• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1432-1435هـ) .
              • الموضوع : 85-الاحتكام للآيات والروايات في رأيي الشيخ الانصاري والميرزا النائيني ـ جواب اشكال طولية الاحتياط لاخويه لثبوت جوازه باحداهما .

85-الاحتكام للآيات والروايات في رأيي الشيخ الانصاري والميرزا النائيني ـ جواب اشكال طولية الاحتياط لاخويه لثبوت جوازه باحداهما

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم 
كان الكلام يدور حول كلام الميرزا النائيني و كلام الشيخ الانصاري قدس سرهما حيث ذهب الميرزا الى ان الانبعاث يجب ان يكون عن البعث لا عن احتماله واما الشيخ فقد ذهب الى ان القطع بالحكم او بالموضوع لا يصح ان يؤخذ اوسط في القياس بل ذلك الحكم نفسه او ذلك الموضوع نفسه يجب ان يؤخذ اوسط في القياس وقد مرت المناقشة في كلا الكلامين لكن اشرنا في نهاية البحث الا انه لابد في كل بحث اصولي , كالبحوث الفقهية , ان يكون المرجع هو الايات والروايات فعلينا الاستضاءة بها لبيان الحق ونشير هنا الى اية او رواية واحدة صحيحة السند كمرجع في الخلاف بيننا وبين الشيخ كما نشير لبعض الايات كمرجع للميرزا في كلامه 
فان كلمة الحجة وردت في الروايات والايات فينبغي اخذ معناها منها وان ندور مدار الحجج الالهية من ايات وروايات و الرواية التي سنذكرها تصلح كدليل على ان القطع او العلم حجة ويصح اخذه اوسط في القياس لا انه ليس بحجة لأن الحجة بحسب كلام الشيخ(ما يورث القطع فلا يطلق على القطع) لكن الرواية صريحة في اطلاق الحجة على القطع والرواية هي :صحيحة مسعدة بن زياد :قال سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام وقد سئل عن قول الله تعالى (ولله الحجة البالغة) فقال : ان الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة : عبدي كنت عالما " اي ومع ذلك تركت الواجبات وفعلت المعاصي؟" فأن قال: نعم قال له: افلا عملت بما علمت؟ وان قال : كنت جاهلا "بوجوب الصلاة وحرمة الغيبة مثلا "قال : افلا تعلمت حتى تعمل فيخصمه فتلك الحجة البالغة) 
فان الحجة البالغة هي قوله تعالى(افلا عملت بما علمت) فعلمك هو الحجة الالهية البالغة عليك اي حجة اثباتية وليست ثبوتية فقط فالامام عليه السلام يعبر عن علم العبد بالتكاليف بالحجة البالغة فان ( العلم) حجة بلغت العبد , اذ قد وصلت اليه ,فالرواية مع الاية ظاهرة الدلالة . 
لكن قد يقال: ان الاحتجاج واطلاق الحجة هو بلحاظ هذه الجملة(افلا عملت بما علمت ) لا بل ظاهر الاحتجاج بالعلم اي الحجة البالغة هي هذه الجملة وليس العلم نفسه . قلنا: تارة الكلام يكون في (بالحجة علي) وتارة يكون (الحجة لله علي) فالحجة علي هي علمي والا لما احتج الله به علي ولذا يقول(افلا عملت بما علمت )يعني ان الحجة كانت تامة عليك وهي علمك فالله يحتج علي يوم القيامة بثبوت الحجة علي في الدنيا بوجود العلم , والحجة علي في مقام المخاصمة هو هذه الجملة المتقدمة والتي تعتمد على العلم في الدنيا فحجة الله متفرعة على ثبوت العلم لي , ولو لم يكن العلم موجودا لما احتج علي الله , وهذه الالتفاتة والتأمل يحل المشكلة والكلام طويل في هذه الاية نتركه لبحث التفسير, وكان الاولى البدأ في الاستدلال بهذه الرواية و نظائرها لكن جعلناها خاتمة لكي نلفت الانظار اكثر لضرورة التوجه للايات والروايات 
واما الاستدلال لكلام الميرزا بالايات و لكن يظهر من الاجوبة السابقة وجه الجواب : 
فمنها قوله (ما منعك الا تسجد اذ امرتك) فقد دلت على ان الامر يجب ان يُنبعث عنه , اي حيث امرتك كان يجب عليك ان تسجد اذن الامر بما هو لا احتمال الامر (احتمال اني قد امرتك) هو محور الاطاعة و الانبعاث فهذه الاية ونظائرها علقت الانبعاث على نفس الامر او على نفس النهي , ويظهر الجواب عن ذلك بالتأمل بالاجوبة السابقة 
