• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1432-1435هـ) .
              • الموضوع : 119- الدليل الاول على وجوب النظر والاجتهاد في اصول الدين : استقلال العقل بانه المؤمَّن من العقاب . الدليل الثاني : النظر اقرب للاصابة من التقليد ، والنقاش فيه .

119- الدليل الاول على وجوب النظر والاجتهاد في اصول الدين : استقلال العقل بانه المؤمَّن من العقاب . الدليل الثاني : النظر اقرب للاصابة من التقليد ، والنقاش فيه

 بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 
الحديث يدور اليوم حول الادلة التي اقيمت اوالتي يمكن ان تقام على ان الاجتهاد في اصول الدين متعين وانه المجزء والمبرء للذمة والمسقط لأستحقاق العقاب لو لم يصب ، لا غيره اي ان التقليد في اصول الدين ليس مبرءا للذمة ولا مسقطا للعقاب على فرض المخالفة واما على فرض الموافقة فالامر يدور مدار البحث في التجري وانه هل يستحق العقاب ام لا؟ كما يدور مدار دعوى الوجوب النفسي للنظر وعدمه 
الدليل الاول:وهذا الدليل اشار اليه الميرزا اسماعيل الطبرسي تلميذ الشيخ الانصاري في كتابه كفاية الموحدين ثم ان السيد الوالد في الفقه صاغ الدليل ببيان أتم وسنذكر ما في الفقه لأنه اتم واكمل وسنستعين بالاضافات من كلام كفاية الموحدين وسنضيف على هذا الدليل بعض الاضافات ، ثم لنرى هل الدليل تام ام لا؟ والدليل هو : استقلال العقل بان الاجتهاد في اصول الدين هو المؤمّن من العقاب اما التقليد فاما ان نقول باستقلال العقل بانه غير مؤمن واما ان نقول بعدم العلم بحكم العقل بالمؤمنية ومآل الثاني للاول اذ كلا الوجهين ينتج عدم المعذِّرية لو اخطأ ,اما عبارة الفقه فهي نفس ما قلنا لكان ظاهر كلامه ان العقل مستقل بعدم المؤمنية ونحن عممنا بانه حتى لو لم يستقل العقل فلا ابراء للذمة اذ لم تتم الحجة لديك وعبارته: (لا اشكال في استقلال العقل في ان من ترك النظر والاجتهاد واكتفى بالتقليد في اصول الدين كان معرضا للخطر العظيم فيجب النظر تجنبا عن الخطر المحتمل ) وهذا المدعى اما الدليل على ذلك هو ان : "العقائد مختلفة والاديان متباينة ومتناقضة او متضادة فلو قلد هذا الشخص في المسألة العقدية فانه يحتمل ان يكون ذلك الطرف الاخر على الحق "لأن الفرض انه مقلد"ويحتمل بالوجدان انه على باطل وان دينه مخالف للواقع مما يعرضه للعقاب الدائم" ونضيف على كلامه ان الاحتمال الخطير خاصة في شؤون الاخرة وان كان ضعيفا جدا فهو منجز وبتعبير كفاية الموحدين(وشؤون الاخرة سواء أقطعت ام ظننت ام احتملت فهي من الخطورة بمكان بحيث ان اكبر اضرار الدنيا واهوالها ومخاطرها لا تعدل ادنى اهوال الاخرة) اذن الاحتمال وان كان ضعيفا حتى ولو كان واحدا بالمليون ولكن حيث كان المحتمل خطيرا جدا جدا وهو الخلود في النار فحتى هذا الواحد بالمليون ، منجز . 
لا يقال: ان هذا الاحتمال ملغى بنظر العقلاء؟ فانه يقال:نعم هذا ملغى في الامور الدنيوية لأن العذاب فيها محدود فقد يقتحم وقد لا يقتحم،فلو كان الامر خطيرا كاحتمال انتهاك عرضه مثلا فحتى لو كان الاحتمال ضعيفا كواحد بالالف فانه منجز ، ولو كان المحتمل احتراق بلدة فقد يتنجز الاحتمال حتى لو كان واحدا بالعشرة الاف مثلا ، اما الخلود في النار فانه ابدي سرمدي فيكون حتى الواحد بالمليون منجزا والنتيجة ان الاجتهاد مبرء قطعا وانه المؤمن واما غيره اي التقليد فليس بمؤمن . 
ثم ان الوالد في الفقه يضيف:هذا الكلام كله خاص بغير القاصر اما القاصر فأنه لو طابق اعتقاده الواقع فقلد ولم يخطر بباله وجوب النظر و الاجتهاد فهذا ان اصاب في تقليده الواقع فهو وان لم يصب الواقع فان مقتضى (قاعدة العدل) ان يعاد امتحانه في الاخرة 
هذا هو الدليل الاول وخلاصته استقلال العقل بان الاجتهاد في الاصول مؤمن من العقاب ولا نعلم حكمه بمؤمنية التقليد بل يعلم حكمه بالعدم ، فليتامل جيدا لان المسالة شديدة الابتلاء ،والامر دائر بين محذورين اذ لو ذهبنا الى هذا الرأي فقد يقال بان اكثر الناس عاصٍ بل قد يكون عامتهم ومن جهة اخرى فاننا اذا فتحنا باب التقليد فسوف نغلق الطريق على هداية اتباع الاديان الاخرى للهداية لأنه لا ملزم لهم حينئذ بالاجتهاد والنظر بل لهم الاكتفاء بالتقليد بدعوى ان العقل لا يحكم بوجوب النظر !! 
