• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : خارج الأصول (التزاحم) .
              • الموضوع : 39- تتمة المناقشة بوجه اخر - اشكال النائيني على الشيخ بالتناقض .

39- تتمة المناقشة بوجه اخر - اشكال النائيني على الشيخ بالتناقض

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التزاحم
(39)


إطلاق الأمر بالمهم وشموله لست صور
ثم ان الأمر بالمهم، لو كان، فان الإطلاق يتصور فيه لصور وحالات ست، فقد يقال بشموله لبعضها قطعاً وقد يقال بالعدم حتماً وقد يشك في بعض الصور:
الأولى: ما لو لم يكن هناك أهم مزاحم تكويناً، فانه لا شك في أن الأمر بالمهم ينعقد إطلاقه لهذه الصورة كالصورتين اللاحقتين([1]) لوجود المقتضي وانتفاء المانع مطلقاً ومنه المزاحم الأهم باعتباره قرينة على الخلاف.
الثانية: ما لو كان ولكن لم يُؤمر به؛ لوجود مانع، ككونه في مرحلة تدرجية نزول الأحكام مثلاً.
الثالثة: ما لو كان هناك أهم منه وقد أمر الشارع به، لكن المكلف عجز عن امتثاله خاصة، فان إطلاق المهم لا شك انه شامل لهذه الصورة أيضاً.
الرابعة: الصورة بحالها مع يأس المولى عن إطاعة العبد للأهم، إذ مع يأسه لا يمكنه ان يبعثه حقيقةً إذ كما ان التحريك التكويني يستحيل مع استحالة التحرك تكويناً ويمكن إذا أمكن ويقع إذا وقع فكذلك التحريك التشريعي فان طَلَبَه منه حقيقةً إنما هو لكي يوجد الداعي فيه ليمتثل فإذا يأس من إيجاده للداعي فيه، فلا يعقل ان يأمره ويبعثه إلا صورياً، وعلى أي فإطلاق المهم شامل لهذه الصورة من دون مشكلة.
الخامسة: صورة قصد العبد إمتثال الأهم، ولا شك في عدم شمول إطلاق المهم لهذه الصورة، وهو مما يعترف به الطرفان إضافة إلى بداهته إذ الأمر بالأهم يقتضي؛ لفرض انه أهم، صرف القدرة إليه فالأمر بالمهم مع علم المولى بعجز العبد عنهما طلب للمرجوح قطعاً لديه وتفويت للأهم أو تعريضه لتفويته وهو مما لا يعقل من المولى الحكيم.
السادسة: صورة عصيان العبد للأهم([2])، وهذه هي الصورة المشكوك مشمول إطلاق الأمر بالمهم لها وهي مورد النقاش والنزاع والتي يرى الآخوند ان إمكان الترتّب مساوق لوقوعه ونرى العدم، فلا بد من إثبات الإطلاق لهذا الصورة أيضاً وهو ما قلنا من ان الإمكان غير مساوق للوقوع بل لا بد من إثبات الإطلاق، وقد سبق بيان ذلك بتعابير وأوجه مختلفة، ولكن الذي نضيفه هنا: انه اتضح من وجود الحالات الست ان الأمر ليس دائراً بين رفع اليد عن أصل الإطلاق وبين القول بالشمول للصورة السادسة إذ ظهر وجود القسيم الثالث نظراً لاتضاح وجود مراتب عديدة أو حدود عديدة للإطلاق: فمن جهةٍ: لا نرفع اليد عن أصل الدليل والإطلاق نظراً للالتزام بثبوته وشموله للصور الأربع، ومن جهة أخرى: ما لا نلتزم، أي لنا ان لا نلتزم إلا أن يدل الدليل الإثباتي عليه، بشمول الإطلاق للصورة السادسة بعد مسلمية عدم شموله للخامسة.

 

المصباح: دوران الأمر بين رفع اليد عن أصل الدليل أو عن إطلاقه
فقد تبين بذلك عدم تمامية ما استدل به مصباح الأصول لتأييد كلام الميرزا والآخوند من مساوقة الإمكان للوقوع بقوله: (وتوضيحه مع كونه واضحاً، انّ الأمر دائر بين رفع اليد عن إطلاق دليل المهم بالنسبة إلى صورة امتثال الأمر بالأهم([3])، ورفع اليد عن أصله، بلا فرق بين صورتي امتثال الأمر بالأهم وعصيانه([4])، وحيث انّ رفع اليد عن إطلاقه كاف في رفع التنافي، فلا وجه لرفع اليد عن أصله، وتكون النتيجة أنّ الأمر بالمهم باق على حاله في صورة عصيان الأمر بالأهم، وهو كاف في الحكم بصحة المهم بلا حاجة إلى دليل آخر)([5]).

