• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1432-1435هـ) .
              • الموضوع : 143- محتملان في (الشكر الاجمالي) واجوبة اربعة ـ دليلان عقليان اخران على وجوب النظر ـ الادلة السمعية على وجوب النظر ، على نوعين .

143- محتملان في (الشكر الاجمالي) واجوبة اربعة ـ دليلان عقليان اخران على وجوب النظر ـ الادلة السمعية على وجوب النظر ، على نوعين

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
كان الكلام حول الادلة التي ذكرت او التي يمكن ان تذكر على وجوب الاجتهاد والنظر في مسائل اصول الدين وذكرنا من الادلة احتمال الضرر اولاً وخوفه ثانياً ووجوب شكر النعمة ثالثاً , وقد تقدم انه قد استشكل على الدليل الثالث باشكالات عديدة منها ان وجوب شكر النعمة لا يقتضي اكثر من المعرفة الاجمالية ولا يفيد وجوب المعرفة التفصيلية فغايته لزوم ان نعرف بوجه اجمالي الخالق لا ان نعرفه تفصيلا 
وتقدم ان هناك اربعة اجوبة اثنتان للمرحوم كاشف الغطاء واضفنا جوابين وتقدم منا الجواب الاول على هذا الاشكال ، وقبل اكمال باقي الاجوبة لابد من بيان معنى المعرفة الاجمالية وماهو المقصود منها لوجود احتمالين في معناها وكلاهما مورد بحث فيجب معرفتهما لنرى ان ردودنا وادلتنا تنصب على اي الوجهين ؟ 
(الاول):ان يكون المراد بالمعرفة الاجمالية ان المتعرّف عليه (معروف الصفات غير محدود الشخص اومبهم الذات) كما لو كان هناك منعم عليك تعرف انه عالم عادل نجفي او مشهدي ابيض اللون طويل القامة لكن لا تعرفه بشخصه فانه يبقى غير محدد الشخص اذ من الواضح منطقيا ان الكليات مهما اجتمعت وتكثرت لا تشكل جزئيا لان التشخص والجزئيه ملاكه الوجود فلو اجتمعت مئات الالاف من الكليات الى بعضها فمع ذلك تكون قابلة بذاتها للانطباق على كثيرين 
(الثاني):ان المراد كون المتعرف عليه (محدد الذات مبهم الصفات) على العكس من الصورة الاولى تماما بان يكون شخصه محددا بان يكون مشارا اليه مثلا الا ان صفاته مجهولة كما لو رأى شبحا من بعيد الا انه يجهل ماهو وما هي صفاته هل هو بشر او فرس واذا كان بشرا فمن اي البشر هو ؟
اذن هناك صورتان من المعرفة ، وفي المقام كلا الامرين مورد بحث فيجب التعرف على الله سبحانه وتعالى من كلا الجانبين في الذات والصفات اما الصفات فلا بد ان تعرف انه عالم عادل حي غني الى اخر صفاته تعالى اما الذات فعلينا ان نعرف الله سبحانه بما يشير الى شخصه لا الى مصداق اخر فمشكلة الوثنيين في الغالب هي في تشخيص الذات والمصداق فالبعض منهم يقر ان الله عالم قادر وغيرها من الصفات اذا عرفها ولكن يمصدقها في الحجر مثلا او في عيسى عليه السلام او في روح القدس 
اذن يجب علينا كلتا المعرفتين الاولى ان نعرف الهد معرفة تفصيلية بالصفات التي يمكن ان ينالها العقل او التي دل عليها السمع وثانيا ان نعرف الله او نشير اليه كحقيقة وجودية مصداقية خاصة 
