• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1432-1435هـ) .
              • الموضوع : 121- استدلال (القوانين) على وجوب النظر بان فيه دفعاً للخوف الواجب ازالته ، واشكالات ثلاثة على ذلك ، وجوابنا عنها .

121- استدلال (القوانين) على وجوب النظر بان فيه دفعاً للخوف الواجب ازالته ، واشكالات ثلاثة على ذلك ، وجوابنا عنها

 بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
كان الكلام حول الدليل الاول الذي اقيم على وجوب الاجتهاد في اصول الدين وعدم كفاية التقليد, واجمال الدليل:ان في التقليد احتمال الضرر البالغ وهو العقوبة الاخروية والهلاك الابدي اما الاجتهاد فهو المؤمن من ذلك الاحتمال للضرر البالغ وقد مضى الكلام فيه وما اورد او يمكن ان يورد عليه وبعض الاجوبة 
اما صاحب القوانين فقد قرر الدليل بوجه اخر ثم نقل الاشكال على الدليل بوجوه ثلاثة ثم اجاب عنها بما حاصله تسليم تلك الاشكالات لكن سيتضح ان تسليم صاحب القوانين غير تام وان الاشكالات الثلاثة غير صحيحة 
ولننقل اولا الدليل كما قرره ثم الاشكالات الثلاث ثم اجابة صاحب القوانين التسليمية ثم مناقشاتنا الثلاث لأدلة المستشكلين الثلاث: 
ونص عبارة صاحب القوانين : ان المعرفة انما تتم بالنظر لأن التقليد لا يفيد الا الظن وهو لا يزيل الخوف وما لا يتم الواجب الا به فهو واجب فالنظر واجب وتقرير هذا الدليل ببيان اخر هو : التقليد في اصول الدين لا يفيد الا الظن وهذه هي الصغرى 
ونغير عبارته بما يلائم شروط الشكل الاول : (وما لا يفيد الا الظن لايزيل الخوف من العقوبة الاخروية ),هذا من جهة 
ومن جهة ثانية:النظر والاستدلال يفيد (المعرفة) بنحو لقطع فيكون هو المزيل للخوف وحيث ان ازالة الخوف واجبة عقلا فما لا يتم الواجب الا به (اي النظر والاستدلال)واجب. 
ولابد من بيان الفرق بين هذا الوجه و الوجه السابق والفرق هو في كلمة واحدة وهي ان الاستدلال السابق الذي اعتمده الميرزا اسماعيل الطبرسي في كفاية الموحدين والوالد في الفقه كان محوره (الاحتمال) واما هذا الاستدلال فمحوره (الخوف) وسيأتي توضيح النسبة والفرق بينهما ان شاء الله تعالى هذا اولاً 
ثم ان صاحب القوانين استشكل بوجوه ثلاثة ونص عبارته( قد يمنع استلزام مجرد التجويز الخوف )اي مجرد احتمال الخلاف ومجرد كون الظن التقليدي مستبطنا لاحتمال الخلاف لا يلزم منه الخوف من الهلاك (وان ذلك "الخوف"ربما يحصل لبعض الناس دون بعض فلا وجه للاطلاق) فليس كل احد يخاف من العذاب الابدي وليس كل احد يخاف فيما لو قلد من العقوبة نعم البعض لعله كذلك 
وحاصل هذا الاشكال :ان هذا الدليل اخص من المدعى وانه لا يثبت الوجوب للنظر بالجملة بل يثبت وجوبه في الجملة اذن لا يحكم العقل بوجوب النظر مطلقاً 
اذاً هذا القول يفصل وصاحب القوانين يسلم ويقول نحن نفصل ونقول لا اطلاق قال صاحب القوانين (كمن قلد محقا وجزم به واطمئنت به نفسه) فلا خوف ، وفي اخر كلامه : (حتى من قلد مبطلا واطمأن فلا يحصل له خوف بتركه اصلا ) فلا حكم للعقل بوجوب ازالة الخوف 
ثم يذكر صاحب القوانين الاشكال الثاني(وان فرض احتمال التضرر بالتقليد فهو لا يوجب الخوف )وهذه نقطة محورية في الاستدلال وبها يتضح التفكيك بين (الاحتمال) الذي هو محور الاستدلال السابق و(الخوف) الذي هو محور هذا الاستدلال اذ يري انه صحيح ان هذا المقلد غير قاطع وانه يحتمل احتمالا ضعيفا انه على خطأ لكن هذا الاحتمال لا يوجب له الخوف نعم قد يوجب الخوف لبعض الناس لكن لا يوجبه لكل الناس اذن هذا الشخص غير الخائف لا يجب عليه النظر فلا يصح الاطلاق القول بوجوب النظر 
الاشكال الثالث(وان فرض حصول الخوف فقد يزول بما ظن به)وهو التقليد(اذا شكره على حسب ما ظن)اي شكر الخالق بان صام وصلى على حسب هذا التقليد ثم أجاب صاحب القوانين ب(ونحن لا نحكم بالوجوب مطلقا)اذن سلّم الاشكال لان المستشكل يقول بان الخوف لا يوجد لكل احد واذا وجد فقد يزول بالظن وصاحب القوانين قبل كلامه بل نزّل كلام المطلقين لوجوب النظر كالعلامه على هذا التسليم التنزلي اذ يقول(ولابد ان ينزل اطلاق كلام العلماء مثل العلامه في الباب الحادي عشر على ذلك )اي على ما لو حصل الخوف وعلى ما لو لم يزل بالظن ويستدل صاحب القوانين ويؤكد كلام المستشكل وتنزله التسليمي بدليلين نرى انهما لا ربط لهما بمحل الكلام في الجملة كما سيأتى بيانه اذ يقول : (اذ من اصولهم الممهدة وقواعدهم المسلمة عدم تكليف الغافل وعدم التكليف بما لا يطاق) 
