• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1432-1435هـ) .
              • الموضوع : 233- الثمرة الثالثة: لا لغوية في تشريع القضية الحقيقية وان كانت الخارجية على خلافها زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بل وزمن الائمة (عليهم السلام) بل وفي عصر الغيبة ايضاً وتوضيح نتائج ذلك في 1ـ الفقه ، كالخمس على فرض عدم اخذ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) له 2ـ لواحق الاصول ، كما في (ياتي بدين جديد) 3ـ الاصول ، كما لو فرض ان الرسول بل والائمة (عليهم السلام) لم يأمروا بالاجتهاد في اصول الدين.. وتفصيل وجه ذلك مما يعد جواباً عن كلام القوانين ايضاً .

233- الثمرة الثالثة: لا لغوية في تشريع القضية الحقيقية وان كانت الخارجية على خلافها زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بل وزمن الائمة (عليهم السلام) بل وفي عصر الغيبة ايضاً وتوضيح نتائج ذلك في 1ـ الفقه ، كالخمس على فرض عدم اخذ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) له 2ـ لواحق الاصول ، كما في (ياتي بدين جديد) 3ـ الاصول ، كما لو فرض ان الرسول بل والائمة (عليهم السلام) لم يأمروا بالاجتهاد في اصول الدين.. وتفصيل وجه ذلك مما يعد جواباً عن كلام القوانين ايضاً

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
ملخص ما تقدم 
كان البحث حول خلاصة وثمرات المبحث السابق في التفريق بين القضية الحقيقية والخارجية,واشرنا إلى ثمرتين مضتا، وهناك في التقرير المكتوب أضفنا بعض الأمور ينبغي مراجعتها مما لا حاجة لذكرها الآن. 
3- لا لغوية في تشريع القضية الحقيقية وان كانت الخارجية على خلافها زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بل وزمن الائمة (عليهم السلام) بل وفي عصر الغيبة أيضاً 
الثمرة الثالثة، وهي ثمرة جديدة ومهمة وتدفع اشكالا شهيرا لصاحب القوانين ولغيره استشكل به على دعوى وجوب الاجتهاد في أصول الدين، هي: انه لا لغوية في تشريع القضية الحقيقية، وان كانت القضايا الخارجية على خلافها في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل نقول: لا لغوية في تشريع القضية الحقيقية وان كانت القضايا الحقيقية على خلافها في زمن المعصومين (عليهم السلام) جميعاً[1]. 
بل نقول ان القضية الحقيقية لا لغوية في تشريعها حتى اذا كانت القضايا الخارجية هي الحاكمة في زمن الغيبة أيضا، وسيتضح كيف يندفع اشكال صاحب القوانين من تمهيد هذه المقدمة، فنقول: 
إذا ثبت ذلك كما سيأتي فأن النتيجة ستكون – بوضوح - امكان التمسك بالمطلقات والعمومات، من غير صلاحية للسيرة المعاكسة على اسقاطها عن الحجية, إذ المعروف ان السيرة لو كانت بالعكس فتكون قرينة مقامية صارفة للفظ عن ظهوره في الوجوب إلى الاستحباب مثلا، فلو كانت الادلة ظاهرة في الوجوب والسيرة على العكس، فمن ضم هذه السيرة العملية إلى تلك الظهورات نستكشف ان الظاهر غير مراد وان الأمر ههنا ليس للوجوب بل هو للاستحباب، او نستكشف غير ذلك كأن نستكشف مثلا ان الإطلاق غير مراد بل القضية في الجملة وليست بالجملة. 
اذن هذه الثمرة مهمة جدا وهذا الاستثناء في المقام هو على خلاف المعهود والمطروح عادة لكن نقول هذا الاستثناء برهاني، وسنذكر هنا ثلاث فوائد لهذه الثمرة لمزيد الفائدة. 
الفائدة الأولى فقهية وليست مورد كلامنا لكن نذكرها لمزيد الفائدة، والفائدة الثانية في صميم مبحثنا وهي الاجتهاد في اصول الدين، والفائدة الثالثة تتعلق بمبحثنا وهي مسألة ترتبط ببعض لواحق أصول الدين. 
