بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(8)
تتمة الرأي المختار: مرجعية المكلَّف
ثانياً: قد يقال: بأن المرجع في موضوعات أحكام الشارع، الصِّرفة[1] هو المكلف نفسه، سواء في المفاهيم أم في المصاديق، لا العرف العام ولا العرف الخاص خلافاً للمشهور من أن المرجع في المفاهيم العرف وفي المصاديق الدقة وخلافاً لمن قال بالعكس[2].
الأدلة: السيرة العقلائية
دليلنا: أ- ب- السيرة العقلائية والمتشرعية؛ فإن الناس على مر التاريخ عندما تُلقى إليهم الأوامر من مواليهم، يعملون بها كما يفهمونها من دون رجوع إلى العرف أو اللغة، إلا لو جهلوا معانيها، كما يطبقونها على مصاديقها كذلك، ألا ترى انه إذا قال له: جئني بعالم، أو طبيب أو تاجر أو بماء أو خل، أو اجتنب الدم، لم يسأل أحدا عن معانيها، ففهمه هو المرجع، كما لا يسأل أحداً عن مصداق العالم والخل والدم... إلخ أي مَن شخّص انه عالم أو تاجر أو ماء أو... جاء به وما شخّص، مصداقاً، انه دم أو خمر أو بول أو كلب إجتنبه، إلا إذا لم يكن من أهل اللسان أو جهل المصداق لعارضٍ، كظلمة أو شبهة أو أُختلف فيه.
وسيرة المتشرعة
كما ان سيرة أصحاب المعصومين (عليهم السلام) أكبر شاهد على ذلك إذ انهم جميعاً كانوا إذا سمعوا منهم (عليهم السلام) الأمر والنهي انبعثوا وامتثلوا أو انزجروا ولم نجد أحداً منهم يسأل الناس (الآخرين، العرف) عن تطبيق المفهوم على مصداقه، إلا لدى الجهل فقط أو الاختلاف[3] أو إذا احتمل أن الشارع له مصطلح خاص أو انه ضيّق أو وسّع واشترط أمراً في ثبوت حكمه على موضوعه أو اعتبر آخر مانعاً أو قاطعاً أو تصرف بتنزيلٍ، كـ ((الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ))[4]، أو نفيٍ، كـ (لا شك لكثير الشك) وكـ (لا ضرر) على بعض الأقوال[5]، ألا ترى انهم إذا سمعوا قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكينِ...}[6] رجع كل مكلف إلى المرتكز في ذهنه من معنى الفقير والمسكين والرقاب... إلخ وشخّص المصداق بنفسه من دون أن يسأل العرف العام أو الخاص؟ اللهم إلا لو تدخل الشارع فتصرف في مفهوم الفقير[7] فرضاً فإن المرجع حينئذٍ الشارع لا المكلف ولا العرف ولا أهل الخبرة ولا أهل اللغة.
والحاصل: ان المكلفين من عقلاء ومتشرعين ينبعثون عن الأوامر وينزجرون عند النواهي فوراً من دون مراجعة للعرف في المعنى المراد، ولا فيما يتحقق به الائتمار والانزجار والامتثال، وإنما مرجعية العرف، لدى الجهل والشك أو الاختلاف.
توجّه الخطابات إلى آحاد الناس
ج- الخطابات القرآنية والروائية الموجهة إلى الناس والمؤمنين كـ {يا أَيُّهَا النَّاس...}، {يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا...} وكذا: {وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}[8]، و{غَيْرَ مُضَارٍّ}[9]، فإن آحاد الناس هم الموجه إليهم الخطاب والأمر والنهي بما فيها من موضوع ومحمول فمعنى المال ومصداقه ومعنى الضرر ومصداقه (ان هذا ضرر أو مضارّة) وغيرها هو ما يفهمه هذا المكلف وذاك وما يشخّص مصداقه، وقد سبق: (والدليل على مرجعية العرف، والدقة العرفية، ان العرف هو الملقى إليه الكلام خِطاباً وفهماً، وانه المتعلق له حكماً والمراد منه الامتثال عملاً، وهو المصب له ثواباً وعقاباً، فهو المرجع مفهوماً ومصداقاً، لكن هذا يصلح دليلاً على مرجعية الشخص والمكلف نفسه كما سيأتي بيان ذلك وتفصيله إذا يسّر الله تعالى)[10].
