بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
ملخص ما تقدم
كان البحث حول الاجتهاد في أصول الدين وذكرنا انه حيث كان موضوع المسألة هو (الاجتهاد في أصول الدين) فلابد من تنقيح مفرداته، فالاجتهاد والتفقه مضى الحديث عنه وانه موضوع مستنبط إلى أخر ما ذكر، وبقي ان نتحدث عن أصول الدين وانها موضوع مستنبط أم لا؟
عناوين المباحث:
والأسئلة المطروحة هنا هي:
اولا: هل ورد مصطلح اصول الدين في لسان الشارع.
ثانيا:على فرض وروده في لسان الشارع، فهل للشارع تعريف لأصول الدين ام لا؟.
ثالثا:على فرض الورود ووجود التعريف فهل هناك أثار خاصة رتبها الشارع بصريح القول او بغيره على الإيمان باصول الدين والاعتقاد به او انكارها او لا؟ وإذا كانت فما هي؟
مشكلة عدم تعريف الروايات لأصول الدين
وذكرنا ان البحوث متعددة، منها ثلاثة كلامية نتركها إلى محالِّها من علم الكلام، اما مبحثنا الذي بدأنا به بايجاز فقد ذكرنا ان التتبع يشهد بان هذا المصطلح وارد في العديد من الروايات، لكن هنا توجد مشكلة أساسية وهي ان هذه الروايات التي ذكرنا احداها وسنذكر غيرها، لم تعرِّف (اصول الدين)[1] بتعريف منطقي بحد او برسم، تام او ناقص، وانما غاية ما كان في هذه الروايات – حسب ما وجدناه منها - هو التعريف بذكر المصداق، إذ ذكرت مصاديق اصول الدين، فهل يمكننا بملاحظة هذه المصاديق ان نستكشف جامعا او تعريفا منطقيا ام لا؟
مشكلة اختلاف المصاديق المذكورة في الروايات
لكن قبل ذلك نقول: المشكلة التي قد تثار هي ان المصاديق المذكورة مختلفة, وقد تقدم ذكر رواية البحار التي ذكرت مفردات عديدة لأصول الدين وكلها او أغلبها على القاعدة[2]،
فنقول كلها لأن الرواية دليل على ان كلها من اصول الدين وقد يناقش في بعضها فيدخل في باب التعارض في بعض المفردات، بين الروايات، مما يترك تنقيحه لعلم الكلام.
رواية تحف العقول والعيون عن أصول الدين، ومشكلة تضمنها للفروع والأحكام والسنن
وأما الرواية الأخرى فهي رواية تحف العقول - وهناك رواية أخرى تقاربها او تطابقها مع بعض الاختلاف وهي رواية عيون أخبار الرضا -، وهذه الرواية توجد لنا مشكلة مبدئية في التعريف لأن الإمام عليه الصلاة والسلام يذكر سلسلة من المصاديق والمسائل ضمن عشر صفحات تقريبا ثم يقول (فهذا أصول الدين) وهذا صريح في ان هذه المفردات من اصول الدين، لكننا عندما نستعرض المفردات في الرواية الشريفة نجد ان بعضها من اصول الدين بدون كلام، لكن بعضها الأخر من فروع الدين بدون كلام، كما ان بعضها من المسائل الفقهية والأحكام، وبعضها الأخر من الآداب والسنن، اذن الامام (عليه السلام) ضمَّن هذه الطوائف الأربعة في عنوان اصول الدين، فكيف ينسجم ذلك مع (أصول الدين)؟ وكيف يكون حال هذا المصطلح؟
وجوه اعتبار رواية تحف العقول
لكن قبل ذلك نقول هذه الرواية معتبرة لوجوه:
