• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1438-1439هـ) .
              • الموضوع : 241- مناقشة رأي الاخوند في قوله ان المسببات اما موجودة او معدومة وتفصيل ان البسيط اما صحيح او فاسد بثلاث معاني .

241- مناقشة رأي الاخوند في قوله ان المسببات اما موجودة او معدومة وتفصيل ان البسيط اما صحيح او فاسد بثلاث معاني

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

(241)

 

سبق: (توجيه صحة الوصف بالصحة والفساد في البسيط الاسم مصدري

لكن المستظهر ان المعاني الاسم مصدرية وإن كانت بسيطة فانها تتصف بالصحة والفساد، وذلك لوجهين الأول: ما ذكره السيد الوالد والشيخ الوحيد والثاني ما خطر بالبال القاصر:

 

1- الوصف بهما إضافي

اما الوجه الأول: فهو مبني على تسليم عدم اتصاف الأمر البسيط بالصحة والفساد في حد ذاته، لكن يجري تخريج وصفه بهما بنسبته إلى الغير وإضافته له وقياسه به، أي انه في حد ذاته إما موجود أو معدوم لكنه إن نسب إلى جهة أخرى فان الموجود لدى الجهة الأولى إما صحيح عند الجهة الثانية أو فاسد عندها فالصحة والفاسد على هذا التوجيه إضافيان)([1]) (فتأمل).

ووجه التأمل: ان المبنى في إشكال الآخوند هو الدقة بإرجاع الصحة والفساد في المسببات إلى الوجود والعدم، أي ان المسبب إما موجود وإما معدوم، ولا يصح القول بانه اما صحيح واما فاسد؛ لبساطته، فإذا كان ذلك كذلك فلا يجدي لدفعه تحويل الكلام عن الصحة والفساد الذاتيين إلى الاضافيين فانهما أيضاً لدى الدقة يعودان، في المسببات، للوجود والعدم إذ يقال: بان ما هو بيع (أي نقل وتمليك لدى العرف) اما هو نقل لدى الشارع فموجود لديه أو ليس بنقل فهو معدوم لديه، فلا معنى للقول – لدى الدقة – بان النقل الموجود لدى العرف اما صحيح لدى الشارع أو فاسد بل يجب القول: النقل الموجود لدى العرف اما موجود لدى الشارع أو لا، وبالعكس: لا معنى للقول بان النقل الموجود لدى الشارع اما موجود لدى العرف أو لا أي متحقق لديهم أيضاً أو لا، لا انه صحيح عندهم أو لا، أو الموجود لدى الفرد (اي في اعتباره) اما موجود لدى الشارع أو العرف أو لا.

كما سبق: (2- الوصف بهما حقيقي بلحاظ تفسير الصحة

أما الوجه الثاني: فهو ما نذهب إليه وهو رتبةً مقدم على الوجه الأول فانه يفيد تمامية وصف البسيط بالصحة والفساد في حد ذاته لا مقيساً إلى غيره، وهو مبني على تفسير الصحة والفساد فانه إن فسرت باستجماع المركب للأجزاء والشرائط وعدمه، لم يمكن قهراً وصف البسيط بهما إذ لا أجزاء له كي يتصف بالاستجماع تارة وبعدمه أخرى فلا يوصف بهما من باب السالبة بانتفاء الموضوع، لكن هذا التفسير للصحة والفساد تفسير بالأخص وقد سبق ان لهما سبع معاني، وعلى بعضها يبتني صحة وصف البسيط في حد ذاته بالصحة والفساد، وسيأتي بإذن الله تعالى فانتظر)([2]) وبيانه:

 

اتصاف البسائط بالصحة والفساد، بثلاث وجوه

ان البسيط يتصف بالصحة من جهة وبالفساد أو البطلان أو النقص من جهة أخرى، بثلاث جهات أخرى أيضاً:

أ- فان البسيط إن كان ضعيفاً في مرتبته الوجودية، كان ناقصاً أو فاسداً أو باطلاً أو قبيحاً، وإن كان قوياً كان تاماً أو صحيحاً أو حسناً، إذ التشكيك جارٍ في البسائط كما لا يخفى، وبضعف الوجود يمكن أيضاً تفسير قوله:

أَلَا كُلُّ شَيْ‏ءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ


 

وَكُلُّ نُعَيْمٍ لَا مَحَالَةَ زَائِل


ب- كما انه إن كان بلا أثر، كان فاسداً أو باطلاً أو ناقصاً أو قبيحاً.

ج- وكذلك لو فقد معظم الأثر أو القدر المعتد به منه.