1- الفائدة الفقهية في الخمس على فرض عدم أخذ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للخمس 
أما المسألة الأولى: فهي مسألة فقهية وهي وجوب الخمس، وعدم قرينية سيرة النبي على العدم – على فرضها – على عدمه، فان احدى الإشكالات الشهيرة التي استشكل بها العامة[2] على وجوب الخمس هو هذا الاشكال؛ وهو ان سيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم تكن على أخذ الخمس، فإذن: ان آية (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) أما خاصة بالغنائم كما قالوا أو توجه بتوجيهات أخرى. 
وإحدى أجوبتنا هو جواب صغروي أجاب به بعض الأعلام كالشيخ مرتضى الحائري وغيره، والعبد الفقير تتبعت بعض التتبع عند بحثي في كتاب الخمس[3] فوجدنا موارد نقض كثيرة وأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تاريخيا قد اخذ الخمس في 17 مورداً على الأقل مما رواه العامة، هذا كجواب صغروي تحقيقي تاريخي، لكن نتزل ونفرض أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأخذ الخمس ولا أمير المؤمنين (عليه السلام) ولا الحسنان ولا السجاد (عليهم السلام) وإنما من زمن الصادقين (عليهما السلام)[4] بدأ الخمس[5] لكن ذلك لا يضر بدلالة الآية على وجوب الخمس لأن عدم أخذ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للخمس، لعله على أقل الفروض كان بنحو القضية الخارجية وليس بنحو القضية الحقيقية، والقضية الخارجية قد برهنا مفصلا سابقا أنها لا تتنافى مع القضية الحقيقية بل يجتمعان لأن موضوعهما مختلف؛ لأن القضية الحقيقية موضوعها الطبيعيّ بما هو هو مع قطع النظر عن فرض وجود الموضوع وعدمه ؛أما القضية الخارجية فقد فرض فيها وجود الموضوع, وعلى أية حال نقول: لا تنافي بين أن يكون الخمس مُشرَّعا بنحو القضية الحقيقية وغير معمول به في زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بنحو القضية الخارجية، إذ هذا لا ينفي ذاك ولا يكون قرينة على صرف الظاهر عن ظهوره، نعم لو أثبت الطرف الاخر أن عدم اخذ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان بنحو القضية الحقيقية فانه يصرف الظاهر في القضية الحقيقية الأولى عن ظهوره في الوجوب للاستحباب أو من الإطلاق إلى التقييد بغنائم دار الحرب. 
اما وجه القضية الخارجية فأحد وجوه: 
أ- كونها من مصاديق كبرى ضرورة تدرجية الأحكام 
الوجه الاول: احتمال كون عدم أخذ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الخمس، من مصاديق كبرى ضرورة التدرجية في الأحكام، وهذا الأمر ثابت عند الشيعة والمخالفين إذ يذعنون بوجود مصاديق كثيرة للأحكام المتدرجة النزول، مثل (الحجاب) فان أية الحجاب نزلت بعد فترة طويلة، ومثل (تحريم الخمر) إذ نزلت بعد فترة طويلة وقبلها كان حلالا، ومثل آية (أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ) إلى غير ذلك اذن هذا وجه وهو أن يكون عدم أخذ الخمس من باب تدرجية الأحكام، لكن نحن نمتاز عن المخالفين بالقول بأن التدرجية ليست خاصة بزمان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بل أنها اعم من زمانه (صلى الله عليه وآله وسلم) وأوصياءه لذا قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) أي بنصب الإمام علي صلوات الله عليه فالاكمال أكمال التفصيل المنطوي في الاجمال، وهذا يدخل في بحث كلامي آخر مبرهن في محله، هذا الوجه الأول لبيان أن القضية كانت خارجية وان الحكم كان مشرعاً لكن لمصلحةٍ تأجّل وجوب إبلاغه أو تأجل تفعيله أي تاجلت مرتبة فعليته وتنجيزه. 
ب- أن يكون عدم أخذ الخمس من باب الإباحة 
الوجه الثاني: أن يكون ذلك من باب الإباحة وأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أباح ذلك لأن له الولاية فقد أباح لهم الخمس، والإباحة لا تنفي تشريع الخمس بل تؤكده اي تستبطن أنه واجب لكن ولي الأمر وهو الرسول والأئمة عليهم السلام لهم أن يبيحوه، ويوضحه ان المالك له ان يبيح لك الدخول في ملكه، وإباحته تؤكد الملكية ولا تنفيها. 