الوجه الاول: عند من يرى حجية مراسيل الثقاة، فالامر واضح خاصة إذا اعتضدت بكون مضامينها مطابقة للقواعد جميعاً أو في الغالب، خاصة وأن مؤلف او جامع تحف العقول عن آل الرسول هو من الأجلاء الأعاظم[3] وكان معاصرا للشيخ الصدوق وتوفي في نفس عام وفاته عام 381هـ وكتابه من الكتب المشهورة[4] التي اعتمد عليها الاعاظم، ولا بد من الإشارة إلى أن صاحب تحف العقول ابن شعبة الحراني اختصارا حذف الاسانيد مراعاة لعامة الناس إذ العلماء – بل بعضهم - يهتمون بهذا الحقل فيهمهم السند، اما عامة الناس فيتضايقون من السند اضافة إلى مراعاة حجم الكتاب في ذاك الزمن فان السند يأخذ حيزاً كبيراً فان الكتاب المتكون من 400 صفحة اذا حذفت منه الاسناد لعله يكون 300 صفحة مثلاً وكانت في السابق، الاوراق والاستنساخ وايصال الكتاب وحمله والتكاليف، غير الوضع الان، فعمل على ما يقتضيه ذلك. هذا من هذه الجهة، لكن من جهة اخرى فانها خسارة علمية كبيرة إذ حذف سلسلة السند, وعلى اي تقدير فرواياته تنطبق عليها كليات مراسيل الثقاة, مع قوة مضمون هذه الرواية وسائر الروايات
الوجه الثاني: قد يستظهر من عبارته أول تحف العقول توثيق إجمالي لكافة سلاسل الإسناد، وعباراته متعددة ومنها (فتأملوا معاشر الشيعة ما قالته أئمتكم... بل خذوا ما ورد إليكم عمن فرض الله طاعته عليكم، وتلقوا ما نقله الثقات عن السادات، بالسمع والطاعة والانتهاء إليه والعمل به)... فتأمل
الوجه الثالث: مطابقتها لرواية عيون اخبار الرضا وهي معتبرة سندا، نعم يوجد بعض الاختلاف البسيط الذي يطمئن المرء معه عند الرجوع إلى الروايتين إلى انهما رواية واحدة إذ عند ملاحظتهما نجد ان هنا زيادة في بعض الكلمات وهناك حذف بعض الكلمات لكن الانسان يطمئن أنهما رواية واحدة فتتقوى هذه الرواية بتلك، والثمرة تظهر في ان بعض الكلمات في هذه الرواية موجودة وفي رواية العيون مفقودة، وحسب ما أصّلناه سابقاً: فانه لو اطمئننا إلى ان هاتين الروايتين ظاهرا، هما رواية واحدة واقعا وكانت في احداهما بعض الزيادات، فأن الاصل العقلائي يقتضي ان راوي الناقص قد نسي وليس راوي الزائد قد زاد، إذ أنهم كانوا يعتمدون على الحافظة فكان معهودا – وعقلائيا - ان ينسى الشخص كلمة من الكلمات او جملة اما ان يزيد فهو ممكن لكنه خلاف الظاهر وعلى أي حال فان من يقبل هذا الاصل الذي فصلناه سابقا فان هذه الرواية يكون لها وجه اعتبار جديد وهو مطابقتها لتلك الرواية في العيون بل كونها عينها.
وعوداً إلى بدأ نقول: ان الإمام (عليه السلام) يقول في اخر هذه الرواية (فهذا اصول الدين) لكن عند مراجعة مفردات الرواية نجد الامام (عليه السلام) قد دمج العناوين الاربعة الأصول، الفروع، الأحكام، السنن، كما ان السؤال كان أيضاً عاما فقد اجاب الإمام (عليه السلام) على ضوء السؤال لكنه ذيّل ذلك بـ(فهذا اصول الدين)
وإليكم مقتبسات سريعة من الرواية كدليل على ما ذكرناه من تضمنّها العناوين الأربعة: حيث روي ان المأمون بعث الفضل بن سهل ذا الرئاستين إلى الإمام الرضا (عليه السلام) فقال له اني احب ان تجمع لي من الحلال والحرام والفرائض والسنن), اذن الطلب كان عاما (فانك حجة الله على خلقه ومعدن العلم فدعا الرضا (عليه السلام) بدواة وقرطاس وقال للفضل اكتب: حسبنا شهادة ان لا اله الا الله احدا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا قيوما سميعا بصيرا قويا قائما باقيا...