ونضيف وجها اخرا لكلام الفقه فنقول في الاستدلال على ان الاجتهاد في اصول الدين هو المتعين وانه المبرء للذمة فقط ب: انه لا ريب في ان الاجتهاد اقرب في الاصابة من التقليد او قل انه لا ريب ان المجتهد اقرب للاصابة من المقلد والاجتهاد اقرب في الايصال للواقع من التقليد ، وهذا امر بيّن فان من يجتهد في الطب ويكتشف المرض والعلاج بنفسه في مقابل اخر مقلد يقول ان ابي قال كذا فلا شك في ان الاول اقرب للواقع واذا كان اقرب للواقع فهو المؤمن اما غيره فالفاصل الاحتمالى وان كان ضئيلا الا انه يخرجه عن دائرة (المؤمن) عقلا 
لكن هل ان هذا الوجه الثاني هو وجه اخر ؟ ام ان التحقيق يقتضي ان الوجه الاول يعود في عمقه للوجه الثاني اي ان لمّية الوجه الاول تعود الى الثاني بمعنى انه لِمَ احتمل المقلد بان الاديان الاخرى على حق وان دينه على باطل ؟ 
السبب في ذلك هو : لأن المقلد اقرب للخطأ بينما المجتهد اقرب للاصابة ، فلو اجتهد فانه وان وصل الى الظن المعتبر وكان بالوجدان يحتمل الخطأ الا ان احتمال الخطأ فيه اضعف من احتمال الخطأ في المقلد ، فهل الامر كذلك وان المجتهد اقرب للاصابة من المقلد ؟ 
فقد يقال: كلا لأن مآل التقليد للاجتهاد ، فيتساوى التقليد الذي مآله للاجتهاد مع الاجتهاد الاخر المباين في نسبة احتمال الاصابة والفرق في الذاتية والعرضية لا غير ، غاية الامر الاجتهاد حجيته ذاتية (على فرض التنزل والا حجيته ليست ذاتية بل هي مجعولة والقطع حجيته ذاتيه فقط) اما التقليد فحجيته عرضية مكتسبة من الاجتهاد . 
اللهم إلا أن يقال: بان ما ذكر هو حال الشخص الثالث الناظر للمجتهد والمقلد فهو يراهما بما هما بقطع النظر عن معرفته بالحقيقة او ملاحظته لها ، وعدمها فهو يراهما متساويين من حيث الاصابة وعدمها ، لكن الكلام في المقلد نفسه والمجتهد نفسه وليس في الشخص الثالث فلو كان امامي طريقان الاجتهاد والتقليد فايهما اتبع؟فان الانسان يرى بالوجدان انه لو اجتهد فسوف يرى الحقيقة ولو بنحو الظن اما لو قلد فانه مغمض العينين متكئ على الغير فبالوجدان يرى ان الاجتهاد احتمال اصابته في حدود معرفته اكثر من احتمال اصابته لو قلد 
اذن ستكون النتيجة من جديد ان الاجتهاد اقرب للاصابة 
اللهم الا ان يستشكل على هذا الدفاع بالقول: لا يخلو حال المقلد والمجتهد من ان يكونا مطمئنين بالاصابة او لا يكونا مطمئنين فان كانا مطمئنين فكلاهما سيان اي المقلد المطمئن (مثل اكثر عوام الشيعة واكثر عوام العامة) لا يرى احتمال اصابة مجتهدي الملة الاخرى اكثر من احتمال اصابته هو ، والمجتهد كذلك فالمجتهد الشيعي المطمئن ومجتهدهم المطمئن لا يرى احتمال الاصابة في الاخرين (مجتهدين ومقلدين) اكثر من احتمال اصابته هو 
اذاً : الصورة الاولى هي انه لو فرضنا المجتهد مطمئنا والمقلد مطمئنا فانه بالنظر لحالهما فالمجتهد والمقلد سيان في عدم احتماله اصابة غيره 
واما ان كانا غير مطمئنين فهما ايضا سيان فان المجتهد الشاك في مسألة من المسائل وكذلك المقلد الشاك كلاهما وجدانا احتمال اصابته ، في نظره للواقع مساو لاحتمال اصابة الاخر , اذن رجعنا الى المحذور السابق وان الاجتهاد لا يرجح على التقليد في نظر الشخص المكلف بشيء فما هو المخلص من هذا الاشكال؟ واذا لم يكن مخلص فسيكون الاجتهاد والتقليد سيان وهذا يعنى ان المسلم والمسيحي مثلا اجتهدا او لم يجتهدا سيان من حيث احتمالهما الاصابة او الخطأ ؟ 
هناك وجهان بل ثلاثة للرد على هذا الاشكال: 
الوجه الاول: ان يقال بالرجحان الذاتي للاجتهاد على التقليد في الشاك المخير بين الطريقين ، وذلك يشهد له الوجدان ، فانت في صحراء موحشة قافلة وامامك خمس طرق مثلا احدها هو المنجي ، ثم خيرت بين ان تتعبد بكلام خبير فتتبعه وبين ان تجتهد وكانت الحجج والادلة موجودة متوفرة لديك اي كنت قادرا على ان تجتهد وتصل الى الطريق المنجي بنفسك فالانسان بوجدانه يرى الرجحان للاجتهاد على التقليد فاذا وجدنا ذلك بالوجدان كما لعله كذلك –اوهو المستظهر- فيكون ما ذكر شبهة مقابل بديهة فلا اعتناء بها وان لم نستطع بيان وجه الاشكال والخلل 
وحاصل هذا الجواب الارجاع الى الوجدان واذا وصل الامر للوجدان انقطع السؤال ، واذا لاحظنا ذلك في المهالك الدنيوية فوضع الاخرة اولى ، وهناك جوابان اخران سيأتي الكلام فيهما ان شاء الله تعالى 
وصلى الله على محد واله الطيبين الطاهرين ..... 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=379
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 6 جمادي الثاني 1433هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23