 

أمثلة من التكوينيات

ولنمثل للأنحاء الثلاثة بالتكوينيات أولاً ثم بالتشريعيات ومنها المقام:

فان البسائط الأربعة لدى القدماء يمكن ان تتصف بما ذكرناه:

فالماء إذا فقد خاصية إروائه للظمأ مثلاً أو إذا تغير لونه أو طعمه أو ريحه كان فاسداً.

والتراب إذا كان بحيث يفسد فيه الزرع، أو كانت خصوبته قليلة بحيث لا ينتج إلا القليل، كانت تربة فاسدة أو ناقصة.

والهواء إذا كان ملوثاً كان فاسداً!

والنار إذا كانت ضعيفة جداً كانت ناقصة. هذا

بل قد يطلق على البسيط الباطل لوجه آخر، كما يقال عن فكرة شريك البارئ انها فكرة باطلة مع انها بسيطة، وذلك لعدم مطابقتها للواقع.

واما البسائط لدى المعاصرين فهي 116 عنصراً، والأمر فيها كذلك؛ فان اليورانيوم المشع إذا قلّ إشعاعه – لسبب أو آخر – كان فاسداً أو ناقصاً، وكذا الحديد إذا صدأ، وغير ذلك.

 

وأمثلة من العبادات والمعاملات

واما في الأمور الشرعية فقد يمثل لها بالعبادات والمعاملات:

ففي العبادات: الصحيح من الركوع ما وصلت فيه يداه للركبتين، والفاسد منه أو الباطل أو الناقص ما انحنى فيه قليلاً.

والصحيح من السجود ما كان على ما قلّ ارتفاعه عن أربع أصابع فإن زاد فهو سجود لكنه فاسد أو باطل.

واما في الشرعيات: فالهبة لغير ذي الرحم تفيد التمليك الناقص إذ تفيد الملك المتزلزل، وكذلك المعاطاة في البيع على رأي من رأى انها تفيد الملك المتزلزل، واما على رأي من رأى انها تفيد الإباحة فليست تمليكاً لكن هذا النقل يمكن ان يوصف بالناقص.

وكذلك الحيازة والسبق إلى مكان في المسجد أو الحرم، فانه يفيد الاختصاص دون الملك، فهو سلطة ناقصة، بل انه يفيد الملك الناقص، بناء على ان حق الاختصاص هو مرتبة من مراتب الملك، واما على مباينته له فهو نقل خاص فاما ان يحدث أو لا، وقد تعد الحيازة من أمثلة قليل الأثر دون عديمه، أو من أمثلة ضعيف الوجود (كما سبق من ان حق الاختصاص على رأي هو ملكية ضعيفة).

ويمكن التمثيل للنقل الناقص أو الملكية الناقصة غير التامة، بما لو باعه المغصوب منه إذا كان الغاصب ممن لا يمكن استنقاذ الحق منه أو ممن يضعف احتمال استنقاذه منه فانه لا يخرج الشيء عن ملك مالكه بالغصب لكن سلطنته عليه ضعيفة دون شك، أو هي بوجهٍ دون وجهٍ([3]) منعدمة، فلو باعه المغصوب وقلنا بصحة البيع وإن لم تكن له القدرة على التسليم إذا كانت للمشتري القدرة على التسلّم أو مطلقاً([4])، فانه نقل وتمليك ناقص أو ضعيف، وقدرة المشتري على التسلّم أمر آخر لا يغير من جوهر ضعف النقل في حد ذاته.

وكذلك الزوجية التي لا يمتلك الفقيه حق فسخها، فهي زوجية في مرتبة عُليا عكس من يملك أمرها؛ لغياب الزوج مثلاً أو لدعوى ولايته ابتداءً، فهي زوجية ضعيفة ذاتاً. وللمناقشة في بعض الأمثلة السابقة مجال كما لا يخفى فتدبر.

وكذلك الصلح فان منه الصحيح والفاسد المسببيين كالسببيين كما سيأتي بإذن الله تعالى.

 

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

 

من وصية الإمام علي لابنه الحسين (عليهما السلام): (وَبَخْ بَخْ لِعَالِمٍ عَمِلَ فَجَدَّ وَخَافَ الْبَيَاتَ فَأَعَدَّ وَاسْتَعَدَّ إِنْ سُئِلَ نَصَحَ وَإِنْ تُرِكَ صَمَتَ، كَلَامُهُ صَوَابٌ وَسُكُوتُهُ مِنْ غَيْرِ عِيٍّ جَوَابٌ) تحف العقول عن آل الرسول صلى الله عليه واله وسلم: ص91.


([1]) راجع الدرس (240).

([2]) راجع الدرس (240).

([3]) أو مطلقاً.

([4]) كما سيأتي وجهه.


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2932
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 4 ربيع الثاني 1439هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29