ثم يعرج على الولاية و(ان كل من خالفهم ضال مضل تارك للحق والهدى) ثم (وان من دينهم الورع والعفة والصدق والصلاح والاجتهاد واداء الامانة إلى البر والفاجر) فهذه فروع دين واحكام شرعية ومنها مستحبات، على بعض التفسيرات، مثل الاجتهاد فالاجتهاد في الطاعة مستحب كما ان بعض العناوين اللاحقة مستحبة دون شك فلاحظ قوله (عليه السلام) (وطول السجود والقيام بالليل واجتناب المحارم وانتظار الفرج بالصبر وحسن الصحبة وحسن الجوار...) ثم يقول (وفضل الجماعة على الفرد كل ركعة بالفي ركعة...) ثم يقول (ويصام شهر رمضان لرؤيته ويفطر لرؤيته، ولا يجوز التراويح في جماعة) ثم ينتقل إلى مستحب آخر (وصوم ثلاثة ايام في كل شهر سنة) ثم يعود مرة اخرى للولاية (وحب اولياء الله واوليائهم، وبغض أعدائه) ثم يقول (والعقيقة عن المولود الذكر والانثى يوم السابع) ثم (وان افعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين، ولا تقل بالجبر ولا بالتفويض) ثم يقول (ويؤمن بعذاب القبر ومنكر ونكير) ثم (وتحريم الخمر قليلها وكثيرها) ثم يقول (ومعاونة الظالمين والركون اليهم وحبس الحقوق من غير عسر، والكبر والكفر والاسراف والتبذير والخيانة وكتمان الشهادة والملاهي التي تصد عن ذكر الله مثل الغناء وضرب الاوتار والاصرار على الصغائر من الذنوب، فهذا اصول الدين، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبيه واله وسلم تسليما)
وقد أشرنا إلى اختلاف النسخ لأنه في رواية العيون لا توجد الجملة الاخيرة (فهذا اصول الدين) انما الموجود في مطلعها كلمة اخرى هي (ان محض الاسلام) ثم يذكر الإمام (عليه السلام) ما تقدم في هذه الرواية.
وصفوة القول: ان ههنا عدة قضايا لا بد من بحثها كي يتضح لنا الافق:
القضية الاولى:ما اشرنا اليه من ان هذا المصطلح قد ورد في عشر روايات على الاقل بالتتبع الناقص (وهو مصطلح اصول الدين).
القضية الثانية: ان هذا المصطلح من المخترعات الشرعية، فينبغي ان يؤخذ من الشارع تحديده مفهوما وتعيين المصاديق اي أن المرجعية في التعريف المفهومي والتحديد المصداقي للشارع؛ اذ من اين للعرف ان يعرف المقوِّم الجوهري للدين الذي ينتفي الدين بانتفائه؟ بل لا يمكن ان نعرفه الا من الشارع الذي اخترع هذا المصطلح، بعبارة أخرى: انه موضوع مستنبط, فان الدين اذا كان بمعنى الشريعة كما سياتي، فانها تؤخذ من الشارع الأقدس فانا لا ندري ما الشريعة الا ما يقوله الله سبحانه وتعالى ورسله وأوصيائهم عنها.
طوائف الروايات الثلاثة في دائرة أصل الدين
القضية الثالثة: وهي مورد البحث وموضع الأعضال فان الروايات عند تتبعها نجدها على عدة طوائف:
الطائفة الاولى: ما كان مثل رواية البحار المتقدمة الذكر، والتي اقتصرت بشكل عام على ما نعهده من اصول الدين، وان أمكن أن يناقش في بعضها.
الطائفة الثانية مثل رواية تحف العقول وعيون اخبار الرضا الآنفة الذكر، حيث ضمّت إلى اصول الدين فروع الدين والاحكام والسنن، وعبّرت عن المجموع باصول الدين.
