بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(42)
الثمرة 12: طهارة الماء الوارد على النجاسة
فإن النجاسة بل والمتنجس إذا ورد على الماء القليل تنجّس وإن لم يتلوث أبداً كما لو أزالَ الدمَ من يده أو أصبعه ثم أدخل يده في آنية أو كأس، وذلك على المشهور شهرة عظيمة من انفعال الماء القليل، ولكن لو عكس الأمر فورد الماء القليل على اليد المتنجسة كما لو سكب من الإناء ماءً على أصبعه المتنجسة فهلى هذا الماء الملاقي للأصبع المتنجسة يتنجس؟ ثلاثة أقوال:
قال في الفقه معلقاً على قول العروة وشارحاً: (مسألة ـ 1: {لا فرق في تنجس القليل} بناءً على القول به {بين أن يكون وارداً على النجاسة أو موروداً} وفي المسألة أقوال:
الأول: ما اختاره المصنف (رحمه الله) تبعاً لما نسب إلى المشهور من الانفعال مطلقاً.
الثاني: إن المتنجس شرطه ورود النجاسة على الماء، فلو ورد الماء على النجس لا ينجس مطلقاً، اختاره السيد في الناصريات، والحلي[1] مدعياً عليه الإجماع ظاهراً، وصاحب المعالم، واستوجهه في المدارك، واستحسنه في الذخيرة في هذه المسألة، وجعله الأقرب في مسألة الغسالة، ونسبه صاحب الحدائق في بحث ماء المطر إلى جملة من الأصحاب، وجعله الظاهر من الأخبار، وإن تردد في بحث القليل، واختاره في المستند صريحاً على المحكي من جملة منهم.
الثالث: التفصيل بين استعمال الماء الوارد في التطهير فلا ينجس، وبين غيره فينجس)[2].
واستدل السيد المرتضى في محكي كلامه في الناصريات، بـ (المسألة الثالثة: "ولا فرق بين ورود الماء على النجاسة وبين ورود النجاسة على الماء"[3].
وهذه المسألة لا أعرف فيها نصاً لأصحابنا، ولا قولاً صريحاً.
والشافعي يفرّق بين ورود الماء على النجاسة وورودها عليه، فيعتبر القلتين في ورود النجاسة على الماء ولا يعتبرهما في ورود الماء على النجاسة[4].
وخالفه سائر الفقهاء في هذه المسألة، ويقوى في نفسي عاجلاً ـ إلى أن يقع التأمل لذلك، إنا لو حكمنا بنجاسة الماء القليل الوارد على النجاسة لأدى ذلك إلى أن الثوب لا يطهر من النجاسة إلا بإيراد كر من الماء عليه، وذلك يشق[5]، فدل على أن الماء إذا ورد على النجاسة لا يعتبر فيه القلة والكثرة كما يُعتبر فيما يرد عليه النجاسة)[6#6-6].
وبعبارة أخرى: القياس استثنائي وهو: (أن الماء القليل لو كان منفعلاً بملاقاة النجس مطلقاً لما أمكننا تطهير شيء من المتنجسات به، وهذا باطل بالضرورة)[7].
وبعبارة ثالثة: لأن الماء القليل الوارد بمجرد أن يلامس اليد يتنجس، على رأي المشهور، فكيف يكون المتنجِّس مطهِّراً لغيره مع أن فاقد الشيء لا يعطيه وكذا حال الماء القليل الوارد المسكوب ثانياً وثالثاً ورابعاً.. إلخ لأن اليد تبقى متنجسة مادام كل ماء يسكب عليها يتنجس بالملاقاة.
وأجاب عنه في التنقيح بـ (والجواب عنه ما أشرنا إليه سابقاً من أن الالتزام بالتخصيص، أو دعوى حصول الطهارة به حينئذٍ وإن اتصف الماء بالنجاسة في نفسه، يدفع المحذور برمته)[8].
