• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1432-1435هـ) .
              • الموضوع : 291- تتمة الاجابة على استفسارات الطلاب الكرام عن نقد قاعدة الواحد لا يصدر عنه الا الواحد والجواب عن قولهم (والا لصدر كل شيء من كل شيء) ـ نص عبارات (عناية الحكمة) وبعض وجوه المناقشة .

291- تتمة الاجابة على استفسارات الطلاب الكرام عن نقد قاعدة الواحد لا يصدر عنه الا الواحد والجواب عن قولهم (والا لصدر كل شيء من كل شيء) ـ نص عبارات (عناية الحكمة) وبعض وجوه المناقشة

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
ملخص ما تقدم 
تتمة الاجابة على استفسارات الطلاب الكرام ونقد قاعدة (الواحد لا يصدر عنه الا الواحد) والجواب عن قولهم (والا لصدر كل شيء من كل شيء) 
كان الكلام في ما ذكره احد الاخوة الكرام من الاستناد في قاعدة الواحد إلى السنخية ولزوم وجود سنخية بين العلة والمعلول، وتقدم نقل بعض الكلمات وبعض الادلة وقد أجبنا ببعض الاجوبة، والكلام في تتمة للمبحث السابق لكن سنعتمد في البحث والنقد على ما ذكره السيد الطباطبائي في نهاية الحكمة باعتبار ان كلامه مرجعي ومصدري ويفي اكثر بمدعى الفلاسفة مما ذكره السائل في اوراقه. 
قاعدة (الواحد) والدليل عليها في (نهاية الحكمة) 
يقول السيد الطباطبائي في المرحلة الثامنة: العلة والمعلول، الفصل الرابع في ان الواحد لا يصدر عنه الا الواحد[1] (المراد بالواحد الامر البسيط الذي ليس في ذاته جهة تركيبية مكثرة، فالعلة الواحدة هي العلة البسيطة التي هي بذاتها البسيطة علة...الى ان يقول، بيانه[2]:ان المبدأ الذي يصدر عنه وجود المعلول هو وجود العلة الذي هو نفس ذات العلة فالعلة هي نفس الوجود الذي يصدر عنه وجود المعلول وان قطع النظر عن كل شيء، ومن الواجب ان يكون بين المعلول وعلته سنخية ذاتية هي المخصصة لصدوره عنها والا كان كل شيء علة لكل شيء وكل شيء معلولا لكل شيء ..الى اخر كلامه). 
ولكن هذا الكلام مناقش فيه من وجوه عديدة، نذكر بعضها اليوم: ونبدأ بكلماته واحدة واحدة: 
يقول (ان المبدأ الذي يصدر عنه وجود المعلول) فان كل ممكن مخلوق معلول فما هو مصدره وما هي علته بالدقة؟ (هو وجود العلة) وليس امرا اخر (الذي هو نفس ذات العلة) فنفس الله تعالى هو مبدأ وجودنا وليس امرا اخر, ويؤكد ذلك: (فالعلة هي نفس الوجود) نفس وجود الله تعالى (الذي يصدر عنه وجود المعلول وان قطع النظر عن كل شيء). 
