• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1440-1441هـ) .
              • الموضوع : 446- اشكالان الحكيم والاخوند على الملك الآنا مائي والجواب .

446- اشكالان الحكيم والاخوند على الملك الآنا مائي والجواب

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

(446)

 

الحكيم: الملك الآناً مائي خلاف قاعدة السلطنة

وقد أشكل صاحب العروة في حاشيته على الملك الآناً مائي بانه خلاف قاعدة السلطنة وتبعه على ذلك السيد الحكيم، وسننقل الإشكال بلفظ الأخير لأوضحيته، قال: (مضافاً الى أن صحة البيع والعتق ونحوهما وإن لم تقتض ثبوت الملكية من أول الأمر، لكن ثبوتها قبل التصرف آناً مّا خلاف قاعدة السلطنة الجارية في حق المالك، وثبوتها من أول الأمر لا مخالفة فيه لها؛ لكونها مقصودة للمتعاطيين، فيتعيَّن البناء عليه؛ لئلا يلزم من البناء على الأول تخصيص القاعدة.

وبالجملة: مقتضى عموم جواز التصرف المتوقف على الملك وإن كان هو ثبوت الملك، إما مقارناً للتصرف أو من أول الأمر، إلا أنه يتعيَّن الثاني؛ لئلا يلزم تخصيص قاعدة السلطنة بالبناء على الاول)([1])

أقول: ان كون ثبوت الملكية آنا مّا (في الآن الأخير قبل التصرف الناقل) خلاف سلطنة المالك إنما هو لأن الفرض القول بان المعاطاة لا تفيد إلا إباحة التصرفات فقط ولا تفيد الملكية، فانتقال الملك إلى المشتري، بتصرفه (معه أو قبله بآن) مع انه ملك للبائع نقض لسلطنة المال على ملكه وليس الناقض البائع ليقال ان له ذلك بل تصرف المشتري هو الناقض والناقل، وتصرف غير المالك إذا أوجب انتقال الملك له، مخالف لسلطنة المالك على ملكه.

 

الجواب: بل هو فرع لها وليس ضداً

ولكن الظاهر عدم ورود هذا الإشكال، فان انتقال المبيع بالمعاطاة إلى ملك المشتري في كل الآنات بدءاً من الآن الأول إلى الأخير (قبل التصرف الناقل) هو مقتضى سلطنة البائع، لأن الفرض ان البائع قصد ذلك (فان هذا هو المشهور: من ان المعاطاة التي قصد البائع فيها نقل الملكية لا تفيد إلا الإباحة نظراً لتدخل الشارع بدليل الإجماع مثلاً، وليس كلامهم في ان المعاطاة التي قصد فيها المتعاطيان مجرد الإباحة المتقابلة توجب الملكية وإن قال بعض نادر بذلك) وعليه: فينبغي ان ينتقل إليه المثمن من الآن الأول إلى الأخير كوجودٍ ممتدٍ متصل، لكن المانع هو تدخل الشارع (حسبما رأوا) حيث منع حصول الملكية بذلك حتى الآن الأخير، لكنه في الآن الأخير ارتفع المانع فأثّر المقتضي في مقتضاه فكان ملك المشتري له في الآن الأخير فرعاً من فروع سلطنة المالك لا مخالفاً له.

 

الحقائق الامتدادية كالانحلالية

بعبارة أخرى: الحقائق الامتدادية حكمها حكم الحقائق الانحلالية، فكما لو انه باع عشرة أشياء فمنع الشارع من نفوذ تسعة منها (لكونها غررية أو مرهونة أو شبه ذلك) فان نفوذ بيع العاشر على القاعدة وموافق لسلطنة المالك لا ضدها، فكذلك الحقيقة الامتدادية حيث ان البائع معاطاةً قَصَدَ انتقال كتابه – مثلاً – إلى زيد من آن حدوثها فصاعداً، لكنّ الشارع، حسب رأي هؤلاء، تدخّل فمنع حصول الملك من الآن الأول حتى الآن قبل الأخير ولكنه رفع اليد عن منعه في الآن الأخير فتؤثر المعاطاة التي قصد بها المالك نقل الملكية، أثرها حينئذٍ، بل ان القول بعدم إنفاذها حينئذٍ خلاف سلطنته.

 

وليس الملك الآناً مائي بشرط لا

لا يقال: ان المالك نقل الملكية بشرط شيء (أي في الآن الأول مشروطاً بنقلها في الآن الثاني فالثالث وهكذا وبالعكس) واما الشارع فقد صحح ملكية الآن الأخير بشرط لا (بشرط عدم الانتقال قبله) وبشرط لا مضاد لبشرط شيء لا يجتمعان، ولم يكن من قصد المالك بشرط لا.

