• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التزاحم (1440-1441هـ) .
              • الموضوع : 206- اشارة فلسفية عن حقيقة العلم واختلاف الاقوال فيه .

206- اشارة فلسفية عن حقيقة العلم واختلاف الاقوال فيه

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

(206)

 

تفسيرات للإضافة الاشراقية العلمية

واما الإضافة الاشراقية العلمية، فيمكن تفسيرها بوجوه:

 

إحاطة الروح بالأشياء وحضورها لديها

الأول: ان الروح لتجردها محيطة بالأشياء فهي عالمة بها علماً حضورياً فعلمها بالأشياء باشراقها عليها ومشاهدتها مباشرة حضورياً، وعلى هذا فليس هناك ثلاثة أمور: علم وعالم ومعلوم بل عالم ومعلوم ويكون نفس حضور المعلوم لدى العالم هو المسمى علماً.

لكن ذلك مبني على تجرّد الروح، ولا دليل عليه إلا مجرد الدعاوى والأدلة الخطابية، بل لا دليل على ان كل مجرد فهو محيط بكل شيء؛ إذ الوجود المجرد على مراتب فأين مثلاً وجود الله المجرد من وجود الروح المجردة؟ وأين العلّة المجردة من المعلول المجرد؟ والتجرد من المادة والمكان أعم من الإحاطة بهما، وقد حققنا ذلك وما يمكن ان يورد عليه والجواب عنه في بعض المباحث.

 

إشراق الـمُثل العليا على النفس

الثاني: ان المراد من الإضافة الاشراقية إشراق الـمُثل العليا([1]) على النفس، فباتصال النفس بها في عوالم سابقة ثم بمشاهدتها الجزئيات في هذا العالم يحصل لها العلم.

وقد يقرر ذلك بوجوه، منها: ما عن افلاطون مما يمكن تلخيصه في النقاط التالية:

أ- ان المعرفة الحقيقية إنما هي إدراك الـمُثل.

ب- وان الـمُثل هي كليات أزلية ثابتة غير متغيرة.

ج- وان الروح كانت موجودة قبل مجيئها إلى هذا العالم.

د- وانها حينذاك كانت تعيش في عالم المجردات وتشاهد الـمُثل.

هـ- لكنها بعد مجيئها إلى هذا العالم وتقيّدها بالبدن، بوجهٍ، نسيت ذلك كله.

و- لكنها عندما تشاهد الجزئيات في هذا العالم والتي هي ظل لما هنالك وانعكاسه، تتذكر ما شاهدته في عالم الـمُثل.

ز- ومنه يتضح ان متعلق العلم الحقيقي إنما هو الكليات الثابتة الأزلية وهي معقولات غير محسوسات، دون الجزئيات المتغيرة المحسوسة([2]).

 

للنفس علم اشراقي حضوري بالمبصرات

الثالث: ما ذهب إليه، في المحسوسات خاصة، في شرح حكمة الإشراق قال:

(أقول: قد مرّ فيما سلف بطلان رأي من يقول ان الإبصار إنما هو بإنطباع صورة المبصَر في الرطوبة الجليدية وتأديها إلى ملتقى العصبتين المجوفتين على ما يراه المعلم الأول وأتباعه. وابطلنا أيضاً رأي من يقول ان الإبصار بخروج شعاع من البصر يلاقي المبصرات، ولا هو أيضاً بالاستدلال بالصورة المنطبعة على الخارج عن البصر على ما عرفت تفصيله.

فالحق: ان الإبصار إنما هو مقابلة المستنير للعضو الباصر الذي فيه رطوبة صقيلة مرائية([3]) وعندها يقع للنفس علم اشراقي حضوري على المبصَر فتدركه النفس مشاهدة، وحاصل الإبصار يرجع إلى عدم الحجاب بين الباصر والمبصَر لا غير)([4]).

وعليه فلا يوجد أمر ثالث بل الموجود هو النفس والمبصر.

وقد يعدّ هذا الثالث متمماً للثاني، فلاحظ.

ثم انه له كلاماً حول المثل الافلاطونية النورية وانها غير الـمُثل الشبحية المعلّقة لا في مكان ومحل، لا ضرورة لنقله منها، فراجعه إن شئت([5]).