وهنا اشارة وتفصيلها في محله:ان الفارق بين الادلة الفلسفية والكلامية من جهة والادلة الفطرية من جهة ثانية ان الادلة الفلسفية والكلامية لا تثبت الا الكلي مثلا ان برهان ابطال الدور اوالتسلسل لا يثبت الا وجود اله جامع للشرائط وجامع لصفات الالوهية لكن ذلك لا يحدد المشار اليه بشخصه فمثلا الاستدلال باننا نقول نحن لم نخلق انفسنا فلابد من خالق فاما ان يكون غنيا بالذات وواجب الوجود فهو الله واما ان لا يكون كذلك فيلزم الدور او التسلسل ،وبذلك نكون قد اثبتنا الكلي ولم نثبت المصداق والجزئي (ان صح التعبير بذلك في الله جل وعلا) اذن الادلة الفلسفية والكلامية قاصرة عن اثبات وجود الله سبحانه كمشار اليه و كشيء محدد ، نعم هي تثبت وجودا ذا صفات كلية اما الذي يثبت الوجود المشخص لله (اي ما يفيد المعرفة بالعيان) فهو الفطرة وهذا له بحث مفصل وقد اشير له في الايات والروايات ومن ذلك انه ربما تعرض للانسان حالات تسهل عليه فهم هذا الكلام كما في بعض حالات السجود او الزيارة او الخوف او القلق الشديدين فتحصل حالة التعلق ويناجي العبد ربه الله مباشرة ويشعر بوجود مهيمن عليه يخاطبه مباشرة والحاصل ان وجوب شكر المنعم يقتضي معرفته تعالى من وجهين: 
(الاول):الصفات .(الثاني):الذات وليس مقصودنا حقيقة الذات وانما تحديد المشار اليه بمعنى انها ذات محددة ومشخصة هي منشأ الوجود 
وجوابنا الاول كان جوابا يغطي كلا الجانبين فقد استدللنا بالعنوان والمحصل وهو يفيد ان وجوب شكر المنعم لمعرفته في كلا البعدين بحيث يكون معروف الصفات محدد الذات 
الجواب الثاني وهو لكاشف الغطاء في النور الساطع في الفقه النافع يقول :(ان العقل حاكم بالشكر له بعينه لا بوجه عام) فهذا الجواب رد للمعرفة الاجمالية بمعنى الاكتفاء بكونه "معروف الصفات غير محدد الذات" فيقول هذا لا يكفي فانه لو قال العبد اشكر منعمي العالم العدل لكنه لم يكن يعلم انه هذا او ذاك فذلك لا يكفي ما دام المشكور غير محدد يقول (فان الشخص اذ شكره بوجه عام لم يرَ الشكر لشخصه وذاته ، وانما الشكر الجهة النوعية) وواضح ان مصب كلامه على الوجه الاول اي كون المنعم معروف الصفات غير محدد الذات ، وهذا جواب صحيح والعقل يحكم به فانه يحكم بان الشكر للعام المتصف بصفات كالعالم والعادل وغيره لا يكفي بل عليك ان تتعرف عليه وتشكره شخصيا اما بقول او عمل او بدعاء وان كان يمكن القول بكفاية الاشارة للشخص ان تعذر الاكثر من ذلك هذا هو الجواب الاول لكاشف الغطاء 
الجواب الثاني له مصبه المعنى الثاني بان يكون (مجهول الصفات محدد الذات) فيقول هذا ايضاً لا يعد شكرا فلو كنت تعرف ان هذا الشخص المجهول الجالس في الستار هو المنعم عليك لكن لم تكن تعلم انه كافر او مسلم عالم اوجاهل امرأة او رجل فكيف تشكره ؟ لأن الشكر ينبغي ان يكون مناسبا لحال المشكور وما لم تعرف الصفات لا يمكن شكره بما يناسبه اذن جواباه احدهما مصبه الوجه الاول والثاني مصبه الوجه الثاني ويمكن بوجهٍ التعميم مع التصرف في بعض كلامه ، ونص كلامه في الجواب الثاني(ان الشكر متقوم بكونه مناسبا لحال المشكور) ولا يكون مناسبا الا لو عرفته بصفاته ولا يكفي ان تحدد ذاته (فاذا لم يعرف المنعم بخصوصه)اي بخصوص صفاته (لم يحرز ان الشكر قد وقع على قدر منزلته وجلالة قدره) هذا هو الجواب الثالث وهذا الجواب يمكن تعميمه بتصرف ما لكلا الوجهين بالتدبر 