وهنا استطراد ينفع في مواطن عديدة وهو :ان من وجوه الاعجاز في القران الكريم استخدامه بابداع غريب مختلف اوجه البلاغة التي تكشف عن مضامين جديدة ومعاني متغايرة , وليست مجرد تفنن في الكلمات بايراد الكلام بمقتضى الحال مما يعجز عنه حتى فطاحل الفصحاء والبلغاء والاية الشريفة من هذا القبيل في احدى الجهات وهذه الجهة ان القران استخدم هنا في كلمة (منعك) : (التضمين) وهو من اجمل وجوه البلاغة, والبعض حيث لم يفهم هذا المعنى القراني اللطيف فتوهم زيادة (لا) في (ان لا تسجد) بتوهم لزوم ان يقال (ما منعك ان تسجد اذ امرتك) لا(ما منعك ان لا تسجد اذ امرتك) كما في الاية , لكن الصحيح ان (لا) ليست زائدة بل عليها عناية وفيها مزيد فائدة وفيها دلالة كبيرة وهي ان(منع )تضمنت معنى اخر وهو معنى (دعى) اي (ما دعاك ان لا تسجد) فاضحت(منعك) تتضمن معنيين (المنع) والمعنى الاخر هو(دعاك) وهناك بحث لغوي هام هو ان هذا الاستعمال هل هو مصداق لاستعمال اللفظ في المعنى الحقيقي والمجازي؟ هذا قول وقول اخر بانه استعمال اللفظ في معنيين حقيقيين وقول ثالث انه من باب الاظمار وقول رابع ان من باب التضمين , 
توضيح ذلك:اذا لم يكن المقتضي موجودا فان عدم المعلول و الانتفاء ينسب اليه فيقال انتفى لعدم المقتضي مثل(لم تحترق الخشبة لعدم وجود النار) لكن اذا كان المقتضي موجودا والمانع موجودا ايضا فالانتفاء حينئذ ينسب الى وجود المانع مثلا(لم تحترق الخشبة لأنها مبتلة) لكن لو اجتمع عدم المقتضي وعدم المانع فينسب الانتفاء لعدم المقتضي مثلا يقال(لم تحترق الخشبة المبتلة لأن النار غير موجودة ) هذا مقتضى القاعدة , وفي المقام فالمنع (ما منعك) اشارة الى المانع (ودعاك) اشارة الى المقتضي , فالقران في هذه الكلمة في لفتة اعجازية جمع المانع والمقتضي معا لاضافة معنى او معاني جديدة , وذلك لان : ان السبب الذي منع ابليس من السجود هو الاستكبار اما السبب الذي لم يبعث ابليس على السجود فهو سوء سريرته وخبث باطنه والله مطلع عليه فاستخرجه بالحمية كما في الرواية فالله يشير الى مانع معروف وهو الاستكبار لكنه ضمّنه معنى اضافي هو عدم وجود المقتضي اشارة الى ان خبثه وسوء سريرته كان هو الداعى لعدم سجوده فكانت اضافة (لا) اشارة الى هذا المعنى المتضمن لعدم المقتضي 
وكذلك في قوله تعالى(فليحذر الذين يخالفون عن امره) فان زيادة (عن) كانت لتضمين معنى ثانٍ غير المخالفة وهو الاعراض اي (معرضين عن امره ) فهم مخالفون امره ومعرضون عنه ايضا , وهذا الامر يحتاج للتدبر 
الاشكال الاخير على الاحتياط: انه تقدم في الاشكال الثالث بيان طولية الاحتياط للاجتهاد والتقليد وان اصل جواز الاحتياط متوقف ومتفرع على الاجتهاد او التقليد ثم ان تفاصيل الاحتياط المرجع فيها ايضا اما الاحتياط او التقليد اذن الاحتياط ليس في عرضهما بل هو في طولهما 
وهذا الكلام لعله يظهر من صاحب العروة في وجه وفي كلام السيد الخوئي في وجه وسوف نذكر كلامهما لكن قبل ذلك نجيب عن الشبهة ثم نذكر كلامهما فنقول: هنا ثلاث مقامات يتضح بذكرها الجواب عن هذه الشبهة: 
المقام الاول: مقام العمل 
المقام الثاني : مقام الحجة بالفعل 
المقام الثالث: مقام الحجة بالمنشأ اي الحجة بلحاظ المنشأ 
اما المقام الاول والثاني فلا في شك ان الاحتياط فيهما هو في عرض الاجتهاد والتقليد وليس في عرضهما اذ في مقام العمل فان الاحتياط قسيم للاجتهاد والتقليد اذ ان عملي بالصلاة الى جهتين قد ينبع عن اجتهاد بأن اجتهدت وقاد اجتهادي الي ان اصلّى الى جهتين وقد يكون عملي بالصلاة الى جهتين تقليدا لمن افتى بذلك وقد يكون عن احتياط حيث اشتبهت القبلة فاصلي الى جهتين تحصيلا للواقع , اذن في مقام العمل لا فرق بينها , وفي مقام الحجة بالفعل ايضا الاحتياط قسيم للاجتهاد والتقليد لأن الاحتياط حجة بالفعل بغض النظر عن منشأه اي الاجتهاد حجة في حقه بالفعل وكذا التقليد وكذا الاحتياط حجة في حق المجتهد والمقلد وفي حق تارك الطريقين, انما الكلام في المقام الثالث وهو الحجة من حيث المنشأ فيقال:ان منشأ حجية الاحتياط هو الاجتهاد فهنا الطولية تتحق وان منشأ حجية الاحتياط هو التقليد , فهل هذا الكلام تام أم لا؟ والجواب انه غير تام كما سياتي الكلام عن ذلك ان شاء الله تعالى وصلى الله على محمدواله الطيبين الطاهرين ... 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=345
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 9 ربيع الثاني 1433هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23