ولكن قد يورد عليه أن ما ذكره من القسيمين أغرب من رأي السيد المرتضى إذ الحلول ثلاثة:
1- ان الماء الوارد القليل، لا يتنجس بملاقاة العين المتنجسة إذا لم يتلوث بها، وهو ما ذهب إليه المرتضى.
2- الالتزام بأنه يتنجس ولكنه يطهِّر وهذا أغرب عرفاً بل وقد يقال بامتناعه فلسفياً. (وإن لم يصح؛ لأنه أمر اعتباري).
3- الالتزام بالتخصيص (وانه طاهر إذا أريد به التطهير، أو فقل، المستعمل في التطهير) لذا هو مطهر، لكنه إذا لم يستعمل في التطهير فنجس (وهو القول الثالث الذي نقلناه عن الفقه) وهو أغرب من القول الأول.
وعلى أي حال فلو تحيّر الفقيه فالمرجع عموم {وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً}[9] فهو دليل اجتهادي وليس المرجع قاعدة الطهارة المتأخرة رتبة والمفيدة للحكم الظاهري.
وبرهانه: ان الماء المطلق ثلاثة أقسام:
الأول: الكر، وهو معتصم.
والثاني: القليل المورود عليه (أي الذي وردت عليه النجاسة كما لو وضع أصبعه أو ثوبه المتنجس في الطست أو الإناء) وهو، على مبنى انفعال القليل، متنجس.
الثالث: القليل الوارد على النجاسة، وللشك فيه مجال فيشمله عموم الآية[10] إذ لو اعتبرنا المستند هو صحيحة «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قَدْرَ كُرٍّ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ»[11]، أو «إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ كُرّاً لَمْ يَحْمِلْ خَبَثاً»[12] فقد سبق أن المنطوق يفيد اعتصام الكر مطلقاً وأما المفهوم فهو جزئية أي إذا لم يبلغ كراً نجسه شيء مّا (لأن نقيض الكلية جزئية) والقدر المتيقن من شيء مّا هو القليل المورود عليه، دون الوارد، فيبقى مشمولاً للآية الكريمة.
وبعبارة أخرى: قوله تعالى: {ماءً طَهُوراً} يشمل الأقسام الثلاثة وقد خرج الثالث (القليل الذي وردت عليه النجاسة) قطعاً فيبقى الثاني[13] كالأول تحت عموم الآية.
نعم يمكن المناقشة في ذلك بوجوه أخرى ستأتي في محلها بإذن الله تعالى.
ولما ذكرناه ذهب عدد من المعاصرين إلى مثل رأي السيد المرتضى، قال صاحب العروة: (والورود، أي ورود الماء على المتنجّس دون العكس على الأحوط) أي من المطهرات الورود، وقد علّق عليه: (عدم اعتباره على ما لا يكون فيه عين النجس لا يخلو من قوّة. الميلاني.
* الأظهر عدم اعتباره. الروحاني.
* الظاهر عدم اعتباره إن قلنا بعدم كون المتنجّس منجّسا ، والاحتياط طريق النجاة . تقي القمّي.
* والأقوى عدم اعتبار الورود[14] وعدم اعتبار العصر وعدم اعتبار التعدّد في غير المتنجّس بالولوغ، وأمّا البول مع زواله بالغسلة الأولى فالثانية أحوط. الجواهري)[15]، و(وإن كان الأظهر عدم اعتباره في غير الغسلة المتعقّبة بطهارة المحلّ . الخوئي)[16].
الثمرة 13-14: البرزخ بين الكر والقليل وبين المطلق والمضاف
إذا شك في الماء انه كر أو لا بنحو الشبهة المفهومية أي في المرحلة البرزخية بين الكر والقليل، كما سيظهر، وإذا شك في الكر في المرحلة البرزخية بين المطلق والمضاف، فالمرجع عموم {وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً}.