ووجه مرجعية المكلف نفسه في الموضوعات هو أن الخطاب والتكليف موجّه إلى آحاد المكلفين، بنحو توجيه التكليف للجميع لا للمجموع، إذ كل واحد واحد هو المخاطب وهو المكلف وهو المأمور بالامتثال وهو المقصود بالتفهيم فمرجعية غيره، أي سائر الناس أو مجموعهم له، خلاف القاعدة أي ان كون المرجع والحجة هو خصوص ما اتصف به الهيئة الاعتبارية أو الانتزاعية والمجموع بما هو مجموع، خلاف الأصل وهو المحتاج للدليل.
وعلى أي فإنهم إن أرادوا من العرف، آحاد الناس وكل مكلف مكلف كان هو ما اخترناه، وإن أرادوا المجموع، مقابل الجميع، بنحو مدخلية الهيئة الاجتماعية وبشرط شيئية الانضمام كان مخالفاً للأصل وقيداً زائداً بحاجة إلى دليل.
والحاصل: انّ متعلق التكاليف هو الفرد نفسه وهو المراد منه الامتثال وهو مصب الثواب والعقاب، وهو المخاطب والمقصود تفهيمه وبعثه وإتمام الحجة عليه، فمقتضى القاعدة أن يكون فهمه، إذ أريد تفهيمه هو، هو الحجة وأن يكون تشخيصه للمصداق، إذ أريد منه القيام به، هو الحجة فمرجعية غيره هي المحتاجة إلى الدليل.
ولا فرق في ذلك كله بين القضايا الحقيقية، وهي المنزلة عليها أحكام الشارع الأقدس، وبين القضايا الخارجية كلما دل عليها دليل خاص.
شهادة الشروط الضمنية والعناوين الثانوية وغيرها
ومما يوضح المدعى ويشهد له: الشروط الضمنية، كالعيب المستوجب لخياره؛ فإن المشتري إذا وجد عيباً في البضاعة، كالساعة أو السيارة أو القلم أو التفاح، رجع من فوره إلى البائع، ولا نجده يسأل العرف والناس عن انه عيب أو لا إلا لدى جهله، فمرجعية العرف إنما هي لدى الجهل أو لدى الاختلاف.
كما ان ما يوضّحه ويشهد له تطبيقات العناوين الثانوية، ألا ترى ان العرف الملقى إليهم مثلاً {وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[11]، و((رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي تِسْعٌ: الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا أُكْرِهُوا عَلَيْهِ وَمَا لَا يَعْلَمُونَ وَمَا لَا يُطِيقُونَ وَمَا اضْطُرُّوا إِلَيْهِ وَالْحَسَدُ وَالطِّيَرَةُ وَالتَّفَكُّرُ فِي الْوَسْوَسَةِ فِي الْخَلْقِ مَا لَمْ يَنْطِقْ بِشَفَةٍ وَلَا لِسَانٍ))[12]، هم الذين، في كل الملل والنحل، يشخِّص آحادُهم كونَه في عسر جسدي أو حرج نفسي أو انه مضطر أو مُطيق أو لا يعلم... إلخ، ولا نجدهم يذهبون إلى سائر الناس ليسألوهم عن انني الآن في حرج أم لا؛ إذ ما أدراهم بنفسه وهو أعلم بها {بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصيرَة}[13]، ومن أين انّ عليه أن يرجع إلى الغير؟ اللهم إلا الوسواس أو إذا عرضت له شبهة أو جهل حال هذا المورد خاصة.