إشارة إلى أنواع الفاعل وأنواع التركب: 
نقول: هذا الكلام غير تام سواءا اكان المقصود هو الله سبحانه وتعالى,وهو مقصوده, ام كان المقصود غير الله أيضاً من سائر العلل بانواعها المختلفة؛ فان العلل انواع[3] فالفاعل[4] مثلاً قد يكون فاعلا بالطبع وقد يكون فاعلا بالقسر وقد يكون فاعلا بالجبر وقد يكون فاعلا بالقصد وقد يكون بحسب كلامهم فاعلا بالرضا وقد يكون فاعلا بالتجلي وقد يكون فاعلا بالعناية على تفصيل في هذا الاخير وليس محل تفصيلها, فنقول اما الأمر فينا فواضح[5] لأن علة وجود افعالنا ليست هي وجوداتنا بنفسها والا للزم قدم افعالنا بقدمنا[6]، فلو حركت هذا الكتاب فانه لا يمكن القول ان علة تحريكه هي نفس ذاتي ووجودي بما هو هو بقطع النظر عن اي شيء اخر؛ اي قطع النظر عن ارادتي، والا للزم ان تكون افعالنا من نظر وسمع وتفكير واكل وشرب وتحريك وغيرها، كلها ملازمة لذاتنا قديمة بقدمنا، وليست كذلك, كما هو واضح, فليست وجوداتنا بما هي بنفسها علة هذه الافعال بل العلة هي الارادة التي تتعلق باحد الطرفين, ولا يهمنا هذا الكلام الآن[7] ولانه ليس كلامنا الان مع العلامة وغيره من الفلاسفة حول الانسان وسائر الممكنات انما مهدناه للتوضيح, بل الكلام عن الله تعالى كما سيصرح بذلك, وهو واضح فان قاعدة الواحد مصداقها الوحيد هو الله تعالى لدى الدقة إذ الكلام في الواحد الحقيقي من جميع الجهات وليس الا الله، لأن ما عدى الله متكثر اما بنحو التركب من المادة والصورة وهي اجزاء خارجية او بنحو التركب من الاجزاء العقلية كالجنس والفصل، وإن شئت فقل: أو مركب مما هو بالفعل ومما هو بالقوة[8]، او مركب في اعلى الدرجات - وادنى درجات التركيب بتعبير اخر - من الوجود والماهية. 
1- قاعدة الواحد[9] تخالف نص القرآن الكريم 
فنقول:ان كان المقصود هو الله بقوله (ان المبدأ الذي يصدر عنه وجود المعلول) إذ المبدأ هو الله، وان مبدأ صدور المعلول – وهو نحن، او العقل الاول حسب راي الفلاسفة، او الفيض المنبسط حسب راي العرفاء، او النظام الجملي حسب راي المير داماد على اختلاف المسالك - هو نفس وجود الله، فنقول هذا غير صحيح ومخالف لنص القرآن الكريم ومخالف للعقل. 
اما القران فقوله تعالى (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) فكل ما هو كائن فبأمر الله لا بذات الله فمبدأ الأشياء هو أمر الله (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ) فمبدأ كل شيء هو امر الله وليس نفس ذاته. 
2- لزوم قدم العالم 
هذا إضافة إلى انه لو كان المبدأ نفس ذات الله لا أمره ولا مشيئته للزم قدم العالم وقدم كل المخلوقات لأن الفرض حسب كلامه ان نفس وجود الله بقطع النظر عن اي شيء اخر علة، والله ازلي ابدي سرمدي، فينبغي ان يكون كل شيء ازليا ابديا سرمديا[10]. 
والحاصل ان قوله (فالعلة هي نفس الوجود الذي يصدر عنه وجود المعلول وان قطع النظر عن كل شيء) ينفي كون العلة هي أمر الله أي المشيئة والارادة، والحال ان الله يقول (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ) فـ(إذا اراد... فيكون) لا انما وجوده او انما ذاته علة تامة لكل شيء بل امره اذا اراد شيئا من الممكنات ان يقول له كن فيكون، لا ان ذاته هي العلة التامة للاشياء، اذن الاية واضحة وصريحة ولا لبس فيها. 
3- إرادة الله هي علة وجودنا وليست نفس[11] ذاته ووجوده 
ومن الناحية العقلية فان علة وجودنا هي ارادة الله وليست ذاته، وتوضيحا، اقول: ان لله صفتين اي له نوعان من الصفات؛ صفات ذات وصفات فعل؛ فاما صفات الذات فكالعلم والقدرة واما صفات الفعل فكالخلق والمشيئة، والمائز البسيط الواضح والدقيق بينهما هو: كل ما لا يصح سلبه عن الله في ظرف او حال او بنحو من الانحاء فهو صفة ذات، فالله عالم مطلق في كل الصور والحالات وهو قادر مطلقا وغني ولا يصح سلبه بوجه فلا يصح ان تقول الله عالم وليس بعالم وقادر وليس بقادر وغني وليس بغني[12], اما صفات الفعل فيصح ان تقول خَلَق ولم يخلق ورَزَق ولم يرزق وأرادَ ولم يُرِد، فالارادة من صفات الفعل إضافة إلى انه لو كانت من صفات الذات لكانت المرادات لله كلها ازلية وكلها ابدية لأن الارادة اذا كانت عين الذات وكانت هي العلة للمعلول للزم ان يكون كل شيء ازليا وابديا. 
