• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1432-1435هـ) .
              • الموضوع : 161- الجواب عنه :1- المرجع (الادلة) لا مصطلح (الفرعية) و(الاصلية) 2ـ هناك واسطة بين (الاصلية) و (الفرعية) وهي مباحث (الحجج) وضرورة تأسيس علم رابع .

161- الجواب عنه :1- المرجع (الادلة) لا مصطلح (الفرعية) و(الاصلية) 2ـ هناك واسطة بين (الاصلية) و (الفرعية) وهي مباحث (الحجج) وضرورة تأسيس علم رابع

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 
كان الحديث يدور حول دعوى صاحب القوانين انه يمكن التمسك بالظن في مسائل اصول الدين بدعوى ان المسألة فرعية وان كان المتعلَّق اصليا، فوجوب معرفة الله مثلاً مسألة من مسائل اصول الدين لكن جواز الوصول الى هذه المعرفة عن طريق التقليد مثلا هو مسألة فرعية، فيصح التمسك فيها بالظن أي بالادلة العامة الدالة على ان المسائل الفرعية يجوز التمسك فيها بالظن والمراد بالظن اما الظن الخاص على الانفتاح او الظن المطلق على الانسداد ,هذا ما ذكره القوانين مع إضافة. 
نقول: يرد عليه اشكالان صغروي وكبروي ,اما الاشكال الاول فانه ليس هناك اصل موضوعي مسلَّم به في عنوان المسألة الاصولية والمسألة الفرعية ليرجع اليه (لا يوجد أصل موضوعي مسلَّم بان مسائل اصول الدين لا يجوز فيها الا العلم ولا يصح تحصيلها الا بمورثٍ للعلم أما المسائل الفرعية فيجوز) بل المسألة خلافية للاختلاف في انه هل يجب الوصول إلى المعرفة في مسائل اصول الدين عن طريق الاجتهاد؟ ام يحرم الاجتهاد في اصول الدين ويجب التقليد كما قال به البعض؟ ام يجوز كلاهما؟ وكذلك في الاتجاه المقابل فانه ليس هناك اصل موضوعي مسلم في المسائل الفرعية , فلم يرجع صاحب القوانين مبحثه الا الى مبحث اخر مشكوك فيه, 
والحاصل أن مورد كلامنا هو انه هل يجوز التمسك بالدليل الظني كالظواهر القرانية لمنع التقليد في اصول الدين ام لا يجوز؟ صاحب القوانين قال يجوز لأن هذه المسألة مندرجة في الفروع وليست مندرجة في الاصول ولو كانت مندرجة في الاصول لما جاز ,نقول هذا الارجاع ارجاع إلى أصل غير مسلَّم ويحتاج الى تنقيح هذا اولا, وثانيا ليس هنالك في الروايات تصريح بفرز هاتين الدائرتين بلحاظ هذا الاثر الخاص الذي هو حجية الظن وعدمه فلو كان عندنا تصنيف في الروايات من هذا القبيل لصح كلام صاحب القوانين بإدراج مسألتنا في الدائرة الفرعية المسموح فيها التمسك بالظن. 
اذا اتضح ذلك فلا بد لنا من الرجوع للادلة الاصلية لنرى ما الذي تقوله الادلة، واما ان نرجع المسألة لاطار واصطلاح خاص مع ان هذا الاصطلاح الخاص غير واضح على ضوء الايات والروايات تصنيفُه من حيث هذا الاثر، فهذا غير صحيح, فعلينا ان نرجع مباشرة للايات والروايات والعقل لنرى هل تدل تلك الأدلة على وجوب الاجتهاد في اصول الدين او لا وهل تدل على عدم جواز التقليد فيها أو على عدم حجيته؟ وعلى الاكتفاء بالظن أو عدمه؟ 
مثلا دليل العقل, فمن ادلة العقل على وجوب معرفة الباري هو شكر النعمة فنبحث هل شكر النعمة يتحقق حصرا بالمعرفة الاجتهادية للباري ام لا؟وان المعرفة التقليدية للباري فيها شكر للنعمة أيضاً هذا هو ما ينبغي أن يبحث, اما توصيف هذه المسألة بكونها اصولية او فرعية فهذا مما لا يحل المعضلة، وكذلك من الادلة العقلية دفع الضرر المحتمل ,فهل دفع الضرر المحتمل يلجؤنا للاجتهاد في اصول الدين ,اذ لا دفع للضرر عبر التقليد كما استند المشهور الى ذلك ,فيجب ان نرجع الى هذه الادلة الاصلية اما توسيط مصطلح معين فلا يحل المشكلة ,مثلا السيد الخوئي في مصباح الاصول يقول: ان الشخص الذي عمل بالظن في مسائل اصول الدين فانه ليس له حظ من نور العلم بالمرة, فهو جاهل صرف, نقول هذا مدعى وينبغي ان يناقش. 
