بقلم: السيد نبأ الحمامي
في قوله تعالى: ((وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ))([1]):
الظاهر من الآية الكريمة: أنّ كلّ ما صدق عليه عنوان (المنكر) فإنه منهي عنه، ولكن قد تختلف الأعراف، فقد يصدق على أمر أنه منكر في بعض المجتمعات، ولا يصدق المنكر على نفس الأمر في مجتمع آخر، فإنَّ لكلّ بَلَد عُرفه، فإذا كان هناك في بلاد معينة ما يصدق عليه المنكر، يحكم حينئذ بحرمته، وأمّا البلاد التي لا يصدق فيها عرفاً أنه منكر، فلا حرمة فيه.
وشأن هذا الأمر كشأن تحريم الشارع البيع الربوي، أي: البيع بتفاوت في المكيل والموزون دون المعدود، فإذا كانت سلعةٌ تباع كيلًا أو وزنًا في بلاد، يحرم بيعها بالتفاوت، وإن كانت تباع في بلاد أخرى بالعدد فلا حرمة في ذلك. نعم إذا اختلف العُرْف الواحد في أمرٍ ما أنه منكر أو غير منكر، فلا يشمله الحكم في الآية الكريمة؛ لمكان الإجمال.
ولكن قد يقال: إن المنكر يراد به المنكر الواقعي أو الشرعي، وعليه فليس المدار العرف العام أبداً، وقد يجاب بأن العرف العام مرآة للمنكر الواقعي.
فلو لبست امرأة ملابس ضيقة جداً، أو ملابس تبرز تفاصيل جسدها وإن لم تحك عنه، فهذا الملبس يعدُّ عرفاً منكراً، فيكون محرماً، لكن المرآتية إنما هي في العرف العام دون الخاص، ودون الأعراف المتخالفة، فتأمل.
وربما يحرم الشيء من باب كونه من منافيات الحياء والمروّة، كبعض الملابس الملونة والمثيرة وإن صدق عليها أنها حجاب، كلبس ما يسمى بالمانتو والبنطال خاصة الضيق منهما، في مجتمع يتعارف فيه لبس المرأة العباءة والنقاب، وذلك بناءً على القول بحرمة منافيات المروّة أو صدق عنوان المقدمية والتعاون على الإثم لو فرض.
---------------------
([1]) سورة النحل: 90.
|