وقبل إيضاح المسألتين، لا بد أن نشير إلى الضابط العام الذي به يتنقح حال هاتين المسألتين والعشرات من المسائل الأخرى في كتاب الطهارة، إضافة إلى حال عدد من المسائل السابقة، وبذكر هذا الضابط المرجعي العام نستغني عن استعراض سائر الثمرات، والتي قد تبلغ المائة، إذ مع وجود المقياس بيد طالب البحث يتضح له وجه الاستدلال بالآية الكريمة[17] فنقول:
الشبهة إما مصداقية، وهي ما نشأت من اشتباه الأمور الخارجية، وإما مفهومية حكمية، وأما حكمية نشأت من فقد النص أو إجماله أو تعارض النصين، وإما صدقية وقد سبق الكلام عنها، وموطن الشاهد والبحث الآن هو الشبهة المفهومية سعةً وضيقاً من حيث الشك في شمول الإطلاقات للبرزخ بين الطرفين معلومي الحكم، ومن حيث جريان الاستصحاب وعدمه في الحالة البرزخية.
وفي المثال السابق: البرزخ بين الكر والقليل هو ما جهل كونه كراً، لا لاشتباه الأمور الخارجية ومجهولية المصداق، بل للشك في سعة مفهوم الكر وضيقه، وذلك كثير الابتلاء جداً فمثلاً: ماء المطر قد يستقر في حفرة كبيرة بقدر الكر فهو معتصم حتى بعد انقطاع التقاطر وقد يستقر في حفيرة صغيرة تحتوي منّاً من الماء مثلاً فهو قليل غير معتصم، لكنه قد يتفرق في عدة منخفضات أو في حُفَرٍ عديدة فإذا كان مجموعها كراً فهنا صور: الأولى: ما لو كانت الحفر متصلة عبر مجرى واسع فهو كر دون شك للوحدة العرفية، الثانية: ما لو تم تكن متصلة فكل منها قليل وهو واضح، وإنما الكلام في الصورة الثالثة البرزخية وهي ما لو كانت متصلة بمجرى ضيق جداً أو عبر الرمال الرخوة، فشك في أن الكر مفهوماً هل يشمل مثل هذا أو لا[18] وكذا الحال في الأواني الكثيرة المرتبطة بأنبوب واسع فهو كر، أو بمجري ضيق كالإبرة فكل منها قليل، أو بمجرى بينهما كأنبوب بضخامة القلم مثلاً فشك انه كر مفهوماً (وان الوحدة متحققة) أو لا.
وهنا مجال لأن يقال: إن إطلاق {وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً}[19] يشمله فهو طهور مطهِّر وذلك لما سبق من أن المستند لنجاسة القليل بملاقاة النجاسة لو كان صحاح «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قَدْرَ كُرٍّ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ»، أو «إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ كُرّاً لَمْ يَحْمِلْ خَبَثاً»، فإن فيها، كما سبق ثلاث صور: ما بلغ قدر كر فمعتصم، وما لم يبلغ قدر كر قطعاً كإناء ماء، فغير معتصم، وما هو بينهما كالمثال السابق (الحفر المتصلة بأنبوب متوسط برزخي) وحيث أن مفهوم الصحيحة: (إذا لم يبلغ كراً ينجسه شيء) لا يعلم انطباقه على المقام إذا لا يعلم مفهوماً أنه كر أم لا فلا يصح التمسك بالعام (المفهوم) في الشبهة المصداقية للموضوع (إذ لا يعلم انه كر أو لا) فحينئذٍ تشمله الآية دون تردد فيكون محتمل الكرية مفهوماً (لا للشبهة المصداقية) معتصماً لا لأنه كر (إذ لا يعلم حاله) بل لشمول الآية للفروض الثلاثة خرج الثالث فبقي الأولان.
