• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1432-1435هـ) .
              • الموضوع : 227- ب ــ متعلَّق مسألتنا : القضايا الشخصية الخارجية ، ومتعلق ( ولاية الفقيه في الشؤون العامة) هو القضايا العامة فالنسبة التباين ج ـ مرجعية الفقه في القضايا الخارجية ، هي بنحو لا بشرط وعلى سبيل البدل ، اما مرجعية بناء على ولاية الفقيه في الشؤون العامة فهي بنحو بشرط شيء وعلى سبيل الانضمام .

227- ب ــ متعلَّق مسألتنا : القضايا الشخصية الخارجية ، ومتعلق ( ولاية الفقيه في الشؤون العامة) هو القضايا العامة فالنسبة التباين ج ـ مرجعية الفقه في القضايا الخارجية ، هي بنحو لا بشرط وعلى سبيل البدل ، اما مرجعية بناء على ولاية الفقيه في الشؤون العامة فهي بنحو بشرط شيء وعلى سبيل الانضمام

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
ملخص ما تقدم 
كان البحث حول مرجعية الفقيه في القضايا الخارجية وان وظيفته التصدي لها من جهة، وان رأيه فيها حجة من جهة أخرى، ومن أهم مصاديق القضايا الخارجية هو مورد بحثنا من التصدي لمسألة الاجتهاد والتقليد في أصول الدين وتحديد وظيفة آحاد المكلفين, ووصل الكلام إلى رواية (واما الحوادث الواقعة) وان الاحتمالات في معناها ستة، كما ذكرنا الأدلة على التعميم, ثم وصلنا إلى الفروق بين مسألتنا ومسألة ولاية الفقيه؛ كي لا يتوهم وحدة المسألتين، فللمرء والفقيه ان يلتزم بالحجية والوظيفة في مسألتنا في نفس الوقت الذي لا يلتزم فيه بولاية الفقيه فلا تلازم، وبدأنا بالفرق الأول وان الحديث في مسألتنا عن الحجية والوظيفة، اما في مسألة ولاية الفقيه فالحديث عن المنصب والفرق بينهما جلي واضح، هذا ما مضى. 
2.النسبة بين مسألتنا ومسألة ولاية الفقيه من حيث المتعلق هي التباين. 
الفرق الثاني:وهو من حيث الموضوع وبتعبير أدق: النسبة بين مسألتنا وتلك المسألة من حيث المتعلق هي التباين؛ فان المتعلق هنالك غير المتعلق ههنا، توضيح ذلك:في مبحث (ولاية الفقيه في الشؤون العامة) المتعلّق هو الشؤون العامة، اما في مبحثنا فان البحث يدور عن حجية رأي الفقيه ووظيفته في القضايا الشخصية الخارجية، والقضايا الخارجية تباين الشؤون العامة اذ المراد من الشؤون العامة الحقائق الارتباطية اجتماعيا، اما المراد بالقضايا الخارجية التي هي مورد البحث فهي الحقائق الاستقلالية من حيث آحاد المكلفين . 
وبتعبير اوضح: تارة نتكلم عن الاحكام الشخصية للفرد التي يعبر عنها الآن بالاحوال الشخصية وهي مورد مسألتنا وان الفقيه مكلف بنحو الوجوب الكفائي بأن يحدد لأحآد المكلفين وظيفتهم من حيث جواز خصوص هذا المصداق من الاجتهاد في أصول الدين وحرمته وانه هل هو طريق هداية له أو هو طريق ضلال؟ وهل يجوز له ان يطالع مثل هذه السلسلة من الكتب او لا يجوز له؟ وهل يجوز له ان يحاور هؤلاء الفلاسفة او أولئك العلماء من الأديان الأخرى أو لا؟ فهذه قضايا ترتبط بآحاد المكلفين, أما ولاية الفقيه في الشؤون العامة فلا ترتبط بآحاد المكلفين بل ترتبط بالمجموع من حيث المجموع وذلك مثل المعاهدات الدولية فإنها ترتبط بالنوع لا بالأشخاص كأشخاص ومثل الحرب والسلم وغير ذلك من الامور. 