4- لزوم استحالة التغير في العالم 
بل نقول انه لا يمكن على ذلك ان يتغير شيء بوجه أبداً لأن ذات الله لا تتغير، ونحن نتغير فكيف يمكن ذلك ولا مؤثر في الوجود الا هو، فهو العلة المؤثرة في الوجود بشراشره ولا غير؟ 
اذن منشئ الخطأ هو تصور الفلاسفة بان علة الوجود هي ذات البسيط بحسب تعبيرهم، لكن الحق انه ليست العلة هي نفس وجود الله بل العلة هي ارادة الله (وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) فالله هو المريد فاذا اراد تحقق المراد، دون ما إذا لم يرد وإذا كانت الإرادة عين ذاته لم يكن له أن لا يريد أبداً لأن عدم إرادته يعني نفي ذاته! والأمر فينا كذلك وفي كل فاعل بالقصد, هذا اولا. 
ثم ان كلامه إلى الان ليس إلا مدعى لكن هذا المدعى خلاف الضرورة والبديهة والقران الكريم. 
5- لزوم السنخية بين الله والمخلوقات مخالف لنص القرآن الكريم 
اما الدليل الذي أقامه فواضح البطلان ايضا ودليله (ومن الواجب ان يكون بين المعلول وعلته سنخية ذاتية) لكن هذا خلاف نص القران (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) فاذا كانت هناك سنخية ذاتية، والسنخية تعني المشاركة في الحقيقة، لكان ذلك اعلى درجات المثلية فان المثلية في الصفات هي درجة لاحقة اما المثلية في الذات فهي أعلى درجات المثلية (هي المخصصة لصدوره عنها والا كان كل شيء علة لكل شيء) نقول هذا الاستدلال ليس بصحيح لوجوه عديد ة. 
6- لا ربط لدليلهم (وإلا لصدر كل شيء من كل شيء) بمدعاهم 
منها ان هنا خلطا دقيقا كان هو منشأ الوهم والحق انه لا ربط بين المدعى والدليل أبداً، ولم اجد من المتكلمين الذين ناقشوا الفلاسفة في هذه القاعدة تطرقَ لهذا الإشكال رغم انه بديهي ومن الواضحات بعد التدبر ولذا استغرب انه لِمَ لم يناقشوا الفلاسفة بهذا النقاش مع انه سابق رتبة على نقاشاتهم الصحيحة، فنقول: هذا الدليل لا يرتبط بالمدعى أبداً بل هو مغالطة من الدرجة الأولى، فكلامه هو (يجب ان تكون بين المعلول وعلته سنخية ذاتية) فنقول ما الدليل؟ (والا لكان كل شيء علة لكل شيء) نقول كلا فالمستدل عليه بـ(الا) امر اخر، لكن المغالطة هي التي وضعت هذا المدعى وهو السنخية كمستدل عليه بهذا الدليل، والامر الاخر الذي يكون هذا دليله هو أن يقال (ومن الواجب ان تكون العلة اقوى من المعلول بدرجة بالغة) وبتعبير اخر (يجب ان تكون للعلة القاهرية[13] على المعلول، والا للزم صدور كل شيء من كل شيء) فلماذا لا يصدر مني مثلاً الا صورة ما في عالم العين – كصورة هذا القلم مثلاً - فانا اخلق صورة ذهنية فقط؟ الجواب: هو لأن وجودي من القوة بحيث يستطيع ان يخلقها، فوجودي له الهيمنة على المتخيلات لأن وجودي اقوى منها بدرجة بالغة، اما وجودي بالنسبة للوجودات العينية الخارجية فليس من القوة البالغة ومن القاهرية بحيث يستطيع ان يخلق (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ) بعبارة أخرى: الأمر مرتبط بالقدرة، اي صدور شيء من شيء منوطٌ بقدرته عليه اي بقوته البالغة درجةً يمكن بها صدوره منه، اي بقاهريته، ولا ربط له للأمر بالسنخية، ويدل على ذلك عكس الأمر أيضاً فانه لو كانت سنخية ولم تكن قاهرية فلا يصدر ذلك من هذا، وهذا نقض عكسي، فانني وكل واحد منكم من سنخ واحد – وهذا مما يقبله المشائي والاشراقي والقائلون بمشككية الوجود فان الانسان مع الانسان من سنخ واحد – لكنني لا استطيع ان اخلقك مع ان السنخية موجودة؟ لماذا؟ ليس ذلك إلا لان السنخية ليست ملاك الخلق والإيجاد بل القدرة والهيمنة والقاهرية هي ملاك الخلق والإيجاد، ولذا وجدت سنخية ولكن لا خالقية، بل نقول: انهم يقولون بالمراتب وان الوجودات حقائق تشكيكية، فاعلى مرتبة هي الله تعالى والمراتب اللاحقة هي العقول ثم النفوس و... إلى اخره ويرون السنخية موجودة بينها بأجمعها، فلم الادنى لا يخلق الاعلى بل الاعلى يخلق الادنى فقط؟ ولم المرتبة العالية يفاض منها الوجود على المراتب الدانية لا العكس مع السنخية طرفينية، إذ يقولون كل شيء من سنخ الله، إذ كل شيء له سنخ واحد وهو الوجود فلم الادنى لا يخلق الاعلى؟ والجواب ان الادنى ليست له قاهرية وقدرة إذ الملاك القدرة والقاهرية، لا السنخية إذ ثبت انها ليست وجودا ولا عدما هي ملاك الخلق، وعليه فلا يصح القول انه لو لم نقل بالسنخية لصدر كل شيء من كل شيء إذ السنخية اجنبية عن الصدور والخالقية، فلا سلبا هي المناط ولا إيجاباً إذ توجد سنخية ولا خالقية كما في المتساويين وكما في الادنى للاعلى، وتوجد خالقية ولا سنخية كما في الله تعالى فانه خالق للبشر وللممكنات ولا سنخية؛ اذ اية سنخية بين ما هو عين الغنى وبين ما هو عين الفقر؟ إذ انه واجب الوجود وانا ممكن الوجود وانا محض الفقر، وبتعبير بعضهم: (محض التعلق) فأية سنخية بين ما هو محض التعلق والربط وبين ما هو محض الاستقلال والغنى وبتعبير المنظومة: 
ان الوجود رابط ورابطي 
 
 
ثمَّت نفسيٌ فهاك واضبطِ 
 
فالفلاسفة العرفاء منهم والمدققون يقولون نحن اصلا لسنا بوجود رابط بل نحن عين الربط اي لسنا ذاتاً ثبت لها الربط بل عين الربط فقط، أقول: فأين الربط من المرتبط به؟ واين الواجب من الممكن فقوله (ومن الواجب ان يكون بين المعلول وعلته سنخية هي المخصصة لصدوره عنها والا كان كل شيء علة لكل شيء) يرد عليه: انه كلا بل من الواجب ان يكون بين العلة والمعلول قاهرية وقدرة لهذا على ذاك والا لو لم نشترط القدرة لصدر كل شيء من كل شيء, واوضحنا ان علة مخصصية صدورنا هي مشيئته جل اسمه. 
7- لزوم عجزه تعالى عن خلق أي شيء إلا العقل الأول! 
وهنا مجموعة اشكالات اخرى على كلامه هذا، ستأتي لاحقاً بإذن الله تعالى. 
ثم ان المشكلة حيث كانت في المباني الباطلة، فان من يقول بها ويتعبد بها يضطر للالتزام بلوازمها الفاسدة – بدل ان ينتقل من بطلان اللازم إلى بطلان الملزوم – وهذا هو ما نجده كمثال في صاحب الكتاب فان مبناه في قاعدة الواحد والسنخية اضطره إلى ان يصرح باشياء لم يكن ينبغي له ان يقولها أو يلتزم بها، وأحياناً تجد ذا المبنى لا يصرح باشياء ولكن حسب مبناه كان ينبغي ان يقولها وقد صرح بها الاخرون. 
