• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1432-1435هـ) .
              • الموضوع : 162- الدفاع عن القوانين بأن البحث عن (الجواز) لا (الحجية) فالمسألة فرعية ـ ثلاثة اجوبة ـ الاسلام له ثلاث اطلاقات ،ومورد النقاش هو الاطلاق الثاني .

162- الدفاع عن القوانين بأن البحث عن (الجواز) لا (الحجية) فالمسألة فرعية ـ ثلاثة اجوبة ـ الاسلام له ثلاث اطلاقات ،ومورد النقاش هو الاطلاق الثاني

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
كان البحث حول دعوى صاحب القوانين بصحة الاكتفاء بالظن والظنون ومنها الظواهر القرانية الدالة على جواز التمسك بالظن، ومنه التقليد في مسائل اصول الدين، وذكرنا انه استدل على ذلك فيما ,استدل بان جواز التقليد في اصول الدين، مسألة فرعية والمسائل الفرعية يكتفى فيها بالظن حسب المشهور واجبنا عن كلامه بجوابين كان ثانيهما ان هناك واسطة بين المسائل الاصلية - او الاصولية - والمسائل الفرعية فليس كلما خرجت المسألة من دائرة المسائل الاصلية دخلت في الفرعية فاكتُفي فيها بالظن 
لكن قد يستشكل على ذلك بان البحث في (الجواز) وليس في (الحجية) والجواز مسألة فرعية اما الحجية فهي مسألة اصولية, توضيح ذلك:ان هناك احكاما تكليفية ومنها الجواز والوجوب والحرمة وهنالك احكام وضعية ومنها الحجية, باي معنى فسرنا الحجية, بمعنى الكاشفية او التنجيز والاعذار, والاحكام التكليفية الظُّن فيها حجة كخبر الثقة ومبحثنا هو في الحكم التكليفي وهو هل يجوز التقليد في اصول الدين او لا؟وهل يجب ا لاجتهاد في اصول الدين تعيينا او لا؟ اذن المسألة في دائرة الاحكام التكليفية وهي يكتفى فيها بالظن، وليست في دائرة الحجية وهي من الأحكام الوضعية لتكون واسطة. 
هذا الاشكال غير وارد وذلك للجهات التالية:اما اولا:فنقضا بكافة الحجج المذكورة في علم الاصول لأن هذا الكلام يجري بحذافيره في الحجج الاصولية مثلاً, خبر الثقة حجة اولا؟ الوجه الاخر لهذا البحث هو هل يحوز التمسك بخبر الثقة في إثبات الحكم الشرعي؟ أو في افراغ الذمة او لا؟ فهل يصح القول بإدراج كل المباحث الاصولية في علم الفقه لأنها تدخل بهذا التخريج في دائرة الاحكام التكليفية؟ كذلك قول المشهور حجة او لا؟ يعود إلى بحث تكليفي وهو انه لا يجوز التمسك بالشهرة لإثبات الاحكام الشرعية فانها ليست مما اجازها الشارع وسوغ اتباعها وهكذا سائر المباحث,نحو هل يجوز التمسك بالاستصحاب سواءا اكان امارة ام اصلا؟ وفي مباحث الاصول العملية الامر كذلك وانه هل يجوز التمسك باصالة البراءة – كأصل عملي - لدى الشك في التكليف ام لا؟ 
واما ثانيا وثالثا حلا: فنقول ثانيا: ان المحور في مسائل العلوم على المصبّ وليس على امكان تفسير هذه المسألة وطرحها بوجه اخر، ومصب البحث والاخذ والرد هو الذي يدخل مسألتنا في علم او يخرجها من دائرة علم آخر، والمصب في علم الاصول هو هل خبر الثقة حجة فيتبَعُهُ جواز الاتباع، وليس المصب أولاً وبالذات جواز الاتباع , نعم الفقه مصبه الجواز وعدمه, اما الاصول فمصب البحث فيه هو الحجية فلو سلمنا الحجية تبعها الحكم التكليفي وهو الجواز او الوجوب والا فبالعكس اي تبعتها حرمة الاتباع, اذن: المصب هو المحور والمعيار، وأما فيما نحن فيه ,فإن بحثنا هو ان كلام المجتهد الجامع للشرائط في اصول الدين حجة ام ليس بحجة ؟ أي هل التقليد حجة ام ليس بحجة في مسائل اصول الدين؟ سواءا اخذنا الحجية بمعنى الكاشفية أولاً؟ (هل قول المجتهد في اصول الدين كاشف كشفا تاما او كشفا متممّا باعتباره ظنيا) أم بمعنى المنجزية والمعذرية, (هل قول المجتهد الجامع للشرائط منجز ومعذر أولاً؟ وهكذا, اذن المدار في دخول مسألة في علم او خروجها هو المصب، وان كان لذلك المصب ثمرات ونتائج ووجه اخر يمكن بلحاظ ذلك الوجه ادراج تلك المسألة في علم اخر. 
