• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الظن (1442-1443هـ) .
              • الموضوع : 064-المناقشة: البحث عن ثبوت التكليف وليس عن سقوطه والامتثال .

064-المناقشة: البحث عن ثبوت التكليف وليس عن سقوطه والامتثال

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

(64)

البحث عن ثبوت التكليف لا عن سقوطه بالإمتثال

وبعبارة أخرى: الكلام يقع تارة عن ثبوت التكليف وأخرى عن سقوط التكليف، قال الأخ الأكبر (قدس سره) (المبحث الأول: في عدم اقتضاء الظن الحجية بذاته

وفيه مقامان:

المقام الأول: في عدم اقتضاء الظن للحجية بذاته في مرحلة إثبات التكليف، أي أنّ الظنّ ليس حجة بذاته في تنجيز الحكم المظنون.

المقام الثاني: في عدم اقتضاء الظن للحجية بذاته في مرحلة إسقاط التكليف، أي أنّ الظن ليس حجة بذاته في التأمين عن التكليف الذي اشتغلت به ذمّة المكلّف قطعاً)([1]).

والبحث في حجية الظن المطلق وعدمه، على الإنسداد بل وعلى الإنفتاح، بحث عن ثبوت التكليف بالظن المطلق وأنه يثبت به، كما يثبت بالظن الخاص كخبر الثقة، وليس بحثاً عن إسقاطه بالإمتثال وهو (أي هذا الأخير) هو الذي نقل الشيخ كلامه إليه.

وبوجه آخر: قال السيد البروجردي (قدس سره): (وبعبارة أخرى: البحث في العلم الإجمالي وكذا الظن في جهتين:

1- في مقام إثبات التكليف به وتنجزه بسببه.

2- في مقام إسقاط التكليف المنجز وإمتثاله بعد الفراغ عن تنجزه قبلاً. والبحث في دليل الإنسداد إنما هو في الجهة الأولى، إذ البحث في إثبات تنجز ما أدى إليه الظن من المعلوم بالإجمال بسبب قيام الظن، ومراتب الإمتثال مربوطة بالجهة الثانية)([2]).

المقامات الثلاث: ثبوت التكليف وسقوطه ككلي وإمتثاله

والتحقيق: أن المقامات ثلاثة:

أ- ثبوت التكليف ككلي، بالظن المطلق أو غيره، كالظن الخاص أو العلم.

ب- سقوطه، كحكم كلي بالظن المطلق أو غيره والمراد من سقوطه كحكم كلي

1- الناسخ، فهنا أمران: الأول: أنه هل يكتفى في ثبوت الحكم الكلي بالظن المطلق؟ الثاني: أنه على فرضه أو فرض عدمه([3]) وقيام ظن خاص عليه، هل يكتفى في نسخه بالظن، إذ يمكن أن يكون المولى في مقام التشريع متشدداً وفي مقام سقوط تكاليفه موسّعاً، كما يمكن بالعكس، وقد يكون في كلا المقامين موسعاً مسهلاً أو مشدداً مصعّباً.

2- ويراد من سقوطه كحكم كلي، المخصّص والمقيّد والحاكم، فهل يكتفى في المخصص وأخويه بالظن المطلق أو لا، وذلك بعد مرتبة البحث عن أنه هل يكتفى في ثبوت الحكم العام به أو لا؟

ج- سقوطه كحكم جزئي في حق هذا المكلف، بالظن المطلق بإمتثاله له([4])، أو فقل: ج- تحقق إمتثال ما ثبت من التكاليف، بالإمتثال الظني أو غيره.

وقد نقل الشيخ الكلام إلى هذا الأخير مع أن البحث في الحجج، سواء أكانت من باب الظن النوعي الخاص أم من باب الظن المطلق والإنسداد، عن الأول والثاني دون الأخير فإنه بحث لاحق، وقد سبق أنه بحث عن ما هو في رتبة المعلول ولذا قال السيد البروجردي أيضاً: (أقول: الظاهر عدم إرتباط مراتب الإمتثال بما نحن فيه لوجهين:

الوجه الأول: أن مراتب الإمتثال إنما هي فيما إذا كان التكليف ثابتاً معلوماً منجزاً لا إجمال فيه فتصدى الإنسان لإمتثاله، فيتصور فيه المراتب المذكورة وفيما نحن فيه يكون البحث في أصل تنجز التكليف وأن المتنجز ما أدى الظن إلى ثبوته)([5]).