 

الاختلاف الذريع بين الفلاسفة في حقيقة العلم

وليس هذا مقام الأخذ والرد في ذلك وغيره، إنما نشير إشارة إلى أمرين:

الأمر الأول: ان اختلاف الفلاسفة في حقيقة العلم وفي حقيقة الوجود الذهني وفي الربط بينهما خلاف كبير، وتكفي الإشارة إلى ما قاله في المنظومة:

فأنكر الذهني قوم مطلقا بعض قياما من حصول فرّقا
وقيل بالأشباح الأشياء انطبعت‌ وقيل بالأنفس وهي انقلبت‌
وقيل بالتشبيه و المسامحة تسمية بالكيف عنهم مفصحة([6])

 

    

كما يقول:

علم وإن بدت له مراتب‌ إذ بعضه جواهر بل واجب‌
فبعضه كيفية نفسية فهاهنا أبحاثه حرية
من تلك أن في جنسه أقوال‌ كيف، إضافة، أو انفعال‌([7])

 

    

وغير خفي ان من الغلط عدّ علم المخلوقات من مراتب علم الباري النازلة وكون علمه تعالى مرتبة عالية من علومنا؛ لبداهة ان العلم عين ذاته وعلمنا مهما كان فليس عين الذات، وعلمه واجب وعلمنا ممكن، وكيف يكون الممكن من سنخ الواجب ومراتبه؟ بل سنخ علمه سنخ آخر لا نعلمه (فانه عين ذاته فكيف نعلم كيفيته؟ بل انما نعلم انيته ووجوده فقط) بل البحث عن كيفية علمه ضرب أخماس بأسداس في عالم الغيب المضروب دونه بالاسداد، وقد فصّلنا الكلام عن مباينه وجوده تعالى (وصفات ذاته) بالذات والسنخ لوجودات الممكنات في كتاب (نقد العرفان والفلسفة).

 

اختلاء آراء الفيلسوف الواحد اختلافاً شديداً!

بل كثيراً ما اختلفت آراء الفيلسوف الواحد في الأمر الواحد كمسألة العلم مثلاً، وإن حاول بعض من تأخر تأويل كلماتهم فلاحظ مثلاً ما قاله في الأسفار: (فصل (3) في حال التفاسير المذكورة في باب العلم و تزييفها و تحصيل المعنى الجامع لأفراده‌.

زعم كثير من الناس أن أقوال الحكماء مضطربة في باب العقل و المعقول غاية الاضطراب‌؛ فإن الشيخ الرئيس‌ يضرب كلامه:

تارة إلى أن يجعل التعقل أمراً سلبياً - وذلك عند ما بين أن كون الباري عاقلا ومعقولا لا يقتضي كثرة في ذاته ولا في صفاته لأن معنى عاقليته ومعقوليته تجرده عن المادة وهو أمر عدمي‌.

وتارة يجعله عبارة عن الصور المرتسمة في الجوهر العاقل المطابقة لماهية المعقول وذلك عند ما بين أن تعقل الشي‌ء لذاته ليس إلا حضور صورته عند ذاته‌ وأيضا نص على ذلك في النمط الثالث من الإشارات حيث قال إدراك الشي‌ء هو أن يكون حقيقته متمثلة عند المدرك‌.

وتارة يجعله مجرد إضافة وذلك عند ما بين أن العقل البسيط الذي لواجب الوجود- ليست عقليته لأجل حصول صور كثيرة فيه بل لأجل فيضان تلك الصور عنه‌ حتى يكون العقل البسيط كالمبدءِ الخلاق للصور المفصلة و كذا العقل البسيط الإجمالي إذا حصل فينا يكون كالمبدءِ الخلاق لعلومنا النفسانية.

وتارة يجعله عبارة عن كيفية ذات إضافة إلى الأمر الخارجي‌ وذلك عند ما بين أن العلم من الكيفيات النفسانية- داخل في مقولة الكيف بالذات وفي مقولة المضاف بالعرض وأيضا عند ما بين أن تغير المعلوم يوجب تغير العلم الذي هو كيفية ذات إضافة.

وأما الشيخ المقتول صاحب كتاب حكمة الإشراق فذهب إلى أن العلم عبارة عن الظهور والظهور نفس ذات النور...)([8]) إلى ان قال: (وهذه الأقوال ظواهرها متناقضة لكن يمكن تأويلها وإرجاعها إلى مذهب واحد هو أن العلم عبارة عن وجود شي‌ء مجرد فهو وجود بشرط سلب الغواشي سواء كان علما لنفسه أو لشي‌ء آخر فإن كان هذا الوجود المجرد- المسلوب عنه الغواشي وجودا لنفسه كان عقلا لنفسه وإن كان وجودا لغيره كالأعراض- كان عقلا لغيره أو خيالا له أو حسا له، فهذا تحقيق معنى العلم مطلقا على الإجمال-

فلنرجع إلى إبطال ما يفهم من ظواهر الأقوال المذكورة في تفسير العلم ثم إلى تشييد ما هو الحق عندنا ثم إلى إصلاح بواطن ما ذكروه من تلك الأقوال بقدر الإمكان‌)([9]).

