بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(9)
وفي الطهارة بحوث:
هل الطهارة موضوعة للمعنى المصدري أو الاسم مصدري؟
الأول: انها هل هي موضوعة للمعنى المصدري أو الاسم المصدري؟ والفرق بينهما أن الثاني هو المتحصل من الشيء[1]، والناتج والمعلول أي أثر المصدر والحالة، والأول هو الحدث نفسه أي نفس الفعل الصادر عن الإنسان، ويُميَّز بينهما في الظاهر بأن ما جرى على طبق تصريفاته فهو مصدر وما خرج عن جَرْيها فاسم مصدر: تقول: اغتسل يغتسل اغتسالاً وغُسلاً، فالاغتسال مصدر وقد جرى على حسب تسلسل التصريفات السابقة عكس الغُسل الذي لم يجر على حسبها، فالاغتسال هو نفس الأفعال من غسل الرأس والجانبين الأيمن والأيسر، والغسل هو المعلول منها والناتج أي الطهارة، ويميز اسم المصدر أيضاً بنقص من حروفه عن الموجودة في الفعل من غير تعويض، وتقول: أعان يعين إعانة وعوناً فالعون اسم مصدر[2].
قال في الجواهر: (وكيف كان، فهل هي عبارة عن نفس الأفعال، أو الحالة الحاصلة بعدها من الإباحة[3]، أو ما يجده الإنسان من القرب الروحاني في الثلاثة الأول، أو الأعمّ؟ احتمالات)[4].
أقول: المهم تنقيح حال المعنى المصدري وهو الأول من محتملاته (قدس سره) والاسم المصدري (الشامل للأخيرين) ولا يهم تنقيح أحد الأخيرين، إذ الثمرة الفقهية تترتب على ثنائي المصدر واسم المصدر، وإن أمكن ذكر ثمرة لاختيار أحد الأخيرين فتدبر.
الثمرة:
ومن الثمرات المترتبة على الثنائي: ان المعنى الاسم مصدري لو كان هو متعلَّق الأمر، دخل في دائرة العنوان والمحصِّل، فكان مجرى الاحتياط عند الشك في جزئية شيء أو شرطيته؛ إذ المأمور به هو المحصَّل والمعنى الاسم مصدري ولا يعلم انه لو لم يأت بما يحتمل كونه جزء أو شرطاً للأفعال (لأفعال الوضوء – المصدري) انه قد تحقق المعنى المأمور به (الاسم مصدري) أو لا، والأصل العدم.
والحاصل: ان الاسم مصدري تيقّنّا بانشغال الذمة به والاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية ولا تكون إلا بالإتيان بمحتمل أحدهما.
أما لو كان المعنى المصدري هو المأمور به فالمجرى البراءة إذ يشك في تعلق التكليف بالشيء مع هذا الشرط أو الجزء المحتمل وعدمه، والأصل عدم الجعل (الواسع) كلما دار الأمر بين الجعل الواسع أو الضيق أو الضيق متيقن.
مثال فقهي: التطهّر
ويمثل له بما ذهب إليه الشيخ (قدس سره) من أن قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا}[5]، أمر متعلق بالمعنى الاسم المصدري وهو التطهر الحاصل عقيب الأفعال؛ عكس قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}[6]، فإنه متعلق بالمعنى المصدري، ويتفرع على ذلك فقهياً أنه لو شك في وجوب غسل الأعضاء دقيّاً بحيث لو بقي جزء يسير جداً، غير مغسول، فهل يصح وضوءه أو لا؟ فإن قلنا بأن المعنى الاسم مصدري هو المأمور به، لم يُكتَفَ به إذ لا يعلم تحققه حينئذٍ، وإن قلنا ان المعنى المصدري هو المأمور به، أي غسل الوجه واليدين، فإنه حيث لا يعلم أن الأمر بالغسل توجه للمعنى الدقي المستغرِق دقةً أو العرفي غير المستغرق فالأصل عدمه، أي حين تردد الجعل بين الأوسع والأضيق فإن الأضيق هو القدر المتيقن والزائد مشكوك فهو مجرى البراءة[7].
فهذا كله بإيجاز، والأمر على المبنى، ولم نخض في التفصيل والأخذ والرد التزاماً بما مضى من الوعد، لكن نقتصر على الإشارة وهي: ان المشهور في المحصِّلات العقلية وهي الأسباب التوليدية المنتجة لمعلولاتها جزماً، كالإحراق للاحتراق والعادية كإلقائه من شاهق للموت، ان الأصل فيها الاشتغال إذا تعلق الأمر بالمحصَّل، وأما في المحصلات الشرعية كغسل الثوب لتطهيره من دون عصر، أو الغسلة أو الغسلتان للطهارة من الخبث، فهناك خلاف، وذهب المحقق النائيني[8] إلى الاشتغال مطلقاً أي في الصور الثلاثة[9].
