• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1442-1443هـ) .
              • الموضوع : 484-مناقشة رأي المحقق النائيني في عدم امكان إذن الولي للصبي .

484-مناقشة رأي المحقق النائيني في عدم امكان إذن الولي للصبي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

(484)

المناقشات

وخلاصة كلامه في ضمن نقاط مع مناقشاتها:

1- إمكان اجتماع إضافتين تامتين، على شيء، من جهتين

الأولى: ان اجتماع إضافتين تامتين على شيء واحد غير معقول، والملكية إضافة وكذا السلطنة، فلا يمكن اجتماع ملكيتين تامتين على شيء واحد، ولا يمكن اجتماع سلطنتين تامتين على شيء واحد.

وقد يورد عليه: ان اجتماع إضافتين، كالملكيتين، لشخص واحد على شيء واحد، محال، لأنه من اجتماع المثلين، كاجتماع ملكيةٍ له وعدمها بالنسبة للشيء الواحد فانه من جمع النقيضين.

اما اجتماع إضافتين لشخصين على شيء واحد فانه لا دليل على استحالتها([1]) إذ ليس من اجتماع المثلين ولا الضدين، ولا تزاحم بين الإضافات بما هي إضافات([2])؛ ألا ترى (الاخوة) و(الموازاة) مثلاً، فان كون زيداً أخاً لعمرو مرتين غير معقول ولكن كونه أخاً لعمرو مع كون خالد أيضاً أخاً له، أي لعمرو، ممكن وواقع، فيكون عمرو أخاً لزيد وخالد أي ذا اخوة بالنسبة لزيد وبالنسبة لخالد أيضاً ولا استحالة فكذا ان يكون هذا مملوكاً لزيد ومملوكاً لعمرو؛ فانه لا استحالة من جهة كونها إضافة، فإن كانت استحالة فلجهة أخرى لا لجهة الإضافة.

ويوضحه أكثر مثال الموازي فان الخط الموازي لخط آخر موازٍ له بموازاة واحدة لا بموازاتين وإلا كان من اجتماع الملكين، اما الخطوط الثلاثة المتوازية، فان الأوسط منهما، مثلاً، موازٍ للذي على أيمنه تماماً كما هو مواز للذي على أيسره تماماً وهو بديهي ولا يلزم محال من كون الأوسط موازياً بالنسبة للأيمن تمام الموازاة وكونه أيضاً موازياً للأيسر تمام الموازاة وحينئذٍ فالاستحالة لا تنشأ من قياس الأوسط للأيمن وللأيسر وكونه مقيساً لهما بما هما هما، موازياً تمام الموازاة، بل تنشأ من ضم أمر خارج إلى الموازاة أو إلى الملكية وإضافة قيد بشرط لا (مما لا يكمن في ذات الموازاة أو الملكية) فيقع التضاد بينهما لا لأنهما إضافتان بل لتبرعنا بإضافة قيد بشرط لا فالاستحالة عرضية ناشئة من أخذ القضية بنحو الضرورة بشرط المحمول، ففي مثال الموازاة لو قلنا (ان الخط الأوسط موازٍ تمام الموازاة للخط الأيمن) وقصدنا من (تمام الموازاة) لا بما هما بأنفسهما بل قصدنا به (بشرط ان لا يكون غيره موازياً) فهنا تنشأ المضادة مع كونه موازياً للأيسر.

وفي الملكية بل في السلطنة الأمر كذلك أيضاً، فان كون سلطنتي كاملة على الشيء لا تتضاد مع كون سلطنته كاملة على الشيء إلا إذا ضممنا مفهوم بشرط لا إليها بان نقول: (سلطنتي الكاملة على الشيء مشروطةً بعدم سلطنة غيري عليه، تتضاد مع سلطنة غيري عليه)، وذلك بديهي لكنه من الضرورة بشرط المحمول.

أما سلطنتي الكاملة على الشيء في حد ذاتها بان يكون لي ان أفعل به ما أشاء فليس متضاداً مع سلطنته الكاملة على الشيء بان يفعل ما يشاء، (وإنما ينشأ التضاد من مفهوم السلب كما سبق، وسيأتي مزيد تحليل له) غاية الأمر انهما إذا اعملا سلطنتهما فانها تنفذ على سبيل البدل، تخييراً أو بمرجِّح آخر وقد يكون السبْق فمعه تكون سلطنته السابق الفعلية تامة وسلطنة المتأخر محكومة مقهورة لكنها تكون من باب السالبة بانتفاء الموضوع حينئذٍ. فتأمل وتدبر.