كما ان مما يشهد له (التقية) فإن تشخيص صغراها ومصداقها إلى الفرد نفسه، وقد ورد في الحديث: ((التَّقِيَّةُ فِي كُلِّ ضَرُورَةٍ وَصَاحِبُهَا أَعْلَمُ بِهَا حِينَ تَنْزِلُ بِهِ))[14] وقوله (عليه السلام): ((وَصَاحِبُهَا...)) قاعدة عامة سيّالة في جميع العناوين الثانوية كما هو مقتضى الارتكاز بل والسيرتين كما سبق.
إشكال: ذهن الفرد مرآة للعرف
لا يقال: إنما لا يرجع المكلف عادةً إلى العرف ولا يسألهم، لأن ذهنه مرآة العرف لا لأنه هو المرجع؟
الجواب: بل هو مرآة للواقع
إذ يقال: هذا أول الكلام وهو مصادرة، بل لنا أن نقول: ان وجه عدم رجوعه إلى غيره لأنه يرى ذهنه مرآة الواقع، أي واقع مراد المتكلم ومصداق متعلق حكمه إذ خاطبه به، فكما أن العرف يرون أذهانهم مرآة للواقع، كذلك المكلف نفسه يرى ذهنه مرآة للواقع؛ أليس هو أحدهم؟ وأليس العرف متشكلاً من آحاد؟ فكل واحد يرى ذهنه مرآة للواقع فإذا لاحظنا المجموع سميناه عرفاً لكنه انحلالي، فحيث أن كل فرد ذهنه مرآة للواقع كان المجموع (أي العرف) ذهنهم مرآة للواقع[15].
والدليل إثباتاً هو: ظواهر الخطاب بـ {أَقيمُوا الصَّلاةَ}، {يا أَيُّهَا النَّاس...} فإنها كما سبق، انحلالية إلى الأفراد فكل فرد هو المخاطب وهو المكلف وهو المعاقب ففهمه هو الحجة وتطبيقه هو الحجة، ولو كان غيره، كفهم غيره، هو المرجع لوجب الإلفات من الشارع، وحيث كان ذلك عام البلوى ولم يردع الشارع دلّ على الإمضاء.
وبعبارة أخرى: الفهم العرفي لكل مكلف، وإن كان معلولاً في مرحلة علته المحدثة للعرف، أي للأبوين والأساتذة والزملاء والأصدقاء متموجاً عنهم إليه، إلا انه إذا تحقق ذلك كان ذهنه، مثلهم مرآة للواقع، فالحيثية تعليلية لا تقييدية والواسطة في الثبوت لا في العروض[16]، والعرف دوره في الحدوث، ولا دور له بعد ذلك في شيء.
بعبارة أخرى: ان العرف نظرهم (أي ما يفهمونه من معاني الكلمات الملقاة إليهم سواء موضوعات الأحكام أم غيرها) مرآة للواقع، فإذا تعلم المكلف (الطفل، أو الأجنبي) منهم صار منهم فكان نظره مرآة للواقع كما نظرهم مرآة لها[17] فهم السبب لوجود النظر وليسوا بعدها الوسيط في النظر.
إشكال: المرجع العرف إذ ورد {بِلِسانِ قَوْمِهِ}
لا يقال: قال تعالى: {بِلِسانِ قَوْمِهِ}[18].
الجواب: المكلف من القوم و...
إذ يقال: المكلف من القوم و{بِلِسانِ قَوْمِهِ} انحلالي أفرادي وليس انضمامياً مجموعياً.
بوجه آخر: يصدق على كل فرد ان لسانه لسان القوم فهو المرجع من دون الحاجة إلى الرجوع إلى غيره، لأنه رجوع إلى مثله ولا يزيد غيره عليه بشيء، إلا إذا كان أكثر خبرة لكن الخبروية معتبرة في الموضوع المستنبط[19] خاصة (وكلامنا في الموضوع الصرف) فالاستثناء منفصل فيكون المرجع حينئذٍ العرف الخاص أو اهل الخبرة وهو خروج عن محل الكلام (مرجعية العرف العام في موضوعات الأحكام).