تنبيه: في جريان أصالة البراءة أو الاحتياط في الأقل والأكثر الارتباطيين، خلاف، والمنصور الجريان إذا شك في تعلق الأمر بالمنبسط على جزءٍ مشكوكٍ فيه وعدمه.
تعريفات الطهارة
الثاني: تعريف الطهارة، فقد اختلف الفقهاء في تعريفها إلى أقوال كثيرة، وهذه بعض التعاريف: (استعمال طهور، مشروطٌ بالنية) أو مع إضافة قيد (مبيح للعبادة) فيختص بالحدث (نظراً لاشتراط النية) ويخرج إزالة الخبث، أو هي (استعمال طهور لإزالة الحدث والخبث).
وقد استعرض صاحب الجواهر جملة أخرى من التعاريف نقتطف بعضها:
(وعن الشيخ في المبسوط[10] والاقتصاد[11]: ((الطهارة عبارة عن إيقاع أفعال في البدن مخصوصة على وجه مخصوص يستباح به الصلاة)) وعن ابن إدريس[12] انه ارتضاه.
وعن قطب الدين الراوندي: ((إنّ الاحتراز التامّ أنّ الطهارة الشرعية هي استعمال الماء أو الصعيد نظافة، على وجه يستباح به الصلاة وأكثر العبادات))[13].
وعن نجيب الدين محمد بن أبي غالب في المنهج الأقصد[14]: ((الطهارة الشرعية هي إزالة حدث أو حكم لتؤثّر في صحة ما هي شرط فيه))[15].
وعن المصنّف في المعتبر: ((إنّها اسم لما يرفع حكم الحدث))[16].
وعن المسائل المصرية: ((إنّها استعمال أحد الطهورين لإزالة الحدث أو لتأكيد الإزالة))[17]).
(وفي القواعد: ((الطهارة غسل بالماء أو مسح بالتراب متعلّق بالبدن، على وجه له صلاحية التأثير في العبادة))[18].
وفي كنز العرفان: ((وقد تطلق مجازاً بالاتفاق على إزالة الخبث عن الثوب والبدن))[19].
وعن بعضهم: ((إنّها وضع الطهور مواضعه))[20].
وعن الجرجاني تعريفها ((بما له صلاحية رفع الحدث أو استباحة الصلاة مع بقائه))[21])[22].
وقد أورد الفقهاء على مختلف التعاريف بإشكالات كثيرة بعدم الاطراد والانعكاس أي بين الإشكال عليها بأنها غير جامعة والإشكال عليها بأنها غير مانعة، حتى انه نقل في مفتاح الكرامة (كتاب الطهارة: ج1 ص3) عن المحقق نصير الدين القاشاني أنّه اعترض على تعريف العلامة بعشرين إيراداً، وأنّه ردّها الشهيد في غاية المراد إلى سبعة عشر إيراداً، وأنّ الشهيد الثاني في تعليقته على القواعد استجود إيرادات القاشاني بل زاد عليها[23].
لا ضرورة للانشغال بالتعريفات وتقييمها
أقول: إذا كان التعريف وارداً في لسان الروايات دار الحكم مداره، فوجب تنقيحه وتحقيقه والتدبر التام في حدوده ومفهومه ومداليله من دلالة إشارة أو إيماء وتنبيه أو اقتضاء أو غير ذلك، ولكن حيث لم يرد تعريف الطهارة ككثير من العناوين الأخرى، في النصوص، فإنه لا فائدة فقهية ترجى من تحقيق حالها والنقض والإبرام فيها؛ إذ تدور الأحكام مدار الأدلة على مسائلها لا مدار التعريف، فالأدلة في كل مورد هي المدار وبها الاعتبار، فمثلاً: هل وضوء الجنب طهارة؟ ووضوء الحائض؟ والوضوء التجديدي؟ وتيمم من يريد النوم؟ والأغسال المندوبة مطلقاً أو غير الوارد فيها نص خاص[24]؟ فإنها على التعريف الأول السابق داخلة وعلى التعريف الثاني خارجة[25]، كما لا تشمل إزالة الأخباث بالماء على التعريفين الأولين، عكس الثالث.
والوضوء التجديدي وإن كان له أثر إذ (الوضوء على الوضوء نور على نور) وكذا وضوء الجنب والحائض إذ يوجب مرتبة من الطهارة[26] (العرفية واللغوية، بل والشرعية بالمعنى الأعم) لكنه ليس ثمرة فقهية، وعلى أي فإن المهم معرفة انه مطهر وطهارة، أصلاً أو مرتبة أو لا، من أدلتها، والتعريف غير نافع في ذلك أبداً فإنه لا يعدّ دليلاً.
