• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1432-1435هـ) .
              • الموضوع : 221- وضائف الفقيه والشارع : 1ـ تشريع القضايا الحقيقية ـ وهي من شأن الشارع 2ـ استكشاف القضايا الحقيقية : في الاصول، وفي القواعد الفقهية ، والفقه ــ وهو وظيفة الفقيه 3ـ التعرف على القضايا الخارجية ، من صرفةٍ ومستنبطة وعامة ــ وهنا خلاف وتفصيل 4ـ انشاء الاحكام في دائرة الشؤون العامة ـ هنا خلاف 5ـ انشاء المنصب وايجاده ـ لعله إجماعي 6ـ انشاء الحكم المصداقي الجزئي ـ اجماعي لكن هل للفقيه او للمؤمن؟ .

221- وضائف الفقيه والشارع : 1ـ تشريع القضايا الحقيقية ـ وهي من شأن الشارع 2ـ استكشاف القضايا الحقيقية : في الاصول، وفي القواعد الفقهية ، والفقه ــ وهو وظيفة الفقيه 3ـ التعرف على القضايا الخارجية ، من صرفةٍ ومستنبطة وعامة ــ وهنا خلاف وتفصيل 4ـ انشاء الاحكام في دائرة الشؤون العامة ـ هنا خلاف 5ـ انشاء المنصب وايجاده ـ لعله إجماعي 6ـ انشاء الحكم المصداقي الجزئي ـ اجماعي لكن هل للفقيه او للمؤمن؟

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
ملخص ما تقدم 
كان البحث حول القضية الحقيقية والخارجية والفروق بينهما تمهيدا لمبحث مسؤولية المجتهد والفقيه تجاه المكلفين، ووصل الكلام إلى ان الفقيه له دوران وعليه مسؤوليتان: الدور الاول او المسؤولية الاولى تتعلق بالقضايا الواقعية استنباطاً، والدور الثاني او المسؤولية الثانية تتعلق بالقضايا الخارجية استكشافاً، فهذان دوران وهما مسؤوليتان وهذا قد مضى. 
الادوار ستة موزعة بين الشارع والفقيه والمؤمنين 
اما تفصيل ذلك مع إضافة بعض الصور والادوار والمسؤوليات الاخرى والوظائف، فيتضح بالبيان الاتي: 
ان الادوار والوظائف الثبوتية تبلغ ستة وهي موزعة بين الشارع وبين الفقيه وبين المؤمنين: 
1.تشريع القضايا الحقيقية، وهو خاص بالشارع 
الدور الاول: هو دور تشريع القضايا الحقيقية؛ وهذا الدور خاص بالشارع وليس الفقيه مشرِّعا ولا يحق له ان يشرع، وهذا في قبال الدول التي تدعي ان مصدر الشرعية والتقنين هو الشعب فتعطي صلاحية التشريع في القضايا الحقيقية لمجلس الامة او البرلمان، اما عندنا فلا شك في ان التشريع في القضايا الحقيقية خاص بالشارع، انما الخلاف في مسألة واحد وهي ان حق التشريع منحصر بالله تعالى؟ وهذا رأي، ام ان الله منح هذا الحق للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ايضا؟ وهذا رأي ثانٍ، والرأي الثالث ان الله منح هذا الحق للائمة عليهم الصلاة والسلام ايضا، وتدل عليه روايات عديدة، وان المشرع الاصلي هو الله تعالى وهو جل اسمه فوض تشريعات فرعية في القضايا الحقيقية للنبي او الائمة عليهم السلام، اذن هذا هو الدور الاول وامره واضح. 
2.استكشاف القضايا الحقيقية وهو وظيفة الفقيه 
الدور الثاني او المسؤولية الثانية:هي استكشاف القضايا الحقيقية، وهذه مسؤولية الفقيه ووظيفته، ثم ان هذه الوظيفة تنشعب إلى شعب ثلاثة، فيها خلاف: 
أ.الاستنباط الاصولي. 
الشعبة الاولى: الاستنباط الاصولي، وهنا لا شك في أمرين :الامر الاول ان استنباط الفقيه الاصولي، اي استنباطه الاصولي حجة اولا، وتلك وظيفته ثانيا، ولك ان تعكس والطبع يقتضي العكس اي انها وظيفته اولا، ورأيه في ذلك حجة ايضا. 
ب.استظهارت الفقيه في القواعد الفقهية. 
الشعبة الثانية:استظهار القواعد اي استظهارات الفقيه في القواعد الفقهية، فهي وظيفة له ورأيه فيها حجة؛ الا ان الكلام انه هل يمكن التفكيك بينهما بأن تكون استظهارات الفقيه القواعدية حجة من غير ان يكون قد استظهر واستنبط اصوليا؟، هنا موطن كلام، ومن الحري ان يشمرِّ بعض الاعلام عن ساعد الجهد في التحقيق الاكثر في خصوص هذه الجهة والجهة اللاحقة، والمسألة تحتاج إلى مزيد من البحث. 