هذا كله لو تحدثنا عن (ولاية الفقيه في الشؤون العامة)، اما لو تحدثنا عن (ولاية الفقيه العامة) فالنسبة بينها ومسألتنا هي العموم والخصوص المطلق, فأن مسألتنا اخص مطلقا لأن ولاية الفقيه العامة تشمل بناءا على القول بها الاحوال الشخصية كما تشمل شؤون الهيئة الاجتماعية، فالنسبة عموم وخصوص مطلق، وعلى أية حال فان اثبات الاخص لا يستلزم ثبوت الاعم؛ اذ قد نقول بوجوب تصدي الفقيه للقضايا الخارجية الشخصية وان رأيه فيها حجة لكن في نفس الوقت لا نقول بولاية الفقيه العامة ولا بولاية الفقيه في الشؤون العامة بل نقول بتعبير فقهي معهود (ولاية الفقيه في الشؤون الحسبية) فقط، والحاصل: ان مسألتنا تندرج في دائرة الشؤون الحسبية، بل ان مسألتنا اخص من الشؤون الحسبية كما يتضح مما اشرنا اليه سابقا من ان الأمور الحسبية تشمل الأشخاص كما تشمل الجهات مثل الأوقاف وغيرها. 
3.هناك جهة اشتراك وجهة افتراق. 
الفرق الثالث[1]:وهو فرق دقيق وعادة كان عدم الالتفات له هو منشأ خلط، وبهذا الفرق نغلق البحث لأن بيان الفرق يوضح حدود مسألتنا وان موضوع بحثنا الذي نستدل عليه ما هو، وبهذا المقدار سنكتفي في فرز المحمولين للمسألتين: (الحجية والمنصب) والمتعلَّقين(الشؤون الخاصة والشؤون العامة). 
اما الفرق الثالث فهو ان مرجعية الفقيه في مسألتنا في الشؤون الخارجية هي بنحوِ (على سبيل البدل) اي ان احدهم يجب ان يرجع اليه على سبيل البدل، واما مرجعية الفقيه بناءا على ولاية الفقيه فهي بنحوِ (على سبيل الاشتراك) وليس على سبيل البدل، توضيح ذلك[2]: 
أ- جهة الاشتراك:هي مرجعية الفقهاء. 
ان هناك جهة اشتراك بين المسألتين ونذكرها توطئة لبيان جهة الاختلاف، فجهة الاشتراك بين مسألتنا ومسألة ولاية الفقيه هي مرجعية الفقهاء[3] وليس الفقيه الواحد فهذه جهة اشتراك وذلك لأن الرواية هي (فاما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا) فتفيد مرجعية الرواة وليس مرجعية راو واحد، سواءا أستفدنا منها ولاية الفقيه فتفيد ولاية الفقهاء[4] ولا تفيد ولاية الفقيه الواحد كما يتوهم عادة وذلك لأن الادلة كلها ادلة عامة. 
والحاصل: ان هذه الروايات والآيات التي استدل بها على ولاية الفقيه او التي يمكن ان يستدل بها على المقام، نحو (الفقهاء حصون الإسلام) أو(اني جعلته عليكم حاكما) وغيرها من الأدلة، تفيد ولاية الفقهاء كمجموع وليس ولاية الفقيه الواحد، وعليه فليس للفقيه ان يصادر حقوق سائر الفقهاء إذ الولاية أعطيت للمجموع من حيث المجموع، ولم تُعطَ لأحدهم المعين ولا لاحدهم المردد في مرتبة الثبوت ولا لاحدهم المردد في مرتبة الإثبات، ولا لأحدهم المخير، ولا لغير ذلك من الخيارات التي فصلناها في الكتاب[5] فمن احب فليراجع، لكن نقول الايات والروايات واضحة الدلالة على أن الولاية تعطي على فرضها للمجموع وليس لفرد، وهذه الروايات هي التي يستدل بها على المقام ايضا فتفيد إعطاء المرجعية والحجية للفقهاء وليس لفقيه واحد في القضايا الخارجية,اذن هذه جهة اشتراك . 
ب- جهة الافتراق: المرجعية في الشؤون العامة بشرط شيء وفي القضايا الخارجية لا بشرط. 
واما جهة الافتراق وهو موطن الكلام، فهي ان مرجعية الفقهاء - وليس الفقيه الواحد - تختلف في مقامنا عن ذلك المقام، فان مرجعية الفقيه في الشؤون العامة على فرض القول بها هي (بشرط شيء) واما مرجعية الفقيه في القضايا الخارجية - وهي مورد بحثنا - فهي (لا بشرط)، والفرق بينهما كبير، واما نظرية ولاية الفقيه المتداولة حاليا لدى البعض فهي (بشرط لا)، الذي هو خلاف كل الروايات والايات، ونترك بحثه لمحله. 