2- كلامه إما خلف أو متناقض

ثانياً: ان قوله (والإضافة إذا كانت مرتبطة بشخص على نحو الاستقلال بحيث كان له التصرف في المال من دون توقف على إذن غيره وكان له المنع من تصرف الغير فيه، يمتنع أن يكون في عرض هذا الشخص شخص آخر تكون له هذه الإضافة، تامة كانت أو ناقصة)([3]) يرد عليه: انه إذا افترضنا انه ليس للولي الإذن في تصرف الغير (كما هو مبناه)([4]) فانها ستكون سلطنة ناقصة لا تامة، هذا خلف.

وبعبارة أخرى: السلطنة التامة لها أربعة أركان: 1- ان يكون له التصرف في الشيء، 2- أن لا يتوقف تصرفه على إذن غيره، 3- أن يكون له منع غيره (كالصبي) من التصرف، 4- وان يكون له الإذن له في التصرف، فبهذه الأركان الأربعة تكون السلطنة تامة إذ بدون الأخير لا تكون سلطنته تامة، إذ أية سلطنة تامة له وهو عاجز عن الإذن لغيره في التصرف فيما هو سلطان عليه؟

والحاصل: انه إذا كانت الأركان الأربعة مجتمعة كانت السلطة تامة، لكن ذلك يتضمن ان يكون له الإذن في التصرف وهو الركن الرابع، فكيف لا يكون له الإذن في التصرف، هذا خلف! وإن قلتم بان للولي الأركان الثلاثة الأولى دون الركن الرابع، كما هو مبنى كلام الميرزا، فلم تكن سلطنته تامة إذاً فأمكن ان يكون للصبي سلطنة ناقصة (مقيدة بإذن الولي) إذ الممتنع اجتماع السلطنة التامة مع ناقصة أخرى، وليس ناقصة مع ناقصة آخر.

بعبارة أخرى: مبناه إما متناقض أو به خلف: فان لم يكن للولي الإذن للصبي في التصرف، فسلطنته ليست تامة هذا خلف إذ انه قد فَرَضَ سلطنته تامة، وإن كان للولي الإذن للصبي في التصرف كانت سلطنته تامة لكنه مناقض لكلامه الآخر (انه ليس له الاذن) بل كلامه متناقض إذ الإذن في التصرف، كما شرحه قدس سره، مغاير للوكالة، ويستبطن ثبوت سلطنة ناقصة للصبي فليست للولي سلطنة تامة إذ السلطنة الناقصة في أحد الطرفين تطرد التامة في الطرف الآخر.

فإذا فرضنا السلطنة تامة استبطنت كونها غير تامة، كان فرض السلطنة التامة محالاً (فكيف بدعوى ثبوتها للولي؟) بل يكفي ان ما يلزم من وجوده عدمه محال، فلا محالة تكون ناقصة وهو المطلوب إذ لا تتزاحم الناقصة مع الناقصة.

وبعبارة رابعة: قوله (وكان له المنع عن تصرف الغير فيه) إنما يصح إذا قصد: (وكان له المنع عن تصرف الصبي وحده، أي استقلالاً، أي بدون إذن) وهو مما نتفق فيه معه وهو خارج محل النزاع، ولا يصح إذا قصد: (وكان له المنع من تصرفه بإذن الولي) إذ إذا أذن كان تصرف الصبي نافذاً فكيف يمنعه وقد نفذ؟ إلا ان يعود إلى رفع يده عن الإذن قبل تصرف الصبي بان يأذن ثم يلغي إذنه لكن هذا ليس مفروض الكلام ولا محل النزاع. وللبحث صلة بإذن الله تعالى.

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين


قال أمير المؤمنين عليه السلام: (مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ). (نهج البلاغة: الحكمة 23).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) أي من جهة صِرف كونها إضافة، والذي هو ظاهر كلامه قدس سره.

([2]) أي مع قطع النظر مثلاً عن خصوصية المتعلَّق، فلو كانت استحالة فمن هذه الجهة لا من برهانه الذي ذكره.

([3]) الدرس السابق.

([4]) إذ صرح، في آخر كلامه الطويل السابق، بـ(وبالجملة: مقتضى هذه المقدمة عدم صحة بيع الصبي لنفسه بإذن الولي أيضا، لاستفادة السلطنة التامة الاستقلالية للولي من الآية الشريفة)

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=3928
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأحد 1 ربيع الثاني 1443 هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15