وعلى ذلك جرينا في ادخال مباحث الاجتهاد والتقليد في علم الاصول مع كون هذه المسألة خلافية فإن غالب القدماء كانوا يرونها من علم الاصول لكن صاحب العروة أدرجها في علم الفقه وتبعه كثير من الفقهاء, فايهما هو الصحيح؟ تقدم في بداية المباحث انها مندرجة في علم الاصول لأن المصب هو المعيار, فعلى الرغم من أن مبحث تقليد الاعلم له وجهان: وجه وضعي وهو حجية رأي غير الأعلم إذا خالف رأي الأعلم، وعدمها ووجه تكليفي وهو هل يجوز تقليد المفضول مع وجود الافضل رغم تخالفهما في الاجتهاد وهذا مبحث عن الحكم التكليفي، لكن هذا المبحث الثاني متفرع عن المبحث الاصلي وهو الحجية وهل أن رأي غير الاعلم حجة رغم مخالفته لرأي الاعلم أم لا؟ اذن هذه المباحث بمختلف تشقيقاتها ترجع لمحور واحد, 
اما ثالثا: سلمنا ان مصب البحث ليس عن حجية قول المجتهد الجامع للشرائط في مسائل اصول الدين بل هو بحث عن جواز اتباعه وعدمه, لكن نقول: فليكن, إذ قد يقال ان من المستقلات العقلية التفريق بين الاحكام التكليفية المتعلقة بالمؤديات وبين الاحكام التكليفية المتعلقة بالطرق إلى تلك المؤديات ,اذ اين هذا من ذاك؟ فالحكم التكليفي كالجواز المتعلق بمؤدى من المؤديات اي بمسألة فرعية واحدة ,اين هو من ذلك الحكم التكليفي المتعلق بطريق يعد بوابة لعشرات الالوف من تلك المؤديات فدرجة التصنيف العقلي لهذين النوعين من المسائل تختلف بوضوح كما انه في المؤديات هناك تصنيف عقلي لها بان المؤدى ان كان مما يرتبط بالمعرفة ولواحقها اي باصول الدين فانه يختلف حاله عما لو كان المؤدى مما يرتبط بفعل المكلف ولذا ذهب المشهور بل ادعي عليه الاجماع بانه فيما يرتبط بالمؤدى المتعلِّق بشؤون المعرفة لا يُكتفى بالظن بل لا بد من العلم, هذه كانت تتمة موجزة دفاعا عن صاحب القوانين وجوابها 
الان نعود إلى كلام القوانين لمزيد توضيح ولإضافة نكتة أخرى وسيكون مكملاً للمبحث, يقول (بل يمكن ان يقال ان المسألة ايضا فرعيه ولا منافاة بينه وبين تعلقها بالاصول) لاختلاف المتعلَّق عن المتعلِّق حكما (فكأن الشارع اوجب علينا اقامة الدليل على ما اذعنا به من العقائد) وهنا نجد أن صاحب القوانين ذكر وجها واحداً فقط أي أنه ذكر هذه الصورة: باعتبارنا مذعنين بالعقائد فإن الشارع يخاطبنا بانك مذعن بالعقائد لكن عليك ان تقيم عليها الادلة ,ونكمل كلامه بذكر الوجه الثاني والصورة الثانية التي لم يذكرها، وهي حكماً كالصورة الأولى، وهي: ما لو لم يكن الشخص مذعنا بالعقائد, كشخص ليس بمسلم سواءا اكان له دين غير الاسلام ام لم يكن له دين, فانه جرياً على كلامه وعلى منواله، فان هناك خطابين موجهين له ,الاول اصولي وهو اعرف الله ووحدانيته وعدله وآمن بها, والثاني حكم فرعي حسب كلامه وهو ان هذه المعرفة يجب ان تكون عن اجتهاد لا عن تقليد, فهذا الكلام لا بد أن يتمم بهذا المتمم, ثم يقول (لكن هذا) أي هذا الكلام وهذه الدعوى وهي ان يفرق بين المتعلق والمتعلق (انما يثبت وجوبه بوجوب على حده) اي وجوب النظر بأن نقول أن وجوبه معزول حكما عن دائرة وجوب المؤدى (لا انه شرط تحقق الايمان بالمعنى المتنازع فيه)ومقصوده اي فلا يكون على هذا شرط تحقق الايمان (وهو خلاف كلام الاكثرين فانهم يجعلونه)اي النظر(شرط تحقق الايمان بالمعنى المتنازع فيه وان اكتفو بالايمان بمعنى الاسلام لتترتب الثمرات الدنيوية، على مجرد الاقرار باللسان) . 