اذن الفرق هو هذا وان مرجعية الفقيه في القضايا الخارجية هي لا بشرط، اي لا بشرط انضمام سائر الفقهاء اليه وذلك كما في التقليد تماما[6] فان مرجعية الفقهاء في التقليد كيف هي؟ والجواب: من جهةٍ: المرجعيةُ لمجموعة الفقهاء الذين توفرت فيهم الشرائط، وليست لشخص خاص اسمه الحسين بن روح او العمريان او السمري من النواب الاربعة في زمن الغيبة الخاصة وبقية النواب الخاصين الذين لعلهم عشرون إذ الامام (عجل الله فرجه الشريف) كان لهم نواب خاصون اكثر لكنهم كانوا محليين, لكننا الان في زمن الغيبة الكبرى حيث امر مرجعية التقليد هو لمطلق من اجتمعت فيه الشرائط وليس لشخص خاص، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فان ذلك إنما هو بنحوِ (لا بشرط)؛ اي ان رأي هذا الفقيه بالنسبة إلى مقلديه حجة سواءا أإنضم إليه رأي فقيه ثان أو رأي المشهور ام لم ينضم، وهذا هو ما عبرنا عنه بالحجية على سبيل البدل اذا كانوا متساويين وان لم يكونوا متساويين فندخل في تلك الابحاث المبنائية الاخرى، لكن الكلام الآن في ان كل من اجتمعت فيه الشرائط فالحجية له على سبيل البدل لا بشرط الانضمام. 
الشؤون العامة هي قضايا ارتباطية بطبعها والأحوال الشخصية استقلالية بطبعها. 
اما في الشؤون العامة فالحجية ليست على سبيل البدل وإنما هي بشرط الانضمام فلو لم ينضم لما نفذ وذلك نظراً لخصوصية المتعلَّق، اذ المتعلق في ولاية الفقيه هو الشؤون العامة وهي قضايا ارتباطية وليست استقلالية فان طبع الشؤون العامة هو من هذا القبيل، إذ لا تعقل اللابشرطية والتفكيك بان يقال بنفوذ حكم مرجع تقليد يصدر قرارا بالحرب ونفوذ حكم اخر يحكم بالسلم، إذ يلزم من ذلك الفوضى والهرج والمرج واختلال النظام نظراً لأن الشؤون العامة ارتباطية وذلك كما لو ان فقيها حكم بإجراء معاهدة مع دولةٍ - ورأيه ملزمِ بناءا على ولاية الفقيه – وحكم فقيه اخر بالحرمة، فلا يمكن ان يقال بحجية ونفوذ رأي احدهما على سبيل البدل[7] أو كليهما معاً للزوم الهرج وغيره، إنما النافذ هو رأي أحدهما لو أنضم إليه الاخرون أو أكثريتهم[8] أي النافذ هو رأي المجموع من حيث المجموع لأن الإرجاع كان للمجموع في ولاية الفقيه على فرضها، وإلا لو كان الإرجاع لأحدهم فقط لعبّر الإمام (عجل الله فرجه الشريف) باما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى فلان كما صرح بأسماء النواب الأربعة كالحسين بن روح, لكن الإمام ذكر ضوابط عامة فلو انطبقت على عشرة فالمجموع له الولاية وليس لأحدهم ان يعملها دون ضَمّ رأي الآخرين. 
إذن هذا فرق جوهري ينبع من خصوصية المتعلَّق وان المتعلق تارة يكون هو الآحاد كما في الشؤون الشخصية والقضايا الخارجية وتارة يكون المجتمع والهيئة الانضمامية كما في موضع وموطن بحث ولاية الفقيه. 