وبعبارة جامعة: الكلام في ان دفع الضرر المحتمل وشكر النعمة وجلب المنفعة والاستحقاق الالهي لأن يُعرف، هل تتحقق بالتقليد او لا؟ هذا هو البحث الصحيح والمجدي لا البحث الاصطلاحي. كذلك الروايات والايات ,لابد ان نرى مقتضاها ما هو؟ فهل المستفاد منها ان تمام الموضوعية للواقع فلو نلته عن طريق الظن لكفى ام يستفاد منها ان الموضوعية لمجموع (المعرفة عن نظر واجتهاد) فلو نلت المعرفة لا عن نظر واجتهاد لما كَفَتْ تلك المعرفة وذلك بأن نستند مثلاً الى قوله تعالى:(إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) وان ظاهر الاية هو ان المجموع عليه المدار وليس الحق فقط أي تمام الموضوعية ليست للواقع الصِرف وانما للواقع الذي انكشف لك بالعلم لا بالظن فالموضوعية للمجموع والمدار على كليهما وان العلم مقوم في الاتجاه المقابل قد يستفاد من اية ثانية عكس ذلك كقوله تعالى(ان الظن لا يغني من الحق شيئا) فظاهرها ان تمام المدار هو الواقع,اذن هذا هو البحث الحقيقي وان هذه الاية ظاهرها هذا او لا؟ وتلك الاية ظاهرها هذا او لا؟ولو تعارض الظاهران ما الذي نصنع؟ اما ان نرجع البحث لمسألة اصطلاحية فلا وجه له لأن الاصطلاح ليس مسلما حكمُهُ. 
هذا اولاً، وهو بحث مهم جداً لأن هذا البحث سيّال يجري في كل الاصطلاحات , وكلامنا مع القوانين عدم صحة ارجاع مسألتنا الى كونها مسألة فرعية ليترتب عليه أن يصح العمل بالظن فيها ,هذا الارجاع غير صحيح ,أي منهجيا غير صحيح لأن المسألة الفرعية بما لها من هذا الحكم ليس مقرراً في الروايات كاصل موضوعي فالارجاع غير صحيح بل يجب أن نرجع للأدلة مباشرة ,هذا هو الاشكال الاول 
الاشكال الثاني ,وهو اشكال عام ويفتح بابا جديدا ولعله يكون تأسيسا لعلم جديد: وهو أن صاحب القوانين جعل القضية حاصرة ,منفصلة حقيقية ,وان هذه المسألة(حجية الظن في اصول الدين) ان لم تكن مسألة أصلية فهي فرعية, لكن نقول هناك وسيط وهذا الوسيط هو الذي ندعو إلى أن يكون علماً جديداً، والحاصل: إنه ليس بالضرورة ان تكون المسألة اما من اصول الاعتقاد واما من فروع الدين، بل يوجد علم وسيط هنا اضيع حقه وهو (علم اصول علم الكلام) مثل (علم اصول علم الفقه) إذ ينبغي ان يكون لنا اربعة علوم لا ثلاثة, علم الفقه واصول الفقه وعلم الكلام والعقائد وعلم اخر غير موجود وهو علم اصول علم الكلام, 
توضيحه: في علم الفقه يبحث عن افعال المكلفين واحكامها: موضوعه فعل مكلفينا غايته الفوز بعليينا فالفقه يبحث عن احكام افعال المكلفين فموضوعه افعال المكلفين، اما الاصول فموضوعه الحجج على الاحكام الفقهية,اما مسائل علم الكلام فمنها وجوب معرفة الله ومعرفة صفاته السلبية والثبوتية ومعرفة المعاد وغيره , فهذا مبحث وهناك مبحث اخر وهو الحجج المعتمدة في علم الكلام مثل الحجج المعتمدة في علم الاصول، وكلامنا الآن يدور حول مسألة من مسائل هذا العلم الذي لم يفرد كعلمٍ إذ إننا نبحث هل مطلق الظن والظواهر حجة في علم الكلام ام لا؟ وهذا بحث في اصل من اصول علم الكلام ,وكما دمج صاحب (الحدائق) الاصول في الفقه وجعله كمقدمة له لكنه غير صحيح، والعلماء قديما وحديثا يرونهما علمين كذلك (علم الكلام) لم تفرز حججه عن مسائله، وكان لا بد من علم يبحث عن (الحجج في علم الكلام) وان التقليد مثلاً هل هو حجة ام لا؟ هذه مسألة, مثال آخر: تصفية الباطن الذي قالت به الصوفية للوصول للمعرفة هل هو حجة ام لا؟ والكشف والشهود الذي قال به العرفاء حجة ام لا؟ اذن هناك امر اخر وسيط ينبغي ان يفرز له علم , ولعل السبب وراء عدم تأسيس هذا العلم انه هو أن الفقهاء استفرغوا الوسع في الفقه فرأوا الضرورة لافراز علم اصول الفقه ,لكن علم الكلام لم يستفرغ فيه الوسع بالمقدار الوافي، مع أنه كان ينبغي ان يكتب فيه مثلاً خمسون مجلداً وكان المفروض ان يفرز لأصوله والحجج عليه علم خاص. ومبحثنا ونقاشنا مع صاحب القوانين يدور حول هذا الوسيط, وليس مبحثنا هل تجب معرفة الباري ام لا ؟ إذ هذه مسألة من مسائل الكلام واصول الدين، بل مبحثنا ان التقليد طريق, حجة, منجز, معذر, كاشف وممضى من قبل الشارع او العقل او ليس كذلك؟والحاصل: انه لا يصح ان تدرج مباحث الحجج على أصول الدين، في فروع الدين فتنزلها ثلاث درجات، كشخص ينزل مسائل علم الاصول إلى الفقه فيكتبها في الشرائع مثلاً، فنحن نتكلم عن الحجج في اصول الاعتقاد وهي التي تكَّون الأساس والارضية لمباحث الفقه والاصول، فكيف تدرج الحجج على اصول الاعتقاد، في الفقه؟ أي ما هو في الدرجة الاولى يدرج في الدرجة الرابعة, إن ذلك غير صحيح لأن التصنيف العقلي لدرجة الاهمية يآباه، مثلا صلاة الليل مستحبة ام لا؟ لا شك أن لها درجة من الاهمية كبيرة, لكن مسألة هل الله موجود ام لا، لا تقاس بها، وهذه كانت من الاصول وتلك من الفروع, اما الحجج على اصول الدين فحجيتها جدا جدا فائقة فكيف تجعلها في درجة مسألة كصلاة الليل مستحبة ام لا ؟ أي البوابة الوسيعة التي نستطيع – أو لا نستطيع- ان نلجها لكي نعتقد ان الله عادل او لا؟ هذه البوابة هل يعقل أن نجعلها بدرجة مسألة صلاة الليل واجبة ام لا؟ إن ذلك عقليا مرفوض , فبناءا على هذا لا يصح ان ندرج مباحث (الحجج على الاعتقادات) في المسائل الفرعية؛ فانها وان لم تكن من نفس المسائل الاصلية الا انها الطرق اليها فلا يعقل ان يكتفى فيها بالظن حسب البحث المبدئي وهذه المباحث يعبر عنها لدى مشهور المنطقيين بالمبادئ التصديقية للعلم فمباحث الحجج هي من المبادئ التصديقية للعلم اللاحق فلا يمكن ان تدرج المبدأ التصديقي الذي يتوقف العلم كله عليه، في جملة المسائل المبرهن عليها بذلك المبدأ التصديقي, وعلى ما ذكرنا قد يورد اشكال يأتي الكلام عنه ان شاء الله تعالى وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين... 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=421
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 14 ذي القعدة 1433هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23