ونظير هذه المسألة الكر المردد بين كونه مطلقاً أو مضافاً كما لو سكب في الكر ملحاً فإن كان قليلاً جداً فهو مطلق أو كثيراً جداً بحيث غيّر طعمه فقليل، وإن دخل في الحالة البرزخية، بحيث يشك العرف مفهوماً انه مطلق أو مضاف، فهذا هو مورد البحث وان إطلاق {ماءً طَهُوراً} يشمله إذ الفرض انه كر وقد خرج الكر المضاف، ولا يعلم خروج هذا لأنه في البرزخ والتردد المفهومي فيشمله {ماءً طَهُوراً} لمسلمية انه ماء لكنه هل صار مضافاً؟ حيث انه برزخ فلا يعلم كونه مضافاً تشمله أحكامه، ولا يجري الاستصحاب لعدم بقاء الموضوع عرفاً إذ البرزخ عرفاً غير الطرفين فليست القضية المتيقنة والمشكوكة واحدة، أو لأنه من الشك في المقتضي أو لما ذكره بعض الأعلام من: لأنه لا شك إذ الأمر دائر بين مقطوع العدم ومقطوع الوجود – كما سيأتي.
ولننقل كلام العروة في الماء المردد بين كونه مطلقاً أو مضافاً مع تعليقات عدد من الأعلام ثم كلام التنقيح المبيّن للوجه الثالث الآنف في عدم جريان الاستصحاب.
(مسألة 5: إذا شكّ في مايع أنّه مضاف أو مطلق، فإن علم حالته السابقة أخذ بها، وإلّا فلا يحكم عليه بالإطلاق، ولا بالإضافة ، لكن لا يرفع الحدث والخبث، وينجس بملاقاة النجاسة إن كان قليلا، وإن كان بقدر الكرّ لا ينجس؛ لاحتمال كونه مطلقا والأصل الطهارة).
ونختار تعليقات عدد من الأعلام الذين رأوا عدم جريان الاستصحاب في الشبهة المفهومية: (وأمّا إذا كانت الشبهة مفهوميّة أو مصداقية بأن يكون منشأ تردّده الصدق العرفي لا الأمر الخارجي، فلا يجري استصحاب الحالة السابقة؛ لعدم جريانه في المفهوم المردّد، كمفهوم الغروب والكرّ وغيرهما، فلا يحكم عليه بالإطلاق ولا بالإضافة على ما مرّ بيانه. مفتي الشيعة)[20]، و(* إذا كانت الشبهة موضوعيّة ، أمّا لو كانت مفهوميّة فيشكل جريان الاستصحاب بناء على عدم جريانه في المفهوم المردّد، كما لو شكّ في أنّ الغروب استتار القرص أو زوال الحمرة، وكما لو شكّ في مقدار الكرّ مفهوما ونحو ذلك. نعم، لا يبعد جريان استصحاب حكم الحالة السابقة لبقاء الموضوع عرفا وإن شكّ في تغيّره من حيث صدق المطلق أو المضاف عليه. الشريعتمداري[21].
* هذا إذا كان الشكّ لأمر خارجي، كما لعلّه المراد في المسألة، وأمّا إذا كانت الشبهة مفهوميّة فلا يجري الاستصحاب. الخوئي.
* إلّا أن تكون الشبهة مفهوميّة فلا يجري الاستصحاب. الآملي)[22]، وفي المقابل (* سواء كانت الشبهة موضوعيّة أم مفهوميّة. الروحاني)[23].
