• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1432-1435هـ) .
              • الموضوع : 36- الدليل العقلي و النقلي على وجوب احد الوجوه الثلاثة الاخيرة و المناقشة فيه الوجوب الشرطي للاجتهاد أو التقليد .

36- الدليل العقلي و النقلي على وجوب احد الوجوه الثلاثة الاخيرة و المناقشة فيه الوجوب الشرطي للاجتهاد أو التقليد

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 
كان الكلام في الأدلة على ظاهر كلام صاحب العروة من وجوب الاجتهاد والتقليد بقول مطلق وتقدمت وجوه. 
وتقدم الدليل التاسع المستند إلى أحد وجوه ثلاثة، ونضيف أنه إما أن نقول بوجوب الاعتقاد أو بوجوب المعرفة، وهذا هو الوجه الأول. 
الوجه الثاني: وجوب عقد النية على العمل بأحد الثلاثة. 
الوجه الثالث: وجوب الالتزام بالعمل أو الاستناد فيه إلى قول مجتهد معين. 
لكن هذه الأدلة على هذه الوجه، تحتاج هي بنفسها إلى دليل. 
ويمكن الاستدلال لهذه الوجوه الثلاثة، في الوجه التاسع، بالعقل والنقل، أما العقل فقد مضى الدليل الأول. 
2- حكم العقل بوجوب التزيّ بزيّ العبودية 
الثاني: حكم العقل بأن التزي بزي العبودية حسن بل واجب، لأنه نوع انقياد، وهذه الثلاثة إذا سار عليها العبد وعمل بها، عد منقاداً ومتلبساً بالعبودية، ويمكن تتميمه بقاعدة الملازمة بأن يقال إن الانقياد -ومنه التزي بزي العبودية- للمولى حسن عقلاً وكل ما كان حسن عقلاً فهو حسن شرعاً، كما أن عكسه قبيح عقلاً بأن يعقد العزم على عدم الاطاعة للمولى الحقيقي. 
وتحقيق القول في الكبرى يترك لمحله، فإن الملازمة بين الحسن العقلي والوجوب الشرعي مناقش فيها ، والحسن والقبح كلاهما من الأمور التشكيكية وليس كل حسن عقلاً واجباً حتى عقلاً. 
فعلى هذا لا يمكن الاستدلال من حسن هذه الثلاثة على الوجوب، لأن التلازم بين الحسن العقلي والوجوب الشرعي بل والعقلي، غير ثابت لأن الحسن درجات، نعم يدل الحسن العقلي على الاستحباب الشرعي، بناء على قاعدة الملازمة، وأما دعوى حكم العقل بوجوب التزي بزي العبودية بأحد المعاني الثلاثة، فغير تامة في الفروع وإن تمت في الجملة في الأصول. 
3- توقف الإيمان عليها 
الثالث: النقل، استناداً إلى مثل قوله تعالى (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) فإن الايمان لا شك في وجوبه، وغير المسلِم ليس بمؤمن، فالتسليم واجب لأنه من أركان الايمان بل هو جوهر الإيمان، فإذا لم يسلم فليس بمؤمن، بعبارة أخرى: الايمان ضد الكفر أو الفسق وكلاهما حرام، فضدهما واجب. 
وبعبارة ثالثة: (ويسلموا تسليماً) تفيد العموم، لأن حذف المتعلق يفيد العموم فتشمل تلك الأمور الثلاثة، فهي كـ(يطهركم تطهيراً) حيث إنها مطلقة ظاهراً وباطناً، قولاً وفعلاً، وكذلك (يسلموا تسليماً) فإنها مطلقة ظاهراً وباطناً، قولاً وفعلاً، ومن حيث الاعتقاد وعقد النية والالتزام بالعمل على حسب مقتضاها وقد صرح في تفسير الصافي. 
لكن المشهور حملها على كمال الايمان لا أصل الإيمان، فليس أصل الايمان منتفياً لو وجد الإنسان حرجاً مما قضى به الرسول (صلى الله عليه وآله) بل ينتفي كمال الإيمان، فهي دالة على الاستحباب والرجحان. 
10- الوجوب الشرطي 
الدليل العاشر : المراد من (يجب) في كلام صاحب العروة هو الوجوب الشرطي لا التكليفي، والوجوب الشرطي حكم وضعي فلا عقوبة على مخالفته بل يترتب على المخالفة البطلان, توضيح ذلك: 
إن العمل الصحيح، عبادة كان أو معاملة، هو المستجمع للشرائط والفاقد للموانع والجامع للأجزاء، ولا نعلم باستجماع الشرائط والأجزاء وارتفاع الموانع والقواطع إلا مع توفر هذه الأمور الثلاثة، فلو فقد أحدها فالعمل باطل ، وسيأتي بحث ذلك إن شاء الله تعالى. 
هل كلمات صاحب العروة متخالفة؟ 
لكن لابد لنا أن نشير إلى أن كلمات صاحب العروة في مسائل أربع وكلامه في حاشيته على ذخيرة المعاد مختلفة، فإن ظاهرها التناقض، فهل الأمر كذلك أم يمكن توجيه كلماته؟ 
توضيح ذلك: أن صاحب العروة قال (يجب على كل مكلف) ولا يعلم -بدواً- إن هذا الوجوب تكليفي أو وضعي، ثم يقول في المسألة السابعة (عمل العامي بلا تقليد ولا احتياط باطل) فهنا تصريح بالحكم الوضعي، ومقتضى إطلاقه أنه لا فرق بين القاصر والمقصر، لكنه في مسألة (16) يفصل بين القاصر والمقصر غير الملتفت حين العمل وقد حصل منه قصد القربة فعمله صحيح، وبين المقصر الذي التفت حين العمل وإن كان مطابقاً للواقع، فعمله باطل لعدم تأتي قصد القربة، فصريح المسألة (16) التفصيل، وظاهر المسألة السابعة الاطلاق، وأيضاً قد يدعى في المسألة (40) والمسألة (62) وجود اختلاف ظاهراً. 
سيأتي توضيح ذلك والجواب عنه إن شاء الله تعالى وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=296
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاحد 23 ذي الحجة 1432هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23