فلاحظ تأويله وتكلفه في إرجاع ظواهر كلماتهم المتناقضة والمختلفة – والظاهر حجة لدى كافة العقلاء – إلى ما أولها به بما يرجع إلى كلامه!

 

الاختلاف في تفسير الـمُثل الافلاطونية، حسب ملا صدرا

ثم لاحظ ما قاله في الأسفار عن الـمُثل الافلاطونية وتأويل بن سينا لها وقول ملا صدرا بوجود تأويلات عديدة مختلفة ثم قدح ملا صدرا فيها جميعاً ثم تحقيقه هو لها بما يرآه هو الصحيح.

قال: (فصل (9) في تحقيق الصور و المثل الأفلاطونية

قد نسب إلى أفلاطون الإلهي أنه قال في كثير من أقاويله موافقا لأستاده سقراط إن للموجودات صوراً مجردة في عالم الإله‌ وربما يسميها المثل الإلهية وأنها لا تدثر ولا تفسد ولكنها باقية وأن الذي يدثر ويفسد إنما هي الموجودات التي هي كائنة.

قال الشيخ في إلهيات الشفاء: ظن قوم أن القسمة توجب وجود شيئين في كل شي‌ء كإنسانين‌ في معنى الإنسانية: إنسان فاسد محسوس و إنسان معقول‌ مفارق أبدي لا يتغير، وجعلوا لكل واحد منهما وجودا فسموا الوجود المفارق وجودا مثاليا وجعلوا لكل واحد من الأمور الطبيعية صورة مفارقة وإياها يتلقى العقل إذ كان المعقول شيئا لا يفسد وكل محسوس من هذه فهو فاسد- وجعلها العلوم والبراهين تنحو نحو هذه وإياها تتناول، وكان المعروف بأفلاطون ومعلمه سقراط يفرطان في هذا الرأي ويقولان إن للإنسانية معنى واحدا موجودا يشترك فيها الأشخاص ويبقى مع بطلانها وليس هو المعنى المحسوس المتكثر الفاسد فهو إذن المعنى المعقول المفارق انتهى ونحن بعون الله وتوفيقه نذكر أولا وجوه ما قيل في تأويل كلامه وما يقدح به في كل من وجوه التأويل، ثم ما هو الحق عندي في تحقيق الصور المفارقة و المثل)([10]) فلاحظ صراحة ذيل كلامه.

وقال: (و قال المعلم الثاني في كتاب الجمع بين رأيي أفلاطون و أرسطو إنه إشارة إلى أن للموجودات صورا في علم الله تعالى باقية لا تتبدل ولا تتغير وبيّن ذلك بعض‌ المتأخرين حيث قال إن في عالم الحس شيئا محسوسا مثل الإنسان مع مادته وعوارضه المخصوصة وهذا هو الإنسان الطبيعي...)([11])

وقال: (وهذا المعنى جوهرٌ لِحمله على الجواهر حملا اتحاديا فيثبت بذلك وجود جواهر عقلية في العقول يكون تلك الجواهر ماهيات الموجودات الخارجية وهذا هو بعينه مذهب أفلاطون.

فإن قيل: المشهور أن أفلاطون أثبت الجواهر العقلية في الأعيان بحيث هي ماهيات كليات للأفراد الخارجية.

قلت لعل مراده بالأعيان العقول‌ فإنها أعيان العالم الحسي و العالم‌ الحسي إنما هو ظل لها عنده انتهى كلامه.

وهذا التأويل مستبعد جدا إذ المنقول عن أفلاطون والأقدمين وتشنيعات اللاحقين من أتباع أرسطو على مذهبهم يدل على أن تلك الصور موجودة في الخارج قائمة بذواتها لا في موضوع ومحل، وقد نقل عنه أنه قال إني رأيت عند التجرد أفلاكا نورية، وعن هرمس أنه كان يقول إن ذاتا روحانية ألقت إلي المعارف فقلت من أنت؟ قال أنا طباعك التام! ولو لم يكن لكلماتهم دلالة صريحة على أن لكل نوع موجودا مجردا شخصيا في عالم الإبداع- لما شنّعوا عليهم بما نقله الفارابي من أنه يجب من أقوالهم أن يكون في العقول‌ خطوط وسطوح وأفلاك ثم توجد حركات تلك الأفلاك والأدوار وأن يوجد هناك علوم مثل علم النجوم وعلم اللحون وأصوات مؤتلفة وطب وهندسة ومقادير مستقيمة وآخر معوجة وأشياء باردة وأشياء حارة وبالجملة كيفية فاعلة ومنفعلة- وكليات وجزويات ومواد وصور في شناعات أخر)([12])

وعلى أيّ فتفصيل الأخذ والرد خارج عن عهدة المقام.