كما ان آحاد أهل الخبرة مرجع، كذا آحاد العرف، كل في مجاله
بوجه آخر: انّ كل واحد من العرف، هو ككل واحد من أهل اللغة، فكما أن اللغوي نظره حجة لنفسه ولا يجب عليه أن يرجع إلى غيره وليس وجه حجية نظره لنفسه ان نظره مرآة نظر سائر اللغويين، بل لأنه مرآة للواقع كما ان انظارهم مرآة الواقع، كذلك آحاد العرف فإنهم أهل اللغة أولاً وبالذات.
ويتفرع على ما ذكر أن أنظار العرف لو تعارضت، كان له أن يرجع إلى تشخيصه هو.
بل لو تعارض تشخيصه مع تشخيصهم كان له أن يقدم تشخيصه لأنه مخاطب مثلهم، ولا يزيدون عليه بشيء إلا الشهرة فإن رأى، بالرجوع إلى عقله، أن الشهرة على الخلاف شرط حجية نظره سقط وإلا فلا، كما لو رأى الطبيب أن حجية رأيه مرتهنة بعدم مخالفة مشهور الأطباء له، أما لو لم يرَ ذلك، كما انهم عادة لا يرون، فإنه يعمل بنظره.
نعم لو أورثته مخالفة غيره الشك أو أفقدته الظن بالوفاق فالأمر على المبنى في الحجية وانها مطلقة أو مرتهنة بعدم الظن بالخلاف أو عدم الشك أو حتى بانعقاد الظن بالوفاق. فتأمل.
الحسيات والحدسيات والحدسيات القريبة من الحس
وبوجه أعم: إنّ الأمور الحدسية والحسية والحدسية القريبة من الحس، كلها بوِزان واحد من حيث حجية نظر المكلف الحدسي، إن كان من أهل الحدس، أو الحسي إن كان قد أحس، أو القريب من الحدس، والموضوعات الصرفة من قبيل الحسي والموضوعات المستنبطة العرفية من قبيل الحدس القريب من الحس، وأما لو كانت من الحدسي المحض فالمرجع أهل الخبرة، لا العرف العام ولا مجموع أهل الخبرة (العرف الخاص)، فإن كان المكلف أهل خبرة كان نظره حجة من دون أن يلزم رجوعه إلى سائر أهل الخبرة (إلا استئناساً بآرائهم).
والحدسي كالفتوى، والحسي كالشهادة، والقريب من الحس كالجرح والتعديل والتوثيق وما أشبه مما يضطلع به الرجالي، حسبما حررناه في بحث سابق.
ثم انه لا ريب في مرجعية المكلف الخبير بنفسه في المفهوم والمصداق، ويوضحه اعتماد الفقهاء كل على حسب ما توصل إليه كبرىً، من ضابط الحكومة[20] أو الورود، ثم تطبيقه على المصاديق أي صغريات الروايات التي تبدو متعارضة، فتدبر جيداً.
فرق المختار عن الرأي الهرمنيطيقي
لا يقال: ما ذكر من مرجعية المكلف في موضوعات الأحكام الشرعية هو نفس ما يقوله الهرمنطيقون؟
إذ يقال: كلا، إذ أولاً: كلامنا خاص بالموضوعات الصرفة والمستنبطة العرفية، دون المستنبطة الشرعية أو المستنبطة اللغوية، بل كلامهم عام لكل شيء فيشمل حتى انحاء الدلالات وحتى القواعد المنطقية وغيرها.
ثانياً: ما نقوله هو مرجعية الشخص في الموضوعات، لكن بضوابط ومنها أن يكون من أهل اللسان ومن العرف، وما يقولونه لا ضوابط له فعند بعضهم كل ما فهمه الشخص بدون أية ضابطة، فهو حجة.
