• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1432-1435هـ) .
              • الموضوع : 174- جواب الاشتراك في الرواة ـ اشكال ارسال الرواية وجوابه ـ اشكال معارضة ما ذكرته الرواية ، بروايات اكثر وأصح سنداً ، لم تذكر هذا المقطع وجوابه .

174- جواب الاشتراك في الرواة ـ اشكال ارسال الرواية وجوابه ـ اشكال معارضة ما ذكرته الرواية ، بروايات اكثر وأصح سنداً ، لم تذكر هذا المقطع وجوابه

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين بارئ الخلائق أجمعين باعث الأنبياء والمرسلين ثم الصلاة والسلام على سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا أبي القاسم المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله) وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الأبرار المنتجبين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم إلى يوم الدين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
البحث حول رواية الإمام الكاظم (عليه السلام) المروية في الكافي الشريف حول سؤال الملك من الكافر والمؤمن في القبر، والاستدلال بفقرتين من الرواية، الاولى: "سمعت الناس يقولون فقلته" على حرمة التقليد، الثانية: الاستدلال بقول المؤمن "أمر هداني الله له وثبتني عليه" على إحدى الوجوه الثلاثة من إيجاب أو نفي أو حياد كما سبق أما تتمة المبحث فقد ذكرنا بأن هذا الرواية يشكل عليها باشكالات سندية كما عليها اشكالات دلالية أما الإشكال السندي فإشكالان الاول: الاشتراك. الثاني: الإرسال من نوع المنقطع 
دفع اشكال الاشتراك في سند الرواية الاشكال الاول: الاشتراك: فان الكليني روى الرواية عن "محمد بن يحيى" و هو مشترك بين مجموعة 
و محمد بن يحيى روى عن "أحمد بن محمد" المشترك بين مجموعة ايضا الجواب: يمكن تمييز الرواة بالرجوع الى ما حققه علماء الرجال في مبحث المشتركات عبر تشخيص طبقات الرواة و المروي عنهم، وبالنسبة إلى هذين الموردين يمكن تمييز الراوي بلا اشكال، اما "محمد بن يحيى" الذي يروي عنه الكليني في رأس السند فهو "محمد بن يحيى أبو جعفر العطار" الثقة، قال النجاشي عنه: "شيخ أصحابنا في زمانه ثقة عين كثير الحديث له كتب" ونقلُ الكليني عنه دليل على أنه المراد به شيخه الذي هو "محمد بن يحيى العطار" فالتمييز باعتبار الراوي فلا إشكال من هذه الجهة. 
وأما "أحمد بن محمد" فلا إشكال من جهته أيضاً لامرين، اولا: لأن "أحمد بن محمد" مشترك بين أربعة كلهم ثقاة. ثانياً: أن المراد من أحمد بن محمد في الرواية هو "أحمد بن محمد بن عيسى" الثقة و قرينة تمييزه رواية "محمد بن يحيى العطار" عنه. 
اشكال انقطاع السند و الجواب على ذلك 
الإشكال الثاني: الإنقطاع فالرواية من قبيل المرسل المنقطع (على المشهور )، فان الرواية يرويها "محمد بن يحيى (العطار) عن أحمد بن محمد (بن عيسى) عن الحسين بن سعيد عن إبراهيم أبي البلاد (وهؤلاء كلهم ثقاة) عن بعض أصحابه -وهنا ينقطع السند- عن أبي الحسن الكاظم (عليه السلام)" 
والجواب على ذلك يرجع إلى البحث المبنائي الذي فصلنا البحث عنه سابقاً و هو "حجية مراسيل الثقاة " تبعاً للشهيد الثاني والشيخ البهائي والشيخ الأنصاري والسيد الوالد ومجموعة أخرى من أعاظم الفقهاء على خلاف مجموعة أخرى من الأعاظم والرجاليين حيث "لم يعتبروا مراسيل الثقاة حجة" بالأدلة التي استعرضناها في العام الماضي سلباً وإيجاباً، فعلى حسب هذا المبنى -اي:حجية مراسيل الثقاة - هذه الرواية معتبرة. 
حساب الاحتمالات و تعدد الرواة 
ويمكن إضافة مؤيد في المقام فان الرواية ليست مرسلة لثقة واحد فقط وإنما هي مرسلة لأربعة من الثقات وذلك يعني مجموعة مؤيدات مما قد يورث الاطمئنان أو يزيد الوثوق في حساب الاحتمالات.
بيان ذلك: أن هذه الرواية مرسلة لعدة من ثقاة -وان كان ذلك طولياً- فان الكليني مع علمه بالانقطاع في الآخر بنى عليها واعتمد عليها ولا معارض في البين - فشرطا حجية مرسلات الثقات متوفران -، وكذلك محمد بن يحيى؛ فان نقل الكليني عن محمد يحيى لا يوجد فيه انقطاع فانه نقل مباشر بالسماع أو القراءة عليه او غيرهما فثبت ان محمد بن يحيى اعتمد على هذه الرواية المرسلة ايضا، وكذلك أحمد بن محمد بن عيسى و الحسين بن سعيد و إبراهيم أبي البلاد كلهم اعتمدوا عليها رغم إرسالها فإذن في الواقع عندنا توثيق و اعتماد من عدة من الثقاة على هذه الرواية وليس من ثقة واحد. 