إلا لو وردت في لسان الشارع
والحاصل: انّ التعريف لو ورد في لسان الشارع وجب أن تفصل الأحكام على قدّه وبحسبه، عكس ما لو لم يرد فيه فإنه يجب أن يفصّل هو على قدّ الأحكام على أنه لا نفع فيه حينئذٍ إلا كمعرّف إجمالي فإنه ليس بحد ولا رسم.
بل نقول: التعريف الجامع المانع متعسر غالباً لذا اختلف فيه الفقهاء دوماً، بل قد يقال بتعذره إذ الحدود الحقيقية للماهيات والأشياء غير معروفة لنا (أصلاً، أو غالباً)[27].
فالتعريفات كلها سواء على أصالة الماهية أم الوجود، هي كما قيل في تعريف الوجود من:
معرِّف الوجود شرح الاسم * * * وليس بالحد ولا بالرسم
وإن لم نقل بانها من قبيل (سعدانة نبت).
وبكلمة: التعريفات هذه إما أعم أو أخص أو نسبتها مع المعرّف المنشود، من وجه فالتعريف مشير إجمالي وليس مداراً ولا مناطاً ولا مما به يحتج طرف على آخر إلا إذا كان صادراً من الواضع أو من الناقل أو من له علم محيط بحقائق الأشياء، وليس شيء منهما متحققاً في المقام ولذلك كله اعرضنا عن الخوض في تقييم التعريفات.
الطهارة من القذارة المادية والمعنوية بنحو عموم المجاز أو...؟
الثالث: ان الطهارة قد يراد بها الطهارة المادية، أي من القذارة المحسوسة كالبول والغائط والدم بل وكالكلب والخنزير والخمر، على ما سيأتي، وقد يراد بها الطهارة المعنوية، أي غير المادية، كطهارة القلب من الشرك والرياء والسمعة وطهارة المرء من رذائل الأخلاق.
وفي قوله تعالى: {وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ}[28]، قال جمع من المفسرين بأنه يراد منها مطهرة من الحيض، وهو قذارة مادية ظاهرة، ومن سوء الخلق، وهو قذارة معنوية، وتدل على الأعم روايات[29] وفي تفسير التبيان: ( {وَلَهُم فِيها أَزواجٌ مُطَهَّرَةٌ} قيل في الأبدان والأخلاق والافعال ولا يحضن، ولا يلدن، ولا يذهبن الي غائط. وهو قول جماعة المفسرين)[30]، فيقع الكلام حينئذٍ في ان استعمال لفظ (مطهرة) فيهما هل هو من باب استعمال اللفظ في الحقيقة والمجاز معاً، كما ذهب إليه بعض البلاغيين والشافعية، أو هو من باب عموم المجاز[31]، والذي يراد به أن يُخترَع جامع (غير موضوع له) بين المعنى الحقيقي والمجازي فيستعمل اللفظ فيه، فيكون هذا الجامع المختلَق ذريعةً إلى التوصّل إلى المعنى الحقيقي إلى جوار المجازي، لكنّ الأول مبني على إمكان استعمال اللفظ في أكثر من معنى ثم على إمكان استعماله في المجاز والحقيقة (وعدم التدافع بينهما)[32].
وقد مثّل الأدباء لعموم المجاز بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْليما}[33]، فإن الصلاة حقيقةٌ، على المعروف، في الدعاء والصلاة من الله تعالى رحمة ومن الملائكة طلب المغفرة ومن العباد الدعاء، وفي (معجم مقاييس اللغة) والكثير من اللغويين غيره: أن المعنى الحقيقي الموضوع له للصلاة هو الدعاء إضافة إلى النار وما أشبهها من الحمّى، أي للصلاة أصلان).
وقال بعض: بأن الصلاة حقيقة في الميل فهو الموضوع له وهو الجامع[34] ولا حاجة حينئذٍ إلى الاستناد إلى عموم المجاز فإن الصلاة ميلٌ برحمةٍ أو استغفارٍ أو دعاءٍ،
بينما انكر بعض المحققين كون الصلاة لفظة عربية أصلاً بل هي سريانية.
وقال الزجاج: الأصل في الصلاة اللزوم.
وقيل أن أصل الصلاة في اللغة هو التعظيم فهو الجامع، وبعض الكلام في ذلك تجده في الملحق.
وعلى أي فإن بعض الأدباء ذهب إلى أن الصلاة إذا استعملت في الله تعالى والملائكة والعباد، فإنما استعملت من باب عموم المجاز، أي انهم اخترعوا لها معنى جامعاً هو (العطف) كما اختاره السيد الوالد مستشهداً بـ (صلّت على جسم الحسين سيوفهم .... فغدا لساجدة الضبا محرابا) وقال بعض الحنفية انه يمكن جعله (العناية) مثلاً، وقد سبقت الأقوال في أن الجامع هو (اللزوم) أو (التعظيم) لكنها خلاف الظاهر، وتحقيقه في كتاب الصلاة بإذن الله تعالى.
