• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1438-1439هـ) .
              • الموضوع : 267- الاصول : الافعال قصدية ، المصادر لا بشرط ، اسماء المصادر لا قصدية - كلام النائيني قصد اللفظ وقصد المعنى باللفظ .

267- الاصول : الافعال قصدية ، المصادر لا بشرط ، اسماء المصادر لا قصدية - كلام النائيني قصد اللفظ وقصد المعنى باللفظ

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(267)


الأصل في: المصدر واسمه والفعل وموضوع الحكم
سبق: (التحقيق: الحالات ثلاثة) والأدقّ انها أربعة:
الأولى: الأفعال، الثانية: المصادر، الثالثة: أسماء المصادر.
والأصل في الأفعال القصدية كما سبق، والأصل في المصادر اللابشرطية، والأصل في أسماء المصادر اللاقصدية، ولا يخرج عن ذلك إلا لقوة المادة أو من باب الحكم والموضوع أو غير ذلك.
الرابعة: العناوين التي أخذت موضوعات للأحكام، وقد تكون مصدراً أو فعل ماضٍ أو غير ذلك، وسيأتي الكلام عنها بإذن الله تعالى.
وسبق: (الأصل في الأفعال القصدية
الأُولى: ان يؤتى بفعل الماضي أو المضارع، وظاهره القصدية عرفاً؛ لظهور إسناد الحدث للفاعل في ذلك ولذلك يستفاد عرفاً من قوله: باع داره، أو كسر، ذهب، خاط، دفن، أخرج، طهّر ثيابه وهكذا، كونه قاصداً والمعنى المصدري مع القصد)([1]).

القصود الثلاثة في الإنشائيات
وذلك في الأفعال المعهودة تام صحيح، اما في الأفعال الانشائية كالبيع فانه إنشاء والإنشاء فعل من الأفعال، فاللازم قصدان بل قصود ثلاثة، قصد اللفظ، وقصد المعنى وقصد المعنى باللفظ، وتوضيحه:

الصور الست لقصد اللفظ والمعنى
إن اللفظ: تارة يقصد استقلالياً وتارة يقصد آلياً وثالثة لا يقصد، وكذلك المعنى: فانه تارة يقصد استقلالياً وتارة يقصد بما هو مدلول لدالٍّ معين وثالثة لا يقصد، فالصور ستّ:
1- قصد اللفظ استقلالياً بدون قصد المعنى، كما في المتمرّن على الإعراب أو على كيفية أداء اللفظ وتلحينه وترتيله من غير التفات لمعناه.
2- قصد اللفظ آلياً، كما في عامة الناس في معهود كلامهم فان الألفاظ مشيرات للمعاني أو هي جسور لها أو قوالب أو فانية فيها أو ملقاة المعاني بها أو غير ذلك، على المباني.
3- عدم قصده أبداً كالنائم والساهي الغافل تماماً، أو عدم قصد هذا اللفظ خاصة كالغالط الذي أراد لفظاً آخر فغلط.
4- قصد المعنى استقلالياً، وذلك إذا لم يستعمل اللفظ حتى في ذهنه بان فكّر في المعاني المجردة وذلك بناء على إمكان ذلك كما هو الظاهر فانه من الصعب، لا المحال، على عامة الناس التفكير في المفاهيم والمعاني إلا عبر جسر الألفاظ والتفكير فيها.
ومن نافلة القول الإشارة إلى ان التفكير إذا كان في معاني وردت في ألفاظ المعصوم عليه السلام وجب ان يجري بما انها في قالب هذا اللفظ خاصة؛ لعلمهم المحيط بالمعاني والألفاظ بكافة دلالاتها الثلاثة والاقتضاء والإيماء والتنبيه والإشارة وغيرها فالخروج عن ألفاظهم (من عام ومطلق وغيرهما) والتفكير الحرّ أو التفكير في لفظ آخر خطأ وخطل وزلل.
ولكن فيما عدا ذلك فان التفكير الابداعي يقتضي التمرن على التجرد من الألفاظ والنظر إلى المعاني بذاتها إذ كثيراً ما تقيِّدُ الألفاظُ المعانيَ أو لا تطابقها أو تسلبها بعض ظِلالها ودلالاتها أو تضيف إليها ما لا ينبغي، ولعلنا نفصّل الكلام عن ذلك في موضع آخر.
5- قصد المعنى بما هو مدلول لهذا اللفظ خاصة، وهو المعهود أيضاً للعامة، وهو يقابل ان يقصد المعنى لكن لا بما هو مدلول لهذا اللفظ وذلك كما لو اجرى صيغة البيع أو الطلاق غير معتقد انهما واقعان به، بل امتثالاً لحكم القانون أو العرف مثلاً، وكان يعتقد انهما يقعان
بالتصفيق مثلاً في البيع أو بمجرد نية الفراق في الطلاق، فتأمل؛ إذ هو خروج عن البحث إلى دائرة الإرادة الجدية، فالأولى التمثيل بالتورية. وسيأتي بإذن الله تعالى.
6- ان لا يقصد أي معنى من المعاني، فقد يجيء بلفظ ويقصده خاصة فهو الصورة الأولى، أو لا يقصد شيئاً أصلاً فهذا الغافل عن اللفظ والمعنى، أو لا يجئ بلفظ كما لا يقصد معنى كما إذا أشار بيده غير قاصد معنى خاصاً.
وقوام المعاملات بقصد اللفظ وقصد المعنى وقصد وقوع المعنى بهذا اللفظ.

