• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1438-1439هـ) .
              • الموضوع : 231- الاقسام : تعدد الاقتضاء او الانشاء او الفعليه او التنجز ثبوتاً او اثباتاً وثمرات ذلك .

231- الاقسام : تعدد الاقتضاء او الانشاء او الفعليه او التنجز ثبوتاً او اثباتاً وثمرات ذلك

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(231)


تعدد الاقتضاء الاثباتي
الصورة الثانية: تعدد أو تكرر الاقتضاء الإثباتي، والمراد تكرر أو تعدد بيان وجود المقتضِي أو المقتضِيات؛ وذلك لمصلحة في بعث العبد نحو المكلف به وإيجاد الشوق المؤكد له، وذلك في الروايات كثير.
 

تعدد الاقتضاء للإنشاء بنوعيه
الصورة الثالثة والرابعة: تعدد الاقتضاء للإنشاء بنوعيه، بمعنى تعدد المقتضيات للإنشاء القانوني وتعدد المقتضيات للإنشاء الفعلي.
أما تعدد المقتضيات لتكرار الإنشاء القانوني فمثل ان يُنشأ أولاً مرةً ليصل لاحقاً فيكون فعلياً، وينشأ ثانياً وثالثاً ورابعاً وهكذا ليصل لاحقاً فتكون فعليته (وأصل إنشائه من قبل) مستفيضة أو متواترة أو مطمئناً بها كي لا يكون مجال لإنكارها.
واما تعدد المقتضيات لتكرار الإنشاء الفعلي فكتقوية داعي الانبعاث، ولإتمام الحجة، وغير ذلك.

تعدد الإنشاء الثبوتي القانوني
الصورة الخامسة: تعدد الإنشاء الثبوتي أي القانوني (الخفي أو السري).
وقد يتوهم انه لغو لا فائدة فيه، ولكنه توهم فاسد؛ فانه قد يكرر الإنشاء الثبوتي (بان يكتب أمره أو نهيه في ورقة وأخرى وثالثة مثلاً، أو يكتبه ويسجله بصوته ثم في الأقراص الليزرية ثم يسجله تلفزيونياً مثلاً، وهكذا) لأجل أن يحرز وصول أحدها إذ لو لم يكرِّر يكون احتمال تلفه أو إتلافه كبيراً عكس ما لو كرَّر بأنحاء شتى فإن احتمال تلفها جميعاً أو إتلافها أضعف بكثير بل قد يكون منعدماً.
وقد يكون ذلك لإتمام الحجة على المكلف لدى وصولها إليه؛ بانه أَمَر بما أَمَر به عن إلتفات لا غفلةً أو سهواً، ولتكون الحجة على المخالف أقوى.

تكرر الإنشاء إثباتاً
الصورة السادسة: تكرر الإنشاء إثباتاً، بأن يأمره مكرراً، وهو ما سبق تفصيل الكلام حوله من الإنشاء بعد الإنشاء.
وتصويره، حسب تعريف الآخوند للإنشائي والفعلي، هو: ان ينشأ طلبه القانوني منه مرة بعد أخرى فانه وإن لم يكن بداعي إنبعاثه (إذ ليس فعلياً) لكن ذلك يكون لدواعٍ أخرى، ومن الدواعي، لهذا الوجه وللاحقه وبعض سوابقه أيضاً، أن ينفي بتكراره الإنشاء احتمال كونه تقية (فانه إذا صدر في مجلس واحد احتمل كونه تقية دون ما إذا صدر في مجالس متعددة وظروف مختلفة، كما ينفي بتكرر صدوره احتمال كونه تورية أو يضعفه جداً، كما ينفي احتمال كونه هازلاً، وأيضاً ينفي مطلق تفكيك إرادته الجدية عن الاستعمالية).
واما على تفسيرنا لمرتبة الإنشاء والفعلية فلا تصوير لتكرر الإنشاء إثباتاً إلا إعادته للصورة الآتية:

تكرر الايصال النوعي
الصورة السابعة: تكرر الفعلية ثبوتاً، بمعنى تكرر الايصال النوعي بخطابين ودليلين: فتارة بالكتاب العزيز وأخرى بقول النبي صلى الله عليه واله وسلم وثالثاً بكلام الإمام عليه السلام أو بكلام النبي صلى الله عليه واله وسلم ثم الإمام عليه السلام أو الإمام عليه السلام ثم الإمام الآخر.
ومن فوائد ذلك إضافة إلى ما سبق، نفي احتمال عدم إرادة ظاهر الكلام أو نفي احتمال عدم حجيته، فانه إذا جاء بظاهر أمر إنشاء أو إخباراً فانه يحتمل وجود قرينة على الخلاف وقد خفيت علينا، لكنه إذا كرر الإنشاء في مجالس عديدة ولم تصلنا مع أي منها قرينة على الخلاف قطعنا بعدم وجودها.