هل الطهارة والنجاسة أمران وجوديان؟
الرابع: هل الطهارة والنجاسة أمران وجوديان؟ أو النجاسة أمر وجودي والطهارة عدمها؟ أي هل النجاسة والطهارة كاللون الأبيض والأسود مثلاً، وكالحرارة والبرودة؟ أم النجاسة صفة وجودية (لنفرض مثلاً كونها عبارة عن ميكروبات أو فيروسات، أو كونها وساخة حقيقة متأصلة غير انها لا ترى) والطهارة عدمها، فإذا تلوثت اليد بالدم والبول كانت نجسة وإلا (إن لم تتلوث) فطاهرة؟.
ذهب إلى كلٍّ قومٌ
إشارة إلى ثمرة
وهذا البحث مهم لما تترتب عليه من الثمرات:
ومنها: انه بناءً على كونهما وجوديين فاستصحاب عدمهما متعارض دون ما لو كانت النجاسة وجودية والطهارة عدمية.. وسيأتي بيان ذلك وبعض الثمرات الأخرى ايضاً فانتظر.
أسئلة:
- حقّق حول ما وضعت له مفردة الصلاة لغةً وبرهن ما تصل إليه.
- استعرض الأقوال والأدلة، ولو بإيجاز، على أصالة الاشتغال أو البراءة في العنوان والمحصِّل العقلي أو العادي أو الشرعي.
- استعرض الأقوال والأدلة، موجزاً، على أصالة الاشتغال أو البراءة في الأقل والأكثر الارتباطين.
- هل يمكنك الدفاع عن انشغال كثير من الفقهاء طويلاً بالتعاريف وتشييدها أو إيراد الردود والنقوض عليها؟
- انتصر لرأي الشيخ (قدس سره) في أن (التطهر) يراد به المعنى الاسم المصدري أو ناقشه.
الملحق
وفي مجمع البحرين مادة صلا: (والصَّلَاةُ في كتاب الله جاءت لمعان:
منها قوله تعالى: {وَصَلِ عَلَيْهِمْ} أي وادع لهم {إِنَ صَلاتَكَ} أي دعاءك {سَكَنٌ} وتثبيت {لَهُمْ} [٩/١٠٣].
ومنها قوله تعالى: {إِنَ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً} [ ٤ / ١٠٣ ] ويريد بها الصَّلَاةَ المفروضة.
ومنها قوله تعالى: {أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [ ٢ / ١٥٧ ] أي ترحم.
ومنها قوله تعالى: {أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ} [ ١١ / ٨٧ ] أي دينك، وقِيلَ: كَانَ شُعَيْبٌ كَثِيرَ الصَّلَاةِ فَقَالُوا لَهُ ذَلِكَ...
و((الصَّلَا)) وهو من العظم الذي عليه الأليان، لأن الْمُصَلِّي يحرك صَلْوَيْهِ في الركوع والسجود. وعن ابن فارس هي من ((صليت العود بالنار)) إذا لينته، لأن الْمُصَلِّي يلين بالخشوع.
قال بعض الأفاضل: ((الصَّلَاةُ)) وإن كانت بمعنى الرحمة لكن المراد بها هنا الاعتناء بإظهار شرفه ورفع شأنه، ومن هنا قال بعضهم: تشريف الله محمدا (صلى الله عليه وآله) بقوله: {إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ} أبلغ من تشريف آدم بالسجود.
وَفِي الدُّعَاءِ: ((اللهُمَ صَلِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ)) (البرهان: ج3 ص335). قيل: ليس التشبيه من باب إلحاق الناقص بالكامل، بل لبيان حال من يعرف بمن لا يعرف، وقيل: هو في أصل الصَّلَاةِ لا في قدرها. وقيل: معناه اجعل لمحمد صَلَاةً بمقدار الصَّلَاةِ لإبراهيم وآله، وفي آل إبراهيم خلائق لا يحصون من الأنبياء وليس في آله نبي، فطلب إلحاق جملة فيها نبي واحد، بما فيه أنبياء) (مجمع البحرين ج1 ص266).
ومن الطريف أن ننقل الرأي الذي يذهب إلى أن مفردة الصلاة ليست عربية أصلاً، قال في (مفردات الراغب مع ملاحظات العاملي): (ملاحظات: اكتفى الراغب في أصل اشتقاق الصلاة بقول بعضهم إنها من الصلى أي صَلْيِ النار! فنقل أقل القولين سوءً، وتهرب من إعطاء رأيٍ في مصدرها! وسببه أن غاية ما عند اللغويين في اشتقاق الصلاة قولان غير معقولين:
أحدهما: أنها مشتقة من الصَّلَى، أي اصطلاء النار فمعناها أن المصلي يصطلي النار، لكنهم غيروه وقالوا معناه: يتقي النار!