الجواب الرابع الذي اضفناه ان نقول:ان الاشكال على شكر النعمة كان (ان الشكر لا يقتضي الا المعرفة الاجمالية) فنقول ان برهان شكر النعمة كان من وجوهه (الاستحقاق) والاستحقاق يقتضي كلا المعرفتين فانه حيث استحق العبادة جل اسمه واستحق المعرفة فان هذا الاستحقاق الذاتي يقضي ان يكون متعرّفا عليه بالصفات والذات اذ ان برهان الاستحقاق يقتضي كلا المعرفتين فليتدبر 
وبتعبير اخر: ليس الشكر العام مما يقابل به الاستحقاق او يوفى به حقه. وبهذا تمت االاشكالات والاجوبه على دليل شكر النعمة 
اذن هذه كانت ادلة عقلية ثلاثة على وجوب معرفة الله سبحانه وعلى وجوب الاجتهاد وفي المعرفة وبحسب التتبع الناقص لما ذكره علماء الاصول كالقوانين والفصول او علماء الكلام كما في كفاية الموحدين وحق اليقين ، لم اجدهم تطرقوا هذه الادلة الثلاث ، لكن هناك دليلان عقليان اخران تقدم تفصيلهما نذكر اشارة فقط: 
الدليل الرابع الذي يمكن ان يستدل به على وجوب معرفة الصانع وعلى وجوب النظر هو:برهان جلب المنفعة البالغة الذي كان احد ملاكات الوجوب العقلي كما تقدم فنقول:انه يحتمل على اقل التقادير ان يكون شكر المنعم (بمعرفته عن نظر) جلبا لمنفعة بالغة الدليل الخامس:هو برهان الاستحقاق وقد تقدم تفصيله وتقدم ذكر كلام الامام علي عليه السلام(...لكن وجدتك اهلا للعبادة فعبدتك) فاما ان نقول ان المعرفة مصداق العبادة اوهي اجلى المصاديق كما هو الاصح بناءا على المصداقية واما ان نقول ان المعرفة كالعبادة ملاكا اذن الاستحقاق يقتضي المعرفة اي ان استحقاق الله الذاتي لأن يعبد اقتضى ان يعرف عن نظر 
هذه هي الادلة العقلية، والان ننتقل الى الادلة السمعية من ايات وروايات فنقول:الادلة السمعية على نوعين : 
(الاول): الادلة التى تشير الى نفس الادلة العقلية المتقدمة (الثاني): الادلة التعبدية 
اما القسم الاول فهي كثيرة ولكن نشير اليها كقوله تعالى (ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة) فهو اشارة الى برهان دفع الضرر البالغ المحتمل فكيف بالمقطوع وكذلك اشارة الى برهان المخوف فان في ترك ذلك القاء للنفس في التهلكة وقوله تعالى(ان اشكر لي ولوالديك)اشارة الى برهان وجوب شكر المنعم وقوله تعالى(اعملوا آل داود شكرا) والايات كثير ولا داعي للاطالة لأن مساق البحث فيها واضح 
اذن هناك ايات وروايات تؤكد الادلة العقلية والتعبير الاصح تشير لأنا نرى التأسيس لا التأكيد ولكن:ما هي الفائدة الى الاستناد الى الادلة السمعية المشيرة الى الادلة العقلية؟ نقول ان الفوائد كثيرة اشرت الى عدد منها في كتاب الاوامر المولوية والارشادية نشير الى اثنين منها: 
(الاول):التأكيد وهو المعروف 
(الثاني):ثمرة عملية وهي ان الادلة العقلية ادلة لبية يقتصر فيها على القدر المتيقن لو لم يحكم العقل جازما بالعموم كما في حسن العدل اما الادلة السمعية فلها اطلاق فكلما كان هناك دليل عقلي وجاء دليل سمعي مطابق له ففي موارد الشك يتمسك باطلاق الدليل السمعي كقوله تعالى(اعدلوا هو اقرب للتقوى) وهذه فائدة وثمرة مهمة وللبحث صلة تأتي ان شاء الله تعالى وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين.. 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=403
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 11 رجب 1433هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23