إذن هذه ثمرة فقهية هامة، وهناك ثمرات فقهية عديدة تأملوا فيها وابحثوا فهو بحث تمريني جيد، وأنه لا لغوية في تشريع القضية الحقيقية ولو كانت الخارجية على الخلاف، للسيرة. 
2- الفائدة في لواحق الاصول: تحليل رواية (يأتي بدين جديد) 
أما المسألة التي هي من ملحقات أصول الدين فهي في الرواية التي وردت عن أن الأمام الحجة (عجل الله فرجه الشريف) يأتي بدين جديد، وهناك وجوه ذكرت لمعنى إتيانه بدين جديد ولكن نضيف لها هذين الوجهين، اللذين يذكر ثانيهما عادة: 
الاحتمال الاول: وهو يبتني على تحليلنا وتفرقتنا بين القضايا الحقيقية والخارجية، فعلى هذا الوجه فأن من المحتملات أن كل ما يأتي به إمام الزمان (عجل الله فره الشريف) فأنه مشرَّع زمان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لكن وجه الجِدّة والحَداثة هو: أن القضايا الخارجية كانت إلى زمانه على خلاف القضية الحقيقية، وحينئذٍ فعندما يأتي بالقضايا الحقيقية المشرعة زمان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والمودعة عنده (عجل الله فرجه الشريف) فان الناس يتصورون أنه قد أتى بدين جديد، وليس بجديد، نعم هو جديد اثباتي وليس بجديد ثبوتي، يوضحه ما سبق من مسألة الخمس، فعلى فرض أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) السابقين على الباقِرَين (عليهما السلام) لم يأخذوه فانه لا ينفي انه كان قد أودع لكي يبينه الصادقان حسب تدرجية الأحكام التي هي غير خاصة بزمان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حسب ما حقق في محله فهل جاء الصادق (عليه السلام) حينئذٍ بدين جديد أو حكم جديد؟ كلا بل الحكم المودع عنده أظهَرَه لا أكثر، فكذلك الحال زمان الإمام (عجل الله فرجه الشريف) فـ(يأتي بدين جديد) يعني جديد بلحاظ مخالفته للقضية الخارجية على امتداد ألازمان وإظهاره للقضية الحقيقية. 
الاحتمال الثاني وهو أن يكون وجه التعبير بانه يأتي بدين جديد هو أن تلك القضايا الحقيقية التي يبرزها ويظهرها هي على خلاف (الواقع الخارجي) ولذا يتصور الناس أنه أتى بدين جديد، وفرق هذا عن السابق: أن القضية الحقيقية في الاحتمال الأول كانت على خلاف (القضية الخارجية) أما الاحتمال الثاني فهو ان القضية الحقيقية التي يأتي بها الإمام (عجل الله فرجه الشريف) هي على خلاف (الواقع الخارجي) والفرق أن الواقع الخارجي يراد به الباطل الذي لا وجه شرعي له مثل الضرائب والجوازات والجنسية ومثل المكوس والكمارك فهي واقع خارجي باطل فَرَضَه أئمة الضلال، فالإمام (عجل الله فرجه الشريف) يلغيها أجمعها فيتصور الناس ان هذا دين جديد لأنهم لا يعلمون ان الإسلام لا ضرائب فيه إلا الأربعة المعروفة: الخمس والزكاة والجزية والخراج، لأنهم يتصورون ان الجنسية والجوازات من أوجب الواجبات والا لأختل النظام ولساد الهرج والمرج بلحاظ قوة المفسدين واختراقهم الحدود وغير ذلك من التعليلات المذكورة، فالمراد من (الواقع الخارجي) هو الواقع الخارجي الباطل الذي لا وجه شرعي له, أما المراد من (القضية الخارجية) فهي الواقع الخارجي الذي أمضاه الشارع وأعتبره صحيحا كما في القضايا الخارجية التي اشرنا إليها سابقا، التي عمل بها المعصوم (عليه السلام)، وهذا البحث مفصل وهناك مجال متسع لمن أراد ان يبحث في هذه المسألة بالذات لكي يقوم بدراسة عن هذه الرواية بالذات. 