واما كبرى المسألة، فهي انه: لا فرق في قرينيّة و مؤيّدية "تعدد الرواة" في حجية الرواية بين ان يكون الرواة في العرض او في الطول في حساب الاحتمالات، فان تراكم الاحتمالات قد يورث الفقيه -الذي لا يرى حجية مراسيل الثقاة- الطمأنينة، فكما صح ذلك في العرضية وقد أشار إليها البعض كذلك يصح في الطولية، فان سلسلة السند في كل حلقة منها ما عدا الاخيرة ثابتة على كل المبانى، لان رواية الكليني عن محمد بن يحيى حجة بلا اشكال وقد اعتمد عليها، هذا اولا، ثم رواية محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد لهذه الرواية المرسلة معتمداً عليها (وعرفنا ذلك من حجية نقل الكليني لكلام محمد بن يحيى وانه روى عن أحمد بن محمد) و هكذا في سائر طبقات سلسلة السند فان اللاحق قد ثبت بالسابق و عندئذ يعتد به كراوي مسندٍ – لا مرسل (في حدود نقله عن سابقه). 
والحاصل: الطولية كالعرضية لا فرق لأن كل حلقة تثبت بالحلقة السابقة ثبوتاً شرعياً كاملا -اي من باب الكاشفية المتممة ببناء العقلاء على أن يراد بالحجية معنى الكاشفية -، وبالنتيجة: هذا المؤيد لا بأس به، وان كان الامر حسب مسلكنا العام واضحاً وبيناً. 
مؤيد اخر في المقام ومن المؤيدات في تصحيح سند الرواية: مطابقتها مع القواعد والادلة؛ فانها تصلح طريقاً لتوثيق الرواية، فان مضمون هذه الرواية لا يخالف الاصول بل يطابق الاصول والقواعد . 
اشكال اخر على الرواية 
وعند تتبع مختلف رويات هذا الباب في الكافي الشريف نجد انه لم يُذكر هذا المقطع من الرواية في سائر الروايات التى بعضها مسندة، بل لم تذكره إلا هذه الرواية المرسلة المنقطعة، ففي كتاب الجنائز، باب "المسألة في القبر ومن يُسأل ومن لا يُسأل"، لاحظوا: 
الحديث السابع: (... فيقولان له ما تقول في هذا الرجل الذي خرج بين ظهرانيكم؟ فيقول عن محمد رسول الله تسألاني؟ فيقولان: له تشهد أنه رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فيقول: أشهد أنه رسول الله، فيقولان: نم نومة لا حلم فيه، ويفسح له في قبره تسعة أذرع، ويفتح له باب إلى الجنة ويرى مقعده فيها) 
والحديث الثامن: (فيقال للمؤمن: ما تقول في فلان بن فلان؟ فيقول ذلك إمامي، فيقال له نم أنام الله عينك ويفتح له باب من الجنة...) فلا يوجد في الرواية سؤال "من أين علمت ذلك" 
الرواية العاشرة: (فيقول إذا كان مؤمناً أعن محمد رسول الله تسألاني؟ فيقولان له نم نومة لا حلم فيها...) 
الرواية الثانية عشر: (... فيقولان من إمامك؟ فيقول: فلان. قال: فينادي مناد من السماء: صدق عبدي افرشوا له في قبره من الجنة وافتحوا له في قبره باباً إلى الجنة والبسوه من ثياب الجنة...) 
إذن هذه الروايات – المتعددة، المتطابقة مع رواياتنا في بنودها عموماً- لم تذكر هذا المقطع الذي استدل به لنفي التقليد اي: "سمعت الناس يقولون فقلته" أو المقطع الذي استدل به النافي أو المثبت أو المحايد، اي :"أمر هداني الله له وثبتني عليه" 
فهل عدم تطرق سائر الروايات وتجاهلها لهذا المقطع يصلح للخدشة في حجية هذه الرواية؟ 
والجواب على ذلك ان عدم تعرض و(تجاهل) سائر الروايات ان كان بشكلٍ "يستظهر منها عرفا" نفى وجود المقطع فللخدشة في الرواية حينئذ مجال سندا او دلالة، اما دلالة: فيمكن عود الكلام حينئذ الى تعارض منطوق هذه الرواية بما يفهم "عرفا" من مجموع تلك الروايات من نفى ذلك المنطوق، وذلك بعد الفراغ من حجية تلك الرواية سندا 
و اما سندا: يمكن ان يكون ذلك الاستظهار من الروايات موهناً لسند واعتبار هذه الرواية المرسلة، فتأمل. 
لكن الظاهر: ان اصالة عدم الزيادة العقلائية – المقتضية للبناء على الاكثر واعتباره- لدى تعارضها مع أصالة عدم النقيصة مقدمة على اصالة عدم النقيصة فان الزيادة تحتاج إلى قصد وانشاء و عناية بل الى نظم بحيث تنسجم مع سياق الرواية، وذلك كله مستبعد جداً صدوره من الراوي الثقة، أما النقيصة فاحتمالها عقلائي بان يكون الثقة قد نسيها أو غفل عنها بل ان سبك المقطع شاهد قوي على كونه من الرواية هذا إضافة إلى أن النقيصة بمعنى عدم الذكر رغم وجوده، مما قد يعضد بان بناء الروايات الشريفة على ذلك فربما تشير رواية الى مسائل و امور لم تشر اليها سائر الروايات ويظهر ذلك جليا في كثير من المسائل الفقهية كمبطلات الوضوء و مفطرات الصوم حيث اقتصرت فيها بعض الروايات على بعضها ، والحاصل أن النقيصة قد تكون من باب الاختصار وهو أمر وجيه أيضاً (إضافة لاحتمال الغفلة أو النسيان من الراوي) فلا إشكال من جهة الاستظهار على نفى تلك الفقرة، لكنه اذا تم فيدخل البحث في باب التعارض ولكن على أية حال فإن منطوق هذه الرواية لا يعارضه مفهوم تلك الروايات، لأن غاية ما في تلك الروايات عدم الوجود أي السكوت لكن هذا المفهوم أضعف من المنطوق فيتقدم المنطوق. فتأمل 
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=434
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 6 ذي الحجة 1433هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23