• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1432-1435هـ) .
              • الموضوع : 100- اجوبة اربعة عن كلام الميرزا التبريزي- .

100- اجوبة اربعة عن كلام الميرزا التبريزي-

 بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على اعدائهم أجمعين ولاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم 
كان البحث حول الاعلم في احتياطاته وانه هل يمكن الرجوع فيها الى فتوى او احتياط المفضول ؟وذكرنا انه يجوز ذلك في بعض الصور ولا يجوز في بعض اخر كما لو كان الاعلم يخطّئ المفضول في فتواه . 
كما مضى ان الميرزا جواد استشكل على هذا الكلام بعبارة مكونة من اربع فقرات ، منها ونص عبارته(ذكر الاعلم للاحتياط في هذه الصورة "ما لو خطا الاعلم غيره"حكم ارشادي عقلي منوط باحتمال الضرر اي العقاب المحتمل فاذا احرز العامي عدم عدم احتمال الضرر بفتوى غير الاعلم كما هو الفرض فلا بأس بترك الاحتياط ) فجوهر كلامه يعود الى اربع جمل ولكن كل جملة محل تأمل اما على المبتدأ او الخبر او العلة او الاستنتاج: 
اما التأمل الاول فقد سبقت الاشارة اليه وهو على مطلع كلامه حيث قال(ذكر الاعلم الاحتياط)وهذا المبتدا خبره (حكم ارشادي عقلي )فقد اشرنا الى ان ذكر الاعلم للاحتياط لم يكن منشأ الاشكال في كلام السيد الخوئي وغيره حتى يبني الميرزا جوابه عليه في دفع الاشكال بل الاشكال ناشيء من الفتوى المنضمة الى الاحتياط كما تقدم فان رأيه –اي الاعلم- مكوّن من امرين. 
التأمل الثاني منصب على الخبر في كلامه وهو (وهو حكم ارشادي عقلي) وهو اشكال صغروي فنقول: ان ذكر الاعلم للاحتياط ليس بالضرورة حكما ارشاديا عقليا اي اطلاقه محل تأمل لانا تارة نلاحظ القضية من جانب الاعلم وتارة نلاحظها من جانب المقلد وعلى كلا التقديرين لا يصح الاطلاق ، اما لو لا حظنا جانب الاعلم الذي احتاط فلان الفرض في المقام انه افتى بالاحتياط ، فهو حكم مولوي بالاحتياط ، لا انه لم يفحص فاحتاط اذ الفرض في المقام ان الاعلم قد خطأ غيره فلا تجوز مخالفته لكون هذه الفتوى مستندة الى المولى بما هو مولى وليست حكما عقليا ارشاديا ، بل هي كسائر فتاواه ، هذا من جانب الاعلم اما من جانب المقلد فقد سبق ان له حالتين: 
فتارة يستند الى احتياط الاعلم بما هو احتياط وتارة يستند اليه لا بما هو احتياط بل بما هو قول صادر من الاعلم اي يستند اليه بما هو تقليد واذا استند اليه بما هو تقليد فلم يكن –على هذا- معتمده الحكم العقلي الارشادي وانما كان مستنده الحكم المولوي الشرعي 
اما التأمل الثالث على كلامه (حكم ارشادي عقلي منوط باحتمال الضرر اي العقوبة المحتملة) فهو كبروي : : اذ نسأل الميرزا:ما هو مقصوده بهذه الجملة :هل يريد ان يقول ان كل حكم ارشادي عقلي فهو منوط باحتمال الضرر؟ او يريد العكس اي انه كلما كان احتمال ضرر فالحكم في مورده ارشادي عقلي ؟ فنقول: سواء اكان مراده هذا الاحتمال ام ذاك فليس بتام ,توضيح ذلك: 
لو اراد ان كل حكم ارشادي عقلي فهو منوط باحتمال الضرر البالغ فنقول :كلا اذ الحكم الارشادي العقلي منوط باربعة اشياء على سبيل البدل كما تقدم احدها دفع الضرر المحتمل اما الثلاثة الاخر فقد تقدم في اول بحث الوجوب ذكرها وان ثانيها شكر النعمة الجسيمة فان شكر النعمة بحد ذاته ملاك لحكم العقل بالاطاعة ولزوم الاتباع وثالثها هو الاستحقاق ورابعها جلب المنفعة البالغة كما فصلناه سابقا 
فاذا اراد الميرزا ان الكبرى من هذا الجانب , ورد عليه عدم انحصار الحكم الارشادي العقلي بدفع الضرر المحتمل 
وان اراد ان الكبرى من ذاك الجانب (الاحتمال الثاني:كلما كان دفع ضرر محتمل فهو حكم ارشادي عقلي) والظاهر انه اراد هذا الاحتمال اي ان الاعلم يذكر الاحتياط والمقلد يعمل به ليدفع عن نفسه الضرر الاخروي المحتمل فاذا كان كذلك فهو حكم ارشادي عقلي 
فنقول: قد يكون لزوم دفع الضرر حكما مولويا ، وليس بالضرورة ان كونه حكما ارشاديا عقليا وتحليل هذا الكلام يعود الى بيان الكبرى الكلية:وانه ما هو ملاك المولوية والارشادية ؟ وهذا بحث موضوعي مهم وخلاصة ما انتخبناه وفصلناه في كتاب (الاوامر المولوية والارشادية) ان هناك تسع ملاكات مقولة او محتملة في ضابط المولوي والارشادي لكن الذي صرنا اليه (وادلته هناك) هو: ان الضابط في المولوي انه كلما صدر من المولى بما هو مولى معملا مقام مولويته وان كان في موطن المستقلات العقلية وكلما لم يكن كذلك اي لم يصدر من المولى معملا مقام مولويته بل صدر من المولى وهو في مقام النصح والارشاد فهو ارشادي وان لم يكن في موطن المستقلات العقلية ، توضيح ذلك: (العدل) من المستقلات العقلية لكن لا ينافي ذلك ان يأمر به المولى ابنه او عبده او مخلوقه امرا مولويا بالعدل ، ولذا فان قوله تعالى(اعدلوا هو اقرب للتقوى) يحتمل في هذا الحكم امران: 