وقال في التنقيح: (الصورة الثانية: ما إذا كان الشكّ في الإطلاق والإضافة من جهة الشبهة الحكمية[24] كما إذا ألقينا مناً من الحليب على منّ من الماء، وشككنا في أن المركب منهما هل هو من مصاديق الماء عرفاً، أو لا ينطبق عليه هذا المفهوم وإن لم يطلق عليه الحليب أيضاً فالشبهة مفهومية حكمية، وقد تعرضنا لتفصيلها في محلّه ولا نعيد وحاصله: أن الاستصحاب لا يجري في الشبهات المفهومية في شيء،
أمّا الاستصحاب الحكمي فلأجل الشكّ في بقاء موضوعه وارتفاعه،
وأمّا الاستصحاب الموضوعي فلأنه أيضاً ممنوع إذ لا شكّ لنا في الحقيقة في شيء، لأن الأعدام المنقلبة إلى الوجود كلّها والوجودات الصائرة إلى العدم بأجمعها معلومة محرزة عندنا، ولا نشكّ في شيء منهما ومعه ينغلق باب الاستصحاب لا محالة لأنّه متقوّم بالشكّ في البقاء. وقد مثّلنا له في محلّه بالشكّ في الغروب، كما إذا لم ندر أنّه هو استتار قرص الشمس أو ذهاب الحمرة عن قمة الرأس، فاستصحاب وجوب الصوم أو الصلاة لا يجري لأجل الشكّ في بقاء موضوعه، والموضوع أيضاً غير قابل للاستصحاب إذ لا شكّ لنا في شيء، فإن غيبوبة القرص مقطوعة الوجود وذهاب الحمرة مقطوع العدم، فلا شك في أمثال المقام إلّا في مجرد الوضع والتسمية، وأن اللفظ هل وضع على مفهوم يعم استتار القرص أو لا؟
هذا وإن شئت قلنا: إن استصحاب الحكم لا يجري في الشبهات المفهومية، لأنّه من الشبهة المصداقية لدليل حرمة نقض اليقين بالشكّ، وذلك لأجل الشك في بقاء موضوع الحكم وارتفاعه، فلا ندري أن رفع اليد عن الحكم في ظرف الشكّ نقض لليقين بالشكّ، كما إذا كان الموضوع باقياً بحاله، أو أنّه ليس من نقض اليقين بالشكّ كما إذا كان الموضوع مرتفعاً وكان الموجود موضوعاً آخر غير الموضوع المحكوم بذلك الحكم، فلم يحرز اتحاد القضيتين: المتيقنة والمشكوكة، وهو معتبر في جريان الاستصحاب.
واستصحاب الموضوع أيضاً لا يجري في تلك الشبهات، لعدم اشتماله على بعض أركانه وهو الشكّ، فلا شكّ إلّا في مجرد التسمية، وعليه فلا بدّ من مراجعة سائر الأصول، وهي تقتضي في المقام بقاء الحدث والخبث وعدم ارتفاعهما بما يشكّ في كونه ماء)[25]
نعم قد يناقش استدلاله، بأن الشك في بقاء اليوم بعد استتار الشمس متحقق عرفاً وان الدوران بين مقطوع الوجود ومقطوع العدم دقي – تحليلي – فلسفي، أما عرفاً فلا شك أن المكلف شاك في الحالة البرزخية (بين استتار القرص، وذهاب الحمرة المشرقية، وبين ما إذا شككنا في المركبة من الماء والحيب أو الملح في الحالة البرزخية... إلخ).
نعم قد يوجه كما مضى بأنه من الشك في المقتضي[26] فلا يجري فيه الاستصحاب أو بعدم وحدة القضية المشكوكية والمتيقنة عرفاً لأن الحالة البرزخية ليست عند العرف واحدة مع ما سبقها.. والكلام موكول إلى محله.
إنما الشاهد أن من ذهب إلى مبنى عدم جريان الاستصحاب في الشبهة المفهومية، وكذا من تحير ولم يحرز الجريان أو عدمه، فإن له أن يرجع إلى عموم {وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً} كدليل اجتهادي لا كأصل عملي فتدبر وتأمل فإن البحث دقيق وتفصيل الأخذ والرد في محله.
أسئلة:
- ابحث عن سائر الأدلة على نجاسة الماء الوارد على النجاسة وأيّدها أو ناقشها أو ناقش السيد المرتضى أو أيّده.