كيفية تغيير محور البحث عما بناه عليه الشيخ (قدس سره)

أقول: وعليه: كان ينبغي للشيخ أن يغيّر محور بحثه مما بنى عليه بحثه: (أنّه إذا وجب عقلاً أو شرعاً التعرّض لإمتثال الحكم الشرعي، فله مراتب أربع:

الأولى: الإمتثال العلمي التفصيلي،...

الثانية: الإمتثال العلمي الإجمالي، وهو يحصل بالإحتياط.

الثالثة: الإمتثال الظني، وهو أن يأتي بما يظن أنه المكلّف به.

الرابعة: الإمتثال الإحتمالي، كالتعبّد بأحد طرفي المسألة من الوجوب والتحريم، أو التعبّد ببعض محتملات المكلّف به عند عدم وجوب الإحتياط أو عدم إمكانه)([6]):

إلى (التنجز) بأن يقال: (إن تنجز التكاليف له مراتب:

الأولى: التنجز العلمي التفصيلي.

الثانية: التنجز العلمي الإجمالي أو التنجز بالعلم الإجمالي.

الثالثة: التنجز الظني أو التنجز بالظن.

الرابعة: التنجز بالإحتمال).

وذلك بناءً على تفسير الحجية بالمنجزية والمعذرية، وأما على تفسيرها بالكاشفية فينبغي أن يقال: (إن كاشفية الطرق والأمارات عن أحكام المولى على أنواع ومراتب:

الأولى: الكاشفية العلمية.

الثانية: الكاشفية الإجمالية.

الثالثة: الكاشفية الظنية.

الرابعة: الكاشفية الإحتمالية أي كاشفية الإحتمال عن حكم المولى).

وأما على تفسير الحجية بلزوم الإتباع فينبغي أن يقال: (إن لزوم إتباع العبد لأوامر مولاه على مراتب: الأولى: لزوم إتباع العلم التفصيلي... الخ).

وهذا الأخير أيضاً سابقٌ رتبةً على الإمتثال إذ يقال: حيث لزم إتباع العلم أو العلمي أو الظن المطلق، فهل يُكتفى في مقام إمتثال العلم أو الظن أو الإحتمال الذي لزم إتباعه، بعمل يحتمل كونه / أو يظن كونه إمتثالاً أو لا بد من العلم بكونه إمتثالاً أو على الأقل قيام الظن الخاص على كونه إمتثالاً؟.

والوجه في ذلك: أنه لا تلازم بين المراتب في المقامات السابقة إذ قد يقال: بأنه: في مرحلة ثبوت التكليف لا بد من العلم، ولكن في مرحلة إمتثاله يُكتفى بالظن بالإمتثال، أو العكس، وسيأتي الوجه في ذلك بإذن الله تعالى.

الفرق بين المقامات

تنبيه: الفرق بين المقامات السابقة بيّن: لأن الإمتثال عمل قائم بالمكلف، وأما التنجز فقائم بالحكم نفسه وأما الكاشفية فقائمة بالدليل على الحكم، وأما لزوم الإتباع فإنه حكم متعلق بالمكلف ويتفرع عليه أنه إذا لزم إتباع هذا الظن مثلاً، ففي مقام الإمتثال والعمل هل يلزم العلم بالفراغ أو يكفي الظن... إلخ. وللبحث تتمة بإذن الله تعالى.

وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين

قال الإمام الصادق (عليه السلام): ((كُونُوا دُعَاةً لِلنَّاسِ بِغَيْرِ أَلْسِنَتِكُمْ لِيَرَوْا مِنْكُمُ الْوَرَعَ وَالِاجْتِهَادَ وَالصَّلَاةَ وَالْخَيْرَ فَإِنَّ ذَلِكَ دَاعِيَةٌ)) (الكافي: ج2 ص78).


------------
([1]) السيد محمد رضا الحسيني الشيرازي، تبيين الأصول، دار العلم ـ قم: ج2 ص291.

([2]) الشيخ حسين علي المنتظري/ تقرير أبحاث آقا حسين الطباطبائي البروجردي، الناشر: دار تفكّر ـ تهران: ص552.

([3]) عدم الإكتفاء.

([4]) لأنه بالإمتثال يتحقق الغرض وتتحقق الطاعة، فيسقط الأمر وإلا لوجب إمتثاله ثانياً وثالثاً إلى ما لا نهاية له.

([5]) الشيخ حسين علي المنتظري/ تقرير أبحاث آقا حسين الطباطبائي البروجردي، الناشر: دار تفكّر ـ تهران: ص552.

([6]) الشيخ مرتضى الأنصاري، فرائد الأصول، مجمع الفكر الإسلامي ـ قم: ج1 ص431.

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=4082
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 25 جمادى الآخرة 1443هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15