ثالثاً: للهرمينوطيقيا مدارس عديدة وما قلناه أجنبي عنها تماماً ومخالف لها كلّاً:
فمنها: أن الكلام يموت بموت المؤلف ولا مرجعية له أبداً.
ومنها: لا توجد حقائق دائمة أبداً.
ومنها: نسبية كل أنواع المعرفة.
ومنها: صوابية الآراء المتناقضة.
ومنها: انه لا يوجد منهج علمي يوصل إلى حقيقة النص.
ومنها: مقولة كانط: (الشيء في ذاته يختلف دوماً عن الشيء كما يبدو لنا).
ومنها: العلم مادي متغير.
وكما ترى فإن كلامنا أجنبي عن ذلك كله[21].
مسائل عديدة للبحث
تتمة: ذكر بعض الأعلام: (ان انطباق المفهوم على المصداق قهري، والعقل هو الذي يحدد المصداق، ولكن هناك خمسة موارد أوكل الشارع الأمر فيها إلى العرف، فنرجع إلى العرف في تحديد المصداق في هذه الموارد الخمسة وما عداها فنرجع إلى العقل وهي:
(المورد الأول: الإطلاق المقامي...)، و(تحديد المصداق الذي يرجع إلى تحديد المفهوم) و(الشروط الضمنية) و(تحديد المداليل الالتزامية كملازمة الحكم بطهارة الخمر المنقلب خلاً للحكم بطهارة الإناء) و(العادات السير)[22].
وذكر بعضهم: (أنّه لا إشكال في ثبوت مرجعية العرف في ناحية الموضوعات والدلالات والاستظهارات والبناءات والاعتبارات وهي كثيرة:
1- منها تشخيص حدود المفاهيم والمعاني.
2- منها تطبيق المفاهيم على المصاديق.
3- منها تعيين بقاء الموضوعات بعد تغيير أحوالها وعدمه.
4- منها تصديق الدّلالات بأنواعها من المطابقية والتضمّنية والالتزامية والمفهومية والمنطوقية.
5- منها تعيين نوع الجمع بين الأدلة من التخصيص أو التقييد أو الحكومة أو الورود.
6- منها الحكم بوجود الاعتبارات كاعتبار النصف والربع ونحوهما من الكسور التسعة من دون تشخّص خارجي لها مع أنّ الجسم الخارجي متشخّص ومتعيّن بجميع أجزائه.
7- منها تعيين موضوع الحكم بإدراج شيء كالملاقاة في مثل (النجس ينجّس الشيء) وكالمماسّة في مثل (السكين يقطع اليد).
8- منها إلغاء الخصوصية في مثل رجل شكّ في كذا وكذا فإنّ العرف يحكم في مثله بعدم مدخلية الرجولية.
9- منها تعيين موارد انطباق العناوين الثانوية.
10- منها تعيين نوع القضية من الخارجية أو الحقيقية.
11- منها البناءات العمليّة العقلائية كرجوع الجاهل إلى العالم وغير ذلك من الموارد)[23].
أقول: في العديد من الموارد السابقة كلام وأخذ ورد ونقاش، كما أن البحث، عن مرجعية العرف في المفهوم والمصداق أو مرجعية غيره، بأكمله يستدعي أخذاً ورداً ومناقشة وجواباً بحثاً مطولاً مما لا يقل عن ثلاثة أشهر من البحث[24]، لكن أغلب الطلاب زاهدون في التوسع في المطالب الأصولية والمبنوية[25]، مصرّون على الاقتصار على البحث الفقهي وإحالة الأصولي إلى محله، ورغم أن العبد الفقير إلى الله الغني يرى ضرورة التوسع خاصة في هذا البحث الذي تبتني عليه الكثير من أمهات مسائل كتاب الطهارة وغيره[26] خاصة وأن المدعى مخالف للمشهور فهو بحاجة إلى سد أبواب الإشكالات عليه، بما يخطر بالبال القاصر، إلا أن الاستجابة لأغلب الحضور مما لا مناص منها ظاهراً، على أمل أن نوفق في فرصة أخرى للتوسع في البحث عن الحقيقة العرفية وما يلحقها ومرجعية العرف أو الشخص.. إلخ والله المستعان.