إذ يقال: لم يَرِد عنوان نقل الملكية في الآن الأخير بنحو بشرط لا، من الشارع، ليقال بانه مضادٌّ لما قصده المالك من البشرط شيء وانه عليه فليس بشرط لا مقصوداً له، بل الوارد دليلان: الأول: يفيد عدم نقل الملكية في عموم الآنات وهو الإجماع، والثاني: يفيد نقلها في الآن الأخير وليس هذا الثاني بنفسه بشرط لا بل لا بشرط واللابشرط يجتمع مع بشرط شيء، على انه قد يجاب بان البائع لم يعتبر الانتقال في كل الآنات بشرط شيء بل لا بشرط، وفيه ما لا يخفى فالأولى في هذا الجواب ان يقال انه لا يعتبره قيداً بل مجرد شرط وهو التزام في التزام فيمكن تخلفه دون الإخلال بالمشروط. فتدبر جيداً.

 

الآخوند: فِعلية جواز التصرفات يلازم فعلية الملك

وقد أشكل المحقق الآخوند، حسبما نقله عنه المحقق الاصفهاني على الملك الآنامائي بما ننقله عن (التنقيح) قال: (فما ذكره شيخنا المحقّق([2]) ناسباً له إلى الآخوند في حاشيته([3]) في تقريب حصول الملكية من حين ثبوت الجواز وتحقّق المعاطاة من أنّ فعلية جواز جميع التصرفات من حين العقد تستلزم فعلية الملك من ذلك الحين، لأنّه يقال إنّ كلاًّ من المتعاطيين يجوز له التصرف المتوقّف على الملك فيما انتقل إليه فعلا وكل من يجوز له ذلك التصرف فعلا فهو مالك وهذا قياس ينتج أنّ كلا من المتعاطيين مالك لما انتقل إليه فعلا، فيه)([4]).

 

الجواب: الأضلاع أربعة والتلازم بين جوازها وجواز التملك

ولكنه غير تام للخلط الحاصل فيه؛ فإن الاضلاع، لدى التدبر، أربعة، والغفلة عن احدها أوجب الخلط وربط أحد الضلعين بما لا يرتبط به والأضلاع هي:

أ- (فعلية جواز كل التصرفات) - وهذه التي ذكرها قدس سره -.

ب- وفعلية جواز التمليك والتملك، وهذا الضلع لم يذكره مع ان الملازمة إنما هي بين هذين الأمرين إن لم نقل بانه صغرى لها بوجهٍ سبق.

ج- فعلية التصرف (وهذا الضلع لم يذكره) وهذا يلازم الضلع الرابع وهو:

د- (فعلية الملك أو التملك) وهذا الرابع ذكره متوهماً انه الملازم للضلع الأول.

والحاصل: انه توهم التلازم بين الضلع الأول مع الضلع الرابع، وغفل عن الضلعين الأوسطين، مع ان التلازم إنما هو بين الضلع الأول والثاني وبين الضلع الثالث والرابع.

وهذا البيان أكمل من البيان الذي أجاب به في التنقيح عنه، وإن كان الجوهر واحداً فلاحظ.

قال: (فيه: أنّ جواز التصرف وإن كان فعلياً من حين تحقّق المعاطاة إلاّ أنّه لا يكشف عن فعلية الملك من ذلك الحين، لأنّ متعلّقه يقتضي سبق الملك على التصرّف آناً ما، فمرجع هذا الجواز إلى جواز التملّك فعلاً لا إلى الملك الفعلي)([5])

 

 

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

 

 

قال الإمام الحسن عليه السلام: ((الْخَيْرُ الَّذِي لَا شَرَّ فِيهِ الشُّكْرُ مَعَ النِّعْمَةِ وَالصَّبْرُ عَلَى النَّازِلَةِ‏)) (تحف العقول: ص234)

 

 

-------------------------------------------------

([1]) السيد محسن الحكيم، نهج الفقاهة، انتشارات 22 بهمن ـ قم: ص30.

([2]) حاشية المكاسب (للأصفهاني) 1 : 105 .

([3]) حاشية المكاسب (الآخوند) : 11

([4]) الشيخ ميرزا علي الغروي / تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، التنقيح في شرح المكاسب، ج1 ص78.

([5]) الشيخ ميرزا علي الغروي / تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، التنقيح في شرح المكاسب، ج1 ص78.

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=3750
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 4 جمادي الاولى 1441هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28