فلنلاحظ مثلاً قوله: (وقد اعترض عليه بالمعارضة)، وهذا إشكال آخر تام وصحيح ولا يجدي ما تفصى به صاحب الكتاب فانه يتفصى عن الاشكال بقبوله والتسليم به إلا مجرد تغيير الاسم! فلا يعدو كونه تجميلاً ديكورياً ونص عبارته (وقد اعترض عليه) على القول بان الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد (بالمعارضة: ان لازمه عدم قدرة الواجب تعالى) فالكلام الصراحة هو عن الله تعالى (على ايجاد اكثر من واحد، وفيه تقييد قدرته، وقد برهن على اطلاق قدرته وانها عين ذاته المتعالية) فما الجواب؟ فيقول نعم! لكنه يخرّجه تخريجاً فنياً يستند إلى تعريف (القدرة) وان القدرة لا تتعلق بالمحالات[14]! فهو اعتراف بالاشكال وتثبيت له وان الله لم يخلقنا ولا يستطيع ان يخلقنا، وان الله يستطيع خلق شيء واحد اسمه العقل الاول بحسب الفلاسفة ومنهم السيد، او اسمه النظام الجملي على راي الداماد، او اسمه الفيض المقدس او الوجود المنبسط على راي العرفاء، فهل يستطيع ان يلتزم بهذا الكلام من يرجع إلى فطرته وإلى صريح حكم عقله وإلى الايات والروايات؟ (ويرده انه مستحيل بالبرهان[15]) إذن: بالبرهان ان الله لا يقدر، فلا مجال للإشكال علينا، ويخرِّجه بان لا يسميها قدرة (والقدرة لا تتعلق بالمحال لأنه بطلان محض لا شيئية له فالقدرة المطلقة على اطلاقها) وما أعجب ذلك إذ كيف تكون قدرة مطلقة وهو لا يمكنه ان يخلق شيئاً أبداً إلا أمراً واحداً فقط! (وكل موجود معلول له تعالى بلا واسطة او معلول معلوله) اذن قيّدته؛ وانه بالمباشرة لا يستطيع الله ان يخلق غير أمر واحد فقط! ولا يجديه أبداً التخريج الفني وان الله قادر طوليا إذ الكلام ليس عن الطولية وانه قادر على خلقنا عبر العقل الاول، فانه بديهي إلا ان الكلام انك سلبت القدرة في الدرجة الاولى (العرضية) عن الله سبحانه وتعالى، مما هو خلاف كل الاديان والضرورات والايات والروايات التي هي بالمئات قال تعالى: (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ * إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ) (أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى)؟ (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ * فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ) ( أَلَمْ نَجْعَلْ الأَرْضَ كِفَاتاً * أَحْيَاءً ‎وَأَمْوَاتاً * وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتاً * وَيْلٌ يوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ( وَقَالَتْ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا...) ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً). 
اذن المباني الفلسفية تجر الانسان إلى ما لا ينبغي ان يقوله، والكلام له صلة بل صلات، والكلام موسع ولنا عليه اكثر من10 إشكالات، ولما ذكرنا تتمات توضح المطلب أكثر كما تدفع الدخل عن بعض ما يمكن ان يورد عليه. 
وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين 
 
[1]- نهاية الحكمة ص214 
[2]- لان ما تقدم كان المدعى. 
[3] - من علة تامة وناقصة اعدادية وغيرها. 
[4] - وهو أحد العلل الأربع. 
[5]- كما انه ليس مقصودهم إذ المراد بـ(الواحد) من كل الجهات. 
[6] - المراد القدم النسبي كما هو واضح. 
[7] - وإن صلح رداً عليهم بنحوٍ سيأتي. 
[8] - المجردات عندهم ليست مركبة مما بالفعل وبالقوة، ولو بتتبع الموضوع. 
[9] - المقصود: ان تطبيق قاعدة الواحد على الله تعالى، مخالف لنص القرآن الكريم، أي ان يكون المراد من (الواحد) هو الله جل اسمه. 
[10] - وما ذكروه للتفصي عن ذلك أضعف من الضعيف كما سيأتي. 
[11] - إلا ان يدعي أن أمر الله أو إرادة الله هي عين ذات الله وهذا واضح البطلان إذ تقول أمر الله ولم يأمر وأراد ولم يرد، ولا يعقل هذا في ذات الله تعالى. وسيأتي بيانه. 
[12] - أو قَدِر ولم يقدر وعلم ولم يعلم. 
[13] - أو القدرة على إيجاده. 
[14] - وكأن تغيير التعريف، وقبول الواقع، يسكت الفطرة أويخدعها ويقمع الوجدان!. 
[15] - وأي برهان هذا الذي يناقض صريح العقل والفطرة والوجدان؟ بل هو مغالطة كمغالطات السوفسطيين وغيرهم.

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=551
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء 2 شعبان 1434هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23