وجه إنشاء الأئمة (عليهم السلام) للأحكام
ومن ذلك تعرف سرّ([1]) إنشاء الأئمة (عليهم السلام) بعد إنشاء الرسول صلى الله عليه واله وسلم وانه كان إنشاء وليس اخباراً: إذ قد يكون الإنشاء بعد الإنشاء لخفاء الإنشاء الأول وضياعه، وقد يكون لتأكيد الطلب وقد يكون لتشديده وقد يكون لتقوية الداعي([2]) وقد يكون لنفي احتمال التقية أو التورية أو الامتحان أو المزاح، وقد يكون لإثبات إرادة الظاهر ونفي احتمال وجود قرينة على الخلاف.
لا يقال: فذلك يعني تفويض التشريع إليهم.
إذ يقال: هذا أمر آخر، فحتى لو قلنا بعدم تفويض التشريع إليهم، فانهم منشؤون لنفس الحكم الذي انشأه الرسول صلى الله عليه واله وسلم من قبل.
إن قلت: كيف يوجِد ما أُوجِد من قبل؟.
قلت: سبق تفصيل الجواب في عنوان تعدد الأسباب والمسببات وغيره، فراجع([3]).

تكرر الفعلية إثباتاً
الصورة الثامنة: تكرر الفعلية إثباتاً لا ثبوتاً، وذلك إذا كان خطاب واحد له موصِلان كراويين أو مجموعة رواة حتى يبلغ درجة التواتر أو بخطاب يبث دفعة واحدة في عدة إذاعات وفضائيات أو ينشر في عدة جرائد أو ما أشبه.

تكرر التنجز
الصورة التاسعة: تكرر التنجز بالوصول الشخصي، ثبوتاً. والمقصود من تكرره اشتداده([4]).
وقد يقال: بانه محال إذ التنجز هو استحقاق العقاب بالمخالفة لدى العلم بالحكم أو قيام العلمي عليه (ولدى الجهل التقصيري به) ولا معنى لتعدد التنجز.
وفيه: انه يتصور فيما لو تكرر الإعلام من المولى في صورتين:
الأولى: فيما لو كشف تكرر إعلامه عن أهمية ملاكه، فإذا كرر المولى الإعلام كشف عن أشدية استحقاق العقاب بالمخالفة لأهمية الملاك أو عن تعدده لتعدده([5]).
وفيه: ان تكرر الإعلام لم يَزِد الاستحقاق بل كشف عنه، فتدبر.
وقد يقال: ان الاستحقاق لا يشتد بل هو إما حاصل أو لا.
وفيه: انه حيث كان من المفاهيم الحقيقية ذات الإضافة فاشتداده باشتداد متعلّقه.
الثانية: انه بتكرر الإعلام والإبلاغ يتعدد عقابه أو يشتد لأنه إذ خالف ما أمره به المولى مكرراً فقد هتكه، فانه إذا قيل بان المخالفة للأمر الأول هتك كانت المخالفة للأوامر المتعددة هتكاً أكبر والعُرف ببابك، وإن قيل بان مخالفة الأمر الأول ليست هتكاً فان مخالفة الأوامر المتعددة هتك عرفاً ولذا نجد المولى يقول لمن كرر عليه الأمر وعصى (كم مرة أمرتك وعصيت)؟ فانه على وجهٍ لجهة تمام الحجة عليه وعلى وجه لأنه هتكه بذلك.
لا يقال: العقاب مطلقاً على الهتك؟
إذ يقال: إن كان عليه فانه لا ينفي كونه على مخالفة الأمر الواقعي الواصل أيضاً؛ ألا ترى انه إن قلنا بحرمة التجري لأنه هتك يستحق به العقاب فان فاعل الحرام الواقعي لا يستحق عقاب الهتك على تجريه فحسب بل عقاب المخالفة لبداهة الفرق في العقاب بين العاصي والمتجري ومن شرب الماء ظاناً انه خمر ومن شربه وكان خمراً؛ ولذا لا يحدّ إلا الثاني، وللبحث صلة بإذن الله تعالى.

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين


عنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه واله وسلم: ((مَنْ أَنْكَرَ مِنْكُمْ قَسْوَةَ قَلْبِهِ فَلْيُدْنِ يَتِيماً فَيُلَاطِفُهُ وَ لْيَمْسَحْ رَأْسَهُ يَلِينُ قَلْبُهُ بِإِذْنِ اللَّهِ إِنَّ لِلْيَتِيمِ حَقّا)) ثواب الأعمال وعقاب الأعمال: ص200.

([1]) أي أحد الأسباب.
([2]) كما سبق تفصيل ذلك.
([3]) الدرس (226) و(227)  و(228).
([4]) بل قد يفسر بتعدد استحقاق العقاب لجهتين.
([5]) تعدد العقاب لتعدد الملاك (إذ فوّت مصلحتين ملزمتين مثلاً).

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2896
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 15 ربيع الاول 1439هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29