• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1438-1439هـ) .
              • الموضوع : 262- ب- ظواهر الكتاب ورادة على ظواهر السنة المباينة لها -بحث عن ان الكتاب بالنسبة للسنة هل هو كالدستو بالنسبة للقوانين وتفصيل صور المسأله ج- تقدم المشهور على الشاذ وتقدم موافق الكتاب على مخالفه بالمرجعيه لا المرجحيه .

262- ب- ظواهر الكتاب ورادة على ظواهر السنة المباينة لها -بحث عن ان الكتاب بالنسبة للسنة هل هو كالدستو بالنسبة للقوانين وتفصيل صور المسأله ج- تقدم المشهور على الشاذ وتقدم موافق الكتاب على مخالفه بالمرجعيه لا المرجحيه

 

بس الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(262)

 

 

 
ثانياً: ورود ظواهر الكتاب على السنة
ومنها([1]): ظواهر الكتاب فانها إذا عارضت السنة بالتباين([2]) تقدمت عليها بالورود، أي بالورود على أدلة حجيتها([3])، وذلك بناء على تقييد حجية السنة(4) بعدم معارضتها للكتاب، في مرحلة المقتضي؛ فان موضوع الحجية هو (الخبر غير المعارض للكتاب) فعدم المعارضة جزء الموضوع والمقتضي للحجية لا انه مانع فإذا انتفى القيد انتفى المقيد.
وذلك عكس ظاهر السنة إذا عارض ظاهراً آخر فان حجيته ليست مقيدة بعدم المعارضة بمثله بل المعارض مانع؛ فان موضوع حجية الخبر (مقيساً للخبر الآخر، لا للكتاب) هو (الخبر الجامع لشرائط الحجية) والمعارض مانع وليس شرطاً.
وكلا الشقين هو مقتضى الأدلة: أما الأول فلظهور الروايات في عدم حجية معارض الكتاب، من رأس، لا انه حجة ابتلي بمعارض أقوى، فلاحظ الروايات التالية: (ما خالف قول ربنا لم نقله)(5) لا انه قاله لكن ابتلي بمعارض أقوى وكذلك قوله عليه السلام (فاضربوا به عرض الجدار)(6) و (ما لو يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف)(7).
اما معارضة الخبر للخبر الجامع للشرائط فان كونه مانعاً لا جزء المقتضي هو مقتضى بناء العقلاء إذ يرونه جامعاً للشرائط لكن الآخر مانع فاما التساقط أو التخيير.

 

 

ردّ توهم ورود ظاهر الكتاب مطلقاً على السنة
وقد يتوهم ان القرآن الكريم وارد مطلقاً على السنة؛ فانه بالنسبة للسنة كالدستور بالنسبة للقانون، إضافة إلى كونه قطعي السند وإن كان ظاهر الدلالة، أما السنة فظنية السند والدلالة فيتقدم عليها مطلقاً بالورود على دليل حجيتها.

 

 

إذ الصور أربع
لكنه غير تام(8) وذلك لأن الكتاب الكريم يشتمل على الدستور (اي ما هو بمنزلته) وعلى القانون (أي ما هو بمنزلته) وكذلك السنة المطهرة فانها تشتمل على كلا النوعين، فدستوره مقدم، بالورود أو الحكومة على قانونه، ودستور السنة مقدم على قانون السنة وروداً أو حكومة، ودستور أحدهما مقدم على قانون الآخر، بيان ذلك:
تقدم الأحكام الثانوية على الأولية، سواءً الكتاب أم السنة
1- ان القرآن الكريم يشتمل على الأحكام الأولية والثانوية فالأولية كـ(ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ)(9) والثانوية كـ(غَيْرَ مُضَآرٍّ)([10]) و(لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)([11]) و(إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً)([12]) و(إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ...)([13]) (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ)([14]) و(رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ)([15]) وكذلك السنة، ومن الواضح تقدم الأدلة الثانوية على الأولية سواء كان الناطق بها الكتاب (فيتقدم بعض الكتاب على بعضه الآخر) أو السنة كذلك، أو كان أحدهما في الكتاب والآخر في السنة فان ما تضمن الحكم الثانوي مقدم على الأولي مهما كان محله وموضعه.
تقدم الفروع على الأحكام، سواءً الكتاب أم السنة
2- ان الكتاب يتضمن فروع الدين والأحكام الجزئية وكذلك السنة، وفي الصور الأربع يتقدم ما تضمن الفرع على الحكم الجزئي، وفرع الدين كالصلاة والجهاد والصوم – أي أصولها – والحكم الجزئي كنفقة الزوجة فمثلاً: لو لزم من الإنفاق عليها تفويت الصلاة تقدمت عليه، إلا إذا لزم من عدمه موتها أو شبه ذلك فتنتقل إلى ميسورها، فتأمل.
تقدم مقاصد الشريعة على غيرها، من الكتاب والسنة
3- مقاصد الشريعة، على القول بها، كالرحمة (وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ)([16]) أي للرحمة([17])، فانها تتقدم على غيرها؛ لأنها الإطار العام الذي يجب ان تسبح في فَلَكِهِ الأحكام.
وقد فصلنا الكلام عن المقاصد في (مبادئ الاستنباط) وفي (مقاصد الشريعة ومقاصد المقاصد) وذلك مما يورد به على أهل العامة لإذعانهم بالمقاصد وانها الأصل والأساس فلا يعارضها، سواء أنطق بها الكتاب أم السنة، الحكمُ الجزئي المعارض سواء أنطق به الكتاب أم السنة، فتدبر.
نعم، يتقدم الكتاب على السنة مطلقاً، في صورة المعارضة بالتباين، كما سبق فيما كانا من رتبة واحدة.([18]) أما غير ذلك فالمقدم الثلاثة المتقدمة ونظائرها كالخاص والمقيد والحاكم، وتفصيل الكلام في مظانه.