والثاني: أنها مشتقة من الصَّلَوَيْن وهما عظما ورك الفرس أو عرقان في مؤخريه! فيكون معنى صلى: ظهر صَلَوَاهُ أو وركاه أو عرقهما كالحصان!
قال الرعيني في مواهب الجليل «٢/٥ »: «فالأظهر الأشهر أنها من الصَّلَوَيْن، وهما عرقان من جانبي الذنب، وعظمان ينحنيان في الركوع والسجود».
فقد افترضوا أن الصلاة عربية كما فعلوا في الصراط، وأخذوا يبحثون عما يمكن أن يكون أصلها ومصدرها، فوجدوا صِلِيَّ النار، ووركي الحصان! فتشبثوا بهما ليجعلوا أصلها عربياً!
وكان یجب أن يقولوا: (لا أصل لها في العربية) ومما يؤيد ذلك أن الصلاة والزكاة وكلمات أخرى، تكتب في العربية بالواو، وقد تعلم القرشيون الكتابة في الحيرة، وهو يدل على أن ألفها مضخمة بين الألف والواو، وهو ما يوجد في اللغة الفارسية وربما السريانية.
ونلاحظ أن الخليل وهو إمام اللغويين وأعقلهم ، اكتفى بذكر الصلاة وفروعها ولم يذكر اشتقاقها من اصطلى النار أو وركي الفرس، قال «٧/١٥٣ »: «الصلاة ألفها واو، لأن جماعتها الصلوات، ولأن التثنية صلوان. وكل أنثى إذا ولدت انفرج صلاها. وصليت اللحم صلياً: شويته.. فالصلاء الشواء».
وأقرب ما يكون لها صلوات اليهود بمعنى كنائسهم، وكأنها سميت بذلك لأنها محل صلواتهم، فتكون الصلاة كلمة سريانية وهي لغة إبراهيم (عليه السلام)، ثم استعملت في العبرية.
ولا یصح قول الراغب: ولم یقل المصلین إلا في المنافقین، لقوله تعالى: {إلا المصلین} «المعارج:٢٢») (مفردات الراغب مع ملاحظات العاملي: ص453-454).
وجاء في لسان العرب: (والصَّلاةُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى: الرَّحمة؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ الرَّقَّاعِ:
صَلَّى الإِلَهُ عَلَى امْرِئٍ ودَّعْتُه، ... وأَتمَّ نِعْمَتَه عَلَيْهِ وزادَها
وَقَالَ الرَّاعِي:
صَلَّى عَلَى عَزَّةَ الرَّحْمَنُ وابْنَتِها ... لَيْلَى، وَصَلَّى عَلَى جاراتِها الأُخَر
وصلاةُ اللَّهِ عَلَى رَسُولِهِ: رحْمَتُه لَهُ وحُسْنُ ثنائِه عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ أَبي أَوْفى أَنه قَالَ: أَعطاني أَبي صَدَقة مالهِ فأَتيتُ بِهَا رسولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبي أَوْفى؛ قَالَ الأَزهري: هَذِهِ الصَّلاةُ عِنْدِي الرَّحْمة؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً؛ ف الصَّلاةُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ دُعاءٌ واسْتِغْفارٌ، وَمِنَ اللَّهِ رحمةٌ، وَبِهِ سُمِّيَت الصلاةُ لِما فِيهَا مِنَ الدُّعاءِ والاسْتِغْفارِ. وَفِي الْحَدِيثِ: التحيَّاتُ لِلَّهِ والصَّلَوَات
؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: الصَّلَوَاتُ مَعْنَاهَا التَّرَحُّم. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ؛ أَي يتَرَحَّمُون. وَقَوْلُهُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبي أَوْفى أَي تَرَحَّم عَلَيْهِمْ، وتكونُ الصَّلاةُ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ: إِذَا دُعيَ أَحدُكُم إِلَى طَعامٍ فليُجِبْ، فَإِنْ كَانَ مُفْطِراً فليَطْعَمْ، وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فليُصَلّ؛ قَوْلُهُ: ف لْيُصَلّ يَعْني فلْيَدْعُ لأَرْبابِ الطَّعامِ بالبركةِ والخيرِ، والصَّائمُ إِذَا أُكِلَ عِنْدَهُ الطَّعامُ صَلَّت عَلَيْهِ الملائكةُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ صَلَّى عليَّ صَلاةً صَلَّت عَلَيْهِ الملائكةُ عَشْراً... الصَّلاةُ مِنَ اللهِ رحمةٌ، وَمِنَ الْمَخْلُوقِينَ الملائكةِ والإِنْسِ والجِنِّ: القيامُ والركوعُ والسجودُ والدعاءُ والتسبيحُ؛ والصلاةُ مِنَ الطَّيرِ والهَوَامِّ التَّسْبِيحُ.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الأَصلُ فِي الصَّلاةِ اللُّزوم. يُقَالُ: قَدْ صَلِيَ واصْطَلَى إِذَا لَزِمَ، وَمِنْ هَذَا مَنْ يُصْلَى فِي النَّارِ أَي يُلْزَم النارَ. وَقَالَ أَهلُ اللُّغَةِ فِي الصَّلَاةِ: إِنَّهَا مِنَ الصَّلَوَيْنِ، وَهُمَا مُكْتَنِفا الذَّنَبِ مِنَ النَّاقَةِ وَغَيْرِهَا، وأَوَّلُ مَوْصِلِ الْفَخِذَيْنِ مِنَ الإِنسانِ فكأَنهما فِي الْحَقِيقَةِ مُكْتَنِفا العُصْعُصِ؛ قَالَ الأَزهري: والقولُ عِنْدِي هُوَ الأَوّل، إِنَّمَا الصلاةُ لُزومُ مَا فرَضَ اللهُ تَعَالَى، والصلاةُ مِنْ أَعظم الفَرْض الَّذِي أُمِرَ بلُزومِه...
وقَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذكرُ الصَّلاةِ، وَهِيَ العبادةُ المخصوصةُ، وأَصلُها الدعاءُ في اللغة فسُمِّيت بِبَعْضِ أَجزائِها، وَقِيلَ: أَصلُها فِي اللُّغَةِ التَّعْظِيمُ، وسُمِّيت الصلاةُ الْمَخْصُوصَةُ صَلَاةً لما فيها من تعظيم الرَّبِّ تَعَالَى وَتَقَدُّسٍ... وأَما قَوْلُنَا: اللَّهُمَّ صلِّ عَلَى محمدٍ، فَمَعْنَاهُ عَظِّمْه فِي الدُّنيا بإعلاءِ ذِكرِهِ وإظْهارِ دعْوَتِه وإبقاءِ شَريعتِه، وَفِي الْآخِرَةِ بتَشْفِيعهِ فِي أُمَّتهِ وتضعيفِ أَجْرهِ ومَثُوبَتهِ؛ وَقِيلَ: الْمَعْنَى لمَّا أَمَرَنا اللهُ سُبْحَانَهُ بِالصَّلَاةِ عليه ولم نَبْلُغ قَدْرَ الواجبِ مِنْ ذَلِكَ أَحَلْناهُ عَلَى اللهِ وَقُلْنَا: اللَّهُمَّ صلِّ أَنتَ عَلَى محمدٍ، لأَنك أَعْلَمُ بِمَا يَليق بِهِ...
والمُصَلِّي مِنَ الخَيْل: الَّذِي يَجِيءُ بعدَ السابقِ لأَن رأْسَه يَلِي صَلا المتقدِّم وَهُوَ تَالِي السَّابِقِ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: إِنَّمَا سُمِّيَ مُصَلِّياً لأَنه يَجِيءُ ورأْسُه عَلَى صَلا السابقِ، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ الصِّلَوَيْن لَا مَحالة، وَهُمَا مُكْتَنِفا ذَنَبِ الفَرَس، فكأَنه يأْتي ورأْسُه مَعَ ذَلِكَ المكانِ. يُقَالُ: صَلَّى الفَرَسُ إِذَا جَاءَ مُصَلِّياً...
وصَلَى اللَّحْمَ وغيرَهُ يَصْليهِ صَلْياً: شَواهُ، وصَلَيْتهُ صَلْياً مثالُ رَمَيْتُه رَمْياً وأَنا أَصْلِيهِ صَلْياً إِذَا فَعَلْت ذَلِكَ وأَنْت تُريد أَنْ تَشْويَه، فَإِذَا أَرَدْت أَنَّك تُلْقِيه فِيهَا إلْقاءً كأَنَّكَ تُريدُ الإِحْراقَ قلتَ أَصْلَيْته، بالأَلف، إصْلاءً، وَكَذَلِكَ صَلَّيْتُه أُصَلِّيه تَصْلِيةً. التَّهْذِيبُ: صَلَيْتُ اللَّحْمَ، بالتَّخفيفِ، عَلَى وَجْهِ الصَلاحِ مَعْنَاهُ شَوَيْته، فأَمَّا أَصْلَيْتُه وصَلَّيْتُه فَعَلَى وجْهِ الفَسادِ والإِحْراق؛ وَمِنْهُ قوله: فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا، وَقَوْلُهُ: وَيَصْلى سَعِيراً. والصِّلاءُ، بالمدِّ والكَسْرِ: الشِّواءُ لأَنَّه يُصْلَى بالنَّارِ) (لسان العرب: ج14 ص571-573).
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ((الْعِلْمُ وِرَاثَةٌ كَرِيمَةٌ وَالْآدَابُ حُلَلٌ مُجَدَّدَةٌ وَالْفِكْرُ مِرْآةٌ صَافِيَة)). (نهج البلاغة: الحكمة 5)
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
-------------------------------------
[1] أي من الفعل.