كلام الميرزا النائيني في قصد اللفظ والمعنى
لكن الميرزا النائيني ذكر الأول والثالث وأهمل الثاني ولعله لأنه مستبطن فيه قال: (ثمّ إنّه لا شبهة أنّ لكلٍّ من الإخبار والإنشاء مراتب ثلاث:
الأولى: القصد إلى اللفظ، لا بمعنى أن يكون اللفظ بالنظر الاستقلالي ملحوظاً فإنّ هذا خارج عن استعمال اللفظ في المعنى، فإنّ الاستعمال عبارة عن إلقاء المعنى باللفظ، فاللفظ غير منظورٍ فيه وفانٍ صرف، بل بمعنى أن لا يكون اللفظ صادراً عن غير الملتفت والغافل كالنائم والغالط، فإن اللفظ إذا صدر في حال النوم أو على غير عمدٍ بأن سبق اللسان إليه فلا أثر له.
والثانية: أن يكون قاصدا للمعنى باللفظ، أي بعد كونه قاصدا لصدور اللفظ كان قاصدا لمدلوله، لا بمعنى كونه قاصدا لأصل المعنى، فإنّه بعد قصده اللفظ وعلمه بمعناه لا يعقل عدم قصده معناه، فإن استعمال اللفظ عبارة عن إلقاء المعنى باللفظ، بل بمعنى كونه قاصدا للحكاية أو الإيجاد، أي كان داعيه على استعمال اللفظ في المعنى الحكاية عن وقوع هذا المدلول في موطنه من ذهنٍ أو خارجٍ أو إيجاد المنشأ بهذا اللفظ الذي هو آلة لايجاده، فلو كان قصده الهزل واللعب فلا أثر له.
وفقد هذين المرتبتين في الإخبار يوجب عدم صدق الحكاية عليها وأمّا في المنشآت ففي العقود يوجب عدم صدق عنوان العقد، وفي الأحكام يوجب عدم صدق الحكم الواقعي، بل يطلق عليه (الحكم الصوريّ) أو (الهزليّ)، أو نحو ذلك من الدواعي)([2]).
والأسهل الأفضل ان يقول (الأولى: القصد إلى اللفظ آلياً، لا استقلالياً).
ثم ان الأولى ان يعبر بـ(مقومات ثلاثة) لا بـ(مراتب ثلاث) إذ كل من قصد اللفظ وقصد إلقاء المعنى باللفظ مقوِّم للإنشاء والإخبار وليس أحدهما مرتبة من مراتبه والآخر مرتبة أخرى.

المناقشات
ثم انه قد يورد عليه:
1- ليس الاستعمال إلقاء المعنى باللفظ بل إشارة له به
أولاً: ان الظاهر هو ان الاستعمال في (الإنشاء) هو إيجاد المعنى أو الاعتبار في عالمه، وفي (الإخبار) هو الإشارة باللفظ إلى المعنى فانه يشير به إليه لا انه يلقي المعنى الموجود في ذهنه إلى الخارج باللفظ فانه وإن صح هذا لكنه ليس هو المقصود ارتكازاً للمتكلمين والمستعملين.
وبعبارة أخرى: الوجودات أربع: الوجود العيني والذهني واللفظي والكتبي، والتعبير عن اللفظ بانه وجود للشيء لفظاً تجوّز فانه يشير إليه لا انه موجود به إذ ليس هو من سنخه ولا من مراتبه لدى الدقة ولا هو من ماهيته، وليس أحد الوجودات إلقاء للوجود الآخر من عالمه إلى عالمه بل هو إشارة له به.
ثانياً: ان الظاهر من كلامه الخلط بين العلم والقصد فان العلم غير القصد والنسبة بينهما من وجه إذ قد يعلم ولا يقصد وقد يقصد وهو غير عالم بل مجرد ظان أو شاك وقد يجتمعان.. وللبحث تتمة بإذن الله تعالى.

 

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين


قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: ((إِنَّ أَوَّلَ مَا عُصِيَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ سِتٌّ: حُبُّ الدُّنْيَا وَحُبُّ الرِّئَاسَةِ وَحُبُّ الطَّعَامِ وَحُبُّ النَّوْمِ وَحُبُّ الرَّاحَةِ وَحُبُّ النِّسَاءِ)) الكافي: ج2 ص289.

 

----------------------------
([1]) راجع الدرس (266).
([2]) تقرير بحث الميرزا النائيني، الشيخ موسى النجفي الخوانساري، منية الطالب في شرح المكاسب، مؤسسة النشر الاسلامي - قم المشرفة، ج1 ص367.


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=3023
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 23 جمادي الاول 1439هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19