 

 

دعوى معارضة السنة للكتاب، لمساواتها له ببركة التنزيل
لا يقال: خبر الثقة حجة أيضاً، فيعارض الكتاب فيتخير بينهما إن لم نقل بالتساقط.
ولا وجه لتقدم الكتاب إلا كونه قطعي السند وإن كان ظني الدلالة اما السنة فظنية السنة والدلالة ولا ريب في تقدم ما هو قطعي من إحدى الجهتين على ما هو الظني من كلتيهما، فان الظني من الجهتين يتسرب إليه احتمال الخطأ أو غيره من كلتيهما أما القطعي من جهة والظني من جهة أخرى فلا يتسرب إليه احتمال الخلاف إلا من جهة واحدة لذلك يقدم الكتاب على السنة.
إذ قد يجاب بان ذلك وإن كان كذلك، إلا ان دليل حجية الخبر حيث كان قطعياً (لما سبق من ان ما بالذات لا بد ان ينتهي إلى ما بالعرض، و(الظن حجة) لكن لا بذاته بل بالعرض وببركة دليل حجيته فيجب أن يكون دليل حجيته قطعياً وإلا للزم التسلسل أو عدم حجية شيء من الظنون الطولية لأن دليل حجيته إن كان ظنياً أحتاج إلى دليل على حجيته فان كان قطعياً فهو وإلا احتاج إلى دليل عليه... وهكذا) فانه يكافئ الكتاب، وبعبارة أخرى: ان خبر الثقة وإن كان ظني السند إلا انه قطعي الحجية فيعادل الكتاب ولا يضر الفرق بكون الكتاب قطعي السند تكويناً والخبر قطعّيهُ تنزيلاً.

 

 

الجواب: لا تنزيل، ولا حجية للمعارض للكتاب
إذ يقال: انه يرد عليه وجوه مبنى وبناء، لا يهمنا الآن التعرض إلا للأخير منها وهو جواب بنائي إذ يقال: سلمنا، لكن روايات (اضربوا عرض الجدار) و(لم أقله) ونظائرها وهي مستفيضة إن لم تكن متواترة تفيد عدم التنزيل في صورة المعارضة للكتاب، فان أدلة حجية خبر الثقة عامة وهذه الأخبار (الدالة على طرح المعارض للكتاب) أخص منها مطلقاً فتتقدم عليها.

 

 

ثالثاً: ورود المشهور على الشاذ
ومنها: ورود المشهور على الشاذ، بناء على كون المشهور مرجعاً وكون الشهرة مميزة للّاحجة عن الحجة، لا كونها مرجِّحة وكون المشهور أرجح، فانه بناء على المرجعية فان الخبر الشاذ تتوقف حجيته في مرحلة المقتضي على عدم معارضة الخبر المشهور له (شهرة روائية حسب العديد من الأعلام، والشهرات الثلاث حسب المنصور) أي ان الخبر الشاذ ليس بحجة من رأس لا انه حجة ابتليت بالأقوى منها فرفع اليد عنها للمعارض الأقوى.
لكن الأظهر ان الشهرة مرجّح وان المشهور يتقدم على الشاذ بالاقوائية، وعلى ذلك بناء العقلاء اللهم إلا في الشاذ جداً فانهم لا يرون له حتى الحجية الاقتضائية. فتدبر وتأمل، وسيأتي التمثيل بمخالفة الكتاب أو موافقته بإذن الله تعالى.

 

 

 
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

 

 

 
(سُئِل مولانا الحسن المجتبى عليه السلام ما الموت الذي جهلوه؟ قال: أعظم سرور يرد على المؤمنين إذا نقلوا عن دار النكد إلى نعيم الأبد، وأعظم ثبور يرد على الكافرين إذا نقلوا عن جنتهم إلى نار لا تبيد ولا تنفد) بحار الأنوار ج6ص152.

 

 

 

 

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2818
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 19 محرم الحرام 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19