ولتقريب البحث لا بأس بذكر مثال عرفي وعقلائي يوضح الأمر بأجلى بيان: فلو قلنا (ارجعوا إلى الأطباء أيها المرضى) فان المرجعية هي لمجموع الأطباء وهذه هي جهة الاشتراك، لكن ذلك في الوقت نفسه على سبيل البدل – وهذه جهة افتراق عن تلك المسألة – إذ ليس على كل مريض ان يرجع إلى كل الأطباء بل يكفيه ان يرجع إلى احدهم ولا يشترط ان يضم سائر الأطباء صوتهم إلى صوت هذا الطبيب كي يجب على المريض الامتثال إرشاداً أو مولوية، لكن لو قلنا للناس (ارجعوا في تشريعاتكم للبرلمانيين) فان جهة الاشتراك محفوظة وهي ان المجموع هو المرجع وليس احد البرلمانيين، لكن هل المرجعية على سبيل البدل أم على سبيل الانضمام؟، فلو اصدر احدهم قرارا وقنّن حكماً فهل يكفي؟ الجواب كلا لأن المرجعية للكل من حيث المجموع وليس للفرد بما هو فرد، وذلك لأن طبيعة المتعلّق تختلف إذ البرلمان شغله مع الأمور العامة، اما الطبيب فشغله مع الأحوال الخاصة. 
إذن الفرق بين مسألتنا وهو: ان مرجعية الفقيه في الأحوال الشخصية والقضايا الخاصة، على سبيل البدل لا على سبيل الاشتراك وهي بنحو لا بشرط لا بنحو بشرط شيء، اما مرجعيته في الشؤون العامة بناءا على القول بولاية الفقيه، فانها للفقهاء كمجموع (بشرط الانضمام) لا (لا بشرط الانضمام) ولا (بشرط لا عن الانضمام). 
وبذلك ظهر ان الأدلة مشتركة: أي ان الأدلة التي تساق لولاية الفقيه والأدلة التي سقناها وسنسوقها على حجية رأي الفقيه في القضايا الخارجية، هي أدلة واحدة لكن النتيجة تختلف لخصوصية المتعلق وكونه انضماميا بطبعه او لا انضماميا بل استقلاليا بطبعه,وهذا الفرق دقيق، ولم أجد – في استقراء أوّلي - من التفت، إلا الوالد قدس سره، إلى هذا الفرق الدقيق، والعبد الفقير أصّل لذلك وفصّله في ذاك الكتاب، ونكتفي من البحث بهذا المقدار. 
وسيأتي البحث في الدليل الرابع وهو الاستدلال بالآية المعروفة[9], (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[10] ثم نستعرض باقي الأدلة فقط بلا تفصيل, ونكتفي بهذه الأدلة ثم نذكر الثمرة في الفرق ببين وجوب الاجتهاد في أصول الدين بنحو القضية الحقيقية او بنحو القضية الخارجية بإذن الله تعالى. 
وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين 
 
 
 
________________________________________ 
[1] - وهذا الفرق دقيق ولعله لم يتفطن اليه عادة من ذكروا مبحث ولاية الفقيه، وهو بحث مبنائي مهم وسنشير اليه ههنا بمقدار بيان الفرق اما الادلة فتوكل إلى مراجعة الكتب المعنية ومنها كتاب العبد الفقير (شورى الفقهاء) حيث فصلت الحديث عن ذلك في مبحث برهان الدوران ص283 واسهبت الحديث عن هذا البرهان, لكن كلامنا الان ليس في بيان البرهان بل في تمييز الموضوعات لكي لا يتوهم ان الاستدلال على هذا استدلال على ذاك، واسميته هناك برهان الدوران والترديد وهذا غير القاعدة الاصولية المعروفة (الدروان بين التعيين والتخيير) ويتضح بالمراجعة هناك. 
[2] - وهذا الفرق يبتني عليه العدول عنها نظرية (ولاية الفقيه) بالكامل إلى نظرية (ولاية الفقهاء) لمن يقول بها بحسب الادلة . 
[3] - ولكن هل في القضايا الشخصية الخارجية او الشؤون العامة؟ فذاك بحث اخر. 
[4] وهذا البحث المبنائي الجوهري. 
[5] - شورى الفقهاء – دراسة أصولية – فقهية ص283-304. 
[6] - وذلك كمثال لتقريب البحث حتى لا نبقى في مجرد التنظير والاصطلاحات إذ احيانا يضيع الطالب في التئطيرات الكلية. 
[7] - وهو الفرد المردود ثبوتاً أو إثباتاً كما فصلنا وجه بطلانه في الكتاب. 
[8] - فصلنا وجه مرجعية الأكثرية لو لم ينعقد الإجماع في (شورى الفقهاء). 
[9] - ولكن وجه الاستدلال به أو وجوه الاستدلال فكروا بها إلى السبت 
[10] - سورة التوبة الاية71 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=487
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 7 ربيع الثاني 1434هــ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23