3- الفائدة في الأصول: فيما لو فرض ان الرسول بل والائمة (عليهم السلام) لم يأمروا بالاجتهاد في أصول الدين.. 
وتفصيل وجه ذلك مما يعد جواباً عن كلام القوانين ايضاً 
أما المسألة الثالثة التي ترتبط بصميم بحثنا وهي الاجتهاد في أصول الدين، فنقول: لو تمت الأدلة - وحسب سياق بحثنا فهي تامة - على وجوب الاجتهاد في اصول الدين، ومنها الدليل العقلي: احتمال الضرر ومنها بعض الاطلاقات في الآيات والروايات مما سبق، فانها تواجه باشكال كبير طرحه صاحب القوانين إذ يقول عندما تتبعنا سيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم نجده في مورد من الموارد عندما اسلم أعرابي أو غيره قال له أجتهد في اصول الدين، فهذا دليل بنظره على أن الاجتهاد في اصول الدين ليس بواجب غاية الامر هو مستحب والاطلاقات الظاهرة في الوجوب تحمل على الاستحباب، كما انه له يقول ان سيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تكشف عن أن وجوب دفع الضرر المحتمل عقلا رَفَعَهُ الشارع موضوعا أي اعتبر التقليد مؤّمنا فانه (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما لم يأمر الطرف بالاجتهاد مع انه قد جاءه مفوِّضا امره للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مسلِما قيادَه له فهذا يكشف عن ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يرى تقليده مبرءا للذمة في أصول الدين، فاذا رأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك بتقريره العملي وبسيرته العملية دلّ ذلك على ان الظواهر الدالة على وجوب الاجتهاد في اصول الدين غير مرادة بل هي للاستحباب, هذا توضيح كلام صاحب القوانين مع مزيد إضافة. 
الوجه الأول لعدم أمر النبي بالاجتهاد في الأصول: التدرجية 
لكن نقول:هذا الاشكال القوي ظاهرا، يندفع بما بيناه الان وانه لا تنافي بين القضية الحقيقية والخارجية بان يكون وجوب الاجتهاد مُشرَّعا لكن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بنحو القضية الخارجية لم يأمر به، لمصلحة التدرجية، مثل بقية الاحكام المودعة عند الصادِقَين التي اظهراها بعد ذلك فان ذلك لا يخل بالقضية الحقيقية ووجوب الاجتهاد. 
وبتعبير أخر ان الفعل لا جهة له إذ لا نعلم أن فعل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) التي هي سيرته هل كان من باب انها قضية حقيقية على خلاف القضية الحقيقية المدعاة[6] فتصرف الظواهر عن ظهورها؟ هذا احتمال، لكن الاحتمال الاخر ان تكون قضية خارجية لا تخالفها بل تؤكدها، فاذا كان الامر كذلك فالظاهر تام الدلالة على الوجوب[7] والاحتمال لا يصرف الظاهر عن ظهوره ولا ينفيه، وصفوة القول: انه اذا تم كلام القوانين من دلالة السيرة فالنتيجة النهائية ستكون عدم وجوب الاجتهاد في اصول الدين رغم ما سقناه من الأدلة، لكن إذا تم هذا الجواب الذي ذكرناه الآن أو تم أو ما سياتي لاحقا فالنتيجة ان نلتزم بوجوب الاجتهاد في أصول الدين. 
الوجه الثاني: عدم أمره بالاجتهاد لانفتاح باب العلم بالالتفات 
الوجه الثاني: أن يكون عدم امر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الناس بالاجتهاد في اصول الدين لتيسر العلم في زمنه باصول الدين فلا حاجة للاجتهاد بالمعنى المعهود حالاً، بل يكفي الالتفات فقط، وذلك لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) موجود والمعاجز ظاهرة على يديه وهي طريق العلم بنبوته وبما قاله عن الإمامة والمعاد بل وبما قاله عن الله تعالى أيضاً. اما نحن فقد ابتعدنا عن زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فلا نعلم إلا عبر الاجتهاد انه خاتم الأنبياء إذ لا نرى معاجزه[8]، اما الناس زمنه فكانوا يرون المعاجز الظاهرة المورثة للعلم والقطع، وحسب المنقول تاريخيا فان أربعة ألاف معجزة ظهرت على يديه (صلى الله عليه وآله وسلم) من شق القمر إلى تحريك الشجرة إلى تكلم الحصى بيده إلى غير ذلك، فطريق العلم للناس بأدنى التفات كان مفتوحا، فكيف يأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والحال هذه بالاجتهاد الظني[9]؟ أما الان فطريق العلم بما هو هو ليس الا الاجتهاد الذي نتكلم عنه، فقد يوصل للعلم وقد يوصل للاطمئنان وقد يوصل للظن المعتبر، والحاصل: ان النبي لم يأمر لانفتاح باب العلم من غير طريق الاجتهاد. 