أسئلة:
- ما هو الفرق بين العرف العام والخاص وأي منهما المرجع في الشؤون العامة؟
- ما هو الفرق بين الموضوعات المستنبطة الشرعية والعرفية واللغوية؟
- ما هو ضابط الموضوع المستنبط (إذ ذُكِرتْ له ثلاث ضوابط)[27].
- ما الدليل على أن (لسان قومه) انحلالي؟
- أوضح كيف يكون العرف العام واسطة في الثبوت لفهم المكلف (وآحاد أفراد العرف) لا واسطة في العروض، وكيف يكون حيثية تعليلية لا تقييدية؟.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((إِذَا بَلَغَكُمْ عَنْ رَجُلٍ حُسْنُ حَالٍ، فَانْظُرُوا فِي حُسْنِ عَقْلِهِ فَإِنَّمَا يُجَازَى بِعَقْلِهِ)) (الكافي: ج1 ص12)
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
-------------------------------------
[1] والمستنبطة العرفية (أي المسماة بذلك) فإن المرجع فيها آحاد العرف أي كل واحد منهم.
[2] من أن العرف مرجع في المصاديق دون المفاهيم، ونقل عن السيد الشبيري الزنجاني قوله: (بنظرنا: العرف حجة فقط في تعيين المصاديق لا المفاهيم) (كتاب النكاح: ج15 ص5034).
[3] على كلام فيه سيأتي.
[4] ابن أبي جمهور الاحسائي، عوالي اللآلئ، دار سيد الشهداء (عليه السلام) للنشر ـ قم: ج1 ص214.
[5] (لا ضرر غير متدارك).
[6] سورة التوبة: الآية 60.
[7] بانه (من لا يملك قوت سنته مثلاً).
[8] سورة التوبة: الآية 41.
[9] سورة النساء: الآية 12.
[10] الدرس (1027/7)
[11] سورة الحج: الآية 78.
[12] الحسن بن شعبة الحراني، تحف العقول، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة: ص50.
[13] سورة القيامة: الآية 14.
[14] الشيخ الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية ـ طهران: ج2 ص219.
[15] لا العكس، وإن صح الأمر حتى بناءً عليه كما سيأتي.
[16] أي العرف واسطة في ثبوت مرآتية ذهن الفرد للواقع (واقع مراد المتكلم الجدي عند إلقائه الموضوعات وأحكامها إليه) وليس واسطة في العروض ليكون هو معروض المرآتية والحجية لا غير.
[17] فالطولية في الحدوث لا في المرآتية أو الحجية بعده.
[18] سورة إبراهيم: الآية 4.
[19] المستنبط الشرعي أو اللغوي أو شبههما.
[20] في ضابط الحكومة سبعة أقوال ذكرناها في كتاب الحكومة والورود.
[21] يراجع للتفصيل كتاب (نقد الهرمنيطقيا) و(نسبية النصوص والمعرفة.. الممكن والممتنع).
[22] يراجع كتيب (مرجعية العرف).
[23] عمدة الأصول: ج5 ص167.
[24] وبتقديري فإن ما ينبغي أن يكتب حوالي خمسمائة صفحة على غرار بحوثنا السبعة السابقة.
[25] بل العديد منهم يضغط للاختصار الشديد، حتى الاكتفاء بدلاً عن البحوث السبعة السابقة، ببحث واحد موجز جداً.
[26] كالصلاة والزكاة وغيرهما.
[27] يراجع (فقه التعاون على البر والتقوى) للسيد الأستاذ.
|