ج.الاجتهاد الفقهي. 
الشعبة الثالثة :هي الاجتهاد الفقهي . 
اذن هذه وظائف ثلاثة وحجج ثلاثة يعني ان الاستنباط الاصولي اولا واستظهار القواعد ثانيا والاجتهاد الفقهي ثالثا، هي وظائف للفقيه، وعادة الفقهاء يضطلعون بها الا ان الملاحظ وجود قصور في تغطية هذه الابعاد الثلاثة من قبل بعض الفقهاء، بمعنى ان الفقيه قد تجده متضلعا في الاصول وقد يكون متضلعا ايضا في القواعد الفقهية الا انه ضعيف في الفقه، وعلى الانسان ان لا يقع في مثل هذه المشكلة، الخلاف جار أيضاً في هذا الثالث وان اجتهاد الفقيه في الفقه هل هو حجة من غير ان يكون مستنِبطا اصوليا ومستظهرا قواعديا ؟ لعل المشهور ممن وجدتهم يقولون بعدم الحجية لكن الرأي المنصور هو الحجية، وبحثه يترك لمحله، وكلامنا الان مجرد رؤوس اقلام لمعرفة ما هي وظائف الفقيه فيما يرتبط ببحثنا، اذن الدور الثاني للفقيه هو الاستكشاف للقضايا الحقيقية بشعبها الثلاثة. 
3.التعرف على القضايا الخارجية، والمستظهر انها وظيفة الفقيه. 
الدور الثالث:هو التعرف على القضايا الخارجية او قل المصاديق والجزئيات، ونحن نستظهر انه وظيفة الفقيه في الجملة وخالف فيه جمع ولعله الاكثر، ولعل التفصيل هو الاقرب، ويجري فيها كلا البحثين: فهل رأي الفقيه في القضايا الخارجية حجة؟ كما لو ان الفقيه في مسألتنا شخّص بأن هذا الشخص الخاص لو اجتهد في اصول الدين لأنحرف، مع كوننا قد بنينا في القضية الحقيقية على وجوب الاجتهاد في اصول الدين ككبرى كلية وكقضية حقيقية، ففي القضية الخارجية لو شخّص الفقيه بأن هذا الشخص او هذه الفئة كالشباب الجامعي، لو اجتهد في اصول الدين لأنحرف فهل رأيه حجة؟ هذا بحث، والبحث الاخر هل من وظيفته ذلك ام لا؟ البعض انكر ان وظيفته تشخيص القضايا الخارجية، وهي مسألة من اهم المسائل التي لم تبحث جيدا في الاصول ولا في الفقه، نعم توجد اشارات للموضوع، وهي من اشد المسائل حاجة وابتلاءا، نحن نرى انها وظيفته وان رأيه حجة وسنشير لاحقا إلى عناوين الادلة، ونترك التفصيل لعقد مسالة خاصة بذلك في المستقبل بإذن الله تعالى، مثاله الواضح ما تقدم ذكره من النهي عن الاجتهاد في الأصول والمثال الاخر حفظ كتب الضلال او بيعها فتشخيص الفقيه أن هذا كتاب ضلال حجة ام لا؟ او الامر متروك للمكلف؟ ولو تخالفا فالرأي لمن؟ ثم هل وظيفته ان يشخص ان هذا كتاب ضلال وان ذاك الحزب حزب ضلال ام لا؟ نحن نرى نعم انها وظيفته وان رأيه حجة مع بعض التفصيل، لكن العديد ممن رأيت كلامهم أو سمعته منهم لا يرون ذلك، فلا بد من الاحتكام للادلة في ذلك، هذا هو الدور الثالث بايجاز. 
4.انشاء القضايا الخارجية في دائرة الشؤون العامة. 
الدور الرابع: انشاء القضايا الخارجية في دائرة الشؤون العامة كالحرب والصلح والمعاهدات الدولية وما اشبه من الشؤون الداخلية والخارجية، فهل هذه من صلاحية أو مسؤولية الفقيه بأن ينشا الصلح بين دولتنا ودولتهم او يوجب الحرب او اي شيء اخر من القوانين العامة؟ هنا خلاف يتبع بحثاً مطروحاً في الأوساط العلمية وان كان في رأيي غير مستوعب، وهو انه هل للفقيه الولاية العامة، وهنا آراء: الرأي الاول يرى ان للفقيه الولاية العامة ولعله ينسب إلى صاحب الجواهر، والرأي الثاني: ان للفقيه الولاية في الشؤون العامة، والفرق بينهما دقيق ولا نتوقف عنده والاول اوسع من الثاني، وكلا الرأيين خلاف المشهور فان فقهاء الامامية قديما وحديثا لم يصيروا إلى اي من الرأيين اما الرأي الثالث فانه لا يرى ولاية عامة للفقيه كما لا يرى ولاية له في الشؤون العامة، وانما ولايته تقتصر على الامور الحسبية، اذن الدور الرابع خلافي. 