توضيح كلامه مع مزيد اضافة: أن الاسلام وكذا الايمان له ثلاث مراتب او ثلاث اطلاقات :الإطلاق الاول: الاسلام بالمعنى العام الإطلاق الثاني: الاسلام بالمعنى الخاص الإطلاق الثالث: الاسلام بالمعنى الاخص 
ومورد النزاع هو الإطلاق الثاني، وتحديده هو جزء حل المسألة لنرى على ماذا يرد النقض والإبرام: الإطلاق الاول هو (الإسلام) الذي يترتب عليه حفظ الدماء والاعراض والاموال، ويترتب عليه جواز مناكحتهم وحلية ذبيحتهم وجواز دفنهم في مقابرنا,وهذا نشترك فيه مع المخالفين فهم مسلمون بالاطلاق الاول الإطلاق الثاني للاسلام وهو الذي يرادف الايمان وهو الذي لا يشاركنا المخالفون فيه وهو الاسلام بالمعنى الخاص وهو الذي تترتب عليه جملة من الثمرات الفقهية منها عدم جواز تقليده, وان كان مسلما بالاطلاق الاول لكونه غير مسلم بالاطلاق الثاني ,والثمرة الاخرى عدم جواز الصلاة خلفه,الثمرة الثالثة عدم جواز اعطائه الزكاة ولو اعطي وانكشف الحال لما برءت ذمة المعطي فهذه احكام تترتب على الإطلاق الثاني للاسلام، وكذلك كافة مسائل قاعدة الالزام فانها تتمحور حول هذا الإطلاق الثاني للاسلام فان التعصيب في المسلم بالمعنى الخاص غير جارٍ اما غير المسلم بالمعنى الخاص أي المخالف، فإنه يجري في حقه التعصيب وكذلك الطلاق ثلاثا فإنه في حق غير المسلم بالمعنى الخاص نافذ اما في المسلم بالمعنى الخاص فليس نافذاً فيه وهكذا, اذن دائرة قاعدة الالزام بشتى فروعها وهي تتضمن مئات الاف المسائل مرتهنه بالاطلاق الثاني, وكلام صاحب القوانين محله هنا إذ يريد أن يقول أن الاكثر اعتبر النظر في مسائل اصول الدين من الدائرة الثانية لا من الدائرة الاولى ولا الثالثة فلو لم تجتهد في اصول الدين فلست بمسلم بالاطلاق الثاني وان كنت مسلما بالاطلاق الاول لأن الإطلاق الاول يكفي فيه الاقرار اللساني بالشهادتين, لكن هذا الشخص لو كان اسلامه لا عن اجتهاد بل عن تقليد فليس بمسلم بالاطلاق الثاني على قول الأكثر اما صاحب القوانين فانه – حسب مبحثه الآن - يقول هو مسلم بهذا الإطلاق الثاني. اما الإطلاق الثالث للاسلام فهو بالمعنى الاخص من الايمان وهو المساوي للعدالة وهو الذي تترتب عليه جملة من الثمرات الاخرى فمثلا الشهادة فانها تتوقف على الاسلام بالمعنى الثالث ايضا بالاضافة للمعنيين الاولين اما القيمومة على الطفل مع الغبطة فليست موقوفة على الاسلام بالمعنى الثالث، وللحديث صلة تأتي ان شاء الله تعالى وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين... 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=422
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 15 ذي القعدة 1433هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23