 

المناقشة: هناك قسيم ثالث
إذ ظهر وجود قسيم ثالث وهو رفع اليد عن بعض حدود إطلاقه وهو الصورة السادسة وذلك بنفي التفريق بين الصورة الخامسة والسادسة (التي حصر البحث فيهما فدار الأمر بين رفع اليد عن أصل الإطلاق برفع اليد عن الصورتين (الخامسة والسادسة) أو الالتزام به والتفكيك بين الصورتين بالالتزام بشمول الإطلاق لأحداهما، مع انه لا حصر بينهما لوجود الصور الأربع السابقة) والحاصل: انه ليس رفع اليد عن الصورتين (الخامسة والسادسة) رفعاً لليد عن أصل الإطلاق بل عن بعض حدوده لبقاء الصور الأربع الأولى.
كما ظهر عدم صحة قول (فلا وجه لرفع اليد عن أصله) إذ ظهر مما سبق في البحوث السابقة ان هناك وجهاً وجيهاً بل وجوهاً لرفع اليد عن الإطلاق للصورة السادسة (التي زعم انها والخامسة الأصل حيث لم يلاحظ الصور الأربع الأولى)، وكان من الوجوه: إخلال المزاحمة مع العصيان للأهم بملاك المهم بأكثر من وجه، وكان منها أيضاً اخلالها بكون المولى في مقام البيان من هذه الجهة.
هذا كله، إضافة إلى ان الصورة السادسة وقعت موقع أخذ ورد من حيث الإمكان والامتناع ثم على تقدير الإمكان من حيث الوقوع وعدمه، فهناك وجه لدعوى عدم الإطلاق لها فكان لا بد من الدليل ولو الأصل العام وهو ما ذكرنا من عدم مساوقة إمكان الترتّب لوقوعه بل لا بد من دليل عليه.

 

إشكال الميرزا على الشيخ بالتناقض في إثبات الترتّب ونفيه
ثم ان الميرزا النائيني أشكل على الشيخ بانه وقع في التناقض لأنه في باب الترتّب أنكره وارتأى استحالته فرأى سقوط أصل خطاب المهم (لا سقوط إطلاقه فقط) وفي باب التعادل والتراجيح ذهب إلى ان الخبرين (ومطلق الامارتين) لو تعارضتا وقلنا بالسببية فان إطلاقهما يسقط لا أصلهما فيجب كل منهما مشروطاً بعدم العمل بالآخر، وحاصل الإشكال عليه هو انه التزم ههنا بالترتّب من الجانبين وهو اسوأ أنواع الترتّب مع انه منعه عقلاً في بابه؟
وسيأتي نقل نص كلام الميرزا ثم انتصارنا للشيخ بان مصب كلاميه مختلف فلا تناقض، فانتظر.


وصلى الله على محمد وآله الطاهرين


قال أمير المؤمنين عليه السلام: ((ثَلَاثٌ بِهِنَّ يَكْمُلُ الْمُسْلِمُ: التَّفَقُّهُ فِي الدِّينِ وَالتَّقْدِيرُ فِي الْمَعِيشَةِ وَالصَّبْرُ عَلَى النَّوَائِبِ))
الخصال: ص124.

--------------------------------------
([1]) بل الصور الثلاث اللاحقة.
([2]) مع فرض بقاء المجال لإطاعته إذ لو انتفى وعجز بالعصيان عن الإطاعة فلا يعود مزاحماً للمهم تكويناً (وقد فصلنا الكلام عن هذه الصورة سابقاً واثبتنا انتفاءها كصورةٍ قسيمةٍ لصورةِ العجزِ، خلافاً للمشهور، إذ أوضحنا ان العصيان مساوق للعجز تكويناً).
([3]) وهي الصورة الخامسة بترتيبنا.
([4]) وهما الصورتان الخامسة والسادسة.
([5]) السيد محمد سرور الواعظ البهسودي، مصباح الأصول، الناشر: مكتبة الداوري – قم، ج1 ق2 ص8.

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2969
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاربعاء 22 ربيع الثاني 1439هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19