الاول: ان المولى لاحظ حكم العقل بحسن العدل واراد ارشاده الى هذا الحكم والمصلحة الواقعية الكامنة فيه وراء مفسدة مخالفته ثبوتا فهنا لم يكن المولى امرا صادرا عن مقام المولوية بل امر ارشادي ولا عقوبة على مخالفته 
الثاني: ان المولى رغم اطلاعه على حكم العقل لكنه مع ذلك يقول لعبده : انني بما انا مولى آمرك بان تعدل ولو لم تعدل فسوف تعاقب فهذا امر مولوي لا ارشادي وان كان في موطن المستقلات العقلية 
هذا تصورنا لضابط الامر المولوي والارشادي وبرهانه هناك ، والنتيجة ان قوله (ذكر الاعلم للاحتياط في هذه الصورة "ما لو خطا الاعلم غيره"حكم ارشادي عقلي منوط باحتمال الضرر اي العقاب الاخروي) ان اراد به كلما كان احتمال الضرر فالحكم عقلي ارشادي كما في المقام فنقول: كلا فقد يكون احتمال للضرر مع ان الحكم مولوي بان نستظهر(وهذا تطبيق الكبرى في المقام)من قوله عليه السلام(اخوك دينك فاحتط لدينك بما شئت)ان الامام عليه السلام بما هو مولى يقول هذا الكلام وليس كمجرد ناصح ومرشد غاية الامر ان مقام المولوية يعمله تارة للايجاب وتارة للاستحباب ثم الفارق بين اعمال المولوية وغيره ترتب الثواب وعدمه فلو ان الطبيب قال اشرب هذا الدواء لزوما او قال الافضل ان تشربه لأن مرضك خفيف فهنا لا ثواب يستحقه المريض في الصورتين لو امتثل 
اما الاب لو امر بما هو اب ومولى باشرب هذا الدواء معملا مقام مولويته (تارة يعمله وجوبا وتارة استحبابا) فان الابن في الصورتين يحصل على الثواب في حال الامتثال ويستحق العقاب على المخالفة في خصوص صورة الامر الالزامي 
اما التأمل الرابع على كلام الميرزا فيعود على الاستنتاج الذي ذكره بعد ذكر الجمل الثلاث المتقدمة(فاذا احرز العامي عدم احتمال الضرر بفتوى غير الاعلم فلا باس بترك الاحتياط) والاشكال هو ان المفروض ان يستشكل بنائيا لكن اشكاله يرجع الى اشكال مبنائي فان المبنى هو (وجوب تقليد الاعلم )فبعد التسليم بهذا المبنى من المستشكل والمستشكل عليه نقول: في احتياطات الاعلم هل عيلنا ان نلتزم باحتياطاته ام لنا الخيار بينها وبين رأي المفضول؟ فلا يصح ان يشكل بما يرجع الى اصل المبنى.توضيح ذلك: الميرزا يقول(اذا احرز العامي)فنقول :هذا الاحراز من اين جاء فهل احرازه باسقلال عقله؟ او بالعلم وان لم يكن لا استقلال العقل بان لم نقبل ان العقل مستقل في هذا الموضوع كبرى او ان هذا العامي كان غافلاً عن حكم العقل المستقل، صغرى، لكن العامي لجهة من الجهات قطع بان فتوى المفضول مبرءة للذمة وان احتاط الاعلم 
فنقول:ان احراز العامي لبراءة ذمته باي من الوجهين كان، يُرجع الاشكال مبنائياً؛ لأن هذا الاشكال بنفسه سيورد على تقليد الاعلم، اذ يقال: لماذا يجب تقليد الاعلم ؟ فيجاب: انه دفعا للضرر؛ لأن تقليد الاعلم فيه ابراء قطعي للذمة اما تقليد المفضول فلا يعلم ببراءة ذمته به، واذا دار الامر بين التعيين والتخيير، فالمرجع هو التعيين، فراي الاعلم مبرء قطعا وغيره مشكوك، فههنا نقول: ان العامي لو احرز -باستقلال عقله او بعلمه- ان تقليد المفضول مبرء للذمة ايضا وان افتى الاعلم بخلاف، فلا شيء عليه اذ لا احتمال للضرر ولا عقوبة حيث استقل عقله بالاجزاء. 
اذن فاشكاله وان كان ظاهره بنائياً، لكنه في الواقع وفي جوهره يعود الى اشكال مبنائي ؛ اذ ان نص دليل الميرزا يجري لنفي وجود تقليد الاعلم مطلقاً، عند احراز العامي ذلك ، بان يقال (لو احرز العامي عدم احتمال الضرر بالعمل بفتوى غير الاعلم رغم وجود فتوى للاعلم باستقلال عقله او لقطع او لغيرهما جاز له اتباع المفضول مطلقا) وللكلام صلة تأتي ان شاء الله تعالى وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين ... 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=360
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 1 جمادي الاول 1433هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23