[2] وقد ذكرنا في بحث سابق: (الفرق بين المصدر واسم المصدر، وطرق جديدة للتمييز بينهما*
ذكر علماء الادب في الفرق بين المصدر واسمه فرقاً معنوياً وآخرَ لفظياً:
الفرق المعنوي بينهما:
إن المصدر ما دل على الحدث والفعل – المتدرج- بالمباشرة، كما في الاغتسال فانه يدل على الحدث والفعل نفسه، أي: إن الوجود اللفظي أضحى مرآة للوجود العيني، فيكون عالم الإثبات عاكساً مباشراً لعالم الثبوت، والاغتسال هو المعبر عنه بالغَسل بالفتح.
واما اسم المصدر: فيدل على العالم العيني بطريقة غير مباشرة وبوساطة المصدر؛ إذ لابد من استحضار المصدر ليدل اسمه من خلاله على الحالة والهيئة الحاصلة، وعليه: فاستحضار الاغتسال مقدمة وطريق من اجل تصور الغسل وصدقه، واسم المصدر هو الغُسل بالضم.
إذن: الحدث المتدرج مستبطَن عند إطلاق اسم المصدر واستعماله.
الفرق اللفظي بينهما:
واما الفرق اللفظي بين اسم المصدر والمصدر فهو: إن اسم المصدر هو ما نقصت حروفه عن حروف أصله وفعله لفظاً وتقديراً، من غير تعويض**، فمثلاً عطاء هو اسم مصدر من إعطاء؛ لان الهمزة قد حذفت مع ان تصريفه الطبيعي هو أعطى يعطي إعطاءً، فإعطاء مصدر كما في قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} (سورة الليل: 4)، وعطاء اسم مصدر كقوله تعالى: {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (سورة ص: 38)، وفي قبال ذلك: قاتل يقاتل قتالاً، فان قتال مصدر وفيه نقص، لكن الحرف الناقص مضمّن ومقدر فيه؛ إذ التقدير هو (قيتال) حذفت الياء للتخفيف***، ولذلك فان قتالاً مصدر، وليس باسم مصدر، واما عطاء فانه اسم مصدر؛ إذ الحذف فيه لفظي وتقديري.
وأما القيد الثالث (من غير تعويض) كما في وعد يعد عدة، فان المصدر (عدة) وان كان قد نقص منه الواو إلا انه عوّض بالتاء فهو مصدر.
ولكن هذا الضابط ليس بتام عندنا؛ لورود بعض النقوض عليه، والمهم هو الضابط المعنوي؛ إذ هو المحكم.
طرق مبتكرة ثلاث للتمييز بين المصدر واسمه
لم يذكر الصرفيون للتفريق بين الاسم ومصدره أكثر من الضابط المعنوي واللفظي، ولكن ذلك في مقامنا ونظائره – وهي كثيرة – لا يفي بالمطلوب، ولذا كان لابد من ابتكار طرق أخرى إكمالاً للضوابط في المقام.
ونذكر هنا ضوابط وطرقاً ثلاثاً، وهي اما أن تكون دليلاً فيما لو كانت على نحو الكبرى الكلية، واما ان تكون مؤيدة، إن كانت على النحو الغالبي...) (مؤسسة التقى الثقافية https://www.m-alshirazi.com).
* مقتطف من كتاب : ( رسالة في الكذب في الاصلاح)، بمناسبة الحديث عن الرواية التي رواها الشيخ الكليني قدس سره بسنده عن الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام قال: (إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام، وان المبيرة الحالقة للدين، فساد ذات البين ) فجرى البحث عن ( الصلاح) وانه مصدر أو اسم مصدر، وهي ضمن دروس المكاسب المحرمة الكذب درس رقم 217-218-219
** فهذه شروط ثلاث.
*** عكس عطاء إذ ليس تقديره عيطاء مثلاً.
[3] أي إباحة الدخول في الصلاة، إباحة الاجتياز من المسجد الحرام، ودخول المساجد.
[4] الشيخ محمد حسن النجفي، جواهر الكلام، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة: ج1 ص65.
[5] سورة المائدة: الآية 6.
[6] سورة المائدة: الآية 6.
[7] نظراً لإجمال النص من هذه الجهة والبراءة تجري عند فقدان النص أو إجماله أو تعارض النصين.
[8] يراجع فوائد الأصول: ج1 ص163.
[9] قال (قدس سره): (فتحصل: انّه لا فرق بين المحصّل الشّرعي و المحصّل العقلي، و انّه في الكل لا مجال إلّا للاشتغال، لرجوع الشّك فيه إلى الشّك في المسقط و الامتثال) فوائد الأصول: ج1 ص165.