ونقول[10] كذلك الحال في زمن المعصوم (عليه السلام) فلو فرض[11] ان الأئمة (عليهم السلام) لم يأمروا أحداً بالاجتهاد[12] فنقول ان باب العلم كان منفتحا لأن الإمام (عليه السلام) كانت تجري على يديه الكرامات وخوارق العادة باستمرار، ويمكن ملاحظة الاحتجاج والبحار وغيرهما ليتضح ان الموارد ليست بالعشرات أو المئات بل أكثر، ونحن الان نشاهد الكرامات عند مشاهدهم فكيف في ذلك الوقت؟ بل حتى في البحث العلمي فانه ليس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وحده تمسك بسلاح المباهلة أو نظائره من الغيبيات، بل كثيراً ما كان لهم بحث علمي ثم يسندونه بامر غيبي، فالإمام الصادق (عليه السلام) مثلاً كان يستند إلى العلوم الغيبية لديه لإقناع الطرف الأخر أو إفحامه، ومنها الرواية المتقدمة حيث ان الإمام (عليه السلام) استند إلى علمه الغيبي لإفحام الشامي إذ ان زرارة قال للشامي بان الحجة من الله علينا في هذا الزمن هو هذا الإمام (عليه السلام) فقال كيف قال سله تجده مليا، فاخبره الإمام ببعض ما علمه بالغيب، فآمن. 
والحاصل: ان الاحتجاجات كانت في محلها تامة كما هو واضح لكنها كثيراً ما لم تكن تورث العلم للطرف الآخر أما اظهار الإمام علمه الغيبي فكان يورثه العلم دون ريب، اذن باب العلم كان مفتوحا فلم يكن داعي لإيجاب الاجتهاد إذ كان هناك بديل أفضل ايسر، غاية الأمر هناك وجوب تخييري، أما الان فلا، فتدبروا في ذلك لأنه مفتاح في حسم الرأي نهائيا بين الرأيين وسنكمل بحث ذلك وما يرد عليه وأجوبته، بعد عدة دروس، عندما نصل لطرح شبهة صاحب القوانين. فانتظر. وللحديث صلة. 
وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين 
 
 
 
________________________________________ 
[1] - جميعاً هنا بالمعنيين فتعني جميع المعصومين (عليهم السلام)وتعني أيضا ان كانت القضايا الخارجية هي الحاكمة باجمعها في زمنهم . 
[2]- وبعض المحسوبين على الشيعة 
[3] - وهي سلسلة دروس في خارج الخمس، موجودة على الموقع أيضاً. 
[4]- الباقر والصادق (عليهما السلام) 
[5]- أي بدأ طرح مسألة وجوب الخمس، وان الإمام  قد أباحه للشيعة. 
[6]- وجوب الاجتهاد في أصول الدين 
[7]- والدليل العقلي – وجوب دفع الضرر المحتمل – تام الدلالة على الوجوب أيضاً. 
[8] - إلا القرآن ووجه إعجازه مما يحتاج إلى فهم وتدبر. فتأمل 
[9] - أو حتى الاجتهاد القطعي الشاق مع تيسر الالتفات المورث للعلم دون مؤونة النظر 
[10]- وسيأتي تفصيله 
[11]- وهذا اشكال ثاني لصاحب القوانين 
[12]- سنناقش صغرويا في هذا ان شاء الله، لكن لو سلمنا انهم (عليهم السلام)لم يأمروا احداً بالاجتهاد في اصول الدين. 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=493
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 19 ربيع الآخر 1434هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23