5.انشاء النصب في دائرة (الشؤون الحسبية). 
الدور الخامس: هي انشاء النصب، ولك ان تقول (النصب) لأن النصب يستبطن الانشاء لكن قلنا انشاء النصب لتوضيح التفكيك بين الاستكشاف السابق والانشاء اللاحق ، وهذا الدور هو وظيفة الفقيه بان يقوم بنصب الاشخاص على الاشخاص وعلى الجهات، وهو البحث المعروف بالشؤون الحسبية والمشهور يقولون به وان الفقيه ينصب من قبله قيّما على القُصّر والغُيّب ومن اشبه وممن لا ولي لهم بشكل عام، وعلى الاوقاف وغيرها. 
6.انشاء الاحكام الخارجية المصداقية 
الدور السادس: انشاء الاحكام الخارجية، وهو موطن بحث، وفرقه عن العنوان الثالث ان الثالث كان هو التعرف على القضايا الخارجية أي موضوعاتها اما هذا الدور فهو انشاء الاحكام الخارجية، فهل انشاء الاحكام الخارجية من وظيفة الفقيه؟ لا شك في ذلك ولعله اجماعي، لكن انشاء الاحكام القضايا الخارجية هل هو وظيفة الفقيه بما هو فقيه، هذا رأي، ام هو وظيفته بما هو مؤمن لا بما هو فقيه، اي هو واجب كفائي على كل مؤمن والفقيه احد المؤمنين فان اضطلع به غيره كفاه، وهذا رأي لعله المشهور: ان انشاء الاحكام المصداقية هو وظيفة الفقيه بما هو مؤمن لا بما هو فقيه، ورأيه فيها حجة لكن بما هو مؤمن اي ليس كونه فقيها جهة امتياز في هذه المسألة، والكبرى الكلية لهذا العنوان السادس او احدى كبرياتها الكلية هو عنوان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن الامر بالمعروف انشاء وليس اخبارا، فعندما يكذب شخص او يغتاب فتقول له ناهيا اياه عن المنكر(لا تكذب او لا تغتب) فانه انشاء، لكن ليس للقضية الحقيقية لأن التشريع من الله وانما هو انشاء لجزئيٍّ، وهذا الانشاء للجزئي فوّضه الشارع للمكلفين، ولو لم يفوضه لما كان لهم صلاحية الانشاء خاصة ان قلنا ان الامر يشترط فيه ان يكون الآمر ذا جهة علو مما لا يتوفر في كل آمر بالمعروف فتأمل. وعلى أي فان جهة العلو في الآمر على المأمور وان كان اعلم وافقه واعلى رتبة، هي التفويض الالهي لكل مكلف بان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر 
فهذه الجهة السادسة وهي مورد بحث وكلام ونقاش في انها وظيفة الفقيه بما هو هو او بما هو مؤمن من المؤمنين، ومثاله التعرب بعد الهجرة، فلو أراد المكلف ان يتعرب بعد الهجرة فهل من وظيفة الفقيه ان ينهاه عن ذلك بأن ينشئ حكما جزئيا مصداقيا؟ خاصة لو كان المكلف يرى انه ليس تعربا بعد الهجرة وانه لو سافر لاستطاع ان يقيم الشعائر ويحافظ على ايمانه فهل وظيفة الفقيه ان ينهاه عن ذلك ولو نهاه فهل قوله حجة ونافذ او لا؟ ثم هل ذلك لأنه فقيه او لأنه مؤمن؟ ثم ان بعض التفصيل في ذلك يرتبط بتحقيق الحال في 1- الموضوعات المستنبطة 2- والموضوعات الصرفة 3- والشؤون العامة، فالعناوين ثلاثة، والشؤون العامة خلافية بشدة في انها من صلاحية الفقيه او لا؟ اما الموضوعات الصرفة فقد كاد ان يكون اجماعا انها ليست من وظيفة الفقيه ولا رأيه فيها حجة بما هو فقيه الا لو كان من اهل الخبرة، اما الموضوعات المستنبطة فهي بينهما، وهي موطن خلاف وانها من وظيفة الفقيه وان رأي الفقيه حجة بما هو فقيه، أم بما هو أهل خبرة؟ فالموضوعات إذن تنقسم إلى هذه الثلاثة: الصرِّفة والمستنبطة والعامة، والمستنبطة هي مورد بحثنا لأن كلامنا عن الاجتهاد في اصول الدين وان وظيفة هذا المكلف لو تعارضت قضيته الحقيقية مع قضيته الخارجية فهل رأي الفقيه هو النافذ والحجة، والحَكَم ام رأيه هو؟ اذن موضوع كلامنا في القضية المستنبطة في الشؤون الاجتهادية، ونظيره في الفقه (الوطن) فانه من الموضوعات المستنبطة فهل المرجعية في تشخيصه للفقيه ام للمكلف؟ وللحديث صلة. 
وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=481
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأحد 29 ربيع الأول 1434هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23