ثم ان صاحب القوانين يرد منكر الخوف مطلقا (وانكار حصول الخوف مطلقا مكابرة... الى اخر كلامه)اذن هو يقبل كلام المفصل ، وينكر من جهة حصول الخوف مطلقا وينكر عدم حصول الخوف مطلقا 
ونقول:اما وجه الفرق بين الوجهين وهما الاول و محوره الاحتمال والثاني محوره الخوف فيظهر الفرق في وجهين: 
الاول: في النسبة فالنسبة بين الاحتمال والخوف هي العموم والخصوص من وجه اذ قد يحتمل الخطر والضرر ولا يخاف كالشجعان والمتهورين وهكذا في الانسان العادي في بعض درجات الخطر فقد يحتمل الخطر ولا يخاف وقد يخاف ولا يحتمل الخطر لأنه قاطع به فاذن مادة الافتراق للخوف عن الاحتمال هي القطع وقد يجتمعان كما في المحتمل الخائف 
وقد يفرق بينهما من حيث المنشأ بأن يقال ان منشأ الاحتمال هو العقل ومنشأ الخوف هو النفس لذا لا تلازم فقد يحتمل عقلا وجود الخطر لكن نفسه لا تتفاعل مع ذلك الاحتمال العقلي لكن لدى التأمل هذا التفريق غير تام لأن الاحتمال كما يكون من العقل فقد يكون من النفس والخوف كما يكون من النفس فقد يكون من العقل وهذا الكلام فيه تأمل لكن لا يهمنا الان تحقيق ذلك بل يكفينا ان النسبة بينهما من وجه 
اما الاشكال الثاني بحسب ترتيبنا لكلام القوانين:ونص عبارته(وان فرض احتمال التضرر بالتقليد فهو لا يوجب الخوف )ومعناه ان المدار في حكم العقل بوجوب الاحتياط بالنظر والاستدلال هو الخوف فلو فرض ان احتمال التضرر بالتقليد لم يوجب الخوف فلا يجب الاحتياط بالنظر 
فالجواب عنه ، اولا : ان محور حكم العقل بوجوب الاحتياط وبوجوب دفع الضرر ليس هو الخوف او ليس هو الخوف وحده بل الاحتمال ايضا او الاحتمال وحده فالمحور اما هو الاحتمال وحده او الاحتمال احد المحورين ولذا نجد لو ان شخصا احتمل العقاب الاخروي بنسبة 40% مثلا لكنه لم يخف فهل يعد عند العقلاء معذورا لو لم يحتط؟ ومثال اخر:لو ان شخصا احتمل ان يهتك عرضه لو دخل المكان الفلاني لكنه اقتحم ودخل اذ لم يخف- لكونه لا اباليا او متهورا- فهل هو معذور؟ قطعا هو غير معذور اذاً حكم العقل بلزوم الاحتياط ودفع الضرر ليس دائرا مدار الخوف وحده بل هو دائرا مدار الاحتمال ايضاً اذاً نقول للمستشكل ولصاحب القوانين :لا يصح ان نقول انه حيث لا خوف فلا وجوب للنظر بل الصحيح : بما ان الاحتمال موجود والاحتمال في الامور الخطيرة منجز حتى لو كان واحدا في الالف فعليه ان يسلك الطريق الذي يدفع هذا الاحتمال (وهو النظر لا التقليد) 
ثانياً: نقول سلمنا ان المحور هو الخوف وحده لكن هل لو لم يخف فلا يجب عليه النظر ؟ والجواب كلا لأن الخوف الذي يحكم العقلاء بوجوب دفعه وازالته هو اعم من الخوف الشخصي والنوعي ، وهذا ما نجده واضحا في بناء العقلاء في مثل المتهور الذي لا يخاف ويقتحم ، فهل يعد معذورا عند العقلاء ؟ والجواب كلا لأن وجوب دفع الخطر ليس خاصا بصورة خوفه الشخصي بل هو عام لصورة الخوف النوعي ايضا اي كل ما من شأنه ان يكون مخوفا عند العقلاء 
تنبيه: مبحث المتهور لم يبحث ظاهرا في الفقه وان حكم المتهور الذي لا يخاف الضرر في موارد يخاف العقلاء الضرر فيها ما هو ؟ و كذلك من لا يراعي التقية في موارد يرى العقلاء ان عليه ان يتقي (كان يصلي مسبلا يديه رغم الخوف العقلائي على حياته وان لم يخف هو)فهل صلاته صحيحة ام لا؟ وهو بحث كثير الابتلاء وفي قبال المتهور الجبان جدا ففي مورد لا يرى العقلاء انه مورد تقيه لكنه يتقي لشدة جبنه ،فهل تترتب عليه الاحكام ام لا؟ هذا كله اذا كان عالما بحاله وانه متهور او جبان اما لو لم يكن عالما بانه جبان جدا فليس محل الكلام ومبحث الجبان مطروق في مثل الجواهر وغيرها 
والحاصل انه هل المقياس هو متوسط الناس –وماقاربهم- في الخوف الشخصي او النوعي ام القياس الشخص بذاته وهناك بحث طويل في هذا المبحث يترك لمحلهاذاً اشكالنا الثاني هو ان الخوف الذي يجب دفعه في بناء العقلاء هو اعم من الخوف الشخصي و النوعي وشؤون الاخرة من الخطورة بمكان بحيث ان النوع يجدون الاحتمال الضعيف جدا منجزا فيه ويجدونه مخوفا واجب الازالة وان لم يخف هذا الشخص وللحديث صلة وسيأـي الكلام في الاشكال الثالث ان شاء الله تعالى وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين ... 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=381
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 8 جمادي الثاني 1433هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23