- اكتب بحثاً عن جريان الاستصحاب في الشبهات المفهومية وناقش مختلف الأدلة المطروحة من هذا الطرف أو ذاك.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «لَا تُجَاهِدِ الطَّلَبَ جِهَادَ الْغَالِبِ وَلَا تَتَّكِلْ عَلَى الْقَدَرِ اتِّكَالَ الْمُسْتَسْلِمِ، فَإِنَّ ابْتِغَاءَ الْفَضْلِ مِنَ السُّنَّةِ وَالْإِجْمَالَ فِي الطَّلَبِ مِنَ الْعِفَّةِ وَلَيْسَتِ الْعِفَّةُ بِدَافِعَةٍ رِزْقاً وَلَا الْحِرْصُ بِجَالِبٍ فَضْلًا، فَإِنَّ الرِّزْقَ مَقْسُومٌ وَاسْتِعْمَالَ الْحِرْصِ اسْتِعْمَالُ الْمَأْثَمِ» تحف العقول عن آل الرسول (صلى الله عليه وآله): ص234.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
------------------------------------
[1] ابن إدريس.
[2] السيد محمد الحسيني الشيرازي، موسوعة الفقه / كتاب الطهارة، دار العلوم للطباعة والنشر: ج2 ص268.
[3] ذكرها في البحر عن (هـ) أي القاسمية والناصرية أي أتباع القاسم والناصر عموما ج 1 ص 33 (ح).
[4] المجموع شرح المهذب 1: 138، حلية العلماء 1: 88، بداية المجتهد 1: 26، الاستذكار لابن عبد البر 1: 196.
[5] بل هو مخالف لضرورة الفقه بل ضرورة المسلمين.
[6] السيد الشريف المرتضى، مسائل الناصريات، رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية ـ طهران: ص72-73.
[7] الشيخ مرتضى البروجردي، تقريراً لأبحاث السيد أبو القاسم الخوئي، المستند في شرح العروة الوثقى، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي ـ قم: ج2 ص149.
[8] الشيخ مرتضى البروجردي، تقريراً لأبحاث السيد أبو القاسم الخوئي، المستند في شرح العروة الوثقى، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي ـ قم: ج2 ص149.
[9] سورة الفرقان: الآية 48.
[10] بناءً على عمومها استناداً إلى دليل الامتنان أو غير ذلك مما سبق.
[11] الشيخ الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية ـ طهران: ج3 ص2.
[12] ابن أبي جمهور الإحسائي، عوالي اللآلئ، دار سيد الشهداء (عليه السلام) ـ قم: ج1 ص76.
[13] أي فيما إذا شك الفقيه في شمول أدلة القليل له.
[14] أي في مطهِّرية القليل للمتنجسات.
[15] السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، العروة الوثقى والتعليقات عليها، مؤسسة السبطين العالمية ـ قم: ج2 ص319-320.
[16] السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، العروة الوثقى والتعليقات عليها، مؤسسة السبطين العالمية ـ قم: ج2 ص320.
[17] نعم في بعض المسائل يوجد وجه آخر للاستدلال فلا ينحصر في هذا الوجه.
[18] فالمصداق الخارجي وانه كيف هو معلوم، لكن الكلام في سعة مفهوم الكر لمثل هذا المصداق (النوع الثالث).
[19] سورة الفرقان: الآية 48.
[20] السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، العروة الوثقى والتعليقات عليها، مؤسسة السبطين العالمية ـ قم: ج1 ص374.
[21] سيأتي من السيد الخوئي رد القول بـ (نعم لا يبعد...) فلاحظ.
[22] السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، العروة الوثقى والتعليقات عليها، مؤسسة السبطين العالمية ـ قم: ج1 ص374.
[23] السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، العروة الوثقى والتعليقات عليها، مؤسسة السبطين العالمية ـ قم: ج1 ص375.
[24] يقصد المفهومية الحكمية، كما سيصرح به وكما هو مقتضى الكلام.
[25] الشيخ مرتضى البروجردي، تقريراً لأبحاث السيد أبو القاسم الخوئي، المستند في شرح العروة الوثقى، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي ـ قم: ج1 ص42-43.
[26] اليوم المردد مفهوماً بين الطويل والقصير.
|