كما أشار إلى دليل المفصّل بـ (ربّما يتوهّم الفرق بين المحصّلات الشّرعيّة و غيرها بما حاصله: انّ المحصّل ان كان عقليّا أو عاديّا لا مجال لإجراء البراءة فيه عند الشّك في دخل شيء فيه، لأنّه يعتبر في البراءة ان يكون المجهول ممّا تناله يد الجعل و الرّفع الشّرعي، و المفروض انّ المحصّل العقلي و العادي ليس كذلك، فلو كان إحراق زيد واجبا، و شكّ في انّ الإلقاء الخاصّ هل يكون موجبا للإحراق أولا؟ كان المرجع هو الاشتغال، لرجوع الشّك فيه إلى الشّك في المسقط، و لا يجري فيه حديث الرفع لأنّ ما هو المجعول الشّرعي غير مجهول و ما هو المجهول غير مجعول شرعيّ.
و هذا بخلاف ما إذا كان المحصّل شرعيّا، كالغسلات بالنّسبة إلى الطّهارة الخبثيّة، حيث انّه لمّا كان محصّلية الغسلات للطّهارة بجعل شرعيّ، فلو شكّ في اعتبار الغسلة الثّانية أو العصر كان موردا للبراءة و يعمّه حديث الرّفع، إذ امر وضعه بيد الشّارع، فرفعه أيضا بيده، هذا) (فوائد الأصول: ج1 ص163-164)، ثم ناقشه، وتحقيقه في محله.
[10] المبسوط: ذكر حقيقة الطهارة ج1 ص4.
[11] الاقتصاد: في حقيقة الطهارة ص240.
[12] السرائر: الطهارة / باب أحكامها ج1 ص56، إلّا أنّه ناقش في قيد الاستباحة.
[13] نقله عنه الشهيد في غاية المراد: ذيل قول المصنف: (كتاب الطهارة) ص3-4.
[14] كذا في جميع النسخ إلّا المعتمدة فإن فيها (الأقصى).
[15] المصدر السابق: ص4.
[16] المعتبر: الطهارة / المقدمة ج1 ص35.
[17] المسائل المصرية (ضمن كتاب النهاية): مسألة 1 ج3 ص8.
[18] قواعد الأحكام: الطهارة / في أنواعها: ج1 ص2.
[19] كنز العرفان: مقدمة كتاب الطهارة ج1 ص6.
[20] راجع غاية المراد: ذيل قول المصنف: (كتاب الطهارة) ص6.
[21] نقله عنه الشهيد في غاية المراد: ذيل قول المصنف: (كتاب الطهارة) ص6.
[22] الشيخ محمد حسن النجفي، جواهر الكلام، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة: ج1 ص68-70.
[23] الشيخ محمد حسن النجفي، جواهر الكلام، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة: ج1 ص71، (في الهامش).
[24] الوارد فيها نص أي ما ثبت استحبابه كغسل الجمعة وغسل العيدين وغسل الإحرام وغسل المباهلة وغسل صلاة الاستسقاء وغسل صلاة الاستخارة وغسل مس الميت بعد تغسيله.. فإنها تجزي عن الوضوء بحسب بعض الفقهاء، وما لم يثبت استحبابه فيؤتى به رجاء ويلزم حينئذٍ الوضوء كغسل النيروز والغسل الثاني ليلة 23 من شهر رمضان قرب الفجر وغيرها، عند بعض الفقهاء.
[25] إذ لا تبيح الدخول في الصلاة وأما الوضوء على الوضوء فلا يمكن كونه مبيحاً لأنه من تحصيل الحاصل.
[26] بناءً على مشككيتها كما سيأتي.
[27] حتى تعريف الإنسان بالحيوان الناطق، فإنه وإن أريد به العاقل، فإنه، حسب رأي بعضٍ، خاصة، وليس فصلاً بالمعنى الفلسفي – المنطقي، وتحقيقه في محله.
[28] سورة آل عمران: الآية 15.
[29] منها ما ورد في تفسير العياشي (لا يحضن ولا يحدثن) (تفسير العياشي: ج1 ص165)، وكذا في تفسير القمي، وفي تفسير العسكري (عليه السلام) ((أزواج مطهرة) من أنواع الأقذار والمكاره مطهرات من الحيض والنفاس، لا ولاجات ولا خراجات ولا دخالات ولا ختالات ولا متغايرات) ولا لأزواجهن فركات ولا صخابات ولا عيابات ولا فحاشات ومن كل العيوب والمكاره بريات. (وهم فيها خالدون) مقيمون في تلك البساتين والجنات) (تفسير العسكري (عليه السلام): ج1 ص203).
[30] الشيخ الطوسي، تفسير التبيان، إحياء التراث العربي ـ بيروت: ج1 ص110.
[31] كما قال به آخرون والحنفية.
[32] جرى بعض الكلام عن ذلك في كتاب (المعاريض والتورية).
[33] سورة الأحزاب: الآية 56.
[34] نقل عن المحقق الاصفهاني.
|