رواية الكافي عن اصول الدين وظهورها في اصول المذهب
الطائفة الثالثة: ما صرح فيها بكلمة اصول الدين لكن قصد منها اصول المذهب وذلك كرواية الكافي الآتية، حسب استظهارنا منها، لكن لو لم يتم هذا الاستظهار فان هذه الطائفة ستكون ملحقة بالطائفة الثانية، نظراً لأن الامام في هذه الرواية – ان لم يتمّ استظهارنا - ضمّن فروع الدين والاحكام والسنن ايضا, والرواية كما في الكافي الشريف، ونقرؤها الآن من متن مرآة العقول للعلامة المجلسي في شرحه للكافي، وهو كتاب قيم جدا ينفع الباحث بتوضيحاته وتعليقاته كما انه يسهل الأمر جداً على من ليس لديه وقت لبحث سند روايات الكافي إذ انه - العلامة المجلسي - بحثها سنديا على كلا مسلكي رأي المشهور ورأيه الخاص، فكتابه من هذه الجهة مفيد ونافع لأنه يذكر مبنيين، وان كان الاولى ان تذكر مباني اكثر متى وجدت، وموجز القول بكلمة واحدة: ان هذه الرواية يذكر المرحوم الكليني لها ثلاثة اسانيد، واحدى تلك الاسانيد يقول عنها العلامة المجلسي انها معتبرة عنده وضعيفة عند المشهور الذين ضعفوا محمد بن سنان اذن المشكلة الوحيدة في السند هي محمد بن سنان، فمن رأى وثاقته كما ارتآه العلامة المجلسي وكما ارتآه عدد من الأعاظم، كما سبق بحثه، وكما ارتآيناه أيضاً فالرواية معتبرة والا فلا، والحديث السندي طويل ونكتفي بهذا المقدار،
وهذه الرواية تقع في اكثر من عشر صفحات وتتضمن كما تقدم، من الاصول والفروع والاحكام والسنن الشيء الكثير فلتراجع وموضع الشاهد ان الامام في اخر كلامه يقول (وان لشياطين الانس حيلة ومكرا وخدائع ووسوسة بعضهم إلى بعض يريدون ان استطاعوا ان يردوا اهل الحق عما اكرمهم الله به من النظر في دين الله الذي لم يجعل الله شياطين الانس من أهله... إلى اخر كلامه) وكلامه صلوات الله عليه دقيق لكن لا نتوقف عنده الآن، إلى ان يقول الامام (عليه السلام) (لا يحل لكم ان تظهروهم) شياطين الانس (على اصول دين الله) وهذا هو الشاهد(فانهم ان سمعوا منكم فيه شيئا عادوكم عليه ورفعوه عليكم وجهدوا على هلاككم واستقبلوكم بما تكرهون ولم يكن لكم النصفة منهم في دول الفجار)[5] وهذه اشارة إلى ظرف التقية الذي كان يعيش فيه الامام (عليه السلام)، والمستظهر بملاحظة مختلف جوانب الرواية ان القضية خارجية، أي انها تشخيص موضوعي لصغرى التقية في ذلك الظرف وهذا ليس موضوع بحثنا الان، لكن الامام يقول (لا يحل لكم ان تظهروهم على اصول دين الله) فما المراد منه؟ فهل يرجع قوله هذا إلى ما سبق من الصفحات السابقة التي ذكر صلوات الله عليه فيها مفردات كثيرة؟ فان رجع لها - كما ليس بظاهر عندنا - فهذه الرواية تكون من الطائفة الثانية التي تضمنت اربعة اقسام، لكن المستظهر بلحاظ ما قرأناه ان هذا كلام مستأنف أي أنه (عليه السلام) يتكلم عن مطلب جديد فكما تكلم عن خمسين او ستين مطلباً فانه يذكر مطلباً جديداً وهو التقية.
والقرينة على ارادة الامام (اصول المذهب) هو قوله (لا يحل لكم ان تظهروهم على اصول دين الله لأنهم ان سمعوا منكم فيه شيئا عادوكم عليه) وهذا التعليل ظاهر في ان الكلام عن اصول المذهب وليس اصول الدين، إذ انهم لا يعادوننا عليها فاذا قلنا الله موجود او الله واحد فانهم لا يعادوننا على ذلك، بل يعادوننا على مختصات المذهب وشؤون العقيدة مثل الامامة وعدم التجسيم وما اشبه وهذا هو ما يقتضي التقية (فانهم ان سمعوا منكم شيئا عادوكم عليه ورفعوه عليكم وجهدوا على هلاككم) اذن هذه الطائفة الثالثة تتحدث عن اصول المذهب وتسميها اصول الدين، فما الحل؟ سيأتي غداً بإذن الله تعالى.