 

من وجوه بطلان مرجعية الكشف والشهود

الأمر الثاني: ان أمثال شيخ الاشراق وصدر المتألهين اعتمدوا كثيراً على الكشف والشهود، وعلى ما ادعوا انهم رأوه في عالم التجرد أو في الخلوات.

ولكن لا يخفى ان شهود الأنبياء والأوصياء هو الحجة فقط، اما شهود غيرهم فليس بحجة لأن الشهود قد يكون شيطانياً – كما اعترف به ابن عربي بنفسه – فمن أين ان هذا الشهود رحماني وليس شيطانياً؟ ثم انه قد يكون من صناعة القوة المتوهمة فمن أين انه شهود بل لعله من مخلوقات هذه القوة؟

والحاصل: ان الشهود كالأحلام، لا حجية فيها وإن أصابت أحياناً، وقد أعرض العقلاء عنها لأنها ليست طريقاً ممنهجاً نوعياً غالب الإيصال للواقع ولا دليل على ان الأحلام والشهود تصيب أكثر من 10% مثلاً، عكس الطرق العقلائية، كالحواس وشبهها فانها وإن حدث الخطأ فيها إلا انها حيث كانت مصيبة بنسبة 90% مثلاً كان حجة متبعة، إضافة إلى انه لا توجد مرجعية ومقياس واضح لتمييز الكشف الرحماني من الشيطاني إلا كون الشخص نبياً واما ما عداه فأين المرجع؟ ألا ترى ان الحس قد يخطئ والمرجع له العقل؟ فأين مرجع تمييز الصحيح من الخطأ في الكشف والشهود؟ ولذلك لم يعتمده العقلاء عموماً، من كل الملل والنحل.

إضافة إلى انه لو فرض ان مدّعي الكشف قد قطع بكشفه فهو – لو لم يكن مقصِّراً في المقدمات – حجة عليه لا على غيره ولو كان مقصراً لما كان حجة، أي معذراً، حتى له. وللبحث تفصيل يطلب مما ذكرناه في ذلك الكتاب.

 

 

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

 

 

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ((خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ))

(نهج البلاغة: 470/10).

 

 

-------------------------------

([1]) أو غيرها كالعقل الفعّال أو غيره.

([2]) وذلك بحسب تقرير الشيخ المطهّري لرأي أفلاطون (ولعلنا سنشير إلى ان فيه خلافاً شديداً) قال: (ذهب أفلاطون – وفق ما ينسب إليه عادة في تاريخ الفلسفة – إلى ان العلم والمعرفة لا تنصب على المحسوسات؛ لأنها متغيرة وجزئية وفانية، وما يتعلق به العلم يجب ان يكون ثابتاً وكلياً ودائمياً. والمعرفة الحقيقية تعني إدراك "الـمُثل"، التي هي وقائع كلية وثابتة ودائمة ومعقولة لا محسوسة، وتحصل هذه المعرفة للروح الإنسانية قبل مجيئها إلى هذا العالم؛ لأن الروح قبل مجيئها إلى هذا العالم تحيا في عالم المجردات، فتشاهد المثل. لكنها بعد ان تختلط بعالم البدن وتجاور مفردات العالم الدنيوي تنسى مشاهدتها لذلك العالم، ولكن الروح – عبر مشاهدة مفردات هذا العالم التي هي نموذج وانعكاس لتلك الحقائق – تعود لتتذكر عالم المثل. ومن هنا فكل ما يحصل عليه الإنسان في هذا العالم من إداراكات لا جدة فيها، بل هي تذكر واسترجاع لعهد سابق:

وهذا المذهب المنسوب إلى افلاطون يتضمن القضايا التالية:

1- للروح وجودٌ قبل تعلقها بالبدن.

2- تتوفر الروح منذ تعلقها بالبدن على معلومات ومعقولات كثيرة.

3- العقل قبل الحس، والإدراك الكلي سابق لإدراك الجزئيات.

