكون فائدة أمر الشارع محركيته فإنه قبل ذلك لا محركية له لأن يعتبره حراماً. 
والحاصل: أن مثل الاخباري إذا تمت عليه الحجة الشرعية فإنها تبعثه نحو العمل فنقول له أنت لا تؤمن بالحكم العقلي لكن يوجد أمر شرعي (فليتفقهوا) و(اجلس في المسجد وأفت الناس) والفتوى لا تقتصر على نقل الرواية ، بل قد يقال بعدم اطلاقها عليها، أما الكافر فحتى لو تمت عليه الحجة فإنه لا ينبعث، فتأمل. 
الثمرة السابعة: دفع احتمال وجود مزاحم أقوى أو احتمال وجود مانع، توضيحه: 
إن العقل هو المدرك للكليات والحاكم عليها، لا على الجزئيات، على المشهور، فعلى هذا فإن الكلي الطبيعي هو موضوع الأحكام العقلية، وهذا الموضوع الكلي على قسمين فتارة يكون تمام موضوع الحكم كالعدل فيكون هذا العنوان بنفسه، علة تامة للحكم ويكون مسوراً بسور (كل) وتارة يكون جزء الموضوع أي بنحو المقتضي كالصدق، فإذا وجد المانع فلا حكم، كما لو كان الصدق موجباً لضرر الغير؛ وعلى أي لو حكم العقل بوجوب الصدق فإن حكمه إنما هو بنحو المقتضي، لأن العقل حيث لم يدرك جميع الجهات وهل يوجد مانع أم لا يحكم بنحو المقتضي ليس إلا، فإذا جاء حكم الشرع بالوجوب مطلقاً لكشف أن ذلك تمام الموضوع، أو بعدم الوجوب في صورة لكشف أنه مقتضي. 
مثال آخر: رد الوديعة واجب عقلي لكن العقل عندما يلاحظ بعض حدود القضية أو بعض أصنافها، فقد يتحير، فمثلاً رد الوديعة للكافر حسن أم لا؟ فقد يتحير العقل لأن رد الوديعة للكافر خاصة الحربي مقتض بنظر العقل لا علة تامة، أما إذا قال الشارع يجب إرجاع الوديعة مطلقاً حتى إلى قاتل أبيك وحتى للكافر الحربي، فهنا الوجوب الشرعي أفاد فائدة جديدة وهو كون هذا العنوان بما هو هو علة لثبوت الحكم، هذا إذا كان الموضوع في بدو النظر بنحو المقتضي. 
أما لو كان الموضوع تمام العلة في نظر العقل كما في (العدل) فلو قال الله (اعدلوا هو اقرب للتقوى) فهل هناك فائدة من حكم الشرع على طبقه أم لا؟ 
والجواب : إن الكبرى لو تمت وكان الموضوع تمام العلة للحكم، بنظر العقلن فيمكن القول كبروياً بأن أمر الشارع، مولوي أيضاً لما سبق من ملاك المولوية، نعم هذه الثمرة السابعة تنتفي، دون الأولى والثانية والثالثة، بل والرابعة والخامسة والسادسة على تأمل، وأما صغروياً فقد يناقش في وجود موضوع هو تمام العلة كعنوان بنظر العقل فحتى العدل يمكن أن يدعى كونه مقتضياً لا تمام العلة ويشهد له ما لو كان العدل بالنسبة لشخص موجب لوقوعه في ضرر أقوى كما لو كان اعطاء الأب بعض أولاده شيئاً أكثر من باقي أولاده لاستحقاقه من جهة أو جهات، موجباً لحسد أخوته فربما قتلوه، فليس العدل تمام العلة للحسن والوجوب، فتأمل. 
الثمرة السابعة: وهي ثمرة مهمة وسيالة في مختلف أبواب الفقه، وهي التمسك بالاطلاق أو العموم، توضيح ذلك: 
إن الأحكام العقلية، في غير ما جزم العقل بالكلية، هي أدلة لبية يقتصر فيها على القدر المتيقن ولا اطلاق ولاعموم لها فإذا لحقه الحكم الشرعي اللفظي وهو عام أو مطلق كان كاشفاً عن حدود الحكم العقلي توسعة وضيقاً، فيرجع على هذا للحكم الشرعي، في (حدود) الحكم العقلي. 
ومثاله في المقام: إن العقل يحكم بالوجوب التخييري للاجتهاد والتقليد والاحتياط، لكنه حكم في الجملة لا بالجملة، فلو شككنا في دخول موضوع معين في الوجوب، كالمستحباب والمباحات وأنه هل يجب فيها أحد الثلاثة أم لا؟ فيكون المرجع الاطلاق الشرعي اللفظي إن وجد نحو (فليتفقهوا في الدين) استناداً إلى أن الدين لا يختص بالإلزاميات فيشمل باطلاقه السنن بل حتى المباحات، وأما لو كنا نحن والحكم العقلي فلاقتصرنا على القدر المتيقن وهو الأحكام الإلزامية. 
هذا كله في عالم الثبوت مع بعض الإشارة لعالم الإثبات، وسيأتي تفصيله بإذن الله تعالى، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين. 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=274
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 5 ذي القعدة 1432هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23