فهرس عام للمباحث الماضية والمباحث الآتية
وقبل ان ننهي نقول: تسلسل بحوثنا كان وسيكون بهذا الترتيب,فانا تحدثنا عن الاجتهاد في اصول الدين وانه واجب او يكفي فيه التقليد؟ وان العلم واجب او انه يكفي الظن؟ وأقمنا سلسلة من الادلة من عقلية ونقلية وناقشنا في بعضها، وبقي اشكالان لصاحب القوانين اخّرناهما إلى نهاية المباحث، واستظهرنا من حيث المجموع مع لحاظ جوابنا عن الاشكالين كما سيأتي,وجوب الاجتهاد في اصول الدين وجوبا عينيا وان تحصيل العلم ايضا واجب اي يجب الاجتهاد الموصل للعلم ان لم يكن متعسرا او متعذرا للبعض ولو في بعض المفردات، ثم ذكرنا ان القضية الخارجية قد تكون على خلاف القضية الحقيقية وفصلنا البحث عن ذلك، ثم ذكرنا بعض مصاديق الطرق الاجتهادية في اصول الدين وذكرنا ان الاجتهاد والتفقه في اصول الدين موضوع مستنبط يؤخذ من الشارع ماهيةً وحدودا ومصاديق وطرقاً ومؤديات، وذكرنا انه ليس من الطرق الكشف والشهود ولا الاجتهاد الفلسفي والاصولي (كما سنخصص يوما بإذن الله تعالى) للإجابة عن الاستفسارات حول ذلك والاشكالات)، ثم عرجنا ضمن سياق البحث إلى ان اصول الدين ايضا موضوع مستنبط ونحن الان في إطار هذا البحث ثم بعد ذلك ننتقل إلى بعض الروايات (وننتخب منها لأن الروايات بالعشرات وهذا البحث يستدعي اشهرا لكن نحاول في يومين او ثلاثة ان نشير إلى مفاتيح البحث) التي تدل على ان العلم في اصول الدين ينحصر طريق اخذه فيما ورد عن اهل البيت عليهم السلام إضافة للفطرة وصريح العقل[6] فقط وسوف نشير إلى ذلك باقتضاب، وان غيره متاهة، والروايات متواترة فنقتصر على اثنتين او ثلاثة منها، ثم بعد ذلك نظراً لطلب العديد من الاعلام سنعقد مسألة خاصة عن حجية الأحلام والمنامات في اصول الدين وفي فروعه لكونها مسالة كثيرة الابتلاء إذ يستند الكثيرون للمنامات لاثبات بعض اصول الدين او بعض ما يتعلق بها من ولاية او امامة او نصب وما اشبه، وحجية الأحلام مسألة غير مطروحة في الأصول عادة نعم صاحب القوانين طرحها بايجاز، كما ان الشيخ المفيد قبل أكثر من الف سنة يقول ان هذه المسألة من اهم المسائل التي لم تبحث ثم بحثها بمقدار وأجاد فيه، ونقول: والى الان لم تبحث أصولياً الا بشكل مختصر نعم العلامة المجلسي بحثها روائيا وقد ابدع في بحثه وافاد وأجاد، لكنه اصوليا وفقهيا لم تبحث بشكل وافِ رغم شدة الابتلاء
والحاصل ان هذه مسألة مستقلة، فهل المنام حجة، خاصة وانه توجد العشرات من الروايات في المنام التي قد يتشبث بها هذا او ذاك، واما وجه ربطها بمسألتنا فهي اننا نتحدث عن ان الاجتهاد في اصول الدين موضوع مستنبط وان طرقه تؤخذ من الشارع حصريا، وانه ليس من الطرق الكشف والشهود وهنا نقول: وليس من الطرق المنام والاحلام، فهذا وجه الربط: ان حجية الاحلام وعدمها هي صغرى هذه الكبرى لكنها في نفس الوقت هي مسالة مستقلة بذاتها، ثم بعد ذلك نتطرق لأشكالي صاحب القوانين وننهي هذه السلسلة من البحوث باذن الله تعالى.
وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين
[1] - البحث ههنا مقصور على مصطلح أصول الدين، وليس عن وجود تعريف لسائر المصطلحات كـ(دعائم الإسلام) وعدمه.
[2] - أي هي من أصول الدين، على المعهود.
[3] - كما صرح بذلك صاحب الوسائل في (امل الآمل).
[4] - وقد وصفه الحر العاملي في الوسائل بـ(الشيخ الصدوق) كما عبر عنه صاحب الرياض بـ(الفاضل العالم الفقيه المحدث المعروف...).
[5] - مرآة العقول ج25 ص5-25.
[6] - فيما كان من حدود مجالاته كما سيأتي
|