4- مشاهدة المثل هي الطريق لحصول المعرفة.

لكن ارسطو تلميذ أفلاطون عارض نظرية أستاذه منذ ذلك الزمان، وانكر وجود معلومات قبلية، بل انكر وجود الروح قبل البدن، كما انكر اسبقية العقل للحس، وتقدم الإدراك الكلي على الإدراك الجزئي). (السيد محمد حسين الطباطبائي، أصول الفلسفة والمنهج الواقعي، المؤسسة العراقية للنشر والتوزيع، م1 ص307-308.

([3]) الظاهر: مرآتية.

([4]) شمس الدين محمد شهرزوري، شرح حكمة الإشراق مؤسسة التاريخ العربي – بيروت، ص378-379.

([5]) ومنه قوله (فصل: في بيان أحوال النفوس الإنسانية بعد المفارقة البدنية، (244) والسعداء من المتوسطين والزهّاد من المتنزهين قد يتخلصون إلى عالم الـمُثل المعلقة التي مظهرها بعض البرازخ العلوية، ولها إيجاد الـمُثل والقوة على ذلك. فيستحضر من الأطعمة والصور والسماع الطيب وغير ذلك على ما يشتهى. وتلك الصور أتم مما عندنا، فان مظاهر هذه وحواملها ناقصة، وهي كاملة. ويخلّدون فيها لبقاء علاقتهم مع البرازخ والظلمات وعدم فساد البرازخ العلوية) (شمس الدين محمد شهرزوري، شرح حكمة الإشراق مؤسسة التاريخ العربي – بيروت، ص547).

و:(قوله: والصورة المعلقة ليست مُثُل افلاطون.

أقول: لا ينبغي ان يتوهم ان هذه ان هذه الـمُثل الخيالية التي تتنعم بها السعداء من المتوسطين، أو تتعذب بها الأشقياء من المجرمين، هي مُثُل افلاطون المشهورة بالـمُثل الافلاطونية. فان مُثل افلاطون نورية، وهي عبارة عن عالم الأنوار العقلى، وهذه الـمُثل شبحية معلقة لا في مكان ومحل، وتنقسم إلى: مُثل روحانية مستنيرة تلتذ بها السعداء، وهي الصور الحسنة الفاضلة المشرفة اللذيذة من المآكل والمشرب والملابس والمناكح من حور عين وغلمان مرد كأنهم (لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً) سورة الإنسان: آية 19؛ وإلى مُثل روحانية مظلمة معلقة تتألم بها الأشقياء، وهي صور قبيحة مكروهة سود زرق تتألم النفوس بمشاهدتها وتنزعج من مباشرتها وملابستها. وافلاطون وسقراط وفيثاغوروس وانباذقلس، وغيرهم من الحكماء الأقدمين، كما يقولون بثبوت الـمُثل النورية العقلية الافلاطونية، فانهم أيضاً يقولون بالـمُثل الخيالية المعلقة لا في مكان ومحل المستنيرة والظلمانية، ويزعمون انها جواهر مجردة مفارقة للمواد ثابتة في الفكر والتخيلات النفسية بمعنى انهما مظاهر لهذه الـمُثل الموجودة في الأعيان لا في مكان ومحل. وقد قالت الأوائل ان للعالم مثالاً وقالباً عند البارئ تعالى لم يزل؛ والعالم عندهم عالمان: عالم المعنى، وهو عالم العقل والأنوار المجردة المحضة؛ وعالم الصور، المنقسمة إلى: الصور الحسية، وهو عالم الأفلاك والعناصر؛ وإلى الصور المثالية الشبحية، وهو عالم المثال المعلّق) (شمس الدين محمد شهرزوري، شرح حكمة الإشراق مؤسسة التاريخ العربي – بيروت، ص551-552).

([6]) الملا هادي السبزواري، منظومه ملاهادی سبزواري، نشر ناب – طهران، ج2 ص121.

([7]) الملا هادي السبزواري، منظومه ملاهادی سبزواري، نشر ناب – طهران، ج2 ص484.

([8]) صدر الدين الشيرازي، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، دار إحياء التراث العربي – بيروت، ج3 ص284-285.

([9]) صدر الدين الشيرازي، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، دار إحياء التراث العربي – بيروت، ج3 ص286.

([10]) صدر الدين الشيرازي، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، دار إحياء التراث العربي – بيروت، ج2 ص46-47.

([11]) المصدر نفسه: 48.

([12]) المصدر نفسه: